فرص واعدة للمؤسسات التونسية في FITA2025: تونس تستقبل القمة الإفريقية يومي 6 و7 ماي 2025    عامر بحبة: أسبوع من التقلبات الجوية والأمطار الغزيرة في تونس    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    غزة: إستشهاد 15 فلسطينيا على الأقل في قصف صهيوني استهدف منزلا    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    كيف سيكون الطقس اليوم..؟    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    انطلاق امتحانات ''البكالوريا التجريبية'' اليوم بمشاركة أكثر من 143 ألف تلميذ    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق وإصابة مرافقه    من الثلاثاء إلى الخميس: انقطاع مياه الشرب في هذه المناطق بالضاحية الجنوبية للعاصمة    حصيلة المشاركة التونسية في البطولة العربية لألعاب القوى بالجزائر: 19 ميدالية....    ترتيب لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع..    لدى تلقيه مكالمة هاتفية من السوداني..سعيد يجدد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    باكستان تصعد حظرها التجاري ضد الهند    بيان للهيئة الوطنية للمحامين حول واقعة تعذيب تلميذ بسجن بنزرت    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    وزارة العدل توضّح    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    اليوم آخر أجل لخلاص معلوم الجولان    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    بوشبكة.. حجز أجهزة إتصال متطورة لدى اجنبي اجتاز الحدود بطريقة غير قانونية    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    دخل فرعا بنكيا لتحويلها.. حجز عملة أجنبية مدلسة بحوزة شخص    طقس الليلة.. أمطار رعدية بعدد من الجهات    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 2025": فرصة لدعم الشراكة والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة والمستدامة    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    خطير/كانا يعتزمان تهريبها إلى دولة مجاورة: إيقاف امرأة وابنها بحوزتهما أدوية مدعمة..    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي اليوم بهذه الولايات..#خبر_عاجل    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في تجارب الانتخابات البلدية لحركة التوحيد والإصلاح : رشيد شريت
نشر في الفجر نيوز يوم 02 - 06 - 2009

كانت حركة التوحيد ولإصلاح من أوائل الحركات الإسلامية المغربية التي دعت إلى الانخراط في العمل السياسي،باعتباره عملا شرعيا و دافعا دعويا، هذا الطرح المبكر جر على الحركة خصومات وانتقادات لاذعة من قبل الفاعلين الإسلاميين أنفسهم، الذين اعتبروا أن القضية مجرد استدراج من السلطة ،من أجل التطبيع و تقديم فروض الطاعة و الولاء لنظام شمولي ، يحتكر توظيف الإسلام، طبعا نحن نتحدث عن فترة نهاية الثمانيات و بداية التسعينات .بينما رأى الخصوم اليساريون الذين كانوا يمثلون المعارضة القوية للمك الحسن الثاني، بأنها مؤامرة وتحالف بين القصر و الإسلاميين أو القوى الرجعية الظلامية كما كانوا ينعتونها ! ، لتعويض الأداء الباهت لأحزاب الإدارة، و هي تسمية تطلق على الأحزاب التي أسستها وزارة الداخلية المغربية لملء الساحة السياسية بعدما قاطعت الأحزاب المعارضة عددا من الانتخابات.أما السلطات المغربية فقد وقفت موقفا حذرا، تجلى في الرفض المقنن من دون إبداء عداوة جلية للإسلاميين. و بين نقد الإسلاميين و اتهام اليساريين،و حذر السلطة .قررت الحركة المغامرة وخوض اللعبة السياسية و اغتنام جميع المنافذ الممكنة.من أجل الولوج و الاحتكاك المباشر بعالم السياسة.
