تمزيق استدعاء امتحان الباكالوريا: بطاقة إيداع بالسجن في حق المعتدي ونداءات لإنصاف التلميذة    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    إسرائيل – إيران: أسبوع من الحرب ومئات القتلى… والحصيلة البشرية في تصاعد    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    من هو فريق لوس أنجلوس الذي سيواجه الترجي اليوم؟    إنتقالات: بارما الإيطالي يكشف عن هوية مدربه الجديد    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    عبد المجيد العبدلي : الصواريخ الإيرانية أربكت إسرائيل وحيّرت أمريكا.. وما يحدث ليس حربًا بل عدوان مسلح    100 يوم توريد... احتياطي تونس من العملة الصعبة ( 19 جوان)    اتحاد الشغل يدعو إلى فتح جولة مفاوضات جديدة في القطاع العام والوظيفة العمومية    خامنئي: "العدو الصهيوني يتلقى عقابه الآن"    منظمة الأطباء الشبان تؤكد نجاح إضرابها الوطني ب5 أيام وتلوّح بالتصعيد    استقبال شعبي كبير في شارع بورقيبة لقافلة الصمود    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    إيران: هاجمنا عاصمة إسرائيل السيبرانية    أول فريق يحجز بطاقة التأهل في كأس العالم للأندية    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    إيران تحبط مؤامرة اسرائيلية لاستهداف وزير الخارجية عباس عراقجي    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    رابع سبب للموت في العالم الخمول البدني يصيب 83 ٪ من التونسيين!    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية لأقل من 17 سنة: فوز للذكور وهزيمة للفتيات في مواجهة الأوروغواي    الاستثمارات الاجنبية المباشرة تزيد ب21 بالمائة في 2024 في تونس (تقرير أممي)    راج أن السبب لدغة حشرة: فتح بحث تحقيقي في وفاة فتاة في جندوبة    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    الدولار يتخطّى حاجز 3 دنانير والدينار التونسي يواصل الصمود    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    صابر الرباعي في افتتاح الدورة 25 للمهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون وكريم الثليبي في الاختتام وتنظيم معرض الاسبو للتكنولوجيا وندوات حوارية بالحمامات    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    باجة: تسجيل اضطراب وانقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    اتحاد الفلاحين ينظم، اليوم الخميس، النسخة الرابعة لسوق الفلاح التونسي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    وزارة التجارة للتونسيين: فاتورة الشراء حقّك... والعقوبات تصل إلى 20 ألف دينار    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    عاجل/ الإطاحة بشبكة تستقطب القصّر عبر "تيك توك" وتقدّمهم للأجانب    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارمع أول إمام تحصّل على معظم تأهيله في أوروبا السيد سمير جلاصي
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 08 - 2009

لا زالت سويسرا، التي يزيد فيها عدد المسلمين عن 350000 شخص، تتلمّس الطريق وتبحث عن أفضل السُّبل لإدماج أتباع ثاني أكبر ديانة في الكنفدرالية، بعد أن اقتنعت جميع الأطراف تقريبا بأنهم تحوّلوا إلى عُنصر ثابتٍ في المشهد الاجتماعي والثقافي والديني في البلاد.
في هذا السياق، كشفت دراسة أنجزها الصندوق الوطني للبحث العِلمي ونُشرت نتائجها في منتصف يوليو 2009، عن وجود إجماع بين الساسة والخبراء ورجال الدين والمسلمين أنفسهم على ضرورة توفير تأهيل للأئمّة المسلمين يُراعي الخصوصيات السويسرية ويمزِجُ بين المتطلِّبات الدينية والمعارف القانونية والسياسية والإجتماعية الخاصة بالكنفدرالية.
السيد سمير جلاصي رضوان، إمام في أحد مساجد لوغانو بجنوب سويسرا، شخصية معروفة ومحترمة في الكانتون الجنوبي المتحدث بالإيطالية، وهو يتميّز - مقارنة بمعظم الأئمة العاملين في سويسرا - بتكوين عِلمي وأكاديمي متنوع حصل عليه من معاهد عليا ومؤسسات جامعية أوروبية، وهو ما يؤهِّله، حسب ما يبدو، لتقديم أنموذج يُجسِّد ما تنتظره السلطات السويسرية من الجالية المسلمة عموما.
