لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    برشلونة يقلب الطاولة على بلد الوليد ويبتعد بصدارة "الليغا"    ربيع الفنون بالقيروان يُنشد شعرا    في لقائه بوزراء .. الرئيس يأمر بإيجاد حلول لمنشآت معطّلة    الدوري الفرنسي.. باريس سان جيرمان يتلقى خسارته الثانية تواليًا    غدا: حرارة في مستويات صيفية    منير بن صالحة: ''منوّبي بريء من جريمة قتل المحامية منجية''    مؤشر إيجابي بخصوص مخزون السدود    عاجل/ قضية منتحل صفة مدير بديوان رئاسة الحكومة..السجن لهؤولاء..    صفاقس : المسرح البلدي يحتضن حفل الصالون العائلي للكتاب تحت شعار "بيتنا يقرأ"    الأطباء الشبان يُهدّدون بالإضراب لمدة 5 أيّام    بداية من 6 ماي: انقطاع مياه الشرب بهذه المناطق بالعاصمة    الرابطة الأولى: الاتحاد المنستيري يتعادل مع البقلاوة واتحاد بن قردان ينتصر    القصرين: قافلة صحية متعددة الاختصاصات تحلّ بمدينة القصرين وتسجّل إقبالًا واسعًا من المواطنين    سامي بنواس رئيس مدير عام جديد على رأس بي هاش للتأمين    طقس الليلة: الحرارة تصل الى 27 درجة    وزير النقل يدعو الى استكمال أشغال التكييف في مطار تونس قرطاج استعدادا لموسم الحجّ وعودة التّونسيين بالخارج    نادي ساقية الزيت يتأهل لنهائي الكأس على حساب النجم    كلاسيكو اوفى بوعوده والنادي الصفاقسي لم يؤمن بحظوظه    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: المنتخب التونسي يضيف ثلاث ميداليات في منافسات الاواسط والوسطيات    منوبة: 400 تلميذ وتلميذة يشاركون في الدور النهائي للبطولة الاقليمية لألعاب الرياضيات والمنطق    "براكاج" يُطيح بمنحرف محل 26 منشور تفتيش    غدا.. قطع الكهرباء ب3 ولايات    إحالة رجل أعمال في مجال تصنيع القهوة ومسؤول سام على الدائرة الجنائية في قضايا فساد مالي ورفض الإفراج عنهما    بداية من الاثنين: انطلاق "البكالوريا البيضاء"    دقاش: شجار ينتهي بإزهاق روح شاب ثلاثيني    عاجل/ سرقة منزل المرزوقي: النيابة العمومية تتدخّل..    الكلاسيكو: الترجي يحذر جماهيره    بعد منعهم من صيد السردينة: بحّارة هذه الجهة يحتجّون.. #خبر_عاجل    البنك الوطني الفلاحي: توزيع أرباح بقيمة دينار واحد عن كل سهم بعنوان سنة 2024    "البيض غالٍ".. ترامب يدفع الأمريكيين لاستئجار الدجاج    الحج والعمرة السعودية تحذّر من التعرُّض المباشر للشمس    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    الاستعداد لعيد الاضحى: بلاغ هام من وزارة الفلاحة.. #خبر_عاجل    ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    مقارنة بالسنة الماضية: إرتفاع عدد الليالي المقضاة ب 113.7% بولاية قابس.    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسرة في تونس : بين الوقاية والعلاج:بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ

الأسرة في تونس : بين الوقاية والعلاج
كيف نواجه معضلة العوانس و الأمهات العازبات في بلادنا ؟
الأمهات العازبات في تونس معضلة متفاقمة
ادفعوا عن بلادنا هذا العار أين الكرامة أين الشهامة أين الشرف؟
"ظهر الفساد في البرّ والبحربما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلّهم يرجعون " (سورة الروم41)
قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله" (سورة يوسف 108)
" و انّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل..." (الانعام 153)
"يريدون ان يطفؤوا نور الله بأفواههم و يأبى الله الا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون " (التوبة 32)
(ان أريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي الا بالله عليه توكّلت و اليه أنيب).( هود 88)

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
باريس في 6 فيفري 2008
الأمهات العازبات في بلادنا:ادفعوا عنّا هذا العار
يقول الله تعالى في كتابه العزيز من سورة الروم : " ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الذي غملوا لعلّهم يرجعون " (الروم 41) صدق الله العظيم
ان البلاد التونسية تعيش حالات شاذة عن واقع لم نعهده منذ الخمسينات من القرن الماضي وان لم نتدارك امرنا قبل فوات الاوان فان غضب الله آت ولو بعد و يصيبنا ما اصاب قوم نوح وقوم لوط و ما ذلك على الله بعزيز. و صدق الله العظيم اذ قال : "انّا أرسلنا نوحا الى قومه ان انذرقومك من قبل ان يأتيهم عذاب أليم" (نوح 1) حسب مفتي الجمهوريّة الشيخ كمال الدين جعيّط.: "إن ظاهرة الأمهات العازبات ظاهرة مخالفة للشريعة الإسلامية، فالمرأة التي تنجب خارج إطار الزواج دليل لا جدال فيه على زنا، والزّنا في الإسلام يعدّ من أكبر الكبائر استنادا إلى قوله تعالى في سورة الإسراء ''ولا تقربوا الزّنا، إنه كان فاحشة وساء سبيلا''(الاسراء 23).
كما تعتبر هذه الظاهرة، كذلك، ظاهرة مخالفة للطبيعة إذا ما ربطناها بالطفل المولود، فلا بدّ لكل طفل أن يعيش في ظل أسرة متكونة من أب وأم كما جرت الطبيعة. غير أن الطفل في هذه الحالة يعيش مع أمه فقط، وهذا مخالف للطبيعة. ويعتبر الابن غير الشرعي ابن أمّه، لذلك هما يتوارثان في حين أنه لا يرث من أبيه، فالرجل إذا ما زنى فلا يترتب على ذلك آثار النسب."([1]) أليس هذا هو العذاب الذي توعّدنا الله به ان ابتعدنا عن الاسلام و القادم اعظم ان لم نتدارك أمرنا.
ولقد قال تعالى في سورة نوح : " قال يا قوم انّي لكم نذير مبين ان اعبدوا الله واتقوه و اطيعون بغفر لكم من ذنوبكم و يؤخّركم الى أجل مسمّى.." (نوح 2-3) .
وفي سؤال آخر يقول الشيخ كمال الدين جعيّط.: "ينبغي في حالة الأم العزباء التمييز بين أمرين هامّين : هل تمّ التعدي عليها عن طريق الإكراه أم عن طريق الرضا، إذ هناك فرق شاسع بين الإلزام والتهديد من جهة، وبين الاختيار الواعي والشهوة من جهة أخرى.
فالمرأة إذا ما أكرهت على ذلك فلا ذنب لها في ما حصل استنادا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم ''رُفِع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه''. ([2])
"أمّا إذا كان الأمر باختيارها- وكثيرا ما يكون كذلك- فهناك عقاب صريح في هذه الحالة ورد في القرآن لا بد منه وهو الجلد ''والزّانية والزّاني، فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة، ولا تأخذكم بهم رأفة في دين الله، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين''(سورة النور 2). إذن، فالحكم على الأم العزباء يختلف باختلاف الطوعية والإكراه.