انتخابات كل من 1992و 1994
قد يستغرب البعض عندما يرون أنني أذكر انتخابات سبقت التحاق إسلاميي حركة التوحيد والإصلاح بحزب الدكتور عبد الكريم الخطيب، و الذي كان في سنة 1996، و لكن الحقيقة أن حركة الإصلاح و التجديد،و هو الاسم الثاني لها بعدما كانت تسمى في الأول بالجماعة الإسلامية.قد دخلت المعترك الانتخابي قبل ذلك .ففي الانتخابات البلدية نجح بعض الأعضاء الحركيين من الحركة ، و أذكر منهم الأستاذ الداعية عبد الله النهاري مجلس التسيير لبلدية سيدي إدريس القاضي بصفته مستقلا ،الأستاذ عبد الله النهاري ليس إلا أخ النائب البرلماني الراحل عن حزب العدالة و التنمية الأستاذ محمد النهاري و أول كاتب إقليمي لحزب العدالة و التنمية بمدينة وجدة. و ليست لدي معطيات هل كانت حالة نجاح الأستاذ عبد النهاري في الانتخابات البلدية لسنة 1992،هي الحالة الوحيدة على المستوى الوطني أم كان هناك أعضاء آخرين من الحركة قد تمكنوا من الفوز بمنصب مستشار بلدي في الانتخابات نفسها ؟.
سنتان بعد ذلك، و بالضبط في ربيع سنة 1994، و أثناء إجراء الانتخابات البرلمانية الجزئية – و عملية إعادة الانتخابات البرلمانية في جهات بعد ثبوت بطلان النتائج السابقة -دخل عضوان بارزان من الحركة للانتخابات الجزئية ،هما الأستاذ المقرئ أبو زيد الإدريسي المفكر و الأستاذ الجامعي.و الذي كان يشغل حينئذ عضو المكتب التنفيذي للحركة ،وكذا الأستاذ عبد الله شبابو أستاذ مادة التربية الإسلامية، و خطيب ،و رئيس فرع الحركة بجهة طنجة.و كلاهما تقدما باسم حزب الشورى و الاستقلال.و طبعا لم يمكن لهما أدنى أمل في الوصول إلى قبة البرلمان2، لأن النتائج قد حسمت من قبل أن تجرى،نتيجة آلية التزوير الفاضح في واضحة النهار والتي كانت سمة الانتخابات البرلمانية . و أذكر جيدا أن منافس الأستاذ المقرئ ، كان وقتها السيد عبد الرحمان حجيرة والد توفيق حجيرة وزير الإسكان و التعمير،و شقيقه الأغر عمر حجيرة النائب البرلماني عن مدينة وجدة .و الذي يعود إلى أرشيف جريدة التجديد ، سوف سيجد مقالات كلا المرشحين عن تجربتيهما في أرض الواقع وما حصل لهما مع السلطات ، حتى أن الأستاذ شبابو كتب قائلا: "إذا ظلت ظروف الانتخابات على ما هي عليه الآن ،فلا أرى فائدة من الترشيح لها.. "! ، بينما فضل الأستاذ المقرئ أبو زيد أن يكتب مقالات أسبوعية عنونها بيوميات مرشح راسب!حكى فيها تجربته منذ إيداع ترشيحه مرورا بالحملة الانتخابية إلى اليوم الموعود، بتفصيل و مهارة أدبية في التصوير .
إذن ولوج العمل السياسي عند رفاق الأستاذ بنكيران بدأ مبكرا، و إن بشكل فردي ،و لكن هذا لا يمنع من أنها ممارسة و حضور في إطار الهامش الضيق الذي كان مسوح به .فحتى الحصول على تزكية أي حزب لم تكن بالأمر السهل ،و يكفي أن حزب الشورى والاستقلال المعلول و الذي يعيش حالة متأزمة منذ أن غادره مؤسسه الوطني الغيور المرحوم محمد حسن الوازاني نتيجة ما تعرض له من تضييق و اضطهاد.كان يعد بحق إحدى أهم المدارس الحزبية في الوطنية و مناهضتها للدكتاتورية و التسلط .و المطالبة بدستور ديمقراطي يحدد السلطات و الصلاحيات.و يجعل كلمة الحسم للشعب .لذلك فكرت حركة الإصلاح و التجديد أن تنخرط في الحزب و تجدد هياكله ، قبل أن يستقر المطاف عند حزب الدكتور الخطيب.