هل يمكن أن تعطينا لمحة عن تكوينك الأكاديمي والعِلمي؟
سمير جلاصي رضوان: (اشتغلت في فرنسا) في ميدان الإمامة، ثم قدِمت إلى سويسرا، حيث واصلت تكويني، وكان لي تكوين كوسيط بين الثقافات، Médiateur Interculturel، وتحصّلت على دبلوم. ثم بعد ذلك، واصلت تكويني في جامعة لوغانو، جنوب سويسرا، حيث سجلت في الماجستير، في مجال الاتصال المتعدد الثقافات La communication Interculturelle.
حقيقة كانت تجربة مفيدة وثرية وعميقة بالنسبة لي كإمام ومسلم في هذه البلاد، وبعد ذلك سجلت في دكتوراه في علوم التواصل وأشتغل الآن على مشروع، وهو نموذج حوار في القرآن الكريم من خلال تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولكن ليس من منظور فلسفي، بل من منظور التواصل والمبررات.
أدرِّس في آن واحد في المعهد الفدرالي للتكوين المهني مجموعة من الأساتذة السويسريين، وهذا الدرس اعتُمد، وهو على ما أظن الأول في سويسرا، بعنوان "تعرّف على الإسلام"، كما أحاضر في جامعة لوغانو فيما يتعلق بالتعامل مع الجاليات الأخرى ومع الجنسيات والثقافات الأخرى في دائرة التواصل الثقافي.
على ذكر لوغانو، يبدو من خلال الأصداء التي تتردّد في وسائل الإعلام، أن هذا الكانتون الناطق باللغة الإيطالية في جنوب سويسرا، قد تحوّل إلى ما يُشبِه المُختبر للتعدّد الديني. هل تشاطر هذا الرأي وهل هذا التقييم واقعي؟
سمير جلاصي رضوان: نعم، إن تجربة التيتشينو، ومدينة لوغانو على وجه التحديد، هي تجربة نموذجية على مستوى سويسرا، وقد تكون على مستوى أوروبا كذلك، فقد تأسس لدينا منتدى لحوار الديانات بشراكة بلدية لوغانو، وهي خطوة تُبيِّن جرأة واختيارا سياسيا ناضجا وجدُّ مُنفتح..
منتدى حوار الديانات، فيمَ تتمثل مهمّته، متى تأسس وما هي الأعمال التي قام بها إلى حد الآن؟
سمير جلاصي رضوان: هذا المنتدى تأسس منذ أكثر من سنتين، وانطلقت فكرة إنشائه من أسبوع الديانات الذي نُظم على المستوى الكامل للكنفدرالية.
فبعد النجاح في هذه التجربة، التي هي تجربة أسبوع الديانات (والتي نلتقي فيها مع كافة الديانات، وتكون هناك أبواب مفتوحة في أماكن العبادة ومحاضرات وأنشطة وعروض إلى غير ذلك)، تمّ تأسيس هذا المنتدى والذي يهدِف إلى التعريف بقيم الديانات التي تقدمها إلى المجتمع أو إلى البشرية، تؤكّد على دور الديانة في صيانة المجتمع وسلامته وتماسكه، وأيضا مكونات المجتمع مثل العائلة والشباب إلى غير ذلك، وما زال يشتغل إلى حد هذه اللحظة وله أنشطة متعدِّدة سيكون فيها أيضا خلال السنة القادمة أسبوع الديانات، إضافة إلى سلسلة من المحاضرات، وقد عكفنا مؤخرا على وضع إستراتيجية لهذا المنتدى، تهدف إلى بيان دور الدين وعلاقته بالمجتمع، حاضرا ومستقبلا.
هل تشعر بأن مثل هذه الأنشطة، التي تظل في نهاية المطاف نخبوية ومحدودة، تؤثر في الرأي العام، خصوصا في ظل الصورة السيئة التي تتناقلها وسائل الإعلام عن الإسلام وأوضاع المسلمين، سواء في أوروبا أو في البلدان الإسلامية؟
سمير جلاصي رضوان: يُمكن أن أذكِّر بما يلي: أنه، إضافة إلى شغل المنتدى، هناك طبعا المؤسسات الدينية والمجتمع والجمعيات والجاليات الدينية، التي لها دور آخر، أتكلّم عن مؤسستنا، رابطة مسلمي كانتون تيتشينو، والتي تأسست منذ خمس سنوات، فيها أنشطة متعددة، فقد زارنا خلال هذه السنة أكثر من 300 شخص في المركز، مجموعة من الطلبة والتلاميذ والمعاهد، كما زارنا رئيس القساوسة، وهي الأولى في تاريخ سويسرا وفي تاريخ هذا الكانتون، وقد غُطِّي هذا الحدث إعلاميا بما يزيد عن 20 وسيلة إعلام - تلفزيون وصحافة - وكانت الخبر الأول في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، إضافة إلى الأنشطة الأخرى التي نقوم بها من محاضرات، وكذلك لدينا نشاط متميّز مع مدينة لوغانو، حيث أن هنالك منتدى آخر، منتدى للتعدّد الثقافي، والذي يسعى إلى تقديم ثقافات الآخرين والتعرف عليها، من أجل حُسن التعايُش والتعامُل مع بعض.