"أمّا بالنسبة إلى الرجل الذي يعتدي على المرأة، فينبغي الحكم عليه بالنفي والتغريب عن أهله وبلده مدة سنة كاملة. كما أن هذا الحكم وارد تطبيقه على المرأة الزانية إذا ما تكرر منها فعل الزّنا، فلا بد في هذه الحالة من إقصائها وإبعادها عن المجتمع حفاظا على كيان المجتمع الإسلامي، فبقدر ما تكون الأسر طاهرة يكون المجتمع كذلك. فالأسر في المجتمعات هي الأصل، لذلك ينبغي أن تُبنى على أسس متينة ليكون المجتمع بدوره متينا." ([3])
ويواصل في الاجابة على سؤال آخرحول موقف الاسلام من هذة المعضلة فيقول مفتي الجمهوريّة : "لا يعترف الإسلام بأبناء الزّنا، فهم بالتالي لا يتمتعون بحقوق الأبناء الشرعيين. فلا ينسب الابن غير الشرعي لأبيه إلا بعقد زواج، ولا توارث بينهما. يتّخذ الإسلام هذا الموقف، حفاظا على الأنساب وخوفا من إضاعة نسب النسل بحيث لا يعرف للنسل مرجع يأوي إليه". ([4])
أما عن التعامل مع اطفال الزنا فها هو يجيب مفتي الجمهوريّة الشيخ جعيّط.: "دينيا، ينبغي معاملة أبناء الزنا معاملة إنسانية بالعطف عليهم واحترام كرامتهم وإنسانيتهم، ذلك أنه لا ذنب لهم في تلك العلاقة غير الشرعية التي أوجدتهم. فكما يقول المعري : ''هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد''. واجتماعيا، لا بدّ من المحافظة عليهم والعناية بهم وتعليمهم، إذ كل شيء في مكانه".([5])
أنّ هذه الظاهرة ''تبدو عدديّا غير هامّة باعتبار أنّ الحالات المسجّلة تعدّ حوالي ألف حالة، إلاّ أنّ هذا العدد لا يعدو أن يكون أرقاما معلنا عنها، والأكيد أنّ هناك حالات غير معلن عنها''. وإنّ الرقم المعلن عنه يبدو للبعض انّه قليل إلاّ أنّه يتولّد عنه مشاكل عديدة تهزّ أركان الأسرة التونسية وهي بداية الأمّ والعائلة والأطفال، وهو يؤكّد خطورة الظاهرة على الأصعدة الذاتيّة والنفسيّة والاجتماعيّة و الأخلاقية أكثر. و هنا لا بدّ لنا من التذكير بقوله تعالى من سورة نوع اذ قال: "قال ربّ اني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعاءي الا فرارا" (نوح 4-5).
ذلك أنّ الحالات المتعدّدة كلّ سنة تتولّّد آلاف المشاكل وكم من عائلة وطفل يعرّضون للتشرّد و الاهمال والانحراف وحتّى الاجرام نتيجة عمل قام بهآباءهم او أمّهاتهم او زلّة قدم من احدهم. و هذا لا ينفي أنّ هذه الفئة تجد عناية ترجمت على مستوى قوانين، ولعلّ آخرها قانون 2003 الذي منح الطفل هويّة ولقبا عائليّا عن طريق الاعتراف الأبوي به خاصّة.
كما تلقى الأم العزباء بدورها عناية من عدّة جمعيّات ومنظّمات موزّعة تقريبا على جلّ الجهات التونسيّة، و هذا تأكيد على تفاقم هذه الظاهرة الغريبة عن ديننا الخنيف و أخلاقنا السمحة و عاداتنا العريقة فمثلا نذكر جمعيّة صوت الطفل بنابل، وقد قامت بتجربة تتمثّل في الاهتمام بالرضّع والأمّهات العازبات وتعليمهنّ حرفة، في حين تأتي جمعيّة ''بيتي'' بقفصة ضمن آخر الجمعيّات التي تمّ إحداثها على غرار جمعيّة ''أمل'' بتونس من ناحية الاهتمام بتعهّد الطفل والأم. وهذا كله اهتمام مادي بحت و لكن اصل الداء هو في غياب الجانب الروحي والاخلاقي الذي هو السبب الاوّل لما اصابنا.
كلّ هذا لا يكفي ما دمنا لم نعالج اصل الداء لاقتلاعه من جذوره. و هنا جميع المهتمين بالشؤون الاجتماعية في بلادنا للعناية بالجانب الرّوحي الغائب من الساحة و كما ندعو اخواننا ان يبذلوا الجهد في الدراسة للايقاف هذا المارد الذي ينخر مجتمعاتنا من اصولها. وصدق الله العظيم اذ قال في سورة نوح : "وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدقا لنفتنهم فيه و من يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذابا صعدا" (نوح 16-17).
الزواج على غير الصيغ القانونية: قد لاحظ «المشرع التونسي جرم بالفصل 36 بالقانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في 1 اوت 1957 والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية الذي ينص على ما يلى:
«يعتبر الزواج المبرم باطلا خلافا لاحكام الفصل 31 (الذي ينص على انه يبرم عقد الزواج بالبلاد التونسية امام عدلية او امام ضباط الحالة المدنية بمحضر شاهدين من اهل الثقة ويبرم عقد زواج التونسيين بالخارج امام الاعوان الديبلوماسيين او القنصليين التونسيين او يبرم العقد طبق قوانين البلاد التي يتم فيها) .
وهذه هي الشروط والصيغ القانونية الواجب اتباعها لابرام عقد زواج شرعي والتي في غيابها تقوم جريمة التزوج على خلاف الصيغ القانونية ويعتبر الزواج خلافا لاحكام الفصل 31 باطلا كما ذكر ويعاقب الزوجين زيادة على ذلك بالسجن مدة 3 اشهر.
ادراج العقد بدفاتر الحالة المدنية: وتجدر الاشارة الى ان قانون الحالة المدنية المذكور (الفصل 31) يوجب في فصله 33 على العدول ان يوجهوا في ظرف شهر من تحرير العقد الى ضابط الحالة المدنية بمنطقتهم اعلام زواج قبل ان يسلموا نسخة من عقد الزواج للزوجين وذلك حتى تسهل مراقبة الزيجات الواقع ادراجها بدفاتر الحالة المدنية الخاص بكل شخص.
ومع كل ذلك لا يجب اغفال الشروط الجوهرية لعقد الزواج المتمثلة في تبادل الرضى والاهلية وخلو كلا الزوجين من الموانع الشرعية مع تسمية مهر للزوجة.
الزواج على خلاف هذه الصيغ: جريمة الزواج على خلاف الصيغ القانونية جريمة شكلية تقوم بمجرد ارتكاب ركنها المادي وهو فعل الزواج على خلاف ما اقتضاه القانون من صيغ دون البحث عن اي قصد جنائي خاص. ومرتكبو هذه الجريمة لا ينتفعون بظروف التخفيف الواردة الفصل 53 من المجلة الجزائية.
ولئن رصد المشرع التونسي عقوبة جزائية تستهدف مرتكبي هذه الجريمة فقد رتب جزاء البطلان للعقد المبرم على خلاف الصيغ القانونية وذلك بالفقرة الاولى من الفصل 36 من قانون الحالة المدنية وفي صورة استمرار الزوجين على المعاشرة رغم التصريح بابطال زواجهما يقع مضاعفة العقاب ليبلغ 6 اشهر سجنا دون انتفاعها بظروف التخفيف.
نتائج الزواج على غير الصيغ القانونية : واشار المشرع التونسي بالفصل 36 مكرر من القانون المنظم للحالة المدنية والتي تتمثل في ثبوت النسب في صورة وجود مولود اضافة الى وجوب العدة على الزوجة والتي تبتدىء من تاريخ صدور الحكم وهي 3 اشهر كاملة بالنسبة لغير الحامل اما بالنسبة للحامل فعدتها وضع حملها تطبيقا لمقتضيات الفصل 34 وما بعده من مجلة الاحوال الشخصية مع موانع الزواج الناتجة عن المصاهرة وهي عدم امكان الزواج بفصول الزوجات بمجرد ابرام العقد (اي عدم الزواج من امهات الزوجات بمجرد ابرام العقد وعدم الزواج من اخواتهن بمجرد الدخول).
قضايا الطّلاق
يمثّل الطّلاق ظاهرة عامّة في كلّ المجتمعات و الأمم كافة ، إلاّ أنه في ازايد بشكل ملفت للانتباه في بلادنا و هو يمثّل خطرا حقيقيا على المجتمع اذ ان له آثار سلبية عظيمة يجب علينا جميعا ان نهتمّ بها بالبحث عن اسبابها قصد ايجاد حلول لتحفظ أسرنا من التفكّك. لأن الطّلاق يساهم في تفكّك الأسرة وتفاقم مشاعر العداوة والحقد، فضلا عن الانعكاسات السلبية على الأبناء، والآثار الاجتماعية والنفسية المتنوعة التي تتراوح بين الاضطرابات والانحراف وارتكاب الجرائم.
ومن هذه الأسباب الحياة المادية والبحث عن اللّذات وانتشار الأنانية وتدهور الأخلاق. وكذلك لا بدّ من الإشارة إلى الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى الطّلاق كذلك مثل العناد والتشبّث بالرأي والنّزعة التّنافسيّة الحادّة والرّغبة الجامحة في السّيطرة من هذا الطرف او ذاك والتسرّع في اتّخاذ القرارات وردود الفعل الاندفاعية والعصبيّة.
ثمّ لا ننسى أن تدخّل بعض الأطراف الأخرى، مثل أهل الزوج أو الزوجة في أدقّ تفاصيل الحياة الزوجية قد يؤدي أحيانا إلى الفراق والطلاق وهناك الطّلاق العاطفي الذي هو عبارة عن جفاف عاطفي وانفصال وجداني بين الزوجين. وكذلك تعتبر مسألة عدم الإنجاب، لدى أحد الزوجين، من الأسباب المؤدّية إلى الانفصال والفراق.