و الحقيقة أنني لا أعرف لماذا يربط الباحثون و المتابعون و حتى بعض قيادات الحزب المشاركة السياسية للحركة ، ابتداء من تحالفهم مع حزب الخطيب بينما لا يذكرون هذه المحطات السابقة.؟
الاستعداد لولوج انتخابات 1997
بعدما رفض طلب إسلاميي حركة الإصلاح و التجديد بتأسيس حزب سياسي خالص، يحمل اسم حزب التجديد الوطني في مايو /أيار1992.كان الحل الوحيد أمامهم البحث عن حزب يقبلهم .لذا يمكن اعتبار أن سنة 1996سنة محورية في تاريخ حركة الإصلاح و التجديد، و ذلك نتيجة حدثين مهمين ، الأول دعوي بامتياز تمثل في اتحاد بين الحركة و رابطة المستقبل الإسلامي، و الثاني تمثل في وضع اللمسات الأخيرة لدخول إسلاميي الحركة عالم السياسة و الانتخابات عن طريق انضمامهم إلى حزب الدكتور الخطيب الذي كان يدعى بحزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية .
الحدث الأول :

د.الريسوني
رئيس رابطة المستقبل الإسلامي

كانت تجربة رائد، إذ قررتا كل من حركة الإصلاح و التوحيد بقيادة السيد محمد يتيم ،و رابطة المستقبل الإسلامي برئاسة الدكتور أحمد الريسوني، الاتحاد و تشكيل تنظيم جديد، سيحمل اسم حركة التوحيد و الإصلاح . و إن كان الهدف من المقال هو تتبع المسار السياسي للحركة و مشاركتها الانتخابية البلدية و ليس الدعوي .و لكن هذا الاتحاد الدعوي كان له تبعاته على المجال السياسي للحركة .فالاتحاد كان صفقة رابحة للجانبين ! و لكن هل كان اتحاد أم اندماج لرابطة المستقبل الاسلامي أم التحاقهم بالحركة؟، و ذلك لعدة أسباب منها: أن الحركة كانت أكثر اتساعا و امتدادا و انتشارا و شهرة بالمقارنة مع الرابطة.التي كانت تنهج التكتم و ليس السرية، مما جعلها جماعة شبه نخبوية بالمقارنة مع الحركة، ثم الشيء الثاني ،و هو أن الحركة كانت ذات طموحات و تجارب سياسية كما سبقت الإشارة إليه، في مقابل الرابطة التي كانت تفضل العمل الثقافي و تنفر من العمل السياسي .والمحصلة أن كلا الفريقين قد استفادا من الاتحاد ، فالحركة تم ضخها بقيادات أكاديمية و علمية وازنة يتقدمها كل من الدكتور أحمد الريبسوني الذي سيصبح رئيسا و مرجعية للحركة و ما يزال .ثم صديقه الدكتور فريد الأنصاري،والدكتور عبد السلام بلاجي، و الدكتور محمد الروكي، و الدكتور محمد لحبيب التجكاني . وفي المقابل وجدت بعض القيادات الطامحة إلى ولوج التجربة السياسية ضالتها في الحركة. و منهم الأستاذ مصطفى الرميد الذي سيصبح إحدى القيادات السياسية البارزة فيما بعد. بيد أن عددا آخرا من القياديين في الرابطة، و منهم الدكتور المفضل الفلواتي، و الدكتور عبد السلام الهراس و الأديب حسن الأمراني ، لم يكونوا راضين على التضخم السياسي لدى الحركة على حساب العمل الثقافي و الدعوي .هذا الجناح لم يندمج أو لم يلتحق بالكوكبة، بل فضل الانتظار و التريث .ثم بعد ذلك الانسحاب اللطيف غير المعلن بعد سنة و نصف من التجربة. و ذلك بعدما تأكد لهم في المحطتين الانتخابيتين ، البلدية يونيو/حزيران ،1997و البرلمانية في سبتمبر لنفس السنة بأن الحركة الدعوية الجديدة، تضع البوصلة السياسية على رأس أولوياتها .