أعتبر أن التحدّي، الذي هو في المستقبل، هو تحدّي تعايُش الثقافات والحضارات والديانات، وليس تصادُمها وحربها بين بعضها البعض.
هل ترى أن سويسرا مهيأة للنجاح في هذا الاختبار؟
سمير جلاصي رضوان: تجربة سويسرا، متمُيِّزة ومتقدِّمة، وربّما أكون بأمل واسع في منطقة تيتشينو، لكن هنالك صعوبات حقيقة وإشكاليات. الصعوبات التي أراها، هو أن الإسلام، كدين وحضارة وثقافة، يُمثّل تمثيلا سيئا من طرف بعض الأشخاص ويُقدَّم تقديما سيئا من البعض الآخر.
فبعض المسلمين لا يعرفون الأساليب الجيدة في نقل رسالة الإسلام إلى المجتمع، الذي يتأثر بوسائل الإعلام وما يسمعه وما يقرأه عن الإسلام واتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب والعنف وبغير ذلك، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، هناك بعض وسائل الإعلام وبعض الجهات والأحزاب، التي تسعى إلى إثبات التّهمة وتشويه الإسلام والمسلمين، وتضع في خطر السِّلم الاجتماعي والديني. ففعلا هنالك صعوبات وهنالك تحدِّيات، لكني أرى أن الجو العام في سويسرا، هو جوّ مناسب وجيّد، وعلى المسلمين أن يستفيدوا من هذا الجو وأن يُحسِنوا اغتنامه في مصلحة تقديم الإسلام كمُكوِّن من مكوِّنات المجتمع الذي نعيش فيه. هذه قضية، اعتبر بأنها محورية ومهمة وتحدٍّ أمام مسؤولي الجمعيات الإسلامية والمراكز والأئمة والخطباء، ولذلك، كيف يُمكن إدراج مسألة الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي، إضافة إلى أن يكون المسلمون في هذا البلد، هم مواطنون بمعنى المواطنة الكاملة، وليسوا مواطنين من درجة ثانية أو ثالثة.
أخيرا، أظهرت نتائج دراسة قام بها المركز الوطني السويسري للبحث العِلمي، وجود إجماع، تقريبا شِبه كامل، حول ضرورة تكوين الأئمة في سويسرا. هل تعتقد أن الظروف نضُجت لتوفير مثل هذا التكوين، في حين أن مسألة الاعتراف الرمسي بالإسلام لم تُحسم بعدُ؟ على عكس النمسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا؟
سمير جلاصي رضوان: أولا أتحفّظ على مصطلح تكوين الأئمة، وإنما أقول تأهيل الأئمة والخطباء، لأن المشروع الذي قدِّم في سويسرا والذي نرى فيه فائدة أيضا للمجتمع وللجالية المسلمة كمكوِّن من مكونات المجتمع، يتكلّم أيضا عن التأهيل والتكوين إلى جانب التكوين الشرعي والديني، والذي لا يُمكن أن يغطِّيه مثل هذا المشروع، بمعنى آخر، هذا المشروع فيه وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر بعض النماذج الأخرى، مثل التي طرِحت في فرنسا.
لمّا تتحدّث عن التأهيل، ما هي المجالات المعنية، وهل هناك اتفاق على هذا الجزء على الأقل؟
سمير جلاصي رضوان: هناك جملة من المعاني التي وقع عليها اتِّفاق أو ممكن أن نقول مقصد أو هدف أساسي، وهو هدف أن يكون الأئمة والخطباء لهم معرفة بالواقع الذي سيُمارسون فيه رسالتهم، وهذه مسألة هي أيضا من الدين الإسلامي، لها أصل، فالنبي صلى الله عليه وسلم، كان أعرف الناس بالواقع، كان يعرف طبائع القبائل وكان يعرف معادن الرجال وكان يُحسن توظيفهم، ونحن نعرف أيضا ما أجمع عليه العلماء المسلمون بأن الفتوى تتغير زمانا ومكانا وحالا.
