عاش العالم الغربي في الفترة الأخيرة اختبارا صعبا حول "حرية التعبير" سقط خلاله قناعه النفاقي و اتضحت صورته الحقيقية و كشف لنا عما كان يصدع به طول حياته من أن هذا الأمر في أوروبا و في العالم الغربي بصفة عامة مقدس بل أكثر من مقدس حيث رأيناه يضع ديانته المقدسة للتشكيك في حين يرى أن "حرية التعبير" لا يمكن أن يقرب منها أحد فضلا على أن ينقدها. و عندما احتج المسلمون حول ما اعتبروه مسا من معتقداتهم - و هو كذلك - انبرى كل الغرب سياسيهم و مثقفيهم و حتى عامتهم ليعطوا الدروس و العبر بأن العجم قد يقبل أي نقد الا أن تمس "حرية التعبير" بل وصلت بهم الدناءة في بعض الأحيان الى أن يقيموا المؤتمرات و الندوات ليأصلوا لنا، نحن العالم الآخر، مفهوم "حرية التعبير" و التي لا تأتي حسب رأيهم الا اذا مست معتقدات غيرهم و خاصة ان كان هذا الغير هو المسلم فيستفزونا بأعذار أقبح من ذنوب، ويصوروا لنا رسولنا نبي الرحمة (صلى الله عليه و سلم) على أنه ارهابي، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، و أن الدين الاسلامي الذي جاء يحرر الانسان من عبادة الانسان الى عبادة رب العباد دين رجعي يأصل للدكتاتورية و و و.... و الويل و الثبور لنا ان احتججنا أو استنكرنا هذا العمل المشين فنصبح بذلك لا نقدر "حرية التعبير" و لا نفهم مصطلحات الديمقراطية ... قلت اكتشف القناع و سقط هذا الغرب مدويا و ما كان له أن يصمد أمام التأثير الصهيوني و أمام الدولة العبرية التي كانت له بالمرصاد، فخلال الحرب الصهيونية على غزة و التي دامت أكثر من 22 يوما لم نسمع، لاعلام الغرب همسا، و لم نر له ركزا، بل امتثل أمام أوامر بني صهيون بأن لا يدخل غزة و لا ينقل من الحرب الا ما يناله من فتات القيادة العسكرية لهذا العدو و بالتالي ليس له من الحقيقة الا ما يخدم هذه الحرب العدوانية فامتثل كل اعلاميي الغرب و كل صحافييه، الا ما رحم ربك و قليل ما هو، صاغرين بل اجتهدوا في ستر عورات العدو و ما أكثرها. و كنا نأمل أن يخرج لنا الاعلاميون الغربيون و يكرروا لنا أغنيتهم المفضلة بأن "حرية التعبير" لا تمس و نقل الحقائق من صلب عملنا و لا نقبل بالفيدو الصهيوني لكن لم يحصل ذلك أبدا و كيف له أن يحصل و الآمر هو دولة بني صهيون و الضحية هو طفل صغير، أو بنت بريئة، أو عجوز شيخا، و لكنه مذنب لأنه مسلم من غزة.... لقد أحدث الاعلام الغربي شرخا كبيرا في مصداقيته و في انحيازه يصعب ان لم نقل يستحيل مسحه من ذاكرة الشعوب الاسلامية لأنه كشف لنا بالتجربة أنه يدافع عن المبادئ و المُثل اذا كانت تخدمه هو أما ان كانت هذه المبادئ و المُثُل سيستفيد منها المسلم فلا مجال لها في حياته أو قاموسه. و انا نقول لهذا الغرب بأن ذاكرة الشعوب قوية و هي تعلم من خذلها و من دافع عنها لأنه عند كشف الحساب سنعلم من الدعوة الصادقة و الدعوة الكاذبة. رضا المشرقي / ايطاليا