وهنا نلاحظ أن الرّجل،عندما يكون هو المعني بعدم الإنجاب، أما إذا كانت تتعلّق بالمرأة، فإن النتيجة غالبا ما تكون أكثر سلبية على استقرار عشّ الزوجية بل قد تأخذ أحيانا أبعادا أخرى لأسباب تافهة مثل عدم إنجاب الذكور.
ومن المؤشرات التي تكون بمثابة الإنذار الذي يحذّر من إمكانيّة تدهور العلاقة بين الزوجين جمود العواطف والمشاعر .وغياب الاحترام والرّفق واللّين وانتشار العناد والتذمّر المتواصل والشّجار والنزاعات والخصومات لأتفه الأسباب. واللّوم المُتبادَل والتقليل من أهمّية ما قام به الطّرف الآخ من تضحيات وأعمال وانجازات في سبيل سعادة الأسرة. رمي المسؤوليات على الطّرف الآخر والتنصّل من الالتزامات الفرديّة.
و لا بدّ من التنبيه إلى أن الانعكاسات الوخيمة للطلاق تؤثر سلبا على الأبناء، سواء بخصوص مسارهم الدّراسي، أو مقوّمات شخصيّاتهم أمام أندادهم وأقرانهم، أو علاقاتهم مع الآخرين. فهي تهيّؤهم للانحراف أو الإجرام وأحيانا الانغماس في عالم الرّذيلة والكُحول والمخدرات.
الطّلاق في تزايد و مساعي الصلح في تراجع
خلال السنتين الاخيرتين على سبيل المثال لا الحصر ارتفعت عدد أحكام الطلاق من 11711 حكما في السنة القضائية 2005 2006 الى 12557 حكما سنة 2006 2007 بينما تقلص عدد قضايا الطلاق المنتهية بالطرح نتيجة لوقوع الصلح بين الزوجين بالنسبة الى ذات الفترة من 1644 عملية صلح الى 796 اي قرابة نصف القضايا التي انتهت بالصلح.([6])
و هذا مؤشر مهم للحفز على مواصلة الجهود لتفعيل هذه الاجراءات وتطويرها وتحقيق النتائج العملية المرجوة منها.. و مراجعة الوسائل والاليات المتبعة في محاولة التوفيق بين الزوجين وتقريب وجهات النظر لتفادي ظاهرة «الطلاق» وما تحمله من انعكاسات جمة على توازن العائلة وتماسك المجتمع الى جانب مواصلة البحث الاجتماعي لتفادي الاسباب الموضوعية والاجتماعية المفضية الى الطلاق ومساعدة الاسر على تجنب امكانية الوقوع فيها وهي مهمة على درجة من النبل والاهمية.. وقد تم العمل منذ بداية السنة القضائية 2005 2006 بتخصيص فضاءات للاسرة بجميع المحاكم الابتدائية والاستئنافية ووضع الامكانيات المادية والبشرية اللازمة لحسن سيرها.
وقد حصلت هذه النتائج نتيجة تخصيص فضاء مستقل في المحاكم لقضاء الاسرة والطفولة لحفظ كرامة الاطفال وحماية خصوصية الشؤون الزوجية و العائلية
عزوف الشبان عن الزواج وانتشار ظاهرة العنوسة
إن ظاهرة العنوسة اصبت معضلة متفاقمة و ان لم تكن مشكلة اجتماعية مطروحة في القديم في مجتمعاتنا بل تكاد تكون هامشية ومحدودة. وإذا ما رجعنا إلى الدراسات التي يقوم بها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري. فحسب الإحصائيات الصادرة عن هذه المؤسسة الرسمية فإن سن الزواج لدى الفتاة التونسية ارتفع إلى ما فوق 29 سنة ويتراوح في حالات عديدة بين 30 و .39 ''لا أحد ينكر أن هذه السنّ متقدمة بالنسبة إلى زواج الفتاة مقارنة بالعقود السابقة.
فمن البديهي أن لهذا التأخر أسبابه وله تأثير ظاهري على الفتاة مهما كانت قدرتها على التجاوز خاصة ونحن نعيش في بلد تكبله العادات والتقاليد كما عبرت عنه فتاة تجاوزت سن الأربعين غير أن الأمل في إيجاد زوج لم يفارقها.
هناك أيضا من يعانين من نظرة المجتمع إليهن غير أنهن لا يستطعن الانزواء رغم أن بعضهن يجدن راحتهن فيه. و أخرى تعترف أنها تجد نفسها مضطرّة لحضور حفلات الزواج، لتجنّب النعوت القاسية فلا يكفيهم نعتها بالبائرة أو العانس والبعض يقول عنها ''معقّدة'' أو''حاقدة'' أو ''غيورة'' فهذا كثير.
وتواجه الفتاة ''العانس'' غالبا بعض الانتقادات من الغير ولربما تستباح أشياء لغيرها من الفتيات اللاتي لم يتجاوزن بعد سن العنوسة لكنهن لا يرحمنهن. وفي أحيان أخرى تُدفع الفتاة ذاتها إلى انتقاد ذاتها من فرط التعليقات التي توجه إليها لأنها لم تفلح في نيل إعجاب رجل يأتي لخطبتها في حين أفلحت غيرها من البنات الأخريات في ذلك.
بداية الخلاف على الراتب
ويطرح البعض مسألة ارتفاع تكاليف الزواج والظروف المادية من زاوية أخرى، فيرى أن الفتاة التونسية العاملة ترفض قطعيا المساعدة في مصاريف الزواج وتتصور أن أي حديث عن هذه المساعدة أو مجرد حديث خطيبها عن مالها يعتبر طمعا وسوء نية. وأن مسألة الظروف المادية والمال بصفة عامة أصبحت من الأسباب الرئيسة في تأخر سن الزواج. فمن ناحية حين نتحدث مع الرجال العازفين عن الزواج نلاحظ منطقية في كلامهم بعض الشيء كما يراودنا نفس الإحساس وهنا نتحدث عن الفتيات.
لكن للأسف فإن الكثير من الرجال يبنون هذه العلاقة منذ البداية على الماديات و ليس من أجل شخص الفتاة. و في نهاية الأمر فإن هدفه يتمثل في الراتب و ليس المرأة حيث أنه قبل أن يتحدّث عن الشروط التي يريدها في المرأة يطرح مسألة الدخل القار ومدى استعداد الفتاة لمساعدته.
و هؤلاء غاب عنهم قول رسول الله صلّى الله عليه و سلّم اذ قال: " تنكح المرأة لمالها و جمالها و حسبها و دينها فعليك بذات الدين تربت يداك" (حديث متفق عليه لرواية ابي هريرة رضي الله عنه) و في حديث آخر رواه ابن حبّان من الضعفاء ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "من تزوّج امرأ لعزّها لم يزده الله الا ذلاّ و من تزوجها لمالها لم يزده الله الا فقرا ومن تزوّجها لحسبها لم يزده الله الا دناءة ومن تزوّج امرأة لم يرد بها الا لن يغضّ بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه" وقال ايضا " من نكح المرأة لمالها و جمالها حرم جمالها و مالها و من نكحها لدينها رزقه الله مالها و جمالها" (حديث رواه الطبراني في الاوسط).
الخوف من البنت المتعلّمة
ويعتبر معدّل عمر الزواج بالنسبة للاتي يتمتّعن بمستوى جامعي حوالي 32 سنة في حين أنهنّ يتمنّين الزواج في 25 سنة ولئن كان انتظار إتمام الدراسات الجامعية هو السبب لدى بعضهم وبعضهن لعدم الإقبال على الزواج إلا أن هذا السبب يجعل من تأخر سنّ الزواج أمرا اختياريا من جهة ومفروضا من جهة أخرى.
فالتعليم يأخذ من بعض الفتيات التونسيات أحلى فترات عمرهن ويجعلهنّ يفضّلن إتمام دراستهنّ الجامعية على الزواج. غير أن البعض منهن بمجرد حصولها على الشهادة الجامعية تجد نفسها أمام مشكل الزواج لاسيّما أنّ بعض الرجال التونسيين يبقى متمسكا بموروثه الثقافي فلا يقبل الزواج بفتاة تجاوزت سن 25 من جهة ولا يقبل الفتاة المتعلمة من جهة أخرى.
