تونس - بارك حاخامات يهود اليوم الثلاثاء الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لسماحه بمواصلة تنظيم مراسم "الهيلولة" في كنيس الغريبة بجزيرة جربة (500 كم جنوب العاصمة تونس)، وهي احتفالات دينية يهودية سنوية تقام بالكنيس الذي يحظى بمكانة خاصة لدى يهود العالم. وقال حاخاما العاصمة الألمانية برلين "أبراهام داوس" وزميله "ألبرت أبراهام دانيلوف" -الموفد الخاص ل"لالا سوسكند" رئيسة الجالية اليهودية في برلين إلى جربة-: "باركنا خلال صلاتنا اليوم في كنيس الغريبة أقدم معبد يهودي خارج مدينة القدس الرئيس التونسي زين العابدين بن علي؛ لسماحه بمواصلة تنظيم الهيلولة رغم تواصل التوتر الأمني في الشرق الأوسط ولتأمينه حج اليهود الذين يأتون إلى هنا كل عام". وأشاد الحاخامان اللذان يزوران الغريبة للعام الثاني على التوالي ب"التعايش والوفاق الفريد من نوعه في العالم" بين المسلمين واليهود والمسيحيين في جزيرة جربة، التي اعتبراها "نموذجا عالميا للتعايش بين الأديان السماوية.
ودعا الحاخامان يهود ألمانيا والعالم إلى زيارة تونس، التي وصفاها ب"البلد الآمن والمضياف"، معتبرين أن "إقامة الهيلولة في بلد عربي إسلامي يعد في حد ذاته أمرا استثنائيا للغاية؛ بسبب حساسية المسلمين الكبيرة تجاه الأوضاع السائدة في الشرق الأوسط". وأشاد أبراهام داوس ب"تسامح وانفتاح" الشعب التونسي، مذكرا بأن "مسلمي تونس وفروا الحماية لليهود عند وصول النازيين الألمان إلى منطقة شمال إفريقيا إبان الحرب العالمية الثانية (1939: 1945)". ويحظى كنيس "الغريبة" بمكانة خاصة عند اليهود؛ فهو أقدم كنيس يبنونه خارج القدسالمحتلة، إذ يتجاوز عمره 2500 عام، وتوجد به أقدم نسخة توراة في العالم. دعوة للتطبيع أما "ألبرت أبراهام دانيلوف" الذي يحمل الجنسية الاسرائيلية، فقال: "نشكر تونس التي أعفت منذ 2005 الحجاج القادمين من إسرائيل من تأشيرات الدخول، ونتمنى أن يفتح هذا الإجراء الباب نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل". وأضاف أن "التطبيع مع تونس سيساهم في تطبيع العلاقات مع دول المغرب العربي التي تعيش فيها عدة جاليات يهودية". ويوجد في تونس نحو ألفي يهودي، ويقيم أكثر من نصفهم في جزيرة "جربة"، التي تضم 11 كنيسا يهوديا. 6 آلاف يهودي بيريز الطرابلسي، رئيس كنيس الغريبة، أوضح من جهته أن "أكثر من ستة آلاف يهودي، بينهم نحو 700 من إسرائيل يؤدون يومي 11 و12 مايو الجاري، مراسم الهيلولة التي تجرى وسط إجراءات أمنية مشددة". وعبر عن "تطلع آلاف اليهود في إسرائيل إلى إقامة ربط جوي مباشر مع جزيرة جربة للتمكن من الحج إلى الغريبة". وقال: إنه "لو جرى تنظيم رحلات مباشرة من إسرائيل نحو جربة لارتفع عدد الحجاج الإسرائيليين إلى أكثر من 20 ألفا في السنة الواحدة". ويصل الحجاج الإسرائيليون إلى "جربة" عبر مطارات أوروبية لعدم وجود علاقات دبلوماسية بين تونس وإسرائيل. وتأتي هذه الإشادات بالرئيس التونسي في وقت تتواصل فيه اتهامات حركة النهضة الإسلامية المحظورة ومنظمات حقوقية محلية ودولية للسلطات التونسية، وعلى رأسها رئيس البلاد، بشن حرب ضد كافة مظاهر التدين، خاصة الحجاب، وهو ما تنفيه السلطات، مرددة أنها تحارب "التشدد".