خطا الزعيم الليبي معمر القذافي بثقة وسعادة إلي القصر الرئاسي في باريس في زيارة رسمية لفرنسا تثير الكثير من الغبار والأسئلة، فيما يعتبرها آخرون دليلا على الاحترام والقبول الذي يحظى به العقيد القذافي حاليا بعد الإفراج عن الممرضات البلغاريات في ليبيا في الصيف الماضي. الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي حصل على المكافأة في اليوم الأول للزيارة بتوقيع عقود بعشرة مليارات يورو، لكن بعض الساسة الفرنسيين البارزين بمن فيهم راما ياد وزيرة حقوق الإنسان في حكومته رفعوا أصواتهم بقوة ضد استقبال القذافي في الشانزلزيه. وقالت وزيرة حقوق الإنسان راما يادا أن فرنسا ليست ممسحة أحذية على الباب يمكن للقذافي أن يمسح فيها دماء جرائمه." وعلق ريدي برودي المسئول في منظمة هيومان رايتس ووتش قائلا، لا بأس بتنشيط العلاقات مع ليبيا لكن ذلك يجب ألا يصبح ذلك ساترا يحجب عنا أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا." السيد المحترم مضت 34 سنة منذ أن تلقى القذافي دعوة مماثلة لزيارة فرنسا، قضي الزعيم الليبي معظم هذه الفترة في صقيع العزلة الدبلوماسية بسبب صلاته القديمة بالإرهاب. لكنه تمكن من استعادة الحظوة في الغرب بصعوبة بالغة خلال السنوات القليلة الماضية بعد تفكيك برنامجه السري لامتلاك أسلحة نووية ودفع التعويضات لذوي ضحايا الطائرات التي سقطت بقنابل ليبية. أما الاختراق الرئيس، على الأقل بالنسبة لنيكولا ساركوزي، فقد حدث في يوليو الماضي عندما أفرج القذافي عن خمسة ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني كانوا معتقلين في ليبيا بتهمة حقن أطفال ليبيين بفيروس الايدز. توسطت فرنسا للإفراج عنهم "كان الإفراج عنهم شرطا لهذه الزيارة" حسب ساركوزي الذي يضيف "أرحب بعودة القذافي للمجتمع الدولي كعضو محترم" ردا على منتقديه الكثر. "دعهم ينتقدون، أنا لا أرى مشكلة في استقبال زعيم عوض ضحايا طائرة لوكربي، وتتعاون أجهزة أمنه مع أجهزتنا في مكافحة الإرهاب." ويشير إلى زعماء أوربيين آخرين مثل توني بلير الذي زار العقيد القذافي بينما كانت الممرضات البلغاريات لا يزلن في السجن. صفقات طائرات ليست زيارة السيد القذافي مجرد إيماءة ترحيب بشخص كان منبوذا، إنها أيضا فرصة لعقد صفقات كبيرة. ستزود فرنسا ليبيا بطائرات، ومفاعل نووي مدني لتحلية مياه البحر. تلقفت ليبيا طائرات الايرباص الفرنسية، وربما في وقت متأخر من هذا الأسبوع ستتعاقد لشراء طائرات مروحية، وطائرات رفال المقاتلة. طالب السياسيون الفرنسيون بأن أي صفقات تجارية يجب أن تقابل بضمانات من العقيد القذافي لتحسين وضع حقوق الإنسان في بلاده. أشار ريد برودي من منظمة حقوق الإنسان إلى الانتهاكات المستمرة، مستشهدا بغياب المعارضة السياسية واستمرار التعذيب المنتشر على نطاق واسع. "هناك عدد من السجناء السياسيين، بعضهم اختفى ولا ندري مصيرهم شيئا." سوق بكر يقول جورج جوف المتخصص في شمال إفريقيا من جامعة كمبريدج، بان السيد ساركوزي لن يتجاوز حدود الكلام في قضايا حقوق الإنسان في لهفته العارمة للصفقات التجارية الليبية :" هناك عدد هائل من العقود متوفرة في ليبيا في مجال الطاقة، الخدمات، والبنية التحتية، إنه سوق بكر. ليبيا ببساطة متلهفة للصفقات والأهم أن فرنسا أيضا يسيل لعابها." ويضيف مشيرا إلى زيارة الرئيس الفرنسي التجارية الأخيرة إلى الجزائر والمغرب. " فاز الرئيس ساركوزي بالانتخابات بالتعهد بالعمل على إنعاش الاقتصاد وهذا ما يفعله بالضبط.