و لم تكن عملية الاتحاد سهلة على مستوى القواعد، إذ تطلب ذلك أكثر من سنتين من التنسيق و الهيكلة. عرفت بالمرحلة الانتقالية.و قد أظهرت حركة الإصلاح و التجديد مرونة كبيرة، بحيث أنها و على الرغم من حجمها ،فقد فسحت المجال للرابطة لكي يتبوأ أعضاؤها مواقع مهمة و بصفة متساوية ، و كان أول المواقع رئاسة الحركة التي آلت إلى الدكتورالريسوني، و ما يقال علن الرئاسة يقال عن فروع الحركة و جهاتها .
الحدث الثاني :
و بالموازاة مع الاتحاد الدعوي بين الحركة، و رابطة المستقبل الإسلامي، تمت عملية التحاق جماعي لقيادة الحركة نحو حزب الدكتور الخطيب من أجل ترميمه ،و إعادة تأسيسه من جديد.و في هذه اللحظة ، بدا للمتحفظين من العمل السياسي من أعضاء الرابطة أن موعد الانسحاب قد حان.لانزعاجهم من التضخم السياسي،و قد كان على رأس المنسحبين بهدوء تيار مدينة فاس بقيادة الدكتور الفلواتي، و تيار مدينة وجدة بزعامة الدكتور حسن الأمراني الرئيس المؤسس لجمعية النبراس الثقافية، و الذين فضلوا العودة إلى الممارسة الثقافية.
وهنا وجبت الإشارة إلى أن هذا الانسحاب المبكر قد أفاد حركة التوحيد و الإصلاح كثيرا ، إذ لم يعَّد انشقاقا، بقدر ما كان عدم قدرة على الاندماج .و إلا لو أنه حدث بعد ذلك بسنوات لأثر كثيرا على المستوى الدعوي للحركة.لذا كان عامل قوة أكثر منه عامل ضعف و تشتت. ولم يكن أمام الحركة الكثير من الوقت لتجد نفسها أمام الانتخابات البلدية ليونيو / حزيران 1997.و بالتالي الدخول المباشر إلى المعترك الانتخابي من بابه الواسع، و قد اتسم الأداء السياسي للحركة في هذه المرحلة بنوعين من الأداء، حيث حفزت الحركة أعضاءها في الانخراط في العمل السياسي، و التقدم للترشح و المنافسة ، و لكنها لم تجبرهم على الدخول تحت مظلة الحزب الجديد ، إذ فضل عدد منهم أن يخوضوا التجربة كمرشحين مستقلين .
و تقدمت الحركة للانتخابات البلدية ، بعضها يحمل لون حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية ، و البعض الآخر مستقلا. و قد كانت أول تجربة يظهر فيها بالملموس حضور الإسلاميين على الساحة السياسية، و مما ساعد الإسلاميين . أن القانون الانتخابي الخاص بالبلديات، كان أقل تعقيدا مما هو عليه الآن، حيث كان التقطيع الانتخابي مجزءا تقسم فيه المدينة إلى بلديات و كل بلدية إلى مقاطعات ،أو بمعنى أن المترشح كان يكفيه أن يحصل على 100إلى 150 صوت لكي يلج المجلس البلدي المحلي .بمعنى أن التصويت كان على الشخص ،و ليس على البرنامج أو اللائحة كما هو عليه الآن ،و طبعا هذا عقد من جهة أخرى مهمة المفسدين الانتخابيين ، بحيث كان الحل الوحيد هو استمالة المصوتين بالمال. أما التزوير في المحاضر فلم يكن ممكنا لأن كل مرشح كان يحظى بثلاثة صناديق اقتراعية أي يكفي أن يكون له ثلاثة نواب يراقبون العملية الانتخابية لكي يضمن عدم التلاعب في المحاضر الانتخابية مما كان في المتناول .
