للحكام العرب دون سواهم قدرة فائقة على عقد القمم بكافة أنواعها واللقاءات المختلفة ويزيارة ذوى القربى, طبعا إذا كانوا من نفس الخندق. ورغم قلّة تأثيرهم على الساحة الدولية, وهو أمرأختاروه طواعية لأنفسهم, الاّ أن دعوة زعماء هذه الأمة المبتلاة بهم لعقد ثلاث قمم في إسبوع واحد ومن أجل موضوع واحد, مجازر ومذابح إسرائيل في غزّة, هو"إنجاز" فريد من نوعه سوف تتناقل أخباره الركبان والعربان والفضائيات الممولة بنهب خيرات وثروات الأوطان. بيد أن ما يميّز حكامنا العرب عن سائر حكام المعمورة, التي تسعى أمريكا وإسرائيل الى تدميرها, هو أن خلافاتهم الشخصية الناتجة في معظمها عن حسد وغيرة ورغبة في إقصاء الآخر والاستحواذ على خشبة المسرح والأنوارالبراقة, تطغي على ما عداها من خلافات. لقد ذهبوا الى قمّة الكويت الاقتصادية ليتصالحوا مع بعضهم البعض وسط إبتسامات وقُبل ودردشة حميمية كما رأينا في الصورالتي بثّتها الفضائيات مع إن تلك القمّة لم تكن للمصالحة ولا لتبويس اللحى ويا صاحب الفخامة والسعادة والسمو"وحشتني خالص... وعاش من شافك". حتى أصبح موضوع المصالحة المزعومة, أقول مزعومة لأن أحقادهم على بعضهم لا تحرّكها حتى الأعاصير والعواصف, هو الموضوع الرئيسي الطاغي على أعمال قمّتهم الغير مباركة. وبدلا من إتخاذ موقف إيجابيي ولو في الحدالأدنى, راحوا يتبارون في كرمهم الحاتمي لمساعدة الشعب الفسطيني المذبوح في غزّة. وبعضهم كان أول من حاصرباصرار مقصود وعناد صبياني هذا الشعب الذي يذرفون عليه اليوم دموع التماسيح. علما بانهم حتى هذه اللحظة يرفضون الوقوف الى جانب الضحية ومن وقف وصمد وقاوم العدوان الصهيوني الوحشي رغم جراحه النازفة. وإتضح بشكل جلي وقبل وصول معالي الحكام العرب الى ديارهم الغير بعيدة عنهم إن الخلافات بدأت تدبّ في أوصال علاقتهم الخاوية أصلا خصوصا حول كيفية إعادة إعمارغزّة, "تذكّروا من فضلكم مسرحية إعادة إعمارالعراق" . وهل ستكون سلطة محمود عباس الغير شرعية هي التي تشرف على عملية إعادة الأعمارأم حكومة "حماس" المقالة التي قاومت العدوان الصهيوني بكل بسالة مع فصائل المقاومة الأخرى وتحمّلت القسط الأكبر من الدمار والخراب والقتل الذي طال البشر والشجر والحجر وغالبية البنى التحتية والدوائرالحكومية والمساجد والمدارس والجامعات ومخازن الغذاء والدواء ومحطات الوقود إضافة الى بيوت الناس البسطاء, آلاف البيوت دمّرت على رؤوس ساكنيها. لقد إختلف الحكام العرب في قمتهم الكويتية على كلّ شيء, حتى على طريقة تصالحهم التي لم تدم الاّ سويعات قليلة. وكان بيانهم الختامي باهت اللون وعديم الطعم رثّ في تعابيره. فهم يقولون على سبيل المثال"أكّد القادة عزمهم على تقديم كافة أشكال الدعم لمساعدة الشعب الفلسطيني وإعادة إعمارغزّة , ورحّبوا بالمساهمات التي تمّ الاعلان عنها في هذا النطاق". ولكن العزائم "جمع عزم" تأتي على قدر أهل العزم كما قال المتنبي. وبما أننا مدركون تماما, بحكم التجارب الكثيرة, إن عزم حكامنا الاشاوس ومنذ زمن بعيد تتراوح بين الصفر وتحت الصفرالمئوي فعليه لا يمكن التعويل عليهم وعلى قمهم كثيرا. بدليل أنهم, أي القادة العرب, إختلفوا على أهمّ الأشياء التي ينبغي الاتفاق عليها في الأيام الأولى من العدوان الاسرائيلي: قطع العلاقات مع العدو الصهيوني ودفن مبادرة السلام العربية الى الأبد, الموقف من المقاومة الفلسطينية الباسلة وودعمها بشك لا لبس فيه بالأفعال لا بالكلمات المنمقة المعسولة, ثم إنشاء صندوق وألية مشتركة واضحة وشفافة لاعادة ما دمّره العدو الصهيوني في حربه العدوانية على الشعب الفسطيني في غزّة. ووإذا كان في الامكان تقديم نصيحة للشعب الفلسطيني والشعوب العربية في كل مكان فاننا نقول لهم لا تثقوا بالحكام العرب حتى لو أتوكم بألف معجزة. فهم على إختلاف مشاربهم ومنابعهم وإصولهم لا يجدون غيرالكلام, والكلام فقط. [email protected]