لذلك فإنّ الملاحظة العينية لمؤسساتنا التونسية الممتلئة بفتيات مازلن في انتظار الزوج الموعود قد تؤكّد هذه العقلية والأرقام. كما تفيد الإحصائيات أنه كلما تقدّمت الفتاة في التعليم كلّما نقص حظها في الزواج.
الهروب او الخوف من الزواج
بعضهنّ يرجعن عزوف الرجال عن الزواج -وهو السبب في تأخر زواجهن- إلى أسباب نفسية واعتقادات خاطئة وهواجس لا أساس لها من الصحة في حين أن الزواج حسب البعض منهن أمر سهل لا يختلف عن الحياة العادية قبله. فالخوف من الزواج ومن المسؤولية حسب دراسة سابقة يمثل لدى الشبان 663 في حين يمثل لدى الفتيات 22.6 .
الحياة بأكملها فيها أشياء حلوة و أخرى غير ذلك ولكن الزواج لن يحوّل الحياة إلى نكد بالضرورة بل بالعكس. وبالتالي يخف عبء الحياة على الرجل عوض أن يثقل كاهله. وهذه هي النّظرة الخاطئة لمفهوم الزّواج التي يعتمدها عدد كبير من الشّباب. وهذا الخوف موجود في الأذهان يُتوارثُ من تربية الآباء والعائلات.
أريد أن أؤكد أن العديد يتصور أن الحياة ستتغير في مؤسسة الزواج ولكن المسائل اليومية التي نعيشها سنواصل عيشها داخل إطار الزواج.
بعض التجارب
ولئن جعلت بعضهن الزواج رهين خوف الرجال من جهة وهروبا من المسؤولية من جهة أخرى، فإن البعض الآخر يلقي ''التهمة'' على عاتق أسباب ثقافية ورؤية معيّنة للحرّيّة ولمؤسّسة الزّواج. المشكل أنّ هناك ظاهرة التّناقض بين فكرين، نفكّر بطريقة إلى حدّ سنّ معيّنة ثمّ نغيّر تفكيرنا، فالرّجل لم يعد هو نفسه وكذلك المرأة، ومردّ ذلك أن الرّجل يعيش حياته في فترة معيّنة وعندما يقرّر الزّواج تتغيّر طريقته في التّفكير ونفس الشّيء بالنّسبة للمرأة.
العنوسة والبحث عن الحلّ
هناك من تتزوج بحثا عن وضعية جديدة تخرجها من وضعية العانس. كما أن هناك من تتزوج لان الوقت حان للزواج ومن ثمّة الإنجاب ومنهن من تتزوج لإسكات أهلها أو لأنهن ضجرن من أهاليهن فيكون الزواج هروبا من ضغوطات العائلة. من الخطير أن تنزلق المتعلمات من فتياتنا إلى هذا المستوى من اليأس الذي بدوره يوقع كل واحدة منهن في مأزق. فلئن كانت بعضهن تتزوج زيجة سيئة وبعضهن يلتجئن إلى ال''نات'' كوسيلة للتعارف.
الفتاة كثيرة المطالب
و بمجرد إقناعه بذلك تنقلب شخصيتها وتجدها قبل أيام معدودات من الزواج تقدّم قائمة طويلة وعريضة من الشروط ناسية أن متطلبات الحياة اليوم أصبحت صعبة. فمن المستحيل أن نحقق كل الشروط المشطة وأن نجلب كل الطلبات دفعة واحدة.
فالفتيات اليوم أصبحن ماديات جدّا وحتى المتفهمات منهنّ، فشخصياتهن ضعيفة مما يجعلهنّ يرضخن إلى سلطة أمّهاتهن. أثبتت الدراسات أنّ الشباب التونسي واقعي وقادر على فهم الأسباب التي تكمن وراء تأخّر سنّ الزواج فهما جيدا إذ أنأكثر من النصفّ 56% منهم يعتقدون أن الظروف الاجتماعية وانتظار التشغيل وصعوبة الحصول على منزل الزوجية وغلاء تكلفة الزواج كلها أسباب تجعل الزواج يتأجّل عند البعض. هذه الأسباب تجعل من ارتفاع سن الزواج أمرا اضطراريا.
فبالرجوع إلى إحصائيات الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري لسنة 2002 نلاحظ أن ارتفاع تكاليف الزفاف يُعدّ من أهم أسباب تأخر سن الزواج والذي يمثل عند الفتيات 9930 أما عند الشبان فهو 99.33 إن بعض العائلات التونسية اليوم مازالت تستند إلى العادات والتقاليد في مراسم الزواج غير عابئة بصعوبات الحياة والظروف المادية البسيطة التي يعيشها شاب اليوم المقبل على الزواج.
هذا الشطط في الشروط والإغفال عن هذه الحقائق الجلية للعين يجعل الشبان يعزفون عن الزواج فيتأخر زواجهم إلى سن تتجاوز 34 خاصة بالنسبة إلى الجامعيين في حين ترتفع النسب بالنسبة للمتعلمين تعليما ثانويا فتصل إلى 35 سنة.
هذا التأخر بسبب التعليم يصاحبه بعد التخرج تأخر بسبب الظروف المادية البسيطة ذلك أن بعض الشبان في بداية حياتهم المهنية يشكون من رفض عدة أسر تونسية مصاهرتهم
زواج الفتاة
حسب دراسة ميدانية عن الشباب قام بها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري سنة 2001، فإن للشباب رؤية مخالفة للواقع في شأن زواج الفتاة. فهم يعتقدون أن معدل سنّ الزواج المرجوّ يتراوح بين 22 و 23 في حين أن معدل سنّ الزواج الحقيقي هو 29 سنة.
كما أن 90 % من الشباب يعتبر أن سنّ الزواج يجب أن يكون أقل من 27 سنة كما أنهم يرون أن 99% من حالات الزواج يكون السنّ فيها أقلّ من 31 سنة. وجدير بالذكر أن نسبة الفتيات العازبات اللاتي يتراوح سنّهنّ بين 30 و39 سنة تصل في الحقيقة إلى 23% .
هذا الرأي حول العمر الأمثل لزواج الفتاة يدفع عددا كبيرا من الفتيات الشابات العازبات اللاتي تجاوزن هذا العمر لمراجعة طموحاتهنّ ورغبتهنّ في تأسيس أسرة والابتعاد عن الصورة المثلى عن العائلة التي يحلمن بها كي يتمكّنّ من الهروب من العزوبية.
العنوسة بين الريف والمدن
العنوسة في الريف تختلف عنها في الحضر، وفي الدول العربية عنها في الدول الأجنبية. وتنخفض سنّ العنوسة عادة في المجتمعات غير المتقدّمة أكثر من المتقدّمة، بمعنى أنه في مجتمع الريف إذا ما تجاوزت الفتاة سن 25 تسمى عانسا فتدخل الأسرة في مرحلة القلق، لكن في المدن يبدأ القلق من سنّ الثلاثين ومع تطور المجتمع ارتفع سنّ العنوسة إلى 33 سنة وهذا أمر طبيعي، إذا ما قارناه بالدول الأوروبية التي تصل فيها إلى 40 سنة. وكما أن النظرة إلى العنوسة تختلف من مجتمع إلى آخر فهي تختلف من أسرة إلى أخرى.
فالأسرة تقلق بعد تخرّج ابنتها من الجامعة بعامين دون أن تتزوج ويزداد القلق خاصة في المجتمعات العربية مع ارتفاع سنّ الزواج. كما أثبتت الدراسة الميدانية أن سنّ الزواج بالنسبة إلى الفتاة الحضرية يفوق سنّ الزواج بالنسبة للفتاة الريفيّة.
زواج الفتى
27 سنة هو العمر المرجوّ للزواج بالنسبة للشبان والملاحظ أن هناك فارق 5 سنوات بينهم وبين الفتيات. والملاحظ أن 50 من الشبان بين سنيّ 30 و34 مازالوا في فترة العزوبية وأن 20 بين سنّي 35 و 39 وأنّ 36 % يتراوح أعمارهم بين 30 و 39 سنة.
العنوسة في مجتمعاتنا
يقول ابن حزم الاندلسي «الحب اوله هزل واخره جد» ولكن في عصرنا هذا قد تأخذ نهاية العلاقات العاطفية مجرى مأساويا وتنتهي بنهاية درامية ذلك ان عديد العلاقات العاطفية عوض ان تنتهي الى زواج شرعي تتحول الى معاشرة بين الطرفين خارج اطار الزواج.
