عاجل/ البرلمان يصادق على قرض جديد بقيمة 300 مليون دولار    نواب الشعب يدعون الى استغلال الأراضي الفلاحية الدولية المهدورة لتجاوز أزمة الحبوب    ارتفاع نسبة السيّاح البريطانيين الوافدين على المنطقة السياحية سوسة القنطاوي    التوقعات الجوية لهذه الليلة    أريانة : حجز 100 صفيحة من مخدر القنب الهندي    بنزرت: وفاة طفل غرقا بحفرة بحظيرة بناء الجسر الجديد    سيدي بوزيد: جداريات تزين مدرسة الزهور بالمزونة (صور)    20 مسماراً وأسلاك معدنية في بطن مريض    سيدي بوزيد: برمجة ثرية في الدورة 21 لملتقى عامر بوترعة للشعر العربي الحديث    بضائع مهربة بقيمة 145 الف دينار مخفية في اكياس نفايات!!    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    اضطراب توزيع مياه الشرب بهذه المناطق    وزير الداخلية: 53 ألف شخص حاولوا اجتياز الحدود البحرية خلسة منذ بداية العام    نبيل عمّار يتلقّى دعوة من نظيره القطري لزيارة الدّوحة    البريد التونسي ونظيره الموريتاني يُوقّعان اتفاقية تعاون    الاحتفاظ بتونسي وأجنبي يصنعان المشروبات الكحولية ويروّجانها    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    النادي الصفاقسي: اليوم إنطلاق تربص سوسة .. إستعدادا لمواجهة الكلاسيكو    ارتفاع أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    عاجل : قتلى وجرحى في غرق ''ميكروباص'' بنهر النيل    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    السّواسي ..تركيز برنامج المدارس الرقميّة بالمدرسة الابتدائية الكساسبة    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    القيروان تستعد للامتحانات الوطنية    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    وفاة نجم منتخب ألمانيا السابق    موعد تحول وفد الترجي الرياضي الى القاهرة    عاجل/ آخر المستجدات في ايران بعد وفاة "رئيسي": انتخاب رئيس مجلس خبراء القيادة..    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    نقابة الصحفيين تحذر من المخاطر التي تهدد العمل الصحفي..    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    هام/ هذا عدد مطالب القروض التي تلقاها صندوق الضمان الاجتماعي..    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    الرئاسة السورية: تشخيص إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    عاجل/ تركيا تكشف معطيات خطيرة تتعلق بمروحية "الرئيس الإيراني"..    وزير الأعمال الإيطالي يزور ليبيا لبحث التعاون في مجالات الصناعة والمواد الخام والطاقة المتجددة    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    49 هزة أرضية تثير ذعر السكان بجنوب إيطاليا    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في كتاب سالم لبيض الهوية: الإسلام ،العروبة ، التونسة : الهادي غيلوفي

يعد كتاب الدكتور سالم لبيض "الهوية : الإسلام ، العروبة ، التونسة" .والذي صدر أخيرا عن مركز دراسات الوحدة العربية جانفي 2009 من الدراسات الجديرة بالاهتمام لما تمثله إشكالية الهوية في تونس بوصفها محل جدال بين نخبها التي تعاني هي من تحديد هويتها لا هوية تونس التي هي عربية إسلامية فالخلاف حول الهوية هو دون ادني شك يوجد في فكر واعتقادات هذه النخب لا لدى الشعب التونسي العربي المسلم .ومن هنا تكمن أهمية هذا الكتاب الذي نقل ذلك الحوار والجدل . فالكتاب يحتوي على ستة فصول و288ص فقد تناولت فصوله جميعا إشكالية الهوية وقد جاءت موضوعاتها متسلسلة على الشكل التالي :
1- مبررات الدراسة ومعنى الهوية كإشكال تاريخي
2- الهوية في الخطاب السياسي واستعرض فيه نظرة مختلف التيارات والأحزاب السياسية للهوية
3- الهوية في الخطاب النقابي
4- الهوية في النظام التربوي
5- الهوية في الخطاب الطلابي
6- بناء الهوية : جدل ومطارحات
فسالم لبيض يرى أن الهوية التونسية كانت ولا تزال مستهدفة وهو يقول (ص248) لا شك بان الهوية التونسية بمضامينها العربية الإسلامية كانت ولا تزال مستهدفة .مؤشرات ذلك كثيرة ، وهو ما ينعكس من خلال الجدل الذي شهدته البلاد خلال القرن المنصرم ، سواء إبان الفترة الاستعمارية أو خلال الحكم البورقيبي وما تلاه من مناقشات ومطارحات برزت بعد سقوط ذلك الحكم . لكن تلك المطارحات والمناظرات الفكرية التي تتخذ أحيانا أشكالا سياسية تعكس انقساما بين تيارين رئيسيين:
التيار الأول نخبوي يصطف فيه الفرانكفونيون ودعاة التونسة الخالية من المضامين الحضارية التي أنتجتها اللغة العربية والدين الإسلامي ، وبعض اليساريين الذين تتلمذوا في الحزب الشيوعي التونسي وحركة" أفاق " على المقولات القديمة الداعية إلى الاندماج بين فرنسا ومستعمراتها ضمن الوحدة الفرنسية . لكن هذا الصف لا يستطيع أن يعلن صراحة عداءه للعروبة والإسلام فيتخفي وراء شعارات التونسة والانفتاح على الأجنبي والتعدد اللغوي والتمسك بالقيم الإنسانية والتحديث ، وهي شعارات على أهميتها تستعمل للتضليل أكثر منه للالتزام الحقيقي ، ويكفي ان نستحضر تجربة بورقيبة الذي مسك بهرم السلطة لمدة 30 سنة ، ضرب فيها كل قيم الحداثة السياسية الليبرالية بعرض الحائط ، وأرسى قيم سياسية موغلة في القدم والتخلف ، مثل الرئاسة مدى الحياة والحكم الفردي والشخصنة ومنع الحريات والتعديدية السياسية والفكرية .
