توطئة : سيد الرئيس بالتأكيد أن هديتك ستكون مختلفة عن سائر هدايا العيد الاخرى نظرا لموقعك الرئاسي و مكانتك السياسية و على حد معرفتي المتواضعة لم يسبق لكم ان استلمتم عيدية من هذا القبيل آمل أن تجد لديكم القبول الحسن و الصدر الرحب و تُدخل على قلبك و قلب الشعب التونسي البهجة و السرور و يبارك الله لنا و لكم في رمضان العظيم و يُعيد علينا فرحة العيد سنين تلو سنين . طالعتنا أخيرا الصحف التونسية برغبة رهط من أبناء الحركة الاسلامية بالعودة إلى البلاد رافعين شعار الولاء و الطاعة لكم يائسين من معارضة المغالبة و المكابرة ظنا منهم أن الارتماء في حضن النظام الحاكم الحل الامثل للخروج من المأزق الوطني و جعله حدا للمهاترات السياسية و الخصومة المستمرة و أن المعارضة من الخارج لا تُجدي نفعا و لا تزيد إلا في تمزيق الرابط الوطني و تشتيت الجهود التونسية في البناء و التعمير و عليه إختارت مُبايعتكم المطلقة و رمت بكل ماضيها الدعوي و السياسي و تنكرت لتاريخها و جهادها و القضية التي من أجلها هاجرت و أدارت ظهرها لإخوان النضال السابقين و شروط البيعة المشفوعة باليمين و حسبت بذلك أنها حلت المشكلة و أغلقت بابا لن يُفتح أبدا و أنها تسير على أرضية صلبة . مبادرة وُلدت ميتة : إلا أننا نرى غير ذلك و أن هذا الطريق الذي سلكه بعض الاخوة مليئا بالالغام و القنابل المزروعة و حتما لن يصل أحد منهم إلى نهاية السباق حيا و إن كُتبت له الحياة سوف يقطع المسافة مبتور الاطراف أو مقطوع الاواصل لا يُرجى منه فائدة و يكون بذلك خسر كل شيء و يصل إليكم كالبضاعة الفاسدة أو منتهية الصلوحية و أن هذه النهاية الحزينة دُبرت له من البداية من قبلكم بخطة مدروسة و مُحكمة لأنكم تعتقدون أنه من خان إخوانه و أحب الناس إليه كيف لا يخون عدو الامس و ما الذي يمنعه أن لا يخون مرة ثانية ...إذا ، مشروع البيعة وُلد ميتا من الاساس و ذلك لافتقاده لعامل الثقة التي تعتبر العنصر الاساسي و الركيزة المهمة في مثل هذه الاتفاقات و عليه بدأت تطفو على السطح بيانات الصحوة و الانسلاخ من هذا الطريق المشؤوم و أحسب أن الايام القادمة ستشهد العشرات من بيانات التراجع و الانسحاب من هذه المبادرة الميتة و بالتاكيد سيجدون الترحاب و العفو من إخوانهم و الحضن الواسع لاستقبالهم من جديد . أسباب فشل المبادرة : 1.عدم توفر عنصر الثقة و إن كان من طرف واحد . 2. يطغى على المبادرة الحل الامني من خلال الأفراد الذين يمسكون بملف المبادرة من قبل الحكومة و هم رجال أمن و الكيفية التي يتم بها معاملة التائبين عند عودتهم . 3. أسباب القضية ماتزال قائمة يعني أن المشكلة لم تُحل و بالتالي لاتوجد نية صادقة للوئام و التعايش المشترك . 4. تفتقر المبادرة لبرنامج واضح و مُعلن و السؤال عن التنازلات التي قدمها النظام للمنشقين و عن الثمن السياسي الذي كسبه الموقعين عن المبادرة . 