مشروع دعم التنوع البيولوجي بمنطقة سيدي محمد عين دراهم    السيطرة على حريق جبل الفراشيش بسليانة    الجزائر.. قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة    تونس الكبرى تسيطر على سوق التخفيضات.. تفاصيل الأرقام والمخالفات    مدنين : للمرة الثانية تاجيل اضراب بطاحات جزيرة جربة الى ايام 17 و18 و19 اوت    انخراط 425 مؤسسة في موسم التخفيضات الصيفي    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (الجولة الافتتاحية-الدفعة1): النتائج والترتيب    طقس الليلة: ضباب على الساحل وريح شرقية وهكا باش تكون السخانة    تونس – الطقس: سماء صافية وضباب في وقت متأخر من الليل    بشرى سارّة للمرضى: كبسولة صغيرة تكشف سرطان المريء بلا ألم!    ماكرون: لا يمكن أن يتقرر مستقبل أوكرانيا من دون الأوكرانيين    عاجل: موسم الحصاد 2025 يتصدر أفضل خمس سنوات في تونس    كرة اليد: منتخب الاصاغر يفشل في بلوغ الدور الرئيسي للمونديال    عاجل/ سمير الشفّي: لسنا مع تأجيج الأوضاع لكننا لن نصمت..    شنوة الفرق بين أنواع المياه المعدنية؟ وشنيا لازم تعرف قبل ما تشري    جامعة النقل تعلن تأجيل إضراب المطارات    الملح: القَتَالْ الصامت اللي يضرب صحتك...كيفاش؟    وزيرة الثقافة تدعو إلى اعتماد رؤية إبداعية مُتجددة خلال أيّام قرطاج السينمائية والمسرحية    الماريخوانا ما عادش خطيرة؟ ترامب يراجع القوانين    إيقاعات الراي تلهب مسرح الحمامات مع النجم الشاب مامي    افتتاح فعاليات الدورة 38 للمهرجان الصيفي بزغوان بفضاء معبد المياه    الترجي يفرض عقوبات مالية وتأديبية على المتأخرين عن بداية التحضيرات    القصرين: اختيار 60 مشاركاً لتمثيل الجهة في التصفيات النهائية للبطولة الوطنية للمطالعة    ساقك فيها القلب الثاني... إهماله يسبب جلطات ومضاعفات خطيرة كيفاش؟    عاجل/ مقتل كهل داخل شقته في العوينة: هذا ما تقرّر ضد المشتبه بهم    قبل بداية البطولة: تغييرات كبيرة في القوانين... وتنقيح جديد في مجلة العقوبات...شنيا صاير؟    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    أربع مواجهات قوية في افتتاح الموسم الكروي التونسي...التوقيت والقنوات    عاجل/ إطلاق نار وسط نيويورك    عاجل - للتوانسة : إحذروا من فخ الجوائز الوهمية على الفايسبوك والإنستغرام!    كأس الاتحاد الإفريقي .. النجم الساحلي يواجه الأهلي مدني السوداني والملعب التونسي يصطدم بسنيم نواذيبو الموريتاني    الشابة: القبض على مروج مخدرات    غوارديولا يستبعد مشاركة رودري بقوة في المباريات الافتتاحية للبطولة الانقليزية    3 وفيات و4 إصابات في انقلاب شاحنة محمّلة بالفحم الحجري بأوتيك    قابس : استكمال ربط محطة النقل البري الجديدة بمختلف الشبكات في وقت قريب    إيران تعلن اعتقال 20 جاسوسا للموساد في طهران ومحافظات أخرى    غدا الأحد: غلق هذه الطريق بالعاصمة..#خبر_عاجل    خزندار: الإطاحة بمتحيّل خطير محل 26 منشور تفتيش وأحكام تفوق 100 سنة سجناً    تنفيذ برنامج تنظيف الشواطئ بنسبة 80%.. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير اسرائيلي يجدّد الدعوة لتهجير أهالي غزة إلى ليبيا    الحكومة السورية تندد بمخرجات مؤتمر الحسكة وتعلن انسحابها من مفاوضات باريس    المناخ يأثر على النفسية: تحذيرات وهؤلاء هم الأكثر تضرّرًا    إلى شتات أهل وسلات    الفنان مرتضى ... حضور ركحي متميز وطاقة فنية خلاقة أمام جمهور غفير للموسم الثالث على التوالي بمهرجان صفاقس الدولي    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    استراحة صيفية    أماكن تزورها...الشبيكة (توزر) روعة الطبيعة وسحر الواحات    صيف المبدعين: الكاتبة سعاد الخرّاط: عشت في الحقول الشاسعة والأبراج المُسوّرة وبيتنا كان مزارا    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    وزارة الشؤون الدينية تصدر بلاغا هاما بخصوص الترشّح لأداء فريضة الحجّ لسنة 2026..#خبر_عاجل    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استحقاق 2009 : انتخاب أعضاء مجلس النواب : أ.د. أحمد بوعزّي

سيبلغ عدد أعضاء مجلس النواب القادم 214. وبعكس الدول الأخرى التي تنتظر نهاية التصويت للتكهّن بنتائج الاقتراع فنحن في تونس نعرف منذ اليوم أن الحزب الحاكم سيحصل على 161 مقعدا بينما ستحْصل المعارضة على ثلاث وخمسين مقعدا بالضبط. ويعتبر الرأي العام أن مثل هذه النتائج المعروفة مسبقا بدقّة متناهية خاصة بتونس تدلّ على أن الحكومة كيّفت الانتخابات لإرساء ديمقراطية مغشوشة ولا يُعتبر إعطاء صدقة بخمسين مقعد في البرلمان إلا جزءا من الديكور.
المنع من الترشح
المجلة الانتخابية الحالية تمنع الترشّح لعضوية مجلس النواب كل من صدر في حقه حكم "بالسجن بما يزيد عن ستة أشهر مع إسعافه بتأجيل التنفيذ"، وهذا تداخل في السّلط لأن أغلب المحكوم عليهم الذين يريدون تقديم ترشّحاتهم نالوا حكمهم من أجل نشاطهم السياسي ولأنهم – وإن كانوا مذنبين – قد عاقبتهم العدالة ولا فائدة في معاقبتهم مرّة ثانية من أجل نفس الذنب ولأن الناخبين قادرين على التمييز بين المجرم والمظلوم. وهذا المنع سوف يحرم العديد من الرجال والنساء من الترشّح مثل زكية الضيفاوي – على سبيل الذكر لا الحصر – التي حُكم عليها بستة أشهر سجنا مع تأجيل التنفيذ لمشاركتها في مسيرة سلمية احتجاجية بمدينة الرديّف، لكن نفس الحكم لم يطبّق على الذين نظّموا "مسيرات عفوية" في الصيف الماضي لمطالبة رئيس الجمهورية الحالي بتقديم ترشّحه للمرة الخامسة على التوالي، لأن تطبيق القانون في تونس يخضع لمكيالين، واحد للمعارضة يمنعها من ممارسة حقوقها السياسية والآخر للحزب الحاكم لا يمنع كوادره من الترشح. ونحن ننتظر إصلاحا في هذا المجال يبدأ بالعفو التشريعي العام.
الخصم والحَكَم واحد
هناك مناصب تمنع أصحابها من الترشح ما لم يستقيلوا منها. فالولاة والقضاة ورؤساء وأعضاء المجلس الدستوري والمجلس الاقتصادي والاجتماعي لا يمكنهم الترشح ونفس الشيء بالنسبة للكتاب العامين للولايات والمعتمدين والعمد. لكن المنع لا يطال رؤساء البلدية إذ أن الفصل 77 من القانون لا يمنعهم من الترشح مع البقاء في مناصبهم، وبالتالي فهو يمكّنهم – إن ترشّحوا – من امتيازات غير معقولة تجعلهم يضمنون انتخابهم لأنهم هم الذين يشرفون على ضبط من يقترع ومن لا يقترع سواء عند ترسيم الناخبين أو عند توزيع البطاقات.
ولتفادي مثل هذه الحالة نقول مرة أخرى أنه يجب أن تتكلف هيأة مستقلة ومحايدة من خارج وزارة الداخلية بمسؤولية الانتخابات.
إسقاط القائمات
تُقدّم الترشحات لمجلس النواب في شكل قائمات يقع التصويت لها في دورة واحدة باختيار "قائمة من بين القائمات ووضعها دون غيرها بالظرف المعدّ لذلك" وهي طريقة تخدم الحزب الحاكم وتسهّل عمل وزارة الداخلية لإنجاح قائماته وذلك بإسقاط قائمات المعارضة كما وقع سنة 2004 وفي الانتخابات التي سبقتها، إذ عادة ما يقع الضغط على أضعف فرد من أعضاء القائمة سواء بالترهيب أو بالترغيب ليسحب ترشّحه عند منتصف الليل إلا خمس دقائق في آخر يوم لتقديم الترشّحات حتى لا يتمكّن الحزب المعارض من تعويضه، ويُمْكن كذلك لوزارة الداخلية أن تستغلّ خطأ في العنوان أو في تاريخ الميلاد في بطاقة الناخب لتقول أن البطاقة تابعة لشخص آخر يحمل نفس الاسم واللقب وتمنع الناخب من الترشّح. ويصل اجتهاد الوزارة في إسقاط قائمات المعارضة إلى التنكّر لإمضاء الولاية على وصل يثبت أنها تسلمت الترشحات في نظيرين لتعلن للمجلس الدستوري بعد ذلك بأنها تسلمت نسخة واحدة، ولِكون المجلس الدستوري يقبل من وزارة الداخلية مثل هذه التعلاّت مهما كانت واهية وغير منطقية فسوف يقع ابتكار طرق أخرى سنة 2009 لإسقاط قائمات المعارضة الجدّية.
تنافس القائمات أم تنافس الأفراد ؟
التصويت للقائمات عوض التصويت للأفراد يجعل الحزب الحاكم يخاف من الانتخابات الشفافة لأن الرهان كبير، فخسارة دائرة تعني خسارة ستة أو سبعة مقاعد وينتج عنها أن الحزب الخاسر سيكون غائبا في الدائرة برمتها وهي عادة ما تكون ولاية، وهذا ما يخشاه قادة الحزب الحاكم. ومنظومة القائمات المعمول بها حاليا في تونس تجعل كوادر الحزب الحاكم في الجهات تمثّل لوبّي قويا ضد الديمقراطية يعمل من أجل التمسّك بالتصويت للقائمات عوض التصويت للأفراد لأن ذلك يدفع إدارة الحزب إلى الضغط على وزارة الداخلية لإنجاح القائمات التجمعية بكل الوسائل بما فيها الوسائل غير المشروعة.
لو كانت البلاد مقسّمة إلى 161 دائرة بنسبة مرشّح واحد لكل دائرة مثلما هو الحال في البلدان الديمقراطية لكانت خسارة مقعد أو مقعدين في ولاية لا يضر الحزب الحاكم مثلما هو الحال اليوم. وستكون المنافسة في هذه الحالة بين الأفراد مما يجعل التصويت متأثرا بشخصية المترشح وبنزاهته وحسن تصرفه، والنائب الذي يفوز يكون أقرب إلى المواطن ويكاد يعرف كل منتخبيه شخصيا وواع بمسؤوليته وبتمثيليته. والتصويت الشخصي يخدم في الوقت الراهن الحزب الحاكم أحسن من التصويت على القائمات لأنه الحزب الوحيد الذي يستطيع تقديم مرشحين له في كل الدوائر بعكس المعارضة التي لا تملك نفس الانتشار، لكن كوادر الحزب الذين يشكّون في قدرتهم على إقناع الناخبين في الدوائر الحضرية حيث تكون شخصيات المعارضة معروفة يخيّرون أن يستمدّوا شرعيتهم من قادتهم الذين يضمنون لهم الفوز ضمن القائمات ولا يتركونهم يسقطون قربانا للديمقراطية.
تعدّد الأوراق وتصويت الخوف
التصويت في الانتخابات التشريعية يقع حاليا على قائمات مكتوبة كل واحدة منها على ورقة ملوّنة بلون حزب معيّن، والناخب يحمل الأوراق كلها إلى الخلوة ويضع إحداها في الظرف (الذي عادة ما يكون شفّافا) ويُبقي الأوراق الأخرى في جيبه ثم يعود إلى الصندوق ليضع الظرف داخله. ما حدث في الانتخابات السابقة هو أن البعض يخاف من ردّة فعل أعضاء مكتب الاقتراع فيحمل معه الورقة الحمراء فقط إلى الخلوة، هذا إذا لم يلمّح له أحدهم بصورة واضحة داخل مكتب الاقتراع بفعل ذلك. كما يحدث أيضا أن يضطرّ الناخب بعد خروجه من مركز الاقتراع إلى الاستظهار بالأوراق التي لم يصوت لها ليتأكد وليّ نعمته من ولائه.
ولتفادي مثل هذه الحالات ولتكون الانتخابات القادمة نزيهة وفي انتظار أن يصبح عدد الدوائر مساو لعدد المقاعد يجب كتابة كل القائمات المترشحة على ورقة واحدة يأخذها الناخب إلى الخلوة وهناك يضع علامة قاطع ومقطوع أمام القائمة التي يختارها ثم يطوي الورقة ويضعها في الصندوق، وفي هذا اقتصاد في الورق بمئات الآلاف من الدنانير زيادة على ضمان عدم التأثير على الناخبين من طرف أعضاء مكتب الاقتراع.
هل سيقع إصلاح القانون الانتخابي باتجاه الشفافية لننعم بانتخابات ديمقراطية وبمنافسات نزيهة سنة 2009 أم أننا سنرى إعادة مسرحية ركيكة لا تسمح للشعب التونسي باختيار من يراه صالحا لتسيير أموره وبإسقاط من ثبتت عدم جدارته أو عدم نظافة يده؟ ننتظر لِنَرَ، لكن البشائر حاليا غير سارة.
أ.د. أحمد بوعزّي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.