الولايات المتحدة.. قتلى في انقلاب حافلة بنيويورك    ديوان الحبوب يُرخص في مقايضة الحبوب بالبذور إلى غاية ديسمبر 2025    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا وإجراء الانتخابات خلال 18 شهرا    قبيل نهائي السوبر السعودي.. لجنة الانضباط تعاقب نجم نادي النصر    شان 2025 : مدغشقر والمغرب في نصف النهائي (فيديو)    تونس.. أسطول الصمود المغاربي لكسر الحصار عن غزة يعلن افتتاح حملة تبرعات    وزير الخارجية الهولندي يستقيل من منصبه بعد جدل بشأن العقوبات على إسرائيل خلال جلسة حكومية    ترامب يعلن عن موعد قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026    القلعة الكبرى .. اختيارات خاطئة ومشاكل بالجملة    مسك ختام مهرجان قرطاج الدولي: أحلام في سهرة الأحلام    اليوم رصد هلال ربيع الأول    تاريخ الخيانات السياسية (54) .. تمرّد البريديين(2)    حتى لا يُباع تاريخهم على الأرصفة... فنانو مصر يحمون إرثهم    بعد عودتها لحسام حبيب: محامي شيرين يدعو لحمايتها بشكل عاجل    وزير الفلاحة يوصى بانجاح موسم الزيتون 2025-2026 في ظل المؤشرات الايجابية    عاجل/ محافظ البنك المركزي:مستعدّون لاتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق استقرار الاسعار    بحثا عن معلومات سرية.. مداهمة منزل مستشار ترامب السابق    ولاية تونس تُعلن حالة التأهب المبكر استعدادًا لموسم الأمطار    مدنين: أكبر رحلة لأبناء تونس بالخارج تغادر مساء اليوم ميناء جرجيس نحو مرسيليا بفرنسا وعلى متنها 2450 مسافرا و610 سيارات    الكاف: أهالي حي البياض يغلقون الطريق احتجاجا على انقطاع الماء    عاجل/ وزيرة الصناعة تدعو الى ضرورة تسريع إنجاز المشاريع العمومية في هذا القطاع    عادة يومية الإلتزام بها كفيل بإطالة العُمر    عاجل : رصد هلال شهر ربيع الأول 1447 ه غدا السبت    دولة تسمح بالذكاء الاصطناعي في امتحانات البكالوريا    الخميرة على الريق...هل تساعد على فقدان الوزن؟    أيهما أفضل لعظام الأطفال- الحليب أم السمسم؟    مقترح لتنقيح مجلة الأحوال الشخصية: نحو مراجعة النفقة والحضانة المشتركة    بريطانيا: المجاعة في غزة كارثة صنعها الإنسان.. #خبر_عاجل    عاجل/ هذا موعد المولد النبوي الشريف فلكيا..    صابة التفاح في القصرين ترتفع الى 62 ألف طن..#خبر_عاجل    عاجل/ انطلاق التسجيل عن بعد بالمبيتات والمطاعم المدرسية    هام/ هذه نسبة امتلاء السدود إلى غاية يوم 15 أوت الجاري..    عاجل/ الجامعة العربية تطالب بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته..    موعدُ رصد هلال شهر ربيع الأوّل..    تجميع حوالي 11،800 مليون قنطار من الحبوب إلى موفى جويلية 2025    تراجع فائض الميزان التجاري لمنتوجات الصيد البحري ب61,8% في النصف الأول من 2025    عاجل : طليقة وائل الكفوري تثير الجدل بهذه الرسالة    تونس: إخضاع عيّنات من المستلزمات المدرسية للتحاليل    بالفيديو: إليك كلّ مراحل تسجيل طفلك بقسم التحضيري    أكثر من 212 كغ من الكوكايين والقنب الهندي في قبضة الديوانة..    تونس تختتم مشاركتها في بطولة إفريقيا لرفع الأثقال برصيد 30 ميدالية    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي: خلايا رعدية وأمطار بعد الظهر بهذه الولايات..    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    مونديال تحت 17 عاما - احمد الذويوي يمثل التحكيم التونسي    رئيسة الحكومة تلتقي برئيس الجمعية اليابانية للاقتصاد والتنمية بإفريقيا وبشركات يابانية    الحماية المدنية: 101 تدخلا لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    استعدادا لمونديال الفليبين 2025 - المنتخب التونسي للكرة الطائرة يجدد فوزه وديا على نظيره الليبي    الكريديف يخصص العدد 55 من مجلته لمسألة "الادماج الاجتماعي والاقتصادي للنساء والفتيات في الوسط الريفي"    الرابطة الأولى: برنامج الدفعة الثانية لمنافسات الجولة الثالثة ذهابا    أحلام للتونسيين :''رجعني الحنين لأول مسرح ركح قرطاج نحبكم برشا وحسيت اني بين اهلي وفي بلادي''    عاجل/ بعد زيارته لمكان اعتصامهم: هذا ما وعد به رئيس الجمهورية الدكاترة المعطلين..    561 تدخلًا للحماية المدنية في 24 ساعة!    الديوانة التونسية: هذه الأسباب تجعل تونس أكثر عرضة لظاهرة التهريب    قيس سعيد: الاستعجالي للجميع...دون إجراءات مسبقة    ليس الجفاف فقط/ دراسة تكشف حقائق خطيرة عن ما يحصل للجسم عند اهمال شرب الماء..!    مجلة "بصمات" تخصّص عددها الثالث لمداخلات الدورة التأسيسية لملتقى "لقاءات توزر"    وزارة الثقافة تنعى مدير التصوير والمخرج أحمد بنيس    طقس اليوم: الحرارة تتراوح بين 38 و 43 درجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعة ألغاز حائرة : فهمي هويدي
نشر في الفجر نيوز يوم 31 - 05 - 2009

ثلاثة ألغاز لم تحل حتى الآن في مسألة ترشيح السيد فاروق حسني وزير الثقافة لرئاسة اليونسكو. الأول يتعلق بالثمن الذي دفعته مصر لإسرائيل مقابل «صفحها» عنه وسحب اعتراضها عليه. الثاني ينصب على حقيقة الدوافع التي جعلت الرئاسة المصرية تمارس ضغوطها في أكثر من اتجاه لتزكية الرجل وتوفير فرصة النجاح له. الثالث يبحث عن تفسير لتخلي الحكومة المصرية عن مساندة د.إسماعيل سراج الدين حين رشح للمنصب ذاته، رغم أنه أثقل وزنا وأوسع دراية وأكثر قبولا في الساحة الدولية، وهو ما يعطي انطباعا بأن الحماس لشخص فاروق حسني كان أكبر وأقوى من الرغبة في شغل عربي مقتدر لمنصب مدير اليونسكو.
