الجزائر: أعلن القيادي السابق في "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، جمال فرج الله، ميلاد "حركة تصحيحية" داخل الحزب ذي التوجه العلماني، بهدف معالجة الأوضاع التي آل إليها في ظل ما وصفه ب"تسلط" القيادة الحالية بزعامة الدكتور سعيد سعدي الذي يترأس الحزب منذ تأسيسه قبل 20 عاما. واعتبر الصحفي و المراقب السياسي الجزائري عثمان لحياني في تصريح ل"إسلام أون لاين" أن هذا الانشقاق إشارة بأن المعارضة ضد رئيس حزب التجمع "بلغت ذروتها للمرة الأولى في تاريخ الحزب؛ إذ لم يبق من الوجوه البارزة سوى نور الدين آيت حمودة". وأوضح جمال فرج الله الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الحزب أن "الحركة التصحيحية ستبدأ من البرلمان بالسعي إلى تشكيل كتلة برلمانية موازية، تكون نواة تأسيس إطار تشريعي يفرض الديمقراطية على الحياة السياسية". طالع أيضا: الجزائر.. جمال بن عبد السلام أمينا لحركة الإصلاح الجزائر.. مبادرة صلح جديدة بين فرقاء "حمس"
وجدد فرج الله خلال حوار مع برنامج "بكل صراحة" بالقناة الإذاعية الثالثة الناطقة بالفرنسية اتهاماته للدكتور سعيد سعدي، رئيس الحزب، ب"ممارسة الأبوية المطلقة، وتهميش وإقصاء كل الأصوات المطالبة بتداول قيادة الحزب، الذي لم يتغير رأسه منذ تأسيسه قبل حوالي 20 عاما". وأضاف: "من غير المعقول أن يستمر قادة أحزاب في مناصبهم لما يناهز عقدين من الزمان، ومع ذلك يتهمون السلطة بالتضييق على الديمقراطية". وفي وقت سابق أعلن ثمانية نواب من "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" -أكبر الأحزاب ذات التوجه العلماني بالجزائر- على رأسهم جمال فرج الله استقالتهم من الحزب؛ احتجاجا على تصرفات القيادة الحالية، ومن آخر الملتحقين بكوكبة المستقيلين النائبان والقياديان البارزان علي براهيمي، وطارق ميرة. ومن جانبه هوَّن الدكتور سعيد سعدي خلال دورة المجلس الوطني المنعقدة نهاية الأسبوع الماضي من أهمية الاستقالات من الحزب، متهما القيادات المستقيلة ب"تدبير تمرد ضده لمجرد البحث عن لعب دور الأعيان". وسارع إلى تعيين قيادات جديدة؛ حيث جرى تعيين حكيم صاحب النائب عن ولاية تيزي وزو خلفا لعلي براهيمي، وأسند منصب مسئول العلاقات الخارجية والهجرة إلى رفيق حساني خلفا لطارق ميرة. قانون جديد وفي إطار محاولات "تغيير" الوضع في الحزب يعتزم القيادي السابق في "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" جمال فرج الله تقديم مقترح لمشروع قانون جديد قال إنه سيعرضه على مكتب الهيئة التشريعية خلال الأسابيع القليلة القادمة، بهدف إعادة النظر في قانون الأحزاب الحالي والقضاء على "الانفراد بالزعامة" داخل التشكيلات السياسية على اختلاف ألوانها، وهو القانون الذي سيلقى -حسب قوله- "الترحيب من كل المناضلين الذين تعرضوا للتهميش والإقصاء في أحزابهم". ويمثل "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" في البرلمان الجزائري 19 نائبا من أصل 380 مقعدا، وقاطع الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في التاسع من أبريل الماضي، بحجة أن نتائجها "محسومة سلفا"، وأعلن "حدادا على الديمقراطية" باستبدال العلم الجزائري المرفوع فوق مقراته براية سوداء، وهو ما أثار زوبعة في الأوساط السياسية، ووصل الأمر إلى القضاء الذي ينظر فيه حاليا. "نزيف داخلي" وتعليقا على هذه التطورات قال الصحفي والمتابع للشأن السياسي الداخلي عثمان لحياني من صحيفة "الخبر" الجزائرية: إن الحزب "يعيش نزيفا حقيقيا وحالة انكسار داخلي من المستحيل أن يستطيع سعيد سعدي إيقافها؛ لأنه خسر الكثير على المستوي الشعبي والإعلامي". واستدل على ذلك في حديث مع "إسلام أون لاين" بقوله: إن المعارضة ضد رئيس التجمع "بلغت ذروتها للمرة الأولى في تاريخ الحزب؛ إذ لم يبق من الوجود البارزة سوى نور الدين آيت حمودة"، مشيرا إلى أن الحزب "يعيش مرحلة التخلص من القيادات البارزة من طرف سعيد السعدي من أجل صنع قيادات بديلة يسهل التحكم فيها من أمثال: محسن بلعباس، ومحمد خندق، وحكيم صاحب، وبوبكر درقيتي"، على حد قوله. ومن بين من انسحب من "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" في أوقات سابقة قيادات بارزة من أمثال: خليدة تومي وزيرة الثقافة الحالية، وحميد لوناوسي وزير النقل سابقا، وعمارة بن يونس وزير الصحة السابق ومؤسس الاتحاد من أجل الديمقراطية والجمهورية، والمحامي الشهير مقران آيت العربي. وتعد حالة الانشقاق أشبه بظاهرة في الساحة السياسية الجزائرية في الشهور الأخيرة؛ حيث انشق أكثر من 40 شخصا عن حركة مجتمع السلم (حمس) -إخوان مسلمون- في أبريل الماضي، وأسسوا حركة "الدعوة والتغيير"؛ احتجاجا على ما اعتبروه ابتعاد الحركة عن الطابع الدعوي الذي تأسست خصيصا من أجله. كما نالت الخلافات الداخلية الحادة حركة الإصلاح الوطني ذات التوجه الإسلامي؛ ما أدى إلى استقالة رئيسها محمد بولحية في فبراير الماضي، ثم استقالة الأمين العام للحركة محمد جهيد يونسي في مايو، والعامل المشترك في أسباب هذه النزاعات والاستقالات هو الاحتجاج على "التفرد بالقرار". الجزائر.. عبد الرحمن أبو رومي إسلام أون لاين.نت