نواكشوط : بدت المبادرة السنغالية التي استأنفها وزير الخارجية الشيخ التجاني غاديو مساء الاثنين منقحة، على وشك الفشل لأن ايا من طرفي الازمة لم يتنازل عن مواقفه. ففريق الجنرال ولد عبد العزيز متمسك بأجندته والمعارضة متشبثة بأجندة جديدة مجمع عليها ومطابقة للدستور.وبينما يجري الوزير السنغالي لقاءاته هنا وهناك لجمع الطرفين حول موقف مشترك، عاد طرفا أزمة الحكم لتصعيد المواقف عبر حرب كلامية ساخنة أرضيتها المهرجانات وأعمدة الصحف. وقد أعادت الجبهة المعارضة للانقلاب نشاطاتها الاحتجاجية بعد توقفها يومين "تعبيرا عن حسن النوايا" ونظمت مساء أمس مهرجانا كبيرا في قلب العاصمة نواكشوط تحت شعار "ماضون حتى النصر". وحمل كل من رئيس الجبهة محمد ولد مولود وزعيم المعارضة أحمد ولد داداه الجنرال ولد عبد العزيز المسؤولية عن إفشال الوساطات وعن استمرار الأزمة. وأكد قادة الجبهة ألا مصالحة قبل إلغاء أجندة العسكر والاتفاق حول مسار جديد ينهي أزمة الحكم ويعيد الاستقرار للبلد. ورغم أن التصعيد يظل سيد الموقف، تحدثت أنباء أمس عن خطوة تصالحية من قبل فريق الجنرال ولد عبد العزيز تتمثل في قرب إطلاق سراح الوزير الأول (في حكومة الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله) المعتقل يحيى ولد أحمد الواقف وزملائه أعضاء الجبهة المعارضة للانقلاب. فقد أكد مصدر قضائي أن المحكمة العليا التأمت الاثنين للنظر في الطعن الذي تقدم به محامو الدفاع عن ولد أحمد الواقف وزملائه، المعروفين بمعتقلي ملف الخطوط الجوية الموريتانية. ويروج لدى أوساط القضاء أن المحكمة ستقبل (ربما بتعليمات) الطعن وتسقط الكفالة التي اشترطتها المحكمة الجنائية لإطلاق سراح المعتقلين. هذا وحفلت الصحف الموريتانية الصادرة الإثنين بتحليلات عن الأزمة وعن مواقف الأطراف من أبرزها تحليل لصحيفة "أخبار نواكشوط" المستقلة قالت فيه ان أطراف الأزمة الموريتانية والشارع السياسي المحلي "لم يتعاطوا باهتمام وتفاؤل كبيرين، كما تعاطوا مع المبادرة السنغالية". ولعل ذلك يعود، تقول الصحيفة، لأسباب عديدة "منها أن معظم بنود هذه المبادرة استنسخت من مبادرات سابقة تم الترويج لها علنا، أو سربت من قبل بعض الأطراف، وتلاشت قبل أن تطرح على طاولة الحوار، وبالتالي فإن الأطراف كانت تملك الوقت الكافي لدراسة تلك البنود والتفكير فيها مليا". وأوضحت الصحيفة أن "طول أمد الأزمة جعل المراهنين من الفريقين على سرعة الحسم، يراجعون توقعاتهم ويدركون أن لا حل إلا بمنطق التوافق وبلغة لا غالب ولا مغلوب". واضافت الصحيفة ان المبادرة السنغالية جاءت في الوقت "بدل الضائع"، باعتبارها "الفرصة الأخيرة قبل أن تقلب صفحة الفترة الانتقالية، وتنتقل البلاد إلى مرحلة جديدة قد يكون من الصعب فيها تدارك ما فات على الفريقين في المرحلة الانتقالية". وبعدما حللت مواقف مختلف الأطراف خلصت "أخبار نواكشوط" الى القول ان نجاح الوساطة السنغالية مرتبط بأمور عديدة، منها أن "يدرك الفرقاء جميعا ودون استثناء أنه لا يمكن تحقيق أقصى درجات المصالح الخاصة على حساب مصالح الوطن، لأنه متى انهارت مصالح الوطن انهار معها كل شيء، بما في ذلك المصالح السياسية والشخصية، إذ أن المصالح الخاصة هي جزء من المصالح العامة تمتاح منها، وتنمو وتتعزز بقدر نمو وتعزز تلك المصالح العامة. هذا فضلا عن أن على جميع الفرقاء أن يدركوا أن مناوراتهم التفاوضية وألاعيبهم السياسية، إنما تعني حرقا لأعصاب هذا الشعب المسكين الذي ينتظر بتلهف أن يتم حسم الخلاف وان تنتهي الأزمة". وختمت الصحيفة قائلة "وهنا ينبغي أن يتحلى الفريقان، موالاة ومعارضة، بأمور عديدة أهمها الاستعداد لتقديم "تنازلات مؤلمة والإيمان بأن التأزيم والتصعيد ورفض الحل التوافقي لن يخدم أي فريق ولن يعوضه مهما كانت المصالح التي سيفقدها في التسوية، وقد يحول "انتخابات حزيران إلى نكسة حزيران". القدس العربي من عبد الله السيد