صعوبة اثبات جريمة التحرّش الجنسي
قانون التحرش الجنسي: صدر القانون عدد73 لسنة 2004 والمتعلق بتنقيح وإتمام المجلة الجنائية بخصوص زجر الاعتداء على الأخلاق الحميدة وزجر التحرش الجنسي . ويعرف القانون جريمة التحرش الجنسي بأنها"كل إمعان في مضايقة الغير بتكرار أقوال أو أفعال أو إشارات، من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الرغبات"
وحدد القانون عقوبة هذه الجريمة بسنة سجن وبخطية مالية قدرها 3الاف دينار وتضاعف العقوبة إذا كانت الضحية طفلا "أو غيره من الأشخاص المستهدفين بصفة خاصة".
و نص القانون على تجريم التحرش الجنسي ، وابدي صرامة في زجر وتتبع مقترف الجريمة إلا أن عديد العوائق تحول دون تفعيله وترتبط أساسا بصعوبة إثبات الجريمة في المادة الجزائية وضبابية أركانها إلى جانب عديد العوائق المربطة بالقيود الاجتماعية التي تكبل الضحية وتحول دون تقدمها للقضاء ويمكن إيجازها في النقاط التالية :
- الإطار المغلق التي يمارس فيه المعتدي جريمته والذي يتم عادة في مكتب أو غرفة أو ما شابه ذالك بعيدا عن الأنظار حيث ينفرد الجاني بضحية ويغيب بذالك الشاهد أو الدليل المادي الملموس.
- النفوذ الكبير الذي يتمتع به عادة المعتدي مما يجعله قادرا على المناورة والحبكة بشكل يغيب كل اثر لجريمته، أو أن يستغل سطوته لشراء ذمم أو ترهيب الشهود المحتملين .
- صعوبة توفر الأجهزة التقنية ( التسجيلات المصورة أو المسموعة) لدى الضحية التي تصطدم بيقضة المعتدي وتأمينه لمكان الجريمة قبل ارتكابها .
- جملة المكبلات الاجتماعية التي تعاني منها الضحية والمتمثلة في الخوف من "تلويث سمعتها والطعن في أخلاقها"إذا أقدمت على التشهير بالمعتدي ومقاضاته .
- المحيط الاجتماعي الذي عادة ما يجرم المرأة في ما يتعلق بقضايا الأخلاق حتي وان كانت في وضع المجني عليه.
- خوف الضحية من فقدان عملها أو فشلها في الدراسة إذا ما أقدمت علي فضح جريمة رب العمل أوالأستاذ أو المسئول الإداري ،وهو ما يحيل بالضرورة على هشاشة صيغ العمل وغياب الرقابة القانونية على المسؤولين في مواقع العمل والدراسة.
و لظاهرة التحرش الجنسي نتائج وخيمة على الفرد والمجتمع في ظل استفحالها خاصة إذا أصبحت تلقى نوعا من الرواج والقبول كسلوك مستحدث وسط منظومة قيمية أصابتها التغيرات العالمية بالهشاشة والعبثية .
ومن بين انعكاسات استفحال هذه الظاهرة على الفرد "الضحية"هو الشعور باحتقار الذات والوضاعة لدى كل من الضحية والمبتز حيث يصبح الهاجس الجنسي هو الطاغي على العلاقات ، كما يتولد لدى المجني عليها شعور بعقدة الذنب التي يحمها إياها المجتمع بعد ما تعتقد أنه إهدار لشرفها وطعن في أخلاقها، وهو ما قد يولد لديها نفسية انطوائية تعتزل بمقتضاها النشاط العام( شغل كان أم دراسة ).
أما بخصوص الانعكاسات على المجتمع فقذ يؤدي تفشي هذا السلوك إلى هدر الطاقات والكفاءات في العمل والدراسة حيث تنتفي المقاييس العقلانية والموضوعية للتشغيل فيسود إحساس عام بالغبن وألا مساواة إلى حد النقمة ،الأمر الذي يؤدي ضرورة إلى تشيئة المرأة وتبضيع جسدها والزج بها في خانة المتسبب في أزمة التشغيل وفساد الادارة..
الولادات لاطفال غير شرعيين
الأمهات العازبات والطفل الغير الشرعي هي قضية أثارت نقاشا قانونيا وانسانيا واسعا بسبب ما تخلفه من مآسي إجتماعية متفاقمة وشائكة.
فالأمهات العازبات اللاتي يرفضهن المجتمع رفضا كاملا هن عبارة عن ضحية تبدا مأساتهن من الوعد بالزواج وتنتهي بالإهانة والرفض والحرمان والجوع واحيانا إلى القتل. و غاب عنهم قوله تعالى في سورة التكوير: " و اذا النّفوس زوّجت واذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت"(التكوير7-9)
أما الطفل الذي يولد خارج إطار الزواج فهو طفل غير شرعي، يضيف له المجتمع الكثير من الأسماء والألقاب والحقائق التي تجعله كائنا مختلفا، كتب عليه العار والإهانة دون أن يتحمّل في ذلك أيّة مسؤولية.
تؤكد منسقة برنامج رعاية الأمهات العازبات في جمعية «أمل» أن عدد الأمهات العازبات يبلغ في تونس حوالي 1060 أم كل سنة وان هذا الرقم يشهد ارتفاع ملحوظا من سنة إلى أخرى. ففي سنة 2000 تم تسجيل 384 حالة ولادة من هذا الصنف في تونس الكبرى فقط في حين أن عدد الأمهات العازبات بلغ 456 أما في هذا الإقليم خلال سنة 2004.
وأن هذا المؤشر لا يعكس الأرقام الحقيقة وذلك لان بعض الولادات غير معلن عنها وتتم في المصحات الخاصة والمنازل كما أن هناك تصاريح خاطئة. وهو ما يجعل العدد الحقيقي للامهات العازبات أكبر من ذلك بكثير. وأن أغلبية الأمهات العازبات ممن شملتهن الإحصائيات ينتمين إلى الفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة وبعضهن تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 سنة.
كما أن الأمهات العازبات لا يتفطن للحمل إلا بعد مضي الثلاثة أشهر الأولى وأناكثرهنّ حملن للمرة الأولى بعد تجربة عاطفية انسقن إليها اثر وعود زائفة بالزواج.
الجمعيات و البنات الحاملات
و لغياب المؤسسات التي تتعهد بالمرأة الحامل خارج إطار الزواج اذ ان البنت بعد الوضع تتعرض إلى العديد من الضغوطات النفسية وذلك لأنها تخضع للبحث مع المرشدة الاجتماعية التابعة للمستشفى ثم اللجنة المكلفة بالإطلاع على هوية الأب الطبيعي وبظروف الحمل.
ومن الاجراءات التي يجب على الأم أن تتخذها هو تحديد علاقتها بطفلها بعد الحمل إذ تجد نفسها امام أربع خيارات وهي تسوية الوضعية واصطحاب الطفل أو الإيداع المؤقت بالمعهد القومي لرعاية الطفولة أو التخلي النهائي لفائدة الولاية العمومية.
كما يمكنهااصطحاب الرضيع والالتحاق بجمعية "أمل للعائلة والطفل" وهي جمعية حصلت على التأشيرة القانونية في 12 جانفي 2001 اذ تسقبل كل سنة خمسين أمّا عزباء صحبة رضيعها على اقل تقدير. وهي تحاول أن تقاوم ظاهرة التخلي عن الأطفال المولودين خارج إطار الزواج حيث تسجل جرائم قتل متعددة ضد هؤلاء. وتتبع الجمعية طريق إعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي لللاتي يحتفظن بأطفالهن.
وجمعية أمل هي تتكفل بالأم والطفل في نفس الوقت فهناك جمعيات أخرى تتكفل بالطفل فقط. والإقامة بالنسبة لجمعية أمل تتراوح ما بين 4 أشهر الى السنة الواحدة.
كيف عالج القانون التونسي لهذه الظاهرة الغريبة
القانون التونسي عالج هذه المسألة من جانب الطفل الطبيعي واللقب حيث جاء قانون 1998 الذي يقضي بإسناد لقب إلى الأطفال المجهولين ومجهولي النسب إضافة إلى إقرار العمل بالتحليل الجيني. ثم جاء قانون 2003 الذي قرر إسناد لقب مستعار يكون متداولا في تونس على أن يكون اسم أحد من الأعلام أو أن يطابق الاسم الثلاثي اسم شخص موجود وذلك بالنسبة للأطفال الذين لم يتم إثبات نسبهم أو الأطفال الناتجين عن زنا المحارم أو الأطفال الذين تجهل أمهاتهن هوية الآباء.
