تونس: في برنامج حواري بثته قناة "حنبعل" الفضائية الخاصة، أخضع إعلاميون عرب تجربة قناة الجزيرة القطرية لدرس معمّق عبر نقاش أثار العديد من الأسئلة حول مسائل حساسة شملت مدى استقلالية القناة عن مصدر تمويلها، ومدى مسؤوليتها وحيادها في التعاطي مع الشأن الداخلي لدول عربية بعينها. كما تطرق النقاش لمدى حرفية القناة في نقل الخبر، ومقدار "وفائها" لشعار "الرأي والرأي الآخر" الذي ترفعه، في ظل ما رآه بعض المشاركين في البرنامج تبنيا للقناة لموقف إيديولوجي. واستضاف برنامج "الرابعة" الذي بثته فضائية "حنبعل" ليل الاربعاء/الخميس في بلاتوه النقاش وأيضا من خلال تقارير مسجّلة رجال إعلام وفكر عربا من مصر ولبنان وتونس. وتميز النقاش بتوجيه انتقادات حادة ل"الجزيرة". ولم تستبعد بعض الآراء وجود دور مشبوه لها في بث الإحباط لدى المشاهد العربي عبر تركيزها على السلبيات دون الإيجابيات وفي سعيها إلى بث الفُرقة بين الدول العربية وفي لعب دور تطبيعي مع إسرائيل عبر فسحها المجال لمسؤولين إسرائيليين للدفاع عن الاحتلال وشرح "وجهة نظره". وتوقف المتحاورون مطولا عند ما لاحظه بعضهم من تحامل الجزيرة على تجارب عربية دون أخرى عبر تضخيمها للهنات وإغفالها نجاحات ملموسة وإنجازات أقرت بوجودها جهات دولية محايدة. إلى ذلك أتاح البرنامج لمشاهديه الإطلال على جانب من التعاطي الداخلي لقناة الجزيرة مع منتسبيها وبعض مقاييس انتدابهم، وذلك عبر استضافته في ريبورتاج مسجل المراسل السابق للقناة من موسكو أكرم خزام الذي شكك من جهة في حرفية القناة في نقل الخبر، كما أكد تعاملها مع بعض موظفيها على أساس إيديولوجي، مشددا على أنها تخلت عن خدماته اعتبارا لليبراليته التي تتناقض مع توجهها الإيديولوجي، وكذلك فعلت مع مذيعتها السابقة منتهى الرمحي ومراسلها السابق من واشنطن حافظ المرازي. وخلال النقاش طرح مقدم البرنامج العديد من التساؤلات الهامة حول دور الجزيرة وأجندتها وعلاقاتها واستهدافها لاستقرار دول عربية من بينها مصر وتونس، من خلال تضخيم بعض الأخبار الهامشية، في الوقت الذي تعتم فيه على نجاحات كبرى. وقال الإعلامي التونسي عبد الحميد الرياحي إن حالة استهداف الجزيرة لتونس غير مسبوقة، ملفتا إلى أن الإنجازات التي تحققت لتونس حتى تم تصنيفها الأولى عالميا في مجالات مختلفة لا تستلفت نظر الجزيرة. وتساءل الصحفي المصري مجدي الدقاق لماذا لا تفتح المساحات للصور المضيئة عربيا، لصور التحديث والبناء، وللعلماء الذين أنجزوا سبقا علميا عالميا، في حين تفتح لأيمن الظواهري وعنف البندقية والجهاد المزيف لإعطاء صورة سيئة عن العرب والمسلمين. وقال الدقاق إنه منذ اللحظة الأولى لمشاهدته تترات قناة الجزيرة شك بأن هذه القناة تحمل أجندة غير عربية، التترات لا يوجد فيها الرئيس مبارك أو أي مشهد من مصر أو تونس، و"ما يعني المشاهد العربية هي المشاهد التي تعطي انطباعا سيئا عن العالم العربي، لقد شككت في الأمر، وعموما فكرة إنشاء القناة كان محاولة للبحث عن دور سياسي من الإعلام واستخدام القناة كعصا لتأديب أو إيذاء من لا يعترف بهذا الدور". وأكد الإعلامي التونسي الصحبي سماره أن الجزيرة تسير في ركب أو سياق سياسي يتعلق بالمنطقة العربية ككل، وتساءل: هذا السياق منْ يقف وراءه، وما هي مصلحة الجزيرة للعب دور الواجهة الإعلامية لهذا المشروع؟ ورد: ربما مشروع الشرق الأوسط الكبير. وبعد رحيل إدارة بوش استمر هذا المشروع رهانا عند قناة الجزيرة، أي تفكيك البنية السياسية والاجتماعية عربيا وإثارة النعرات الداخلية والمشاكل داخل المجتمعات، مما يخلق الفوضى ومن ثم فتح الطريق أمام إعادة ترتيب المشهد المجتمعي والسياسي داخل المنطقة على الشاكلة التي أريد لها أن تكون وفقا لمشروع الشرق الأوسط الكبير. وحول التمويل ودور رأس المال أوضح حاتم علي أنه لا توجد قناة فضائية عربية غير مرتهنة بالتمويل ووجهة نظر رأس المال الداعم لها، الأمر الذي أيده د.رياض كمال نجم حين قال "القناة تحمل وجهة نظر مالكها بصرف النظر عمن يملكها". ونفت هناء الركابي وجود قناة عربية مستقلة، وقالت: كل قناة وراءها من يمولونها، إذا بحثت عن صاحب رأس المال تجد أن القناة تصب في مصلحته. وقد اختتمت الحلقة باستطلاع آراء المشاركين في التطور الضخم الذي حققته تونس في كافة مجالات الحياة الاجتماعية والتعليمية والثقافية، والدور السياسي البارز لقيادتها عربيا ودوليا، مؤكدين أن ما تأتي به الجزيرة من محاولات لزعزعة الاستقرار بلا طائل أو جدوى لأن المواطن التونسي يملك وعيا حقيقيا يستطيع به معرفة ما تدسه القناة من خبائث تريد بها النيل من الدور التنويري والتحديثي لتونس. كما أكد الجميع أهمية مواجهة ذلك الخطر الممثل في الجزيرة من خلال إعلام مفتوح يتابع عن كثب قضايا الوطن. العرب اونلاين زهير بوحرام