تونس محمد الحمروني: بعد أن تسببت شهادته في جدل داخل الساحة الإعلامية والسياسية التونسية، قاطع الحارس الشخصي للرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة -أحمد بن نصير التليسي يوم أمس السبت 18 يوليو الجاري- سلسلة شهاداته التاريخية حول زمن بورقيبة والأدوار التي لعبها فيه، والتي قدم منها حلقتين حتى الآن على منبر سيمينارات الذاكرة الوطنية التي تنظمها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات. وأوردت بعض الصحف التونسية أن التليسي طالبها بنشر تكذيب لكل ما تناقلته وسائل الإعلام حول شهادته وكل ما سجلته مؤسسة التميمي خلال الحلقتين الفارطتين.. وعبر العديد من الأوساط عن استغرابها من تراجع التليسي عن شهادته خاصة أنه قدم تصريحاته بشكل علني أمام عدد كبير من المؤرخين والإعلاميين والسياسيين، وبشكل طوعي ودون أن يتعرض إلى أي ضغوط. وأعطى التليسي صورة قاتمة جدا عن بداية حكم بورقيبة في الفترة ما بين 1956 و1965، حيث سادت الفوضى ومنطق العصابات، خاصة من قبل قدماء المناضلين ضد المستعمر من المنتمين لحزب الدستور، حزب بورقيبة، كما انتشرت عمليات التعذيب ضد المعارضين لنهج الرئيس السابق الموالي لفرنسا وخاصة من قبل الزيتونيين واليوسفيين (اسم يطلق على الشق الذي والى الزعيم صالح بن يوسف في خلافه مع بورقيبة بعد الاستقلال). كما فضحت الشهادة وما تلاها التصفيات التي قام بها بورقيبة، عبر عدد من أخلص أصدقائه ومرافقيه، ضد رفاق السلاح والمناضلين القدامى حتى خلت له الساحة، وهو ما مكنه من توطيد حكمه وبسط نفوذه على البلاد. وكان محمد رضا الأجهوري -وهو أحد أساتذة القانون بالجامعة التونسية- بين في مقال له أن الاعترافات التي قدمها التليسي باقتراف عمليات تعذيب زمن بورقيبة توجب محاكمته. ودعا الأجهوري إلى إثارة دعوى قضائية ضد التليسي لاعترافه الصريح بتعذيبه لليوسفيين والزيتونيين باعتبار أن «جريمة التعذيب لا تسقط بمرور الزمن في قانوننا الوضعي التونسي وفي أغلب قوانين دول العالم المدافعة عن الحرمات والحريات وحقوق الإنسان».. وكذلك استنادا -حسب رأيه- إلى الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي صادقت عليها تونس. وقبل انطلاق الحلقة الثانية من شهادته والتي تمت يوم السبت قبل الماضي، رد التليسي بعنف على الأصوات الداعية إلى محاكمته، وقال في نبرة فيها الكثير من التحدي «لقد قررت قول الحقيقة ولن يثنيني أحد عن ذلك.. وأنا لا أخاف المحاكمات ولا جماعات حقوق الإنسان». وأضاف «سأقول كل شيء أعرفه عن تاريخ الحركة الوطنية، ولن يثنيني عن هذا الأمر أي أحد، ومن يرد محاكمتي فليفعل، فأنا لا أبالي لأنني لم أقترف أي عملية قتل». العرب القطرية