ان قضية الاطفال مجهولي النسب قضية شائكة تمسّ العائلة و المجتمع وتشغل بال الفقهاء ورجال القانون وعلماء الاجتماع وقد دعا بعضهم إلى طرح هذه القضية على بساط البحث والنقاش على نطاق واسع والعلني وإخراجها من المسكوت عنه حتى يتخذ فيها المجتمع الاحتياطات التي تحدّ من مخلفاتها وآثارها المأساوية. وحسب الاحصائيات التي سجلها مركز التوليد وطب الاطفال الرضع فان نسبة الحالات التي ترد على المركز سجلت ارتفاعا قدر ب 332 حالة سنة 2003 الى ما يزيد عن 350 حالة سنة 2004
واما المستويات التعليمية للامهات اللواتي ينجبن اطفالا بطريقة غير شرعية فان النسبة ترتفع بشكل كبير لدى الفتيات ذوات المستوى التعليمي المحدود الذي لم يتخط الابتدائي كما ان غالبيتهن ينتمين الى اوساط فقيرة وخاصة في دواخل البلاد. اما فيما يتعلق بالسن فان اكثر من النصف ممّن هن تتراوح اعمارهن بين 20 و30 سنة وتنخفض هذه النسبة الىأقلّ من ذلك لدى الفتيات اللواتي تتراوح اعمارهن بين 13 و19 سنة.
وان القانون التونسي كان يخطو خطوات بطيئة على طريق ضمان حقوق الابن الطبيعي من خلال عدد من القوانين خاصة منها قانون 1998 الذي يقضي باسناد لقب الى الاطفال المهملين ومجهولي النسب اضافة الى اقرار العمل بالتحليل الجيني لاثبات النسب وهي الية مكنت من حل عديد المشاكل واثبتت نسب عدد كبير من الاطفال على اعتبار ان نتائج هذا التحليل مؤكدة.
نشير في هذا الصدد الى ان اثبات اللقب يعني بالضرورة تمكين الطفل من الحق في النفقة على انه لا يمكنه من التمتع بكل توابع البنوة من حق في السكن او الارث. وعلاوة على قانون 1998 ان قانون سنة 2003 كان خطوة جريئة على درب ادماج هذه الفئة من الاطفال داخل المجتمع وذلك من خلال اسناد لقب مستعار يكون متداولا في تونس على ان لا يكون اسم احد من الاعلام او ان يطابق الاسم الثلاثي اسم شخص موجود
الولادة خارج اطار الزواج في تزايد
تشير منسقة برنامج رعاية الامهات العازبات في جمعية «امل» الى ان معدل الولادات خارج اطار الزواج سنويا يقدر بأكثر من الف ولادة، ورعم أنّ هذه الاحصائيات هي رسمية الا انّها لا تعكس الواقع ذلك ان بعض الولادات لا يعلن عنها مثل الولادات بالمصحات الخاصة او الولادات بالمنازل اضافة الى التصاريح الخاطئة التي تعمد فيها الام الى القول بانها متزوجة في حين انها ليست كذلك.
الاخصائص الديموغرافية
اغلبية الامهات العازبات ممن شملتهن الاحصائيات تنتمين الى الفئة العمرية بين 20 و24 سنة وذلك بنسبة الثلث من مجموع الامهات العازبات تليها الفئة العمرية بين 15 و19 سنة وهي بنسبة أقلّ اما على المستوى الدراسي لهذه الفئة من الامهات فتهم اكبر نسبة منها الفئات ممن لهن مستوى تعليم ابتدائي وذلك بنسبة دون النصف ثم التعليم الثانوي وذلك بنسبة أكثر من الثلث في حين ان نسبة الامهات العازبات الاميات تفوق العشر قليلا واللاتي لهن مستوى تعليم عال هنّ اقل من ذلك .
أغلبهنّ أتين من الريف.
الامهات العازبات تجمع بين الفقر والجهل
كما أنها تنحدر في الغالب من الريف حيث الفقر وغياب التوعية ممّا يجبر البنت على مغادرة موطنها في اتجاه المدن الكبرى للعمل كمعينات منزليّات، وهكذا يسقطنّ «فريسة» سهلة وأكثر عرضة للوقوع في ما لا ينتظرنه، في حين «يشتغل» بعضهن في البغاء المعلن أو السرّي. إن عامل النزوح إلى العاصمة يوّلد عدة مشاكل لدى الفتيات.
ظاهرة الفقرو الانحراف لدى الفتيات
وفي خلاصة أن الفقر الاجتماعي والاقتصادي في محيط الأمهات العازبات وظروف عيشهن السيئة عوامل وراء تعميق الهوة بينهن وبين مجتمعهن. فالبنت في العائلات الفقيرة والمتعددة الأبناء قد تضطرّ للخروج إلى العمل في سنّ مبكّرة وكثيرا ما تكون المعيلة الأساسية للبيت، وعندها ترفع شعار «دعه يعمل دعه يمرّ».
لباس الحجاب لباس العفّة والستر
إداري آخر يحمل إسم "المنشور 102" وصدر عن وزارة التربية التونسية في العام 1996، ويمنع التونسيات من حقهن في ارتداء الزي الشرعي، خصوصا في المؤسسات الإدارية والتعليمية وفي كل مؤسسات الدولة، ليتوسع تطبيقه لاحقا في جميع المؤسسات العامة منها والخاصة.
وجاء حكم هذه القاضية واضحا أن المنشورين 108 و 102 يخالفان الدستور التونسي، واعتبرته منشورا " يقوم مقام التدخّل في مجال الحريات الفردية نظرا لما يتميز به اللباس من تعبير عن الانتماء الحضاري والديني والفكري وما يعكسه من ميولات شخصية ".
انتصارالمرأة في المجتمع
واعتبرت القاضية في حكمها أن هذا المنشور يتيح للإدارة سلطة تقديرية غير محدودة في تطبيقه، مما ينتج عنه تهديدا للحريات الأساسية ومنها حرية المعتقد المضمونة دستوريا واستعماله مطية للتضييق في الحقوق والحريات الفردية، وبذلك يكون هذا المنشور مخالفا للدستور الذي يعطي الحق للمواطن في التمتع بحقوقه كاملة بالطرق والشروط المبينة بالقانون"، وفق ما ورد في حيثيات حكم المحكمة الإدارية.
وأشادت حركة النهضة التونسية في بيان لها بالحكم القضائي ، ووصفته بالشجاع والتاريخي، واعتبرته "خطوة إيجابية، ومن شأنه أن يضع حدا ل"مأساة" الآلاف من نساء تونس.
الموقف من الحجاب في خارج البلاد
مع بداية السنة الادارية الجديدة، بدت في الأفق بأن عام 2008 بإيطاليا ربما يشهد قانونا جديدا لدعم ارتداء المسلمات للحجاب في الأماكن العامة ، ويحيطهم بسند قانوني يحميهم من تحفظات قسم من المجتمع الإيطالي واعتراضات بعض السياسيين منهم.
ورحب عدد من قادة الأقلية المسلمة في إيطاليا بتصريحات أماتي التي أدلت بها ، إلا انه تباينت وجهة نظرهم بشأن حظوظ هذا القانون المقترح وإمكانية تمريره وإقراره من قبل الهيئات التشريعية. ورحب نائب رئيس اتحاد المسلمين في إيطاليا في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" مشيرا إلى أنه في حال تحول القانون المقترح إلى واقع فإنه سيكون "انتصارا للحريات في إيطاليا وترجمة فعلية للحرية الدينية وتأكيدا لحق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب".
وقد صرحت سيلفانا أماتي عضوة مجلس الشيوخ الإيطالي (الغرفة الثانية في البرلمان) ومقررة لجنة الشئون الدستورية بالمجلس أن اللجنة تسعى بمبادرة منها لإصدار قانون ينظم اللوائح الخاصة بارتداء الحجاب في الأماكن العامة بما يؤدي للتأكيد على السماح بارتدائه، "شريطة أن يترك الوجه مرئيا".
وشددت السيدة أماتي المنتمية للحزب الديمقراطي الايطالي وهو من أكبر أحزاب ائتلاف يسار الوسط الحاكم على ضرورة أن يلتزم القانون المقترح بتطبيق القانون رقم 152 لسنة 1975 والذي يمنع تغطية الوجه في الأماكن العامة، وذلك في إشارة إلى أن القانون المقترح لن يجيز ارتداء "النقاب".
موقف وزارة التعليم من الحجاب
قررت الحكومة التونسية في اكتوبر 2007 م استئناف الحكم القضائي الصادر مؤخرا القاضي بإبطال العمل بمنشور حظر الحجاب في الوظائف العمومية وقطاع التعليم .
