وزير الشؤون الاجتماعية يكشف: عائلات تتمتع بمنح دون وجه حق..#خبر_عاجل    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    تصفيات مونديال 2026: لامين يامال يغيب عن مباراتي إسبانيا الأخيرتين واتحاد كرة القدم "مستاء"    عاجل: كريستيانو رونالدو يعلنها ''كأس العالم 2026 آخر مشاركة لي''    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    تطاوين : افتتاح مركز شنني لتثمين التراث بتعاون تونسي-بريطاني لتعزيز الحرف التقليدية والتنمية المستدامة    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    11 نوفمبر: العالم يحتفل ب''يوم السناجل''    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    عاجل/ وزير النقل يكشف عدد القضايا المرفوعة ضد "تونيسار" بسبب تأخر الرحلات    عاجل: تونس وموريتانيا – 14 ألف تذكرة حاضرة ....كل ما تحب تعرفوا على الماتش!    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    النادي الإفريقي: خلية أحباء باريس تتضامن مع الإدارة .. وتتمنى الشفاء العاجل لكل اللاعبين المصابين    الأخطر منذ بدء الحرب/ شهادات مزلزلة ومروعة لاغتصاب وتعذيب جنسي لأسيرات وأسرى فلسطينيين على يد الاحتلال..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    عاجل/ في عمليتين نوعيتين للديوانة حجز هذا المبلغ الضخم..    من وسط سبيطار فرحات حشاد: امرأة تتعرض لعملية احتيال غريبة..التفاصيل    حجم التهرب الضريبي بلغ 1800 م د في صناعة وتجارة الخمور بتونس و1700 م د في التجارة الالكترونية    نابل: توافد حوالي 820 ألف سائح على جهة نابل - الحمامات منذ بداية السنة الحالية    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    عاجل: ميناء سوسة يفتّح أبوابه ل200 سائح من رحلة بحرية بريطانية!    المحكمة الابتدائية بتونس تحجز ملف المحامية سنية الدهماني لتحديد موعد الجلسة القادمة    وزير الداخلية: الوحدات الأمنية تعمل على ضرب خطوط التهريب وأماكن إدخالها إلى البلاد    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    عاجل-وزارة الدفاع الوطني: انتدابات وزيادة في الأجور    عاجل/ سقوط سقف إحدى قاعات التدريس بمعهد: نائب بالمجلس المحلّي بفرنانة يفجرها ويكشف..    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    نائب رئيس النادي الإفريقي في ضيافة لجنة التحكيم    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    المنتخب التونسي يفتتح الأربعاء سلسلة ودياته بمواجهة موريتانيا استعدادًا للاستحقاقين العربي والإفريقي    عاجل: اضطراب وانقطاع المياه في هذه الجهة ..ال sonede توّضح    حاجة تستعملها ديما...سبب كبير في ارتفاع فاتورة الضوء    من فصول الجامعات إلى مجال الاستثمار والتصدير : كيف تستفيد تونس من تعاونها مع الصين؟    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    مجلس الشيوخ الأمريكي يقرّ مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    ياخي الشتاء بدا يقرّب؟ شوف شنوّة يقول المعهد الوطني للرصد الجوي!    الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في القراءة الأولى    العراق ينتخب.. ماذا سيحدث من يوم الاقتراع لإعلان النتائج؟    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    طقس اليوم؛ سحب أحيانا كثيفة مع أمطار مُتفرقة بهذه المناطق    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى استشهاد عمر المختار :إبراهيم النعاجي
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 09 - 2009

احتلت ايطالية ليبيا سنة 1911 فبدأت صفحة دامية من صفحات تاريخ الشعب الليبي الملون بالدماء.
فمن ذلك اليوم المشئوم يوم احتلال ايطالي لليبيا بدأت المجازر تنفد ضد الشعب الليبي. أحداث ووقائع لا يمكن نسيانها أو التغافل عنها أو عدم التذكير بها مهم مرت السنيين.
ويرى بعض الليبيين أن الإشادة بهذه الذكريات لا فائدة منها في الوقت الحاضر. ذلك أنهم يتصورون أن التاريخ فترة زمنية مضت إلى غير رجعة وما فات مات في حين أن الواقع يحكي عكس ذلك إذ أن معرفة التاريخ ودراسة ما حدث فيها ينير الطريق للأجيال القادمة لتحقق المستقبل المأمون.
أن التقصير في الحفظ والتذكير بتاريخ جهاد الليبيين يؤدي إلى جهل المعاصرين فضلا عن الأجيال القادمة.
وجميع الجرائم التي ارتكبها الايطاليين أحداثها بأدق تفاصيلها ما زالت محفورة في الذاكرة.
جميع المعارك التي خاضها الليبيون لا يمكن أن تذهب أدراج الرياح ومن الخطأ أن تنفصل عن التاريخ لأن التاريخ هو أب الحاضر وجد المستقبل.
واليكم كيف ثم القبض على المختار بداية من سقوط نظارته ثم سقوطه عن فرسه
وإلقاء القبض عليه ثم محاكمته ونهايةً بإعدامه واستشهاده.
ففي معركة السانية في شهر أكتوبر عام 1930م سقطت عن الشيخ عمر المختار نظارته، وعندما وجدها أحد جنود الطليان وأوصلها لقيادته، فرآها غراتسياني فقال: "الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما".
وفي 11 سبتمبر من عام 1931م، وبينما كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة سلنطة في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للعدو فأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تحته وسقطت على يده مما شل حركته نهائياً. فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول بندقيته ليدافع عن نفسه، فسرعان ما حاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه ومن ثم وضع على طراد الذي نقله رأسا إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش. ولم يستطع الطليان نقل الشيخ براً لخوفهم من تعرض المجاهدين لهم في محاولة لتخليص قائدهم.
كان لاعتقاله في صفوف العدو، صدىً كبيراً، حتى أن غراسياني لم يصدّق ذلك في بادئ الأمر،وكان غراتسياني في روما حينها كئيباً حزيناً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة تهرباً من الساحة بعد فشله في القضاء على المجاهدين في برقة، حيث بدأت الأقلام اللاذعة في إيطاليا تنال منه والانتقادات المرة تأتيه من رفاقه مشككة في مقدرته على إدارة الصراع. وإذا بالقدر يلعب دوره ويتلقى برقية مستعجلة من بنغازي مفادها إن عدوه اللدود عمر المختار وراء القضبان. فأصيب غراتسياني بحالة هستيرية كاد لا يصدق الخبر. فتارة يجلس على مقعده وتارة يقوم، وأخرى يخرج متمشياً على قدميه محدثاً نفسه بصوت عال، ويشير بيