رفح(قطاع غزة)(ا ف ب)الفجرنيوز:تامل هناء (13 عاما) التي تتلقى الرعاية في قرية الاطفال في ان تصبح من قادة المجتمع الفلسطيني، لكنها تخشى من انهيار حلمها ان اغلقت مدرستها وقريتها اذا استمر الحصار المفروض على قطاع غزة.وتبدي هناء خوفها من اغلاق المدرسة قائلة "نجتهد ونتعلم لنصبح من القادة في المجتمع (..) نريد ان يستمر الدعم للمدرسة والقرية". وتضيف هذه الطفلة صاحبة العينين العسليتين "العلم هو سلاحنا الوحيد لنواجه الاحتلال ونبني وطننا (..) ننظر الى المستقبل بتفاؤل" مستذكرة حادث مقتل والدتها امامها في 2005 على خلفية قضية "شرف" لكنها ترفض الخوض في الحديث عن ابيها الذي يتعافى حاليا من الادمان على المخدرات. وبعد مقتل والدتها انضمت الطفلة بواسطة مديرية الشؤون الاجتماعية مع شقيقها عمار وشقيقتها سيرين الى قرية الاطفال في رفح. ويقر كامل الشامي (56 عاما) الذي اقام قرية الاطفال برفح في جنوب قطاع غزة بدعم من النمسا والتي تضم مدرسة ورياض الاطفال ايضا منذ نهاية العام 2000 ان احلام التلاميذ "باتت مهددة بالانهيار بسبب الصعوبات اذا استمر الحصار على قطاع غزة ما يمنعنا من التوسع والتواصل مع الخارج". ويتابع "اذا استمر الانهيار الاقتصادي والحصار ممكن ان نغلق البيوت في القرية (..) يجب الا نسمح بانهيار مشروع ايواء الاطفال اليتامى لاننا سنحكم عليهم بالتشرد". ولكن الشامي وهو استاذ الجغرافيا والبيئة في جامعة الاقصى التابعة للسلطة الفلسطينية يصر على "تحدي الصعوبات من اجل ان يصبح تلاميذه قادة في كل مجالات الحياة الفلسطينية (..) هذا هدفنا وسنبلغه". وتؤوي قرية الاطفال اس او اس التي انشئت نهاية عام 2000 وتتلقى الدعم من القرية الام في النمسا وتبرعات محلية او دولية غير مشروطة 141 طفلا يتيم الابوين او احدهما وبينهم اكثر من عشرين من ابناء "الشهداء" الذين قتلوا على ايدي القوات الاسرائيلية. وتضم القرية المحاطة بسور اسمنتي والمقامة على مساحة عشرة الاف متر مربع مدرسة اساسية مختلطة و16 بيتا من الاسمنت يتكون كل بيت من طبقتين ومزود بالاثاث والمواد التموينية والدراسية اللازمة. وتقع القرية التي تضم ايضا معهدا صغيرا للفنون والموسيقى وعيادة طبية وصالة للرياضة وملجأ صغيرا وحديقة وفندقا صغيرا للضيوف الاجانب اضافة الى بيت للشابات اللواتي يتولين رعاية التلاميذ، على اطراف مستوطنة رفيح يام السابقة التي اخلاها المستوطنون المتشددون خلال الانسحاب في عام 2005. ويقول وائل ابو مصطفى مدير القرية "هذا المشروع يحمي ابناءنا من التشرد ويصنع منهم قادة مبدعون (..) هنا الاسرة البديلة للاطفال اليتامى". وفي غرفتها الصغيرة تلهو خلود (8 اعوام) مع صديقتها غدير بدميتهما بعدما انتهتا من اللعب في حديقة القرية المزودة بالاراجيح والالعاب. وتقول خلود التي فقدت والديها عام 2007 قبل ان تلجأ للقرية "عندما اكبر اريد ان اكون طبيبة اعالج الاطفال من اولاد الشهداء مجانا". وتنهمك ريهان البيومي (32 عاما) قائدة الشابات المشرفات في اعداد وجبة العشاء من الجبنة والمربى والفول للاطفال التسعة الذين تشرف عليهم وهي لا تتوقف عن حثهم على القراءة في مكتبة القرية التي تضم 1500 كتاب واكثر من الفي اسطوانة مدمجة تعليمية وترفيهية. ولم تنحصر اعمال القرية على ساكنيها بل فتح الشامي اخيرا المجال امام المواطنين الفلسطينيين من خارجها للدراسة فيها حيث يستفيد اكثر من مائتي طفل من انشطتها الرياضية والفنية اضافة الى استفادة الف طفل يوميا من خدماتها الطبية. وتستعد القرية لحفل وداع لاكبر فتيات القرية فاطمة (19 عاما) التي فقدت والديها في اجتياح اسرائيلي قبل ثلاثة اعوام حيث ستغادر الى مصر الشهر القادم لتتزوج من شاب فلسطيني مقيم في القاهرة. ويصر الشامي "الاولاد هنا مختلفون متعلمون ومبدعون لان لديهم برامج ونشاطات تعليمية وترفيهية لا تتوفر لغيرهم". ويتعلم التلاميذ في المرحلة الاساسية في مدرسة القرية ثلاث لغات اضافة الى اللغة العربية الام وهي الانكليزية والفرنسية والالمانية بينما سيضطرون لاكمال التعليم الثانوي في مدارس حكومية او تابعة لوكالة الانروا. لكن الشامي اكد ان لديه خططا لاكمال التلاميذ تعليمهم العالي في جامعات بفرنسا والمانيا والنمسا. واوضح ابو مصطفى ان القرية التي يعمل فيها على رعاية الاطفال وبينهم رضع، 120 موظفا منهم 21 أم بديلة براتب كلي او جزئي، تلقت "مئات الطلبات لاستيعاب اطفال ايتام خصوصا من ابناء الشهداء في الحرب الاسرائيلية الاخيرة على غزة (..) لا نستطيع استيعابهم". ويشرح الشامي "نسعى لاستيعاب ابناء الشهداء كي نحميهم من التشرد. لدينا خطة لاقامة طبقات جديدة في ثلاثة بيوت في القرية لاستيعاب 50 طفلا فقط. لم تتوفر الموازنة اللازمة ولا توجد مواد بناء في غزة". وتمنع اسرائيل دخول مواد البناء منذ حوالي عامين اثر الحصار المطبق الذي تضربه على قطاع غزة بحجة اسقاط حكم حركة المقاومة الاسلامية (حماس). ويعتبر عدد من ابناء "الشهداء" الفلسطيينيين هذه القرية نموذجا فريدا يرغبون بالانتماء اليه. وتقول شيرين (14 عاما) وهي من سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة التي قتل والدها في الحرب الاخيرة "انا لا احتاج اموال وصدقات اريد ان اكمل تعليمي لاثبت اننا قادرون على صنع الحياة ومستقبل افضل".