الاستاذ سفيان بلحاج محمد رئيسا جديدا للفرع الجهوي للمحامين بتونس    قضية حاوية المخدرات بميناء رادس.. الاحتفاظ بموظفة بشركة خاصة وموظف بالديوانة    البرتغال تعلن رسميا اعترافها بدولة فلسطين    آفاقها واعدة .. السياحة البديلة سند للوجهة التونسية    مع الشروق : الطباشير في عصر "شات جي بي تي"!    التيار الشعبي يدعو الى المشاركة في وقفة احتجاجية وفي اضراب عالمي عن الطعام    قابس...انطلاق الاستعدادات للموسم السياحي الصحراوي والواحي    حافلةُ الصينِ العظيمةُ    لأول مرة في تاريخها ...التلفزة التونسية تسعى إلى إنتاج 3 مسلسلات رمضانية    الصينيون يبتكرون غراء عظميا لمعالجة الكسور    بطولة افريقيا لكرة اليد للصغريات (الدور النهائي): المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره المصري 21-33    بعد جولة أوروبية راقصون من فرقة باليه أوبرا تونس يقدمون عرض "كارمن دانسي"    بطولة انقلترا: ارسنال يختطف التعادل مع مانشستر سيتي 1-1    الملعب التونسي سنيم الموريتاني (2 0) انتصار هام ل«البقلاوة»    الولايات المتحدة: مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين بإطلاق نار قرب ملهى ليلي    هل تعرف أيهما أخطر على الصحة... نقص الوزن أم زيادته؟    هذا ما تقرر في حق الارهابيان يحي الغزالي وعادل الغندري    مطار بروكسل يطلب من شركات الطيران إلغاء نصف الرحلات المغادرة غدا: الأسباب    في اليوم عالمي للزهايمر: هذه توصيات وزارة الصحة    الدورة السادسة من تظاهرة "الخروج إلى المسرح" من 26 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2025    من بينها 5 عربية.. ترامب يدعو قادة 5 دول إلى اجتماع بشأن الحرب على القطاع    الحوت الميت خطر على صحتك – الهيئة الوطنية تحذر    الشمال والوسط تحت الرعد: أمطار قوية تجي الليلة!    محرز الغنوشي: ''درجات حرارة ليلية مقبولة...والمليح يبطى''    عاجل: ثلاثية نظيفة للترجي على القوات المسلحة وتقدم كبير نحو الدور الثاني!    عاجل: حارس الإفريقي ينقل للمستشفى بعد تدخل عنيف    مشاركة 1500 عداء وعداءة في ماراطون بالمرسى عائداته مخصصة لمجابهة الانقطاع المدرسي المبكر    الكيني ساوي يفوز بماراطون برلين ويحافظ على سجله المثالي    عاجل/ هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحذر من خطورة استهلاك هذه الأسماك..    كأس الكنفدرالية الإفريقية: النتائج الجزئية لذهاب الدور التمهيدي الأول    بطولة سان تروبيه الفرنسية للتحدي: التونسي معز الشرقي يحرز اللقب    وزير الخارجية يترأس الوفد التونسي في أشغال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة    المراقبة الاقتصادية تحجز 55 طنا من الخضر والغلال ببرج شاكير والحرايرية    أسطول الصمود :هيئة التسيير تكشف اخر المستجّدات    قلة النوم تهدد قلبك.. تعرف شنو يصير لضغط الدم!    عاجل- تذكير: آخر أجل لإيداع التصريح بالقسط الاحتياطي الثاني للأشخاص الطبيعيين يوم 25 سبتمبر 2025    تونس تشارك في مؤتمر التعاون الثقافي والسياحي الصيني العربي    أمطار الخريف ''غسالة النوادر''.. شنية أهميتها للزرع الكبير؟    بحسب التوقعات: تونس الكبرى وزغوان تحت الخطر...أمطار بين 60 و90 ملم!    الجمعية التونسية للطب الباطني تنظم لقاء افتراضيا حول متلازمة "شوغرن"    انتشال جثتي طفلين توفيا غرقا في قنال مجردة الوطن القبلي    سوسة: جلسة عمل لمتابعة وضعية شركة الألبان الصناعية بسيدي بوعلي    محمد علي: ''الأسطول يقترب كل دقيقة من غزة.. أما أنتم؟ مجرد أصابع ملوثة على لوحة مفاتيح''    فيتنام بالمركز الأول في مسابقة إنترفيجن وقرغيزستان وقطر في المركزين الثاني والثالث    قريبا انطلاق أشغال مشروعي تهيئة الملعب البلدي بمنزل فارسي وصيانة المحولات الكهربائية بالملعب الاولمبي مصطفى بن جنات بالمنستير    الموساد تسلّل إلى معقلهه: الكشف عن تفاصيل اغتيال نصر الله    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    بنزرت: تنفيذ اكثر من 80 عملية رقابية بجميع مداخل ومفترقات مدينة بنزرت وتوجيه وإعادة ضخ 22,6 طنا من الخضر والغلال    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    عاجل/ مصابون في اصطدام "لواج" بشاحنة ثقيلة بهذه الطريق الوطنية    السبت: أمطار متفرقة بالجنوب الشرقي وسحب عابرة    استراحة «الويكاند»    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارمع أول إمام تحصّل على معظم تأهيله في أوروبا السيد سمير جلاصي
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 08 - 2009

لا زالت سويسرا، التي يزيد فيها عدد المسلمين عن 350000 شخص، تتلمّس الطريق وتبحث عن أفضل السُّبل لإدماج أتباع ثاني أكبر ديانة في الكنفدرالية، بعد أن اقتنعت جميع الأطراف تقريبا بأنهم تحوّلوا إلى عُنصر ثابتٍ في المشهد الاجتماعي والثقافي والديني في البلاد.
في هذا السياق، كشفت دراسة أنجزها الصندوق الوطني للبحث العِلمي ونُشرت نتائجها في منتصف يوليو 2009، عن وجود إجماع بين الساسة والخبراء ورجال الدين والمسلمين أنفسهم على ضرورة توفير تأهيل للأئمّة المسلمين يُراعي الخصوصيات السويسرية ويمزِجُ بين المتطلِّبات الدينية والمعارف القانونية والسياسية والإجتماعية الخاصة بالكنفدرالية.
السيد سمير جلاصي رضوان، إمام في أحد مساجد لوغانو بجنوب سويسرا، شخصية معروفة ومحترمة في الكانتون الجنوبي المتحدث بالإيطالية، وهو يتميّز - مقارنة بمعظم الأئمة العاملين في سويسرا - بتكوين عِلمي وأكاديمي متنوع حصل عليه من معاهد عليا ومؤسسات جامعية أوروبية، وهو ما يؤهِّله، حسب ما يبدو، لتقديم أنموذج يُجسِّد ما تنتظره السلطات السويسرية من الجالية المسلمة عموما.
هل يمكن أن تعطينا لمحة عن تكوينك الأكاديمي والعِلمي؟
سمير جلاصي رضوان: (اشتغلت في فرنسا) في ميدان الإمامة، ثم قدِمت إلى سويسرا، حيث واصلت تكويني، وكان لي تكوين كوسيط بين الثقافات، Médiateur Interculturel، وتحصّلت على دبلوم. ثم بعد ذلك، واصلت تكويني في جامعة لوغانو، جنوب سويسرا، حيث سجلت في الماجستير، في مجال الاتصال المتعدد الثقافات La communication Interculturelle.
حقيقة كانت تجربة مفيدة وثرية وعميقة بالنسبة لي كإمام ومسلم في هذه البلاد، وبعد ذلك سجلت في دكتوراه في علوم التواصل وأشتغل الآن على مشروع، وهو نموذج حوار في القرآن الكريم من خلال تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولكن ليس من منظور فلسفي، بل من منظور التواصل والمبررات.
أدرِّس في آن واحد في المعهد الفدرالي للتكوين المهني مجموعة من الأساتذة السويسريين، وهذا الدرس اعتُمد، وهو على ما أظن الأول في سويسرا، بعنوان "تعرّف على الإسلام"، كما أحاضر في جامعة لوغانو فيما يتعلق بالتعامل مع الجاليات الأخرى ومع الجنسيات والثقافات الأخرى في دائرة التواصل الثقافي.