ونقلت جريدة "القدس" الفلسطينية عن مصدر مستقل بالمحكمة الإدارية بتونس قوله :" إن وزير التربية تقدم بطلب استئناف الي المحكمة الإدارية لنقض الحكم القضائي القاضي بإبطال المنشور 102 المانع للحجاب الذي بمقتضاه كان أصدر قراره بفصل مُدرسة محجبة من عملها".
وتابع المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان المحكمة الإدارية قامت بترسيم طلب استئناف الوزير للحُكم تحت عدد 26255 للنظر فيه.
ويتيح القانون التونسي للحكومة استئناف الحكم القضائي المذكور في الآجال التي حددتها التشريعات، الأمر الذي لا يجعله يكتسي صفة الحكم النهائي .
موقف المحكمة الادارية من لباس الحجاب
وأصدرت قاضية تونسية بالمحكمة الإدارية بتاريخ 18أكتوبر 2007 حكماً لصالح مدرسة كانت قد تظلّمت من قرار أصدره وزير التربية بفصلها مؤقتا من عملها لمدة ثلاثة أشهر وحرمانها من مرتبها، معللا ذلك بإصرارها على ارتداء لباس"يوحي بالتطرف"، في إشارة إلى الخمار.
اصدرت المحكمة حكما يقضي بإبطال العمل بالمنشور 102 ل عدم دستوريته وبالتالي إبطال قرار فصل المُدرسة المنجر عنه. وأوردت المحكمة في نص حكمها ان تطبيق المنشور قد ينتج عنه تهديد للحريات الأساسية واستعماله مطية للتضييق من الحقوق الفردية ، مُعتبرة إياه مخالفا للدستور .
وصدر الحكم عن الدائرة الخامسة للمحكمة الإدارية برئاسة القاضية سامية البكري، في القضية عدد 10976/1. وهي المرة الأولي في تاريخ تونس التي يُبطِل فيها القضاء التونسي العمل بالمنشور 102 الذي استندت اليه الحكومة طيلة سنوات لمنع النساء والفتيات المحجبات من العمل في الوظيف العمومي وقطاع التعليم.
وتونس هي البلد الثاني الذي يمنع النساء من إرتداء الحجاب، سواء في مواقع العمل او في غيرها، وذلك بناء علي المنشورين 108 الصادر في 1981، و102 الصادر في 1996اللذين يعتبران الحجاب لباسا طائفيا و يوحي بالتطرف والخروج عن المألوف .
والحجاب فريضة أقرها الدين الإسلامي يتعرّض لبعض التضييقات الغير مبرّرة في أماكن كثيرة من العالم بدعاوى مختلفة، وإن كان العداء للحجاب في الغرب ابتدأ في فرنسا بقانونٍ يحظر ارتداؤه في المدارس والمؤسسات الحكومية ويتوقع له الامتداد الرأسي في مؤسسات ووزارات أخرى وفي دول أوروبية.
إلا ان نَّ بعض الأنظمة في العالم العربي والإسلامي كان لهم السبق في الحرب على الحجاب، وتمثل تركيا وتونس أحد النماذج في العالمين العربي والإسلامي اذ انه تدخّل سافر في الشؤون الشخصية للفرد في اللباس الذي يختاره.
حرمان الطالبات المحجبات من إجتياز الإمتحانات
أيعقل أن يقع هذا في بلاد الزيتونة التي كانت توصف بقبلة افريقيا لا يداد المرء يصدّق مثل هذا في بلاد ينصّ دستورها ان الدولة دينها الاسلام ولغتها العربية. ألم يستمعوا الى قوله تعالى في سورة الاعراف اذ قال " "ساء مثلا القوم الذين كذّبوا بآياتنا و أنفسهم كانوا يظلمون من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون" (الاعراف 177-178). هذا وقد وردت أنباء من تونس تفيد بأن البوليس حوّل العشرات من الفتيات والنساء المحجبات إلى منطقة الشرطة بنابل لإجبارهن على نزع حجابهن والإمضاء على إلتزام خطي بعدم إرتداءه مستقبلا . كما جري التحقيق مع عدد من الشباب بسبب أداء الصلاة وإرتياد المساجد
عمد صباح الخميس 31 جانفي 2008 مدير معهد بن عروس بإحدى ضواحي العاصمة التونسية , إلى طرد 30 فتاة محجبة من مختلف الأقسام الدراسية من قاعات الإمتحانات حيث تردد على مختلف القاعات وأجبرهن على الخروج أثناء سير الفحوص وطالبهن بالتخلي عن الحجاب نهائيا .
علمنا أن الكاتب العام للمدرسة العليا للتكنولوجيا والإعلامية بالشرقية صادر بطاقات الطالب ل 25 طالبة محجبة ومنعهن من إجتياز الإمتحانات , وأمام إحتجاجهن على هذا القرار تهكم عليهن بالقول أن عليهن رفع شكوى للوزير كي يكف عن مضايقتهن . و نعبر عن إنشغالها العميق من إستغلال الإدارات في مختلف الأقسام الجامعية فترة الامتحانات لممارسة الإبتزاز والتجاوزات بحق الطالبات المحجبات .
كما أقدمت صباح الجمعة 25 جانفي 2008 عناصر من الشرطة بلباس مدني بمنطقة حي الخضراء بتونس العاصمة وعلى مرأى ومسمع المارة على خلع حجاب الطالبة حنان الكوكي المرسمة بالمرحلة الثالثة شعبة علم الوراثة بكلية العلوم بتونس من على رأسها بالقوة وإلقاءه أرضا. هذا وقد إحتجزت هذه الشرطة من الطالبة حنان الكوكي بطاقة التعريف الوطنية ( بطاقة الهوية ) و بطاقة الطالب ورخصة النقل و جميع وثائقها الشخصية الأخرى .
وقد عبرت الطالبة حنان الكوكي ضحية هذا الإعتداء عن عزمها تقديم شكوى رسمية ضد هذه العناصر الأمنية الموتورة لمقاضاتهم أمام أنظار العدالة .
ماذا أنجزنا و ماذا أصابنا خلال العشرين سنة الماضية؟
بعد عقدين من المعاناة والصبر لا حظنا أننا كإسلاميين نفتقر إلى أسس تربوية و عقدية صلبة وراسخة وهو ما يفسر الإنهيار و السقوط الذي اصاب البعض منّا منذ اللحظات الاولى و المشاكل التي عشناها خلال المحنة التي استمرّت طوال عقدين كاملين او تزيد.
انّ الفجوة الحاصلة فيما بيننا أرجعها في مجملها إلى ضعف الجانب التربوي و التعبدي و عدم رسوخ العقيدة فلم نعد نجد ذلك الأخ الرباني الجلد المحتسب الزاهد مما سهل السقوط السياسي و حتى الأخلاقي ؟
وللأسف الشديد انّ الإخوة قيادات المهجر لم يستفيدوا مما بين ايديهم من إمكانيات لاعادة بناء الفرد المسلم المنشود و ذلك ما يفسر السباب و الإنفعالات و نشر الغسيل دون مراعاة لأواصر الأخوة أو التاريخ المشترك. لا بد أن تكون أولى الاولويات توفير البرامج و الظروف التي تساعد على تخريج عدد كاف من القيادات الربانية حتى لا نضطر إلى تكليف غير الكفء و الأولى بنا ان يكون كسائنا على قدر ارجلنا. ولاخواننا نقول ما قاله الله تعالى في سورة الانفال : "واتقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب" (الانفال 25).
و هنا لا بد من الإشارة إلى أنه و الحق يقال لقد فكرت الحركة الإسلامية في تونس في هذا الامرمنذ بداية التأسيس و ان كانت التربية و التكوين لم تكن كافية من حيث التطبيق لان اخواننا في القيادة كانت أولوياتهم تختلف لقد عرض مشروعا متكاملا لتكوين الفرد المسلم على مدى سنوات و لكن المشروع بقي حبرا على ورق.
فلماذا لم ينهض بذلك المشروع إخوة المهجر خلال ما يناهز العقدين من استقرارهم بالمنفى؟
و صدق الله العظيم اذ قال في سورة فصلت " من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بضلاّم للعبيد" (فصلت 46) و قال تعالى في سورة الانعام " .. ولا تكسب كلّ نفس الا عليها و لا تزر وازرة وزر أخرى ثمّ الى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون " (الانعام 164) .
من هذا المنطلق نرى لزاما على الاخوة في الدّاخل ان يتحملوا مسؤوليتهم كاملة و يوقفوا هذا النزيف الذي ينخر جسد هذه الحركة التي يتصرّف فيها البعض كأنّه ملك خاص بالدعوة الى عقد مؤتمر خارق للعادةللحسم في هذا الامر." ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الادبار و كان عهد الله مسئولا قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا" (سورة الاحزاب 15- 16).
