وزير الداخلية يدعو لانطلاق أشغال اللجنة المشتركة لمراقبة العودة الطوعية للمهاجرين    منزل جميل.. تفكيك شبكة مختصة في سرقة المواشي ومحلات السكنى    ساقية الزيت: حجز مواد غذائية مدعّمة بمخزن عشوائي    العدوان في عيون الصحافة العربية والدولية: قمع الاحتجاجات الأمريكية يصدم العالم    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    ماذا في لقاء لطفي الرياحي بمفتي الجمهورية؟    قضية التآمر على أمن الدولة: رفض مطالب الافراج واحالة 40 متهما على الدائرة الجنائية المختصة    باجة.. تفكيك شبكة ترويج مخدرات وحجز مبلغ مالي هام    طقس الليلة    قيس سعيد: الامتحانات خط أحمر ولا تسامح مع من يريد تعطيلها أو المساومة بها    انتخابات جامعة كرة القدم.. قائمة التلمساني تستأنف قرار لجنة الانتخابات    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    النادي الافريقي يراسل الجامعة من أجل تغيير موعد الدربي    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    القبض على مشتبه به في سرقة المصلين بجوامع هذه الجهة    الترجي يقرّر منع مسؤوليه ولاعبيه من التصريحات الإعلامية    إغتصاب ومخدّرات.. الإطاحة بعصابة تستدرج الأطفال على "تيك توك"!!    عاجل : معهد الصحافة يقاطع هذه المؤسسة    رئيس الجمهورية يتسلّم دعوة للمشاركة في القمة العربية    الروائح الكريهة تنتشر في مستشفي قابس بسبب جثث المهاجرين    استقالة هيثم زناد ر.م.ع لديوان التجارة هيثم زناد و السبب لوبيات ؟    شوقي الطبيب يرفع إضرابه عن الطعام    البنك المركزي يعلن ادراج مؤسستين في قائمة المنخرطين في نظام المقاصة الالكترونية    تواصل غلق معبر راس جدير واكتظاظ كبير على مستوى معبر ذهيبة وازن    لاعب سان جيرمان لوكاس هيرنانديز يغيب عن لقاء اياب نصف نهائي ابطال اوروبا    مجددا بعد اسبوعين.. الأمطار تشل الحركة في الإمارات    مدنين: بحّارة جرجيس يقرّرون استئناف نشاط صيد القمبري بعد مراجعة تسعيرة البيع بالجملة    رئيس لجنة الشباب والرياضة : تعديل قانون مكافحة المنشطات ورفع العقوبة وارد جدا    عاجل/ الشرطة الأمريكية تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل أغلب الطلبة المعتصمين    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    وزارة التربية على أتم الاستعداد لمختلف الامتحانات الوطنية    صفاقس_ساقية الدائر: إخماد حريق بمصنع نجارة.    بنزيما يغادر إلى مدريد    عبد المجيد القوبنطيني: " ماهوش وقت نتائج في النجم الساحلي .. لأن هذا الخطر يهدد الفريق " (فيديو)    المغازة العامة تتألق وتزيد رقم معاملاتها ب 7.2%    اليوم: جلسة تفاوض بين جامعة الثانوي ووزارة التربية    إرتفاع أسعار اللحوم البيضاء: غرفة تجّار لحوم الدواجن تعلق وتكشف..    وزارة التجارة تنشر حصيلة نشاط المراقبة الاقتصادية خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    الحبيب جغام ... وفاء للثقافة والمصدح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    تونس تشهد تنظيم معرضين متخصّصين في "صناعة النفط" و"النقل واللوجستك"    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    الحماية المدنية: 9حالة وفاة و341 إصابة خلال 24ساعة.    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    تونس:تفاصيل التمديد في سن التقاعد بالقطاع الخاص    بطولة مدريد المفتوحة للتنس: روبليف يقصي ألكاراز    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان تربية أم انهيار !؟ : تحسين يحيى أبو عاصي
نشر في الفجر نيوز يوم 04 - 09 - 2009


كاتب فلسطيني مستقل
كم أسرة مسكينة في هذا الشهر الفضيل جلست على مائدة الإفطار بدموعها ، كم حالة قتل حدثت قبل وقت الإفطار بقليل أدت إلى يتم الأطفال وترمل النساء ، وكم حادث سير وقع بين السائقين فتسبب بأضرار مادية كبيرة بسبب ضغط الصيام مع الجهل في الدين ، وكم جار تشاجر مع جاره ، وبائع مع تاجر، وراكب مع سائق ، ومراجع مع موظف ، كل واحد من هؤلاء كما يقول المثل ( اضرب البعرة على انفه ترن ) أي لا يصبرون ، ولا طاقة لهم على التحمل ، وسرعان ما أن يغضبون ولأتفه الأسباب ، يضربون أطفالهم ويؤذون نساءهم ، فتجد المرأة المسحوقة والمغلوب على أمرها تعد طعام الإفطار، ودموعها تسيل على خديها من إيذاء زوجها لها ولأطفالها ، فهي الجارية الخادمة التي تئن من ظلم زوجها أو ابنها الصائم ، ولا تشكو هما لأحد أبدا ، إنما تفوض أمرها إلى الله . ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)
كل ذلك وأمثلة أخرى كثيرة تقشعر لها الأبدان ، أتى على خلفية صيام لا دين ولا تقوى ولا أخلاق فيه ؛ لأنهم لم تتحقق فيهم معاني التقوى ، فعندما خاطبهم الحق سبحانه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة: 183 ). كان الواحد من هؤلاء كالذي يحمل أثقالا لتدريبه فسرعان ما انهار أمامها ، أو كالذي يدخل على اختبار من غير تهيئة ولا إعداد فرسب به ، فكم صائم ليس له من صومه غير الجوع والعطش .... وكم قارئ للقرآن والقرآن يلعنه ، وكم مصل لا صلاة له .
