يتواصل حجب المدوّنات الإلكترونية في تونس، حيث يراهن بعض المدونين على كشف المستور، ونشر المعلومات المحجوبة، عبر تقديم إعلام جريء لا يخضع للقيود التقليدية للصحافة الرّسمية التي عادة ما تنضبط بالرّقابة الذاتية والموضوعية. ونظرا لجرأتها على طرح المواضيع الحساسة في الشأن السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، كثيرا ما تصطدم هذه المدوّنات بسلطة الرقابة، تماما كما هو الحال في أغلب البلدان العربية.
ويعتبر الصحفي التونسي زياد الهاني نفسه واحدا من ضحايا عمليات حجب المدونات، نظرا لأنّ موقعه كثيرا ما يحتوي على انتقادات حادّة موجهة إلى سياسة الحكومة خاصّة تجاه قضايا حرية الإعلام.
حجب ويرجع حجب المدونات الإلكترونية في تونس إلى طبيعة النظام السياسي، قائلا إنّ "المنطق الذي يتمّ به حجب المدونات هو نفس المنطق الذي تصادر به بقية الحريات".
زياد الهاني حجبت مدونته ثماني مرات (الجزيرة نت) ويضيف أن الدستور والقانون يخوّلان إصدار الصحف والمجلات والإذاعات وقنوات التلفاز الخاصّة، وتكوين الجمعيات والأحزاب والتظاهر السلمي وغير ذلك، متسائلا أين نحن من كلّ هذه الحقوق الدستورية؟
وقد حجبت مدوّنة الهاني ثماني مرات متتالية، لكنه ينجح كلّ مرّة في كسر حاجز الرقابة، معيدا بذلك إنشاء مدونته الخاصّة، بينما يعتقد أنّ لعبة "القط والفأر" على شبكة الإنترنت مسلسل تطول حلقاته.
وفجّر الهاني جدلا واسعا بعدما نشر بيانا على مدونته يحتوي اتهاما خطيرا وجهته صحفية –أوقفت عن العمل- ضدّ رئيس تحرير جريدة الحزب الحاكم زعمت فيه أنها كانت ضحية تحرش جنسيّ.
ويقول الهاني وهو أيضا عضو في الرابطة التونسية لحقوق الإنسان إنه تعرّض لتهديد بمقاضاته على ما نشره من معلومات بشأن هذا الموضوع على مدونته التي أصبحت حسب البعض عبئا على السلطة.
وكانت مجموعة من الصحفيين العاملين بجريدة الحزب الحاكم قد طالبوا بتجميد عضوية الهاني في نقابة الصحفيين التونسيين، معتبرين ما نشره تهما باطلة تسيء إلى سمعة الصحيفة ورموزها.
حقوق نقابية من جانبه يقول أستاذ المرحلة الثانوية محمد العيادي الذي يشرف على مدوّنة ترصد انتهاكات الحقوق النقابية إنّ المدونة التي يكتب فيها مع بعض النقابيين المستقلين حجبت مؤخرا، متهما أوساطا نقابية موالية للسلطة بالوقوف وراء ذلك.
محمد العيادي يتهم موالين للسلطة بحجب مدونته (الجزيرة نت) ويقول "نحن لا علاقة لنا بالسياسة من بعيد أو قريب، لكننا مثلنا إزعاجا مباشرا للقوى النقابية المهيمنة بسبب ما ننشره من أخبار نقابية، وهو ما يعني أن هذه الأطراف النقابية طلبت من السلطة غلق مدونتنا".
ويرى العيادي أنّ عملية الحجب لم تعد ذات فاعلية كبرى، قائلا "باستطاعتنا فتح المدونات كلما أغلقوها، كما نقوم بنشر كتابتنا في العديد من المدونات الصديقة داخل تونس أو خارجها".
ويتابع أنه إذا كان عالم التدوين تحت مجهر الرقابة، فإنّ موقع "فيس بوك" الاجتماعي الأكثر شعبية من المدونات أصبح فضاء رحبا للمدونين ليس فقط لنشر مقالاتهم وأخبارهم، بل وأيضا لتحميل الصور والتسجيلات الصوتية والمرئية.
يذكر أن موقع فيس بوك قد أعيد فتحه بقرار رئاسي أمام المستخدمين التونسيين بعد إغلاق دام أسابيع العام الماضي، وذلك على عكس ما هو حاصل بالنسبة إلى موقعي دايلي موشن ويوتيوب. المصدر:الجزيرة