تقول الأنباء البعيدة عن المصادر المأذونة المعتمدة على شهود العيان أنّ الشابّ التونسي قد تسلّق نصب ساعة 7 نوفمبر الكائن بشارع الحبيب بورقيبة قريبا من مقرّ المسلخ التونسي الواقع بدهاليز وزارة الداخلية والتنمية المحلّية (وتعس وزارة انحصر هدفها في تنمية محلّية واتّسع جهدها لإشاعة المخاوف القطرية)، ليعلن من هناك نيّة الانتحار، والمسكين لا يعلم أنّ النيّة في تونس جريمة يعاقب عليها واضِعُو القانون وحرّاسُه وفقهاؤُه وإن لم ينطق بذلك القانون، والمسكين لا يعلم بالتالي خطورة بل فداحة اقتران الأعمال بالنيّات عندما التزم ذلك النصب الساعات الطويلة فأشهد على فعله المارّة والصحافيين من التونسيين والأجانب وأصحاب العقول وأصحاب الألسنة و"أصحاب النوايا السيئة" والصائدين في الماء العكر (وبجوار النصب ماء عكِرٌ معكَّر)، وعندما أجبر رجال الشرطة "المخلصين" على الخروج عن سمتهم لمّا هدّدوا النّاس (والصحافيون من النّاس) بتحمّل مسؤولياتهم في أخذ صور للشّاب المتربّص بالموت ما جعل أحد صحافيي تونس المتأدّبين المتحضّرين ممّن أحسنوا الظنّ بالنّاس يشتكيهم بإدراك أو بدون إدراك إلى مَنْ أمرهم بذلك الخروج... وتقول تلكم الأنباء أنّ الشابّ قد قضى الساعات الطويلة ملازما للنصب لمّا تمكّنت فرق الحماية المدنية من إنزاله باستعمال رافعتهم التي حملت إليه دهاءهم وحيلتهم، ثمّ سرعان ما نقل "الشابّ المجهول" إلى مكان مجهول بعد أن كان منذ لحظات يشهد شهرة فاقت شهرة ساعة النصب!... وأمّا الأنباء البعيدة عن شهود العيان فقد اعتمدت على المصادر المأذونة وكشفت حالة الشاب المجهول دون أن تطلع القرّاء على مكانه المجهول، فبيّنت أنّه مختلّ عقليا (وهل يلتزم النُّصَبَ بدل أصحابها إلاّ مختلّ عقل) وأنّه طلب من أعوان الأمن مدَّه بكمّية من الزطلة وببعض الماء (وسبحان الله كيف تمكّن المختلّ من معرفتهم رغم تواجدهم بالزيّ المدني ورغم عدم وجود شارات دالّة عليهم)، وأنّهم آثروا الصبر عليه محافظة على حياته فإنّ "في كلّ ذات كبد رطبة أجر"، وأنّهم أحضروا بعض أفراد عائلته للتأثير عليه واجتناب مكروه طالما عملوا على دفعه عن النّاس عاقلهم ومختلّهم... ولم تؤكّد هذه الأنباء المأذونة طريقة توصّل رجال الأمن إلى معرفة عائلة المختلّ وتركت ذلك واسعا لاجتهاد القارئ والسياحة في مجال قدرات الأمن الذي لا يخلّ حتّى بحقوق المختلّ!... كما وصفت هذه الأنباء ذلك المكان المجهول بالجهات المختصّة وكأنّ تونس التغيير قد سترت كلّ المختصّين أخذا بالحكمة القائلة "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان"، ثمّ تحريضا للتونسيين على الاجتهاد والاستنباط دون إضمار النيّة طبعا (فذلك يعرّض للعقاب بسبب الثلب ربّما) لمعرفة مختلف زوايا جهود وزارة الداخلية و"التنمية المحليّة" لعلّ من بينها حماية المختلّين عقليا من الانتحار الفُجئي ثمّ قتلهم بطريقة تليق بهم ويقدّرها المختصّون...، وحماية عمّالنا بالخارخ من لوثة تصيبهم في لحيّهم أو في طريقة لباسهم كما هو واقع الحال الآن مع رضوان الهمّامي الذي حوّل – هداه الله ولا بارك فيمن راقبه وأشقى عائلته وأشقاه – فرحة عائلته حزنا وجعل جمع شملهم بؤسا وكدرا!... الشاب المجهول وقد همّ بالانتحار لم يكن على صواب!.. فقتل النفس من السبع الموبقات، حتّى أنّ مَن ساهم فيها بشطر كلمة (كالجهات المختصّة في داخلية تونس) جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آئس من رحمة الله تعالى!... ولكن هل أحسن الشاب المجهول - حسب الأنباء – المختلّ عقليا – حسب الأنباء الأخرى – لمّا تراجع عن الانتحار وسلّم نفسه "جُبنا" لأعوان الأمن؟؟!!... وجوده تحت تصرّف الجهات المخصّة وحدُه كفيلٌ بإبلاغه قبل غيره صوابية ما فعل!...