لقد سألني أكثر من ديبلوماسي وصحافي عربي عن سر الضغوط التي مورست على بعض الدول باسم الرئاسة في مصر لمساندة وتمكين فاروق حسني من المنصب، ولم يكن لدي إجابة عن السؤال. ولكن الملاحظة ذاتها جديرة بالانتباه. ذلك أن في الأمر مغامرة لا أعرف كيف حسبت عواقبها. فإذا فاز الرجل بأغلبية الأصوات في المجلس التنفيذي (50 عضوا) فإن فوزه سيضاف إلى أفضال إسرائيل عليه، وسيظل بوسعها الادعاء بأنها التي أوصلته بنفوذها إلى المنصب، وسيظل ذلك دينا يطوق عنقه ويقيد حركته طوال الوقت. أما إذا لم يفز وهو احتمال وارد فلن تخسر إسرائيل شيئا. وستكون قد قبضت المقابل المصري مقدما وأضافت إلى سجل مكاسبها نقاطا جديدة، الأمر الذي يعني أن الفوز المحقق في الحالتين هو لإسرائيل بالدرجة الأولى، وهو ما قد يطرح السؤال التالي: أليس من مصلحة مصر والعرب في كل الأحوال أن يشغل منصب مدير اليونسكو مصري أو عربي؟
ردي على السؤال من شقين، أولهما يتعلق بالمقابل الذي يدفع لقاء ذلك وطبيعة الصفقة التي أبرمت بخصوص الموضوع. أما الشق الثاني فيتصل بهامش الحركة المتاح لمدير اليونسكو إذا كان مصريا أو عربيا. لا أنكر أن في الأمر وجاهة أدبية وقيمة معنوية لا بأس بها، لكن هذا الاعتبار يتراجع إذا كان الثمن الذي دفع في الصفقة المعقودة بخصوص الموضوع عاليا، ولأننا لا نعرف شيئا عن ذلك الثمن. فلن يكون بمقدورنا أن نمضي في المناقشة من هذا الجانب. لكن لدينا ما نقوله في الشق الثاني المتعلق بهامش حركة مدير اليونسكو، وما إذا كان بمقدوره أن يخدم أمَّته في موقعه المفترض. ذلك أن المجلس التنفيذي للمنظمة هو الذي يضع سياستها، والمدير هو أحد عناصر القرار وله حدوده. وتجربة المدير الأسبق مختار أمبو (سنغالي مسلم) الذي شغل المنصب طوال 12 عاما (1974-1987) لها عبرتها في هذا الصدد، ذلك أن الرجل الذي كان مشغولا بهموم العالم الثالث اهتم بموضوعين أساسيين هما: النظام الإعلامي الجديد والتنمية الذاتية. ولأن الموضوعين تناولا بالنقد نفوذ الدول الكبرى، فإن الولايات المتحدة لم تقبل بموقفه وقررت الانسحاب من اليونسكو وحجب التمويل الذي تقدمه لها. وكانت النتيجة أن تعثرت مسيرة المنظمة وتعرضت للاختناق المالي. في الوقت ذاته كان مما أخذ على الرجل أيضا أنه انتقد الحفريات الإسرائيلية الجارية تحت المسجد الأقصى في القدس (هل يستطيع فاروق حسني إذا تولى المنصب أن يفعلها؟).
هكذا، فإنك إذا قلبت الأمر من مختلف أوجهه فستجد أن ما أقدمت عليه مصر، حين ألقت بثقلها وراء ترشيح السيد فاروق حسنى هو مغامرة غير مضمونة النجاح. ثم إن مردودها حتى في حالة الفوز لن يتجاوز حدود الوجاهة المعنوية. لأن الرجل لن يستطيع أن يفعل شيئا مما خطر ببال الذين أحسنوا الظن، وافترضوا أن وجود مصري أو عربي على رأس اليونسكو سيكون مفيدا لمصر والعرب، وهي اعتبارات لا أعرف كيف غابت عن الجهة المعنية في مصر التي اتخذت القرار. الأمر الذي يضيف إلى الألغاز الثلاثة سابقة الذكر لغزا رابعا يستعصي فهم دوافعه أو تفسيرها، ولا غرابة في ذلك، لأن السياسة عندنا لم تعد فن الممكن، ولكنها صارت كتابا مغلقا مسكونا بالغوامض والأسرار. وقلة من الكهنة فقط يستطيعون فك رموزه وطلاسمه.
الاثنين, 1 يونيو 2009
الرؤية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.