وهكذا فاز عدد من الإسلاميين بمقاعد بلدية، و دخلوا المجالس البلدي من بابه الواسع .بل إنهم قد تمكنوا من تسيير أول مجلس بلدي في تاريخ الحركة الإسلامية ، و هو المجلس البلدي لبلدية سيدي إدريس القاضي بمدينة وجدة ، برئاسة الأستاذ و القيادي في الحركة محمد بيبودة، .و هذه العملية كانت سابقة من نوعها ساهم فيها أعضاء متعاطفون من غير الإسلاميين، بل من بعض الدعاة و العلماء الذين ساندوا الحركة بوجدة ،و هم الآن من المهندسين الجدد للحقل الديني بالمغرب ،و الذين كانوا يرون بضرورة ولوج العمل السياسي، و عدم ترك الساحة لليساريين و العلمانيين .
و الغريب في الأمر أن هذه المحطة التاريخية لا يذكرها أعضاء حزب العدالة و التنمية ؟أو حتى أعضاء الحركة،و قد و دامت التجربة ما قدره ثلاث سنوات و نصف، إذ ستتم الإطاحة برئيس المجلس.و في عملية محبوكة بدقة و عناية و بتورط مكشوف للسلطات المحلية. و لقد كانت رسالة الإطاحة بمجلسهم البلدي الوحيد على مستوى المغرب ، رسالة واضحة من السلطة على أنهم ما يزالون في نطر السلطة موضع ريبة و شك .و الغريب أن الأمر نفسه حدث منذ بضعة أشهر مع عمدة الإسلاميين بمدينة مكناس ؟
انتخابات يونيو2003
و جاءت الانتخابات البلدية ليونيو/حزيران 2003، و قد تمكن فيها الحزب من إعادة هيكلة الحزب هيكلة شاملة بدء من المجالس المحلية و الإقليمية و الجهوية .و لكن الأحداث كانت تخبئ في طياتها أشياء أخرى لم تكن ببال الإسلاميين.فوقعت أحداث 16 مايو /أيار2003 بمدينة الدار البيضاء ،و التي نفذتها بعض التيارات المتشددة، و اغتنمها العلمانيون والخصوم السياسيون للحزب الإسلامي الفتي فرصة ذهبية لإقحامه في الموضوع.و تفاوتت الهجمات التي تعرض لها الحزب بين من حمل الحزب المسؤولية المعنوية فيما حدث، بينما ذهبت بعض الجهات التي كانت تصفها صحافة الحركة بالاستئصاليين ، إلى حد المطالبة بحل حزب العدالة و التنمية و تقديمه اعتذار للشعب المغربي !.و قد تزعم الهجمة نائب الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية السيد محمد اليازغي .بل وصلت درجة العداء إلى منع الحزب و الحركة ومعه جماعة العدل و الإحسان وعدد من الإسلاميين من المشاركة في مسيرة وطنية احتجاجية على أحداث 16 مايو/أيار.