5. المبادرة تفتقر لمرجعية شرعية و سند فقهي و تأييد وطني و مباركة من المعارضة على مختلف توجهاتها فهي مبادرة يتيمة لا جذور لها . الاتجاه الوطني السليم : لا يختلف إثنان على أن تونس تُعاني من أزمة وطنية كبرى إختلط فيها السياسي بالاقتصادي و الاجتماعي بالثقافي و الحقوقي بالانساني و رغم مجهودات النظام البائسة لتلميع صورته ألا ان تونس الامنة و الخضراء بسماحتها و جمالها و تعدد ثقافتها أصبحت اليوم في عيون الكثير من المراقبين سوداء قاتمة بكبت الحريات فيها و الاعتداء على أبسط الحقوق المدنية لمواطنيها و محاربتها لهويتها و ثقافتها الاسلامية و طرد مواطنيها خارج الوطن و ملاحقة كل من يحمل فكرا يُخالف فكر السلطة و أصبحت تونس سجنا يسع لكل التونسيين إلى مرحلة أصبح يُفكر فيها التونسيون بتأسيس منظمة لحق الخروج من البلاد لكثرة المعاناة و المأساة التي يلقاها أبناء الوطن الواحد بالداخل . إن المصالحة الحقيقية و التعايش المشترك لا يتم إلا من خلال وجود إرادة سياسية قوية و شجاعة يتسم بها الطرفان و من خلالها يُقدم كل طرف تنازلا ليس نقصا من قيمته أو تقليلا من وزنه إنما تنازلا للوطن و تعبيرا عن شجاعة و ثقة في النفس و ليس ضعفا أو خوفا من المجهول أو نقصا من قيمة أحد الطرفين و بذلك نضمن المصالحة الحقيقية و مستقبل آمن بعيدا عن المشاحنات و التوتر و يتفرغ الجميع لبناء الوطن . بنود عقد الاتفاق : من طرف الحركة الاسلامية : تُعلن عن عودتها للوطن و التوقف عن معارضتها للنظام الحاكم و انتقاد سياسته عل جميع الاصعد بالداخل و الخارج . تتنازل الحركة الاسلامية عن حقها للترشح للرئاسة أو البرلمان أو مجالس البلدية لمدة عشرين سنة . الحركة الاسلامية لا تعارض في أن يتولى رئاسة الجمهورية من بعد الرئيس بن علي من يراه الرئيس الحالي مناسبا له و لا مانع لديها إن كانت زوجته أو ابنه او صهره . تتنازل الحركة الاسلامية عن حقها في التعويض لسنين العذاب و التشريد و السجون و الخسائر التي لمت بها بسبب الازمة . تتعهد الحركة الاسلامية بتوفير حياة كريمة للعائلة الحاكمة من بعد تخليها عن السلطة و لا تسألها عما سلف من يوم توقيع الاتفاق . هذا الاتفاق مُلزم لكل أبناء الحركة الاسلامية لمدة عشرين سنة و إن لم يشهدوا توقيعه . من طرف الحكومة : أن تُلغي ما سمي بقانون الارهاب و سياسة تجفيف المنابع . أن تضمن الحرية المسؤولة لكل التونسيين بدون استثناء . السماح للتونسيين بحرية تشكيل جمعيات و منظمات واحزاب شريطة ان لا تتعارض مع البنود السابقة الملزمة للحركة الاسلامية . السماح لكل التونسيين بالنشاط الثقافي و المدني و الخدمي تحت مظلات قانونية . سيد الرئيس أحسب أنه عرض وطني لا يتسم بالتطرف أو العصبية إنما غلبت عليه الروح الوطنية و المسؤولية و ان عناصر المصلحة لجانبكم اكثر بكثير من مصالح الطرف الثاني و أعتبر أنها أفضل هدية عيد نُقدمها لكم نهاية الشهر الفضيل ...كلنا أمل في استجابتكم الكريمة و طي صفحة الماضي و أن تكون رئيس كل التونسيين بدون استثناء و انه بين يديك فرصة تاريخية لا تتكرر ابدا و بذلك تقطع دابر الشر و سوء الفهم . و السلام في : 09 09 14 حمادي الغربي