وهو مثال لليبراليين الذين نشؤوا في المدارس الغربية وتعلموا منها قيم الأنوار والحداثة ، وكان لا يتأخر في رفض الهوية بمضامينها العربية الإسلامية ليحل محلها "الهوية والقومية التونسية " وفي مقابل ذلك يوجد تيار واسع وعريض تنتمي إليه بعض النخب التي لا تنظر إلى الهوية التونسية خارج سياقها العربي الإسلامي . وهذا التيار يضم الشرائح الواسعة في المجتمع ، من فلاحين وعمال وطلاب ونساء وأطفال وشيوخ ومتقاعدين ، هؤلاء لا يعرفون غير العربية لغة ، كما إن تلك الأغلبية الساحقة لا تعرف غير الإسلام دينا.
إن الهوية لدى هذا التيار الواسع استطاعت فرض نفسها على كثير من النخب الفكرية والسياسية المسيرة للدولة ، وهي استجابة طبيعية مما جعلها تقر بذلك في مستوي الدستور والميثاق الوطني وقانون الأحزاب فمسألة الهوية ليست مجرد انتماء إلى مجتمع فحسب ، إنما هي تحصنه لكي لا يبتلعه الآخر ويطمس جميع خصائصه ومكوناته ، خاصة في ظل العولمة التي يدرك قادتها وأصحاب المصالح فيها ، أن الهوية في مجتمعات اليوم ، ولا سيما العربية منها ، هي الحصن الحصين أمام تفكك تلك المجتمعات، إن قاعدة تلك الحصون القوية هي اللغة لذلك تجدهم يشككون في جدواها وصلاحها ومدى قدرتها على أن تنهض .
لقد اعتمد مشروع الانغلاق الإقليمي أو ما يطلق عليه بالذاتية التونسية والأمة التونسية خلال الحقبة البورقيبية سياسة ارتكزت أولا على: فصل الشعب التونسي عن باقي الأمة العربية من خلال الدعوة إلى الأمة التونسية واعتبار الدولة التونسية دولة قومية وبذل الجهد لمعاداة من هدف الوحدة العربية . أما الثاني فيتجسد في إتباع سياسة تربوية وثقافية اعتمدت الفرانكفونية والازدواجية اللغوية الهجينة ، وجعلت من اللغة الأجنبية لغة العلم والتكنولوجيا ولذلك اعتبرت الحقبة البورقيبية هي مرحلة تهميش للهوية العربية الإسلامية .
فما طرحه كتاب سالم لبيض مهم من حيث استعراضه مختلف النقاشات والحوارات التي دارت حول الهوية ويمكن أن نضيف إليه بعض الملاحظات فالهوية في تونس وان كانت مترسخة ولا خوف على عروبتها وإسلامها لأنها في جوهرها عربية إسلامية وهي معطي وليست فرضية سواء اعترف بذلك النخب على مختلف مشاربها الثقافية والسياسية أو أنكر ذلك فالهوية ليست شيء نصنعه أو نختاره على مقاسنا فالإنسان لا يختار لغته الأم أو دينه إنما هما محصلة تراكمات تاريخية فالإنسان يمكن أن يتبني الفكر أو يتعلم لغة ثانية ولكننا لا يمكن أن نمحو التاريخ لأنه لا يعجبنا فهذه الهوية التي تشكلت عبر صيرورة تاريخية لا يمكن محوها بمجرد قانون أو قرار . وما دفاعه الشعب التونسي عبر كل تاريخه وفي مواجهة أشكال الاستعمار والاحتلال والغزو الثقافي ما هو سوى تمسك ودفاع عن هويته التي يرفض التنازل عنها .
صحيفة " الوطن" التونسية العدد 88 الصادر في 5 جوان 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.