نواكشوط اتجهت الحكومة الموريتانية أمس الأربعاء نحو التهدئة بعد السخونة التي سببتها تصريحات الجنرال محمد ولد عبد العزيز الأخيرة التي وصفت بالتصعيدية، وإنهاء المعارضة التعامل مع وساطة القذافي واعتقال الكاتب الصحافي الموريتاني البارز أبو العباس برهام وإغلاق صحيفة 'تقدمي' الالكترونية ذات التوجه المعارض للانقلاب. فقد أطلقت السلطات الأمنية أمس سراح الكاتب أبو العباس الذي أدى اعتقاله بسبب مقال نشر في صحيفة 'تقدمي' لاحتجاجات واسعة. وتراجعت السلطات القضائية أمس كذلك عن حجب صحيفة 'تقدمي' الالكترونية المعارضة والمقروءة على نطاق واسع. وفي نفس النطاق اعتذر محمد ولد عبد الرحمن ولد أمين، الوزير المستشار بالرئاسة عن اعتقال أبو العباس. وقال في تصريحات مساء الثلاثاء 'لقد أحطت علما بالخبر المؤسف وهو التعامل غير الودي الذي قامت به أجهزة الأمن مع التظاهرة السلمية للصحافة، ونحن باسم رئيس الدولة نعتذر للأخوة الصحافيين، إذ لم يكن لدينا علم بذلك، وكذلك ليس لدينا علم باعتقال الصحافي وهو حادث أيضا مؤسف قامت به سلطات قضائية مستقلة، سوف نقوم بتحقيق حول هذا الموضوع ومن هذا المنبر اعتذر لكم عن هذه الأحداث المؤسفة التي لا تعبر بأي حال من الأحوال عن رغبة المؤسسة الرئاسية ولا الحكومة'. ودعا الوزير ولد امين في نبرة تصالحية إلى 'وقف الحملات الإعلامية المغرضة واحترام القانون والتحلي به خاصة فيما يتعلق بالتظاهر السلمي والتعبير عن الآراء وفقا للقانون، وسعيا إلى مزيد من الثقة بين الفاعلين السياسيين'. وحدد الوزير الموريتاني أولويات للنظام الحاكم في موريتانيا خلال المرحلة الحالية بينها 'اعتبار مصلحة الشعب الموريتاني وسلامة وأمن واستقرار موريتانيا فوق كل الاعتبارات والمصالح الذاتية واعتبار أن موريتانيا دولة مستقلة عضو في اتحاد المغرب العربي وتجمع الساحل الصحراوي وعضو في الاتحاد الإفريقي وهي عدا ذلك ترفض التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية'. وتعهد الوزير المستشار بالعودة إلى 'الممارسة الديمقراطية الكاملة والحكم المدني عبر اجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وشفافة يتولى مراقبتها والاشراف عليها الاتحاد الافريقي وتجمع (س ص) واتحاد المغرب العربي، ويشارك فيها كل موريتاني له الحق في المشاركة في الانتخابات الرئاسية'. وأكد الوزير ولد امين التزام الحكومة الموريتانية الحالية بتعزيز الحريات العامة بما يتضمن تحلي الجميع بروح المسؤولية'. وحول مراقبة الانتخابات التي سيجريها النظام الحالي قال الوزير الموريتاني المستشار بالرئاسة'نحن لا نعارض مراقبة أي كان لهذه الانتخابات وبوسع أي منظمة حكومية أو غير حكومية تنوي مراقبة الانتخابات أو الإدلاء بشهادة أن تطلب ذلك، ليس لدينا مبدئيا رفض مسبق لأي مراقبة أخرى، الفرق فقط أن المنظمات المذكورة عبرت عن رغبتها في مراقبة هذه الانتخابات ونحن نرحب بها'. وأضاف بشأن موعد الانتخابات 'أن الموعد هو يوم 6/6/2009 المعبر عنه في المنتديات العامة للديمقراطية ولا نجد أسبابا وجيهة لتأجيله وهو تاريخ ليس حتميا بالضرورة هذا ما نتصوره الآن'. وبالنسبة لإمكانية ترشح الجنرال عزيز للانتخابات الرئاسية المقبلة قال الوزير ولد امين'كل إنسان موريتاني تتوفر فيه الشروط القانونية والأهلية للترشح للانتخابات له الحق في الترشح