مع العلم انني لا الوم الاخوة الذين خرجوا من البلاد هروبا بدينهم و عوائلهم و انما لومي ينحصر على الطاقم القيادي فقط لا غير.
انّ الدعوة الى اطلاق سراح ما بقي من ابناء الحركة في السجون ملحّة اكثر أي وقت. اذ كفى الحركة الاسلامية ما دفعت نتيجة اخطاء بعض افرادها من تشريد و سجن و تعذيب حتّى الموت احيانا لبعض المناضلين قليلي التجربة‘ وقع دفعهم في طريق مسدود نتيجة خيار غير سليم لم يقع الاجماع حوله من اجل ان نفتح صفحة جديدة للتامّل و المراجعة و المحاسبة فيما بيننا في داخل القطر لا خارجه. و بذلك فقط يمكن للدرّ ان يعود الى معدنه و تاخذ الصحوة الاسلامية موقعها في كنف الوضوح الكامل.
انني أدعو الاخوة ان يحكّمواسياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في دراسة المراحل ومعرفة الحال والفهم لرسالة الإسلام ومقاصد الشريعة، وأصلحوا الناس وردّوا الشعوب إلى الإيمان بالله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، ودعونا من العنتريّات التي جرت علينا الويلات والمعتقلات والأزمات.
و لذلك نصحنا ولا زلنا نصرّ في النصح لاخواننا في داخل القطر ان يحسموا فيما بقي من الحركة بالمهجر التي استحوزت على آلامنا و آمالنا و تضحياتنا و استغلّتها في غير موضعها. انّه آن الاوان للحسم و ايقاف النزيف على المستوى السياسي والتنظيمي والاعلامي. وفي الحديث: «لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية»، ويقول الله تعالى في سورة الاحزاب " قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله ان اراد بكم سوءا او اراد بكم رحمة و لا يجدون لهم من دون الله وليّا ولا نصيرا" ( سورة الاحزاب 16-17)
فإني لا أتهم أحدا بعدم الإخلاص و لا أنتقص من الجهود المبذولة أو الرسالة التي تقدمها تلكم المواقع الإلكترونية فذاك مما لا ينكره إلا جاحد و لكني أتألم عندما أرى أننا نبذل الجهد و نبذر دون خطة واضحة بل نضيع و قتا ثمينا في مهاترات لا تقدم ولا تؤخر و الحال أننا في أشد الحاجة للبناء و التأسيس و الإعداد إعداد البدائل و الإجابة عن الأسئلة المكررة و التي تثار من حين لآخر لإلهائنا و تشتيت جهودنا و شق صفوفنا.
خيارنا الدعوي السلمي
ونحن اذ نعتزّبمشروعنا الحضاري وخطّنا الدعوي السّلمي ندعو اخواننا بالتمسّك بوحدة الصفّ و الدعوة للتصالح فيما بين شعبنا بجميع فؤاته و مكوّناته بدون اقصاء لأننا نؤمن بأن أمل شعوبنا فينا كبيرما دمنا متمسّكين بديننا و قيمنا و هويتنا و هذا ما نصبو إليه من أجل عزة تونس و كرامة شعبنا. فالتغيير السلمي لا يمكن الجمع بينه وبين راديكالية العنف
فالموضوع هو رفع التحديات وقبول الصعاب ، لإنجاز الهدف القابل للتحقيق وأن الصعاب عندما لا تدمّرالشخص ترفعه وما يجعلنا على ثقة بأن رهاننا معقول و هو أنه ليس وليد حسابات أوردود فعل ظرفية أوبحث عن مواقع في السلطة.
فالشخص الملتزم عندنا، هو مطالب بالمراهنة على طول النفس والقبول بأن علينا أن نزرع لكي يأكل شعبنا مثلما زرعوا فأكلنا . اذ كان جامع الزيتونة أسبق المعاهد التّعليميّة للعروبة مولدا وأقدمها في التّاريخ عهدا حمل مشعل الثّقافة العربيّة 12 قرنا ونصف بلا انقطاع وكان لرجال الزيتونة وعلمائها دوركبيرفي النهضة والإصلاح.
كنا قبل المحنة العظمى وهي محنة تهجير قيادة الحركة نتجشم الصعاب الأمنية للإلتقاء مرة في الأسبوع في مكان آمن لنتدارس ديننا أو نستمع لشريط نخفيه. وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته: أن الطوائف المحتسبة من أهل العلم ما قامت على سلطان عادل أو ظالم إلا كانت الدائرة على تلك الطائفة؛ لأنها جهلت المنهج النبوي: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان». فلا مساومة في الحقوق الغير قابلة للتصرف ولا التخلي عن الأهداف التي ضحت من أجلها الأجيال.
فبدل أن يقوم هؤلاء قليلي التجربة بالدعوة النبوية وإصلاح الأمة وتربية الجيل يريد اخواننا قليلي التجربة القفزإلى رأس الهرم ويهمل القاعدة ويواجه أنظمة ولو أنها فاسدة ولكنها تملك طوابير العسكر وجيوش الشرطة وأسراب الطائرات وقوافل الدبابات.
أما اليوم فكل تلك الكتب و الأشرطة متوفرة على الشبكة العنكبوتية التي أضحت في متناول الجميع سواء في داخل القطر او خارجه. فما المانع من احياء البرنامج التكوينية التي وقع تربية شباب الحركة عليها قبل المحنة. ان هذه البرامج هي التي ساهمت في تكوين القيادات و العناصر الفاعلة القوية الأمينة على مصير الشعب التونسي عل مرالسنين في السبعينات و النصف الاوّل من الثمانينات. و في ذلك يتنافس زوار المنتديات و المواقع و بذلك تستعيد الكتابة قيمتها. كيف يمكن أن نحلّ مشاكلنا إذا بدأنا بجهل أو برفض توصيفها وتسمية الأشياء بأسمائها؟
ونحن ندعو اخواننا للتفرغ للحقل الدّعوي و اعطائه المكانة التي يستحقّها و هذا اولى من المجالس التي لا تقرّبنا الى الله تعالى و تكوين الشباب على هذا النهج الخالد الذي كان عليه أسلافنا الكرام. لقدغرست الزيتونة في تونس عام 114 ه لتكون مثابة أمن وعلم وتقدم في القارة السمراء فكانت كذلك حتى فاض خيرها على الأزهر ذاته وهوالذي وقع تشييده بعدها حتى تحالفت العلمانية مع الإستبداد في تونس في عهد بورقيبة وأول ضحاياه كان جامع الزيتونة الأعظم
ولقد ظلت الزيتونة ترعى أهلها وبلادها حتى طمس الإستبداد نورها وقبرها حية فأضحى الناس من حولها كاليتامى وخاصة المرأة التونسية التي لم يجرؤ ظالم على نزع خمارها من فوق رأسها حتى نزعت منارة الزيتونة وسيق رجالها إلى المشانق والسجون وشرد في الأرض من شرد وضرب الصمت على فقهائها.
لن يعمر أنين الزيتونة طويلا إن شاء الله سبحانه وقوافل الصحوة الإسلامية المتجددة جيلا بعد جيل تملأ الوهاد والنجاد وصدى الرجوع من حولها يتردد فان للزيتونة ودينها في تونس رجال ورب يحميها فهو الذي حمى بيته الشريف وكعبته الكريمة من أبرهة بطير أبابيل. فاعتبروا أيها الاخوة الكرام في الدّاخل و المهجر وأعيدوا القراءة من جديد وهذه نصيحة من أخ ناصح محب (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب).(هود 88)
وفي الختام نجدّد الطلب بوضح حد للمضايقات للمساجين القدامى وتمكينهم من حقوق مواطنتهم الكاملة المكفولة دستوريا. "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِين َتَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِك َلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "( آل عمران 104.105) و صدق الله العظيم اذ قال في سورة الاسراء : " وقل جاء الحقّ وزهق الباطل انّ الباطل كان زهوقا" (الاسراء 81) و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باريس في 6 فيفري 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - (المصدر: مجلة "حقائق"، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)
[2] - (المصدر: مجلة "حقائق"، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)
[3] (المصدر: مجلة "حقائق"، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)
[4] (المصدر: مجلة "حقائق"، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)
[5] - (المصدر: مجلة "حقائق"، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)
[6] - المصدر: صحيفة "الصباح الأسبوعي" (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 4 فيفري 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.