في وقت يسعى المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، جورج ميتشل لتبديد التوتر بين إسرائيل والولاياتالمتحدة ومن أجل إيضاح ما يعتبره مفاهيم خاطئة، قال ميتشيل إن الولاياتالمتحدة تلقت ردود فعل إيجابية من قادة الدول العربية على طلب الولاياتالمتحدة اتخاذ خطوات تجاه إسرائيل لبناء الثقة. وأضاف: " ثمة مفهوم خاطئ آخر برأيي – وهو الإدعاء بأن الدول العربية رفضت طلب رئيس الولاياتالمتحدة باراك أوباما باتخاذ خطوات تقود إلى التطبيع مع إسرائيل. ففي محادثاتنا تلقينا ردود فعل إيجابية، إرادة للعمل". وأشار ميتشيل إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية ستطلق في الأسابيع القريبة حملة إعلامية في إسرائيل والدول العربية تشمل مقابلات تلفزيونية مع الرئيس أوباما تهدف إلى إيضاح السياسات الأمريكية. تزامن ذلك مع ما نقلته صحيفة "الحياة" اللندنية في عددها الصادر الخميس 6/8/2009، عن مصادر فلسطينية أن الرئيس أوباما سيطرح في غضون ستة أسابيع أفكاراً أولية لخطته السياسية لحل الصراع العربي الإسرائيلي والفلسطيني الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط. وحسب "الحياة" فإن الرئيس اوباما سيطرح في خطابه الذي سيلقيه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية في أيلول (سبتمبر) المقبل "أفكاراً أولية لخطته السياسية لمنطقة الشرق الأوسط". وأضافت "الحياة" أن الخطة "ستستند إلى عدد من الخطط والمبادرات السياسية السابقة، من بينها خطة خارطة الطريق"، التي لم تطبق إسرائيل منها حتى المرحلة الأولى. كلام شبيه بهذا الكلام جاء أيضاً على لسان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينه الأسبوع الماضي الذي قال: "إن جهود الإدارة الأميركية ورئيسها باراك اوباما لإحياء عملية السلام، ستتضح معالمها خلال الأسابيع القليلة المقبلة التي ستكون حاسمة الأهمية، والخريف القادم سيكون ساخناً". الخطة، حسب "الحياة" "ستستند أيضا إلى المبادرة العربية للسلام" التي تبنتها القمة العربية في بيروت العام 2002 وتنص على الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة مقابل التطبيع الكامل من قبل الدول العربية مع إسرائيل. وستعتمد الخطة أيضا على ما ورد في "خطة" الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، و "وثيقة جنيف". وكان من الملاحظ خلال الفترة الماضية تكثيف ميتشل من جولاته في المنطقة العربية من أجل ذلك، فيما سيستمر هذا النشاط والجولات المكوكية إلى المنطقة العربية للاستماع إلى كل الأطراف قبل طرح هذه الأفكار الأولية، ويأتي ذلك مع تحدث به ميتشل حول قيام وزارة الخارجية إطلاق الحملة الإعلامية لتسويق أوباما وخطته السياسية الجديدة بالإضافة إلى إيضاح السياسة الأمريكية في المنطقة العربية. من خلال ما نشرته "الحياة" اليوم، وما كانت نشرته صحيفة "هآرتس" في 17/4/2009، والتي ذكرت في حينه أن الإدارة الأميركية تعكف حالياً على بلورة خطة سلام إقليمي تتضمن إجراء محادثات ثنائية متوازية بين إسرائيل والفلسطينيين وبين إسرائيل وسورية، فإن الخطة ستستند إلى المبادرة العربية للسلام التي تقترح على إسرائيل تطبيع علاقات مع الدول العربية معها، في مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية. وستقوم الولاياتالمتحدة ببلورة "رزمة أمنية" تعتمد على أن تكون المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل منزوعة من السلاح، مع إمكان نشر قوة متعددة الجنسيات فيها لفترة زمنية محددة. وحسب صحيفة "هآرتس" فإن الإدارة الأميركية الحالية تتبنى الموقف القائل إن حدوث انفراجة في عملية السلام بين إسرائيل والدول العربية "سيلجم نفوذ إيران وسيساهم في الجهد الديبلوماسي المبذول لفرملة المشروع النووي الإيراني"، والتطبيع مع الدول العربية. ويعمل المبعوثون الأميركيون على "إيجاد مقاربة أولية" لهذه الخطة، التي تعتبر خليط من المبادرات والمشاريع بعضها رفضها الفلسطينيون بشدة، وبعضها لا تزال تثير جدلاً وخلافاً شديداً في الساحة الفلسطينية. خطة أوباما المزعومة غير واضحة المعالم تطابقت في أجزاء منها في ما جاء في خطاب نتانياهو في شهر يونيو/ حزيران الماضي، خاصة فيما يتعلق بمبدأ الدولة الفلسطينية وتفريغها من محتواها، والشروط التعجيزية التي اشترطها نتانياهو. كما لا تعتبر خطة اوباما أساساً صالحاً للبناء عليها لحصول الفلسطينيين على حقوقهم الوطنية. وعند التدقيق في الخطة نرى أن الأساس فيها هو التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل مقابل وقف الاستيطان، وليس التوقف عنه نهائياً والتراجع عن ما تم بناؤه. الفلسطينيون خلال السنوات الماضية رفضوا مشاريع وخطط عديدة. وحتى الآن برغم من عدم ثقتهم بالسلطة الفلسطينية التي مازالت تؤمن بالخيار السياسي الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، وتثق بما قدمته وتقدمه الإدارات الأمريكية سواء السابقة أو الحالية، فإنهم لن يقبلوا بأقل من إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس على الأراضي المحتلة العام 67، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين. فالعرب والفلسطينيون هللوا كثيرا لاوباما، وما كنا نتوقعه وتوقعه كثيرون من أن أوباما لن يضحي بإسرائيل وأمنها من أجل عيون العرب والفلسطينيين الذين يهللون لكل إدارة أمريكية جديدة، وفي النهاية يقبلون انتظار "الوعد الكاذب" بالتوصل إلى حل. سيظل العرب والفلسطينيون يراهنون على تسويق خطة أوباما الجديدة كما سوقوا سابقاً للمبادرة العربية للسلام، وقيام الإدارة الأمريكية بممارسة الضغط على الحكومة الإسرائيلية واختزال حل القضية الفلسطينية من خلال خارطة الطريق، و"خطة" الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، و "وثيقة جنيف" المقبورة. كاتب فلسطيني/ غزة -انتهى- 6/8/2009