للاستحقاق الرئاسي المقبل'. وبشأن فتح الإعلام العمومي قال الوزير 'نحن مستعدون لفتح وسائل الإعلام العمومية أمام مختلف الأطراف السياسية ونرغب في مزيد من الحرية لها ولا نود أن تكون محتكرة ونحن مستعدون كذلك لقطع خطوات من اجل دفع القانون المتعلق بحرية قطاع الإعلام ونعتقد أن المجتمع الموريتاني ناضج للتمتع بإعلام حر وأن الوقت قد حان لذلك'. وقال 'نطلب من كل الفاعلين وبصفتي معبرا عن فاعل سياسي معين أطلب وأوافق على تبني سياسة إعلامية متفق عليها تتجنب الاستفزاز والابتزاز والشتائم والاهانة لا أكثر ولا أقل،وبالنسبة للعمل السياسي فهو مفتوح حيث أننا في دولة ديمقراطية، وليس هناك جديد في هذا الشأن'. وأوضح أن القائد الليبي 'جاء الى موريتانيا بصفته رئيسا للاتحاد الإفريقي وهذه الصفة تخوله الحديث باسم هذه الهيئة وعلى كل حال نحن نرحب بالمراقبين ونوافق جميعا بشكل أو بآخر على ضرورة العودة إلى الحياة الدستورية'. وأضاف 'أن الموريتانيين يبحثون عن عودة للحياة الدستورية العادية وكذلك المجموعة الدولية وما ينقص فقط هو تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، ومن جانبنا 'تعد الانتخابات امثل طريقة لحسم الخلافات السياسية'. وقال 'نحن نقبل التعامل مع مختلف الهيئات الدولية بشرط أن لا تتدخل في قضايا السيادة الداخلية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وكل من لديه مشورة أو نصيحة او رغبة في مساعدة الموريتانيين في إيجاد حل وهذا ما قام به قائد الثورة الليبية وقامت به دول عديدة ومنظمات غير حكومية ونحن نرحب به، لكننا نرفض الاملاءات والتدخل في قضايا السيادة'. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي منظمة اقتصادية تربطها بموريتانيا علاقات تجارية 'نحبذ ونبذل جهدا للمحافظة على روابط اقتصادية وسياسية ودية مع دوله الأعضاء'. وتابع 'نحن منفتحون على أي اتصال مع الأطراف المعنية بما يجري في البلاد ونعتقد أن وساطة أخرى ليست واردة ونكرر مرة أخرى أن الحل للأوضاع السياسية التي عاشتها البلاد قبل السادس من آب/أغسطس وبعده هو انتخابات رئاسية وتمكين الموريتاني من انتخاب رئيس للجمهورية'. وتأتي هذه التصريحات فيما عادت أزمة الحكم في موريتانيا إلى المربع الأول حيث نسفت وساطة معمر القذافي جميع الفرص التي كانت متاحة للتلاقي حول صيغة حل. وجددت قيادات المعارضة بعد اجتماع مع الرئيس المخلوع سيد محمد ولد الشيخ عبدالله، قولها انها أنهت التعامل مع الوساطة الليبية ورفضها التباحث مع المبعوث الليبي رافع المدني الذي سيبدأ مشاورات اليوم الخميس مع أطراف الأزمة متابعة لما بدأه معمر القذافي الأسبوع الماضي. وأكدت القيادات المناوئة للانقلاب أنه 'على ضوء تصريحات القائد القذافي في قصر المؤتمرات، وما عبر عنه من دعم للأجندة الأحادية للانقلابيين ، وكذا تصريحاته حول الديمقراطية ومبادئها، وموريتانيا وتاريخها، وعلى ضوء تصريحاته الأحد في النيجر، والتي جدد فيها دعم الانقلابيين في مشروعهم الأحادي، ونال من الشرعية ورئاسة الجمهورية ،على ضوء كل ذلك فإن ملف الوساطة الليبية قد أغلق بالنسبة لنا، ولم يعد من الوارد التعاطي مع القائد القذافي بشأن الأزمة السياسية في موريتانيا..وندعو الجهات الدولية المهتمة باستخلاص العبر والدروس اللازمة من ذلك'. عبد الله السيد 'القدس العربي'