على ذكر لوغانو، يبدو من خلال الأصداء التي تتردّد في وسائل الإعلام، أن هذا الكانتون الناطق باللغة الإيطالية في جنوب سويسرا، قد تحوّل إلى ما يُشبِه المُختبر للتعدّد الديني. هل تشاطر هذا الرأي وهل هذا التقييم واقعي؟
سمير جلاصي رضوان: نعم، إن تجربة التيتشينو، ومدينة لوغانو على وجه التحديد، هي تجربة نموذجية على مستوى سويسرا، وقد تكون على مستوى أوروبا كذلك، فقد تأسس لدينا منتدى لحوار الديانات بشراكة بلدية لوغانو، وهي خطوة تُبيِّن جرأة واختيارا سياسيا ناضجا وجدُّ مُنفتح..
منتدى حوار الديانات، فيمَ تتمثل مهمّته، متى تأسس وما هي الأعمال التي قام بها إلى حد الآن؟
سمير جلاصي رضوان: هذا المنتدى تأسس منذ أكثر من سنتين، وانطلقت فكرة إنشائه من أسبوع الديانات الذي نُظم على المستوى الكامل للكنفدرالية.
فبعد النجاح في هذه التجربة، التي هي تجربة أسبوع الديانات (والتي نلتقي فيها مع كافة الديانات، وتكون هناك أبواب مفتوحة في أماكن العبادة ومحاضرات وأنشطة وعروض إلى غير ذلك)، تمّ تأسيس هذا المنتدى والذي يهدِف إلى التعريف بقيم الديانات التي تقدمها إلى المجتمع أو إلى البشرية، تؤكّد على دور الديانة في صيانة المجتمع وسلامته وتماسكه، وأيضا مكونات المجتمع مثل العائلة والشباب إلى غير ذلك، وما زال يشتغل إلى حد هذه اللحظة وله أنشطة متعدِّدة سيكون فيها أيضا خلال السنة القادمة أسبوع الديانات، إضافة إلى سلسلة من المحاضرات، وقد عكفنا مؤخرا على وضع إستراتيجية لهذا المنتدى، تهدف إلى بيان دور الدين وعلاقته بالمجتمع، حاضرا ومستقبلا.
هل تشعر بأن مثل هذه الأنشطة، التي تظل في نهاية المطاف نخبوية ومحدودة، تؤثر في الرأي العام، خصوصا في ظل الصورة السيئة التي تتناقلها وسائل الإعلام عن الإسلام وأوضاع المسلمين، سواء في أوروبا أو في البلدان الإسلامية؟
سمير جلاصي رضوان: يُمكن أن أذكِّر بما يلي: أنه، إضافة إلى شغل المنتدى، هناك طبعا المؤسسات الدينية والمجتمع والجمعيات والجاليات الدينية، التي لها دور آخر، أتكلّم عن مؤسستنا، رابطة مسلمي كانتون تيتشينو، والتي تأسست منذ خمس سنوات، فيها أنشطة متعددة، فقد زارنا خلال هذه السنة أكثر من 300 شخص في المركز، مجموعة من الطلبة والتلاميذ والمعاهد، كما زارنا رئيس القساوسة، وهي الأولى في تاريخ سويسرا وفي تاريخ هذا الكانتون، وقد غُطِّي هذا الحدث إعلاميا بما يزيد عن 20 وسيلة إعلام - تلفزيون وصحافة - وكانت الخبر الأول في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، إضافة إلى الأنشطة الأخرى التي نقوم بها من محاضرات، وكذلك لدينا نشاط متميّز مع مدينة لوغانو، حيث أن هنالك منتدى آخر، منتدى للتعدّد الثقافي، والذي يسعى إلى تقديم ثقافات الآخرين والتعرف عليها، من أجل حُسن التعايُش والتعامُل مع بعض.
أعتبر أن التحدّي، الذي هو في المستقبل، هو تحدّي تعايُش الثقافات والحضارات والديانات، وليس تصادُمها وحربها بين بعضها البعض.
هل ترى أن سويسرا مهيأة للنجاح في هذا الاختبار؟
سمير جلاصي رضوان: تجربة سويسرا، متمُيِّزة ومتقدِّمة، وربّما أكون بأمل واسع في منطقة تيتشينو، لكن هنالك صعوبات حقيقة وإشكاليات. الصعوبات التي أراها، هو أن الإسلام، كدين وحضارة وثقافة، يُمثّل تمثيلا سيئا من طرف بعض الأشخاص ويُقدَّم تقديما سيئا من البعض الآخر.
فبعض المسلمين لا يعرفون الأساليب الجيدة في نقل رسالة الإسلام إلى المجتمع، الذي يتأثر بوسائل الإعلام وما يسمعه وما يقرأه عن الإسلام واتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب والعنف وبغير ذلك، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، هناك بعض وسائل الإعلام وبعض الجهات والأحزاب، التي تسعى إلى إثبات التّهمة وتشويه الإسلام والمسلمين، وتضع في خطر السِّلم الاجتماعي والديني. ففعلا هنالك صعوبات وهنالك تحدِّيات، لكني أرى أن الجو العام في سويسرا، هو جوّ مناسب وجيّد، وعلى المسلمين أن يستفيدوا من هذا الجو وأن يُحسِنوا اغتنامه في مصلحة تقديم الإسلام كمُكوِّن من مكوِّنات المجتمع الذي نعيش فيه. هذه قضية، اعتبر بأنها محورية ومهمة وتحدٍّ أمام مسؤولي الجمعيات الإسلامية والمراكز والأئمة والخطباء، ولذلك، كيف يُمكن إدراج مسألة الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي، إضافة إلى أن يكون المسلمون في هذا البلد، هم مواطنون بمعنى المواطنة الكاملة، وليسوا مواطنين من درجة ثانية أو ثالثة.
أخيرا، أظهرت نتائج دراسة قام بها المركز الوطني السويسري للبحث العِلمي، وجود إجماع، تقريبا شِبه كامل، حول ضرورة تكوين الأئمة في سويسرا. هل تعتقد أن الظروف نضُجت لتوفير مثل هذا التكوين، في حين أن مسألة الاعتراف الرمسي بالإسلام لم تُحسم بعدُ؟ على عكس النمسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا؟
سمير جلاصي رضوان: أولا أتحفّظ على مصطلح تكوين الأئمة، وإنما أقول تأهيل الأئمة والخطباء، لأن المشروع الذي قدِّم في سويسرا والذي نرى فيه فائدة أيضا للمجتمع وللجالية المسلمة كمكوِّن من مكونات المجتمع، يتكلّم أيضا عن التأهيل والتكوين إلى جانب التكوين الشرعي والديني، والذي لا يُمكن أن يغطِّيه مثل هذا المشروع، بمعنى آخر، هذا المشروع فيه وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر بعض النماذج الأخرى، مثل التي طرِحت في فرنسا.
لمّا تتحدّث عن التأهيل، ما هي المجالات المعنية، وهل هناك اتفاق على هذا الجزء على الأقل؟
سمير جلاصي رضوان: هناك جملة من المعاني التي وقع عليها اتِّفاق أو ممكن أن نقول مقصد أو هدف أساسي، وهو هدف أن يكون الأئمة والخطباء لهم معرفة بالواقع الذي سيُمارسون فيه رسالتهم، وهذه مسألة هي أيضا من الدين الإسلامي، لها أصل، فالنبي صلى الله عليه وسلم، كان أعرف الناس بالواقع، كان يعرف طبائع القبائل وكان يعرف معادن الرجال وكان يُحسن توظيفهم، ونحن نعرف أيضا ما أجمع عليه العلماء المسلمون بأن الفتوى تتغير زمانا ومكانا وحالا.
لا أعتقد أن هناك خلافا حول ضرورة معرفة الإمام بالواقع الذي يعيش فيه، ولكن عندما ننتقل للخطوة الموالية، يواجَه الجميع بإشكالية التمويل! من سيُموِّل عملية التأهيل هذه؟
سمير جلاصي رضوان: طُرح علي هذا السؤال من طرف وسائل الإعلام هنا أيضا، أتصوّر بأن هذه المسألة من المفروض بأن تتحمّلها الدولة لسببين.
السبب الأول، هنالك دعوة مستمرّة، ونحن نسمع دائما مسألة اندماج المسلمين، وهنالك من يُزايِد أيضا على المسلمين في أنهم ليسو مندمجين وأن الأئمة غير مؤهلين إلى غير ذلك، أريد أن يُغلق هذا الباب بمثل هذا المشروع وأرى من البديهي والمنطقي أن تتحمّل الدولة أو المؤسسات الرسمية هذا المشروع، باعتباره أنها تقدِّم خِدمة للمجتمع، قبل أن تقدم خدمة للمسلمين الذين هم جزء من هذا المجتمع.
ولكن، ألا ترى أننا عُدنا إلى نقطة البداية، أي أننا ندور في حلقة شبه مفرغة، فحتى تُموِّل الدولة مثل عملية التأهيل هذه، لابد أن تعترف بالديانة. فهذا المشكل لا يُطرح على الكاثوليك والبروتستانت واليهود وغيرهم..
سمير جلاصي رضوان: أنا أتصور بأن هذا الموضوع بالشكل الذي طُرح، (وأتمنى أن يكون هذا الطرح جادّا) وأشعر أنه فيه جدية، نعتبر أن هذه خُطوة في اتجاه اعتبار المسلمين مُكوِّن، ليس رقمي، بل فِعلي للمجتمع السويسري، وبالتالي، فإن الدولة في دستورها تَضمن لكل الديانات حقوقها في ممارسة شعائرها، وجزء من هذه الشعائر لا يُمكن أن يتوفر إلا من خلال تأهيل من يقومون على هذه الشعائر وعلى هذه الديانات. فالمسألة، أرى أنها قد تكون خُطوة في الاعتراف، لكنها خُطوة غير كافية، وعلى الجاليات المسلمة أن تتحرّك.
خلال لقاءات منتدى الإسلام مع الكنفدرالية، أو مع المكتب الفدرالي للشرطة في برن، الذي انطلق منذ 3 سنوات تقريبا، كان الحوار في البداية حول مسألة الأمن، لكن ممثلي الجاليات المسلمة، الذين يعدّون ب 30 شخصية في سويسرا، طالبوا بأن لا يقتصر الحوار والنقاش على هذه النقطة، نحن مجمعون على أن أمن هذا البلد هو أولوية لنا جميعا واشتغلنا عليه وحصلنا حتى في آخر الحوارات على اعتراف (يُمكن الرجوع إلى البيان الختامي)، الكنفدرالية بدور الأئمة والمسلمين والجالية المسلمة المُندمجة اندماجا إيجابيا في المجتمع السويسري في مقاومة التطرّف والابتعاد عن ما هو إرهاب وعُنف وغير ذلك، هذه مسألة.
فكان ضمن نقاط الحوار مسألة أثيرت وسيكون العمل عليها طويلا، وهي مسألة الاعتراف بالإسلام. ليس الاعتراف الفعلي، لكن الاعتراف القانوني، وأنا أتصور بأن هذه المسألة ستأخذ وقتا طويلا وتحتاج أيضا إلى أناس لهم نُضج في طرح هذه المسألة وكذلك إلى إرادة سياسية، أتمنى أن لا يكون الموضوع مقترنا بحملات الانتخابات والاتفاقات التي نعرفها دائما في النظام السياسي في سويسرا. يجب أن يكون الموضوع مبدئيا، نريد أن تُحسم مسألة وجود المسلمين كمكوّن من مكونات المجتمع السويسري، وبالتالي، مسألة الاعتراف بالدين الإسلامي.
في العديد من الحالات، طُلِب من المسلمين أن يتوحّدوا، بمعنى أن يكون لهم جهاز أو هيئة أو منظمة مُنتخبة وشفافة تُمثِّلهم لدى السلطات على مستوى الكانتونات أو على المستوى الفدرالي، لكن هذه النقطة التي هي أساسية في نظام ديمقراطي كالنظام السويسري، لم تُنجز إلى الآن. أنجِزت بعض الإعلانات، لكن عمليا لم تُنجز. ألا ترى أن الجالية المسلمة تتحمّل قِسطا من المسؤولية في تأخير وتأجيل صدور مثل هذا القرار السياسي؟
سمير جلاصي رضوان: نعم، هذا صحيح، والاعتراف بالحق فضيلة. بالفعل هنالك تقصير، لأن هنالك إشكالية كبيرة في الوجود الإسلامي في سويسرا، تصبِغه بعض الألوان التي لا تعيش اللحظة، بمعنى آخر، قد يكون المركز الإسلامي أو المسجد أو الجمعية الإسلامية أو بعض الممثلين، ليست هذه النقطة هي الأولوية لديهم، وأنا أعتبر أن هذا التقصير كبير جدا. قد تكون الأولوية هي المحافظة على الجالية أو لغة البلد الأصلي أو غير ذلك، نحن نحتاج فعلا أن نعيش اللحظة وأن نرى التحدّي أن يكون هنالك عمل الأجيال القادمة، وكذلك نريد مشاركة أبناء هذا البلد من المسلمين السويسريين الذين أسلموا واختاروا الإسلام دينا لهم، نريد أن يشاركوا أيضا في هذه المسألة، بحث تكون مطالبتهم كأبناء هذا البلد الأصليين، لحفظ حقوقهم والاعتراف بوجودهم بشكل قانوني.
تفصلنا أربعة أشهر عن موعد الاستفتاء الذي يُنظَّم في سويسرا بخصوص المقترح الداعي إلى حظر بناء المآذن. ما هو تقييمك للجدل الذي أحاط بهذا الموضوع منذ الإعلان عنه وماذا تتوقع أن تكون النتيجة؟
سمير جلاصي رضوان: أولا، أقول إن هذا الجدل أخذ مسارا غير طبيعي حقيقة، موضوع المآذن، موضوع له خصوصياته ليس في سويسرا فقط. أذكر لكم تجربة جيدة في كانتون تيتشينو، كان هناك لقاء مباشر مع اللجنة القانونية في البرلمان، وكان لقاء إيجابيا وخرج بعده تقرير إيجابي، (يُمكن الحصول عليه من إصدارات البرلمان المحلي).
بداية، أنا أدعو المسلمين وممثلي الجاليات الإسلامية إلى التواصل مع الهيئات الرسمية، نقل وجهات النظر، لا يجب أن نترك صوتا واحدا يصل وقد يكون مُشوِّها للإسلام. اللقاء مع المسؤولين مهمٌّ جدا في إيصال الصورة وفي بيان الواقع والحقيقة.
وقد استخلصت من خلال هذا اللقاء، أن هنالك عدم المعرفة بالإسلام وبواقع الجالية المسلمة، وكان ذلك لقاء إيجابيا للغاية، وقد خرج بعده بيان، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني بالنسبة للتيتشينو، بعد زيارة رئيس الكنيسة، والتي كانت زيارة قبل ثلاثة أيام من التصويت (على مقترح يميني متشدد يدعو إلى حظر بناء المآذن في كانتون تيتشينو، التحرير) ولم نُبرمجها حقيقة ولم يكن فيها خيار سياسي، كانت زيارة مقرّرة في دائرة التواصل بين الديانات، فغُطِّي هذا الحدث وكان له آثار إيجابي، حيث أن الأسقف قال "أنا أشعر بأن الحوار مع المسلمين، حوار إيجابي وجيد وجاد، وأشكر المسلمين على استقبالي في المسجد"، وقد دخل بصليبه (وهذه المسألة كانت قد تُحدِث جدلا واصطيادا في ماء عكِر من بعض المتصيِّدين)، غير أن تصريحات الأسقف، الذي تكلّم أيضا على قضية المآذن وأن للمسلمين حقّهم في أن يكون مسجدهم بالشكل الذي يناسبهم ويريدونه، ولا يُزعج أحدا، فكان التصويت بعد ثلاث أيام في برلمان تيتشينو ضد المبادرة، التي قدّمها حزبان في الكانتون.
على العموم، في سويسرا أنا أتصوّر أن هذه المسألة قد تمُر بشكل ما ضد المآذن، لكن هنا لا يعني أنه على المسلمين أن يناموا، إنما هنالك مسؤولية كبيرة وعملا كبيرا ينتظر ممثلي المسلمين في التواصل مع المجتمع ومع الشعب السويسري، الذي له في الأخير الكلمة الأخيرة. بمعنى آخر، علاقتنا مع المجتمع وصورة الإسلام عند المجتمع، هي التي في الأخير سيكون لها تأثير في التصويت، وليس الحملات الانتخابية في هذا الموضوع.
كمال الضيف - برن - swissinfo.ch


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.