لا أعتقد أن هناك خلافا حول ضرورة معرفة الإمام بالواقع الذي يعيش فيه، ولكن عندما ننتقل للخطوة الموالية، يواجَه الجميع بإشكالية التمويل! من سيُموِّل عملية التأهيل هذه؟
سمير جلاصي رضوان: طُرح علي هذا السؤال من طرف وسائل الإعلام هنا أيضا، أتصوّر بأن هذه المسألة من المفروض بأن تتحمّلها الدولة لسببين.
السبب الأول، هنالك دعوة مستمرّة، ونحن نسمع دائما مسألة اندماج المسلمين، وهنالك من يُزايِد أيضا على المسلمين في أنهم ليسو مندمجين وأن الأئمة غير مؤهلين إلى غير ذلك، أريد أن يُغلق هذا الباب بمثل هذا المشروع وأرى من البديهي والمنطقي أن تتحمّل الدولة أو المؤسسات الرسمية هذا المشروع، باعتباره أنها تقدِّم خِدمة للمجتمع، قبل أن تقدم خدمة للمسلمين الذين هم جزء من هذا المجتمع.
ولكن، ألا ترى أننا عُدنا إلى نقطة البداية، أي أننا ندور في حلقة شبه مفرغة، فحتى تُموِّل الدولة مثل عملية التأهيل هذه، لابد أن تعترف بالديانة. فهذا المشكل لا يُطرح على الكاثوليك والبروتستانت واليهود وغيرهم..
سمير جلاصي رضوان: أنا أتصور بأن هذا الموضوع بالشكل الذي طُرح، (وأتمنى أن يكون هذا الطرح جادّا) وأشعر أنه فيه جدية، نعتبر أن هذه خُطوة في اتجاه اعتبار المسلمين مُكوِّن، ليس رقمي، بل فِعلي للمجتمع السويسري، وبالتالي، فإن الدولة في دستورها تَضمن لكل الديانات حقوقها في ممارسة شعائرها، وجزء من هذه الشعائر لا يُمكن أن يتوفر إلا من خلال تأهيل من يقومون على هذه الشعائر وعلى هذه الديانات. فالمسألة، أرى أنها قد تكون خُطوة في الاعتراف، لكنها خُطوة غير كافية، وعلى الجاليات المسلمة أن تتحرّك.
خلال لقاءات منتدى الإسلام مع الكنفدرالية، أو مع المكتب الفدرالي للشرطة في برن، الذي انطلق منذ 3 سنوات تقريبا، كان الحوار في البداية حول مسألة الأمن، لكن ممثلي الجاليات المسلمة، الذين يعدّون ب 30 شخصية في سويسرا، طالبوا بأن لا يقتصر الحوار والنقاش على هذه النقطة، نحن مجمعون على أن أمن هذا البلد هو أولوية لنا جميعا واشتغلنا عليه وحصلنا حتى في آخر الحوارات على اعتراف (يُمكن الرجوع إلى البيان الختامي)، الكنفدرالية بدور الأئمة والمسلمين والجالية المسلمة المُندمجة اندماجا إيجابيا في المجتمع السويسري في مقاومة التطرّف والابتعاد عن ما هو إرهاب وعُنف وغير ذلك، هذه مسألة.
فكان ضمن نقاط الحوار مسألة أثيرت وسيكون العمل عليها طويلا، وهي مسألة الاعتراف بالإسلام. ليس الاعتراف الفعلي، لكن الاعتراف القانوني، وأنا أتصور بأن هذه المسألة ستأخذ وقتا طويلا وتحتاج أيضا إلى أناس لهم نُضج في طرح هذه المسألة وكذلك إلى إرادة سياسية، أتمنى أن لا يكون الموضوع مقترنا بحملات الانتخابات والاتفاقات التي نعرفها دائما في النظام السياسي في سويسرا. يجب أن يكون الموضوع مبدئيا، نريد أن تُحسم مسألة وجود المسلمين كمكوّن من مكونات المجتمع السويسري، وبالتالي، مسألة الاعتراف بالدين الإسلامي.
في العديد من الحالات، طُلِب من المسلمين أن يتوحّدوا، بمعنى أن يكون لهم جهاز أو هيئة أو منظمة مُنتخبة وشفافة تُمثِّلهم لدى السلطات على مستوى الكانتونات أو على المستوى الفدرالي، لكن هذه النقطة التي هي أساسية في نظام ديمقراطي كالنظام السويسري، لم تُنجز إلى الآن. أنجِزت بعض الإعلانات، لكن عمليا لم تُنجز. ألا ترى أن الجالية المسلمة تتحمّل قِسطا من المسؤولية في تأخير وتأجيل صدور مثل هذا القرار السياسي؟
سمير جلاصي رضوان: نعم، هذا صحيح، والاعتراف بالحق فضيلة. بالفعل هنالك تقصير، لأن هنالك إشكالية كبيرة في الوجود الإسلامي في سويسرا، تصبِغه بعض الألوان التي لا تعيش اللحظة، بمعنى آخر، قد يكون المركز الإسلامي أو المسجد أو الجمعية الإسلامية أو بعض الممثلين، ليست هذه النقطة هي الأولوية لديهم، وأنا أعتبر أن هذا التقصير كبير جدا. قد تكون الأولوية هي المحافظة على الجالية أو لغة البلد الأصلي أو غير ذلك، نحن نحتاج فعلا أن نعيش اللحظة وأن نرى التحدّي أن يكون هنالك عمل الأجيال القادمة، وكذلك نريد مشاركة أبناء هذا البلد من المسلمين السويسريين الذين أسلموا واختاروا الإسلام دينا لهم، نريد أن يشاركوا أيضا في هذه المسألة، بحث تكون مطالبتهم كأبناء هذا البلد الأصليين، لحفظ حقوقهم والاعتراف بوجودهم بشكل قانوني.
تفصلنا أربعة أشهر عن موعد الاستفتاء الذي يُنظَّم في سويسرا بخصوص المقترح الداعي إلى حظر بناء المآذن. ما هو تقييمك للجدل الذي أحاط بهذا الموضوع منذ الإعلان عنه وماذا تتوقع أن تكون النتيجة؟
سمير جلاصي رضوان: أولا، أقول إن هذا الجدل أخذ مسارا غير طبيعي حقيقة، موضوع المآذن، موضوع له خصوصياته ليس في سويسرا فقط. أذكر لكم تجربة جيدة في كانتون تيتشينو، كان هناك لقاء مباشر مع اللجنة القانونية في البرلمان، وكان لقاء إيجابيا وخرج بعده تقرير إيجابي، (يُمكن الحصول عليه من إصدارات البرلمان المحلي).
بداية، أنا أدعو المسلمين وممثلي الجاليات الإسلامية إلى التواصل مع الهيئات الرسمية، نقل وجهات النظر، لا يجب أن نترك صوتا واحدا يصل وقد يكون مُشوِّها للإسلام. اللقاء مع المسؤولين مهمٌّ جدا في إيصال الصورة وفي بيان الواقع والحقيقة.
وقد استخلصت من خلال هذا اللقاء، أن هنالك عدم المعرفة بالإسلام وبواقع الجالية المسلمة، وكان ذلك لقاء إيجابيا للغاية، وقد خرج بعده بيان، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني بالنسبة للتيتشينو، بعد زيارة رئيس الكنيسة، والتي كانت زيارة قبل ثلاثة أيام من التصويت (على مقترح يميني متشدد يدعو إلى حظر بناء المآذن في كانتون تيتشينو، التحرير) ولم نُبرمجها حقيقة ولم يكن فيها خيار سياسي، كانت زيارة مقرّرة في دائرة التواصل بين الديانات، فغُطِّي هذا الحدث وكان له آثار إيجابي، حيث أن الأسقف قال "أنا أشعر بأن الحوار مع المسلمين، حوار إيجابي وجيد وجاد، وأشكر المسلمين على استقبالي في المسجد"، وقد دخل بصليبه (وهذه المسألة كانت قد تُحدِث جدلا واصطيادا في ماء عكِر من بعض المتصيِّدين)، غير أن تصريحات الأسقف، الذي تكلّم أيضا على قضية المآذن وأن للمسلمين حقّهم في أن يكون مسجدهم بالشكل الذي يناسبهم ويريدونه، ولا يُزعج أحدا، فكان التصويت بعد ثلاث أيام في برلمان تيتشينو ضد المبادرة، التي قدّمها حزبان في الكانتون.
على العموم، في سويسرا أنا أتصوّر أن هذه المسألة قد تمُر بشكل ما ضد المآذن، لكن هنا لا يعني أنه على المسلمين أن يناموا، إنما هنالك مسؤولية كبيرة وعملا كبيرا ينتظر ممثلي المسلمين في التواصل مع المجتمع ومع الشعب السويسري، الذي له في الأخير الكلمة الأخيرة. بمعنى آخر، علاقتنا مع المجتمع وصورة الإسلام عند المجتمع، هي التي في الأخير سيكون لها تأثير في التصويت، وليس الحملات الانتخابية في هذا الموضوع.
كمال الضيف - برن - swissinfo.ch


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.