كان الصوم عند هؤلاء مجرد شعيرة لم يحيطوا بها خُبرا ولا علماً بمعانيها ، فربما لو أفطروا ثم تصدقوا بدل إفطارهم ، لكان خيرا لهم ولمجتمعهم ولأسرهم التي ذاقت منهم وبال عبادتهم الجوفاء ، والخالية من معاني وأخلاق وفوائد الصيام ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) .
إن الله لا يريد لعبادة عبادة يعاني من ورائها الأطفال والنساء والشيوخ ( لا يريد بكم العسر ) ، ويعاني منها المجتمع بأسره حيث مكوناته الأسرية ، وإن الله أرحم على عبده من المرأة على وليدها . وكم كان خيرا عظيما عندما اجتمع علماء العالم وأصدروا فتوى شرعية تقضي بضرورة تمديد رمي جمرة العقبة لأيام أُخر ، عل خلاف الهدي النبوي الشريف ؛ وذلك بسبب قتل المئات من حجاج الرحمن في كل عام ، أثناء اندفاعهم عند رمي الجمار ، مما يؤكد الفهم الحقيقي لروح هذا الدين وسماحته وسعته ، لا تحجيره وتضييقه على أيدي أهله ، وذلك حرصا على الأمة ودرأً للأضرار والمفاسد وجلبا للمنافع .
لا يفهمني هنا جاهل أنني أدعو العلماء لإصدار فتوى تجيز إفطار المتهورين ومن لا أخلاق لهم في شهر رمضان ، بل إنني أدعو إلى فهم روح ديننا السمحة السلسة التي تصلح لكل زمان ومكان إذا فقهوا .
لقد غاب عن قلوبهم نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عندما تنزل عليه القرآن ( واستعينوا بالصّبر والصّلاة ) كما غاب عن قلوبهم أن لرمضان بعدا تربويا واجتماعيا يجب تحقيقه بأثر التقوى .
يقول الإمام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه أنّ: (صوم القلب خير من صيام اللسان، وصيام اللسان خير من صام البطن)
وتنقل كتب السيرة بانّ الرسول(صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) دعا لامرأة بطعام وقال لها: كلي فقالت: أنا صائمة يا رسول الله فقال: كيف تكوني صائمة وقد سببت جارتك؟!.
يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في خطبته الشريفة المشهورة: (أيّها الناس من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازاً على الصّراط يوم تزلّ فيه الأقدام).
(ومن كفّ فيه شرّه، كفّ الله غضبه عنه يوم يلقاه)، (ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه)، (ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه).
ويقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : (ومن تلا فيه آية من القرآن كان له أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور) والروايات تؤكد بانّ قراءة القرآن هي أفضل أعمال رمضان.. وانّ لكلّ شيء ربيع، وربيع القرآن شهر رمضان .
ويقول احد الصالحين : (إذا أصبحت صائماً فليصم سمعك وبصرك من الحرام، وجارحتك وجميع أعضائك من القبيح ، ودع عنك الهذى والأذى .
والصيام جنة ، قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل فإن شاتمه أحد أو قاتله ، فليقل: إني صائم ، إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه. فهل لمن يضرب ويقتل ويؤذي ويقبّح ويثور فرحتين ، وهل بهذه الأخلاق سيكون بجوار الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وهل سيجتاز الصراط ؟؟؟ .
قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
قال النبي : من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه .
وقال : الصوم جنة ، فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل ، فإن سابه أحد فيقل: أني امرؤ صائم .
بمثل هذه الأخلاق تحقق لأمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم التمكين في الأرض ، وتحقق لها العزة والكرامة والنصر، يوم أن فقهت روح الإسلام وتعاليمه الرحيمة السمحة ، بعيدا عن القولبة الجامدة ، والتيبس في العقول ، والتحجر في التفكير.
تحسين يحيى أبو عاصي
4/9/2009م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.