هذه الضغوط الشديدة أثرت على الأداء الانتخابي للحزب في الانتخابات البلدية التي جرت بعد أقل من شهرين من ذلك.و دخل الحزب الانتخابات ليغطي جزء قدر تقريبا ببين 15إلى 20 في المائة من الدوائر الانتخابية مما أضعف تواجد الحزب على مستوى الحضور في تسيير عمادات المدن الكبرى و البلديات ، و كذا الحضور في مجلس المستشارين الغرفة الثانية للبرلمان المغربي ، حيث لم يتمكن الحزب من تأسيس فريق برلماني لضعف تواجده ،و إن كان قد تمكن و نتيجة تحالفات من تسيير بعض البلديات، و على رأسها عمادة مدينة مكناس. و لكن كانت حالة واحدة على مستوى المدن الكبرى .إذ لم تكن الأحداث الإرهابية ل16 مايو /أيار وحدها التي أضعفت تمثيلية الحزب ، بل ظهرت قبيل الانتخابات مشكلة جديدة ، وهي ظهور تيار معارض داخل الحزب قاده محمد الخليدي الذي سوف ينشق لاحقا، و يؤسس حزبا إسلاميا.و قبل ذالك طرحت و لأول مرة مسالة تهميش القيادات القديمة للحزب،و استئثار إسلاميي الحركة بالمواقع القيادية داخل الحزب .
وحدثت صراعات مباشرة بين حركة التوحيد و الإصلاح و التيار المعارض الذي يقوده محمد الخليدي، و قد كانت مدينة وجدة حالة فريدة ، إذ أضحت حلبة صراع مفتوحة بين الجانبين ، وهي المدينة التي يمثلها الخليدي في البرلمان ، فقد قاطع فرع الحركة بمدينة وجدة الانتخابات البلدية وهدد أعضاءه بورقة الإقالة من الحركة إن شارك أحد الأعضاء في الانتخابات كمرشحين داخل الحزب .بل إن البعض قام بحملات مضادة للحزب حتى يسقطه.و طبعا لم يمتثل بعض قدامى الحركة لقرارها ،مما جعلهم يفصلون من الحركة.و الغريب أن بعضهم لم ينس هذا النازلة.إذ أصدر نور الدين زاوش الذي طاله قرار الفصل من الحركة ،والذي شغل منصب الكاتب الإقليمي لحزب العدالة و التنمية أثناء الصراع بين الحزب و الحركة ، منذ أقل من ثلاثة أشهر كتابا هجوميا على حزب العادلة و التنمية عنونه ب: الجالية اليسارية المقيمة بحزب العادلة و التنمية ؟ تناول فيه بالنقد اللاذع للحركة و معها الحزب.و سوف يستمر الاحتدام و الصراع في الانتخابات الحالية حيث نفس الشخص ،سيكون وكيل اللائحة حزب النهضة و الفضيلة بمدينة وجدة .في مواجهة إخوته القدامى !
خلاصة
انطلاقا مما سبق يظهر أن مشاركة إسلاميي حركة التوحيد و الإصلاح، ومن قبل حركة الإصلاح والتجديد قد سبقت تحالفهم و دخولهم في حزب الدكتور الخطيب .مما أكسبهم بعض الخبرة ،و بعض المعطيات الميدانية عن طبيعة الحقل السياسي المغربي، و تمرسهم على قواعد اللعبة الانتخابية ، و عن الدور المحوري و البارز لوزارة الداخلية ، التي تعد المهندس و الفاعل الأساسي الماسك بزمام البوصلة السياسية المغربية.لذلك سيجد إسلاميو المغرب أو حزب العدالة و التنمية ،هذه المرة نفسه في مواجهة انتخابية مباشرة مع وزارة الداخلية في شخص حزب الوزير المنتدب السابق لوزارة الداخلية فؤاد عالي الهمة ،و في مواجهة أصدقاء الأمس أعضاء حزب النهضة و الفضيلة .و إذا كان حزب العدالة و التنمية قد فاز في الجولة البرلمانية لانتخابات 2007سبتمبر ،و احتل المرتبة الثانية على مستوى عدد المقاعد، و المرتبة الأولى على مستوى عدد الأصوات المحصل عليها ، فإنه ينبغي عليه اليوم تأكيد هذه النتيجة ، مع مراعاة الاختلاف الكبير بين طبيعة الانتخابات البرلمانية و نظيرتها البلدية ؟ فما هي سيناريوهات المرحلة المقبلة يا ترى ؟
-----------------------
02-06-2009
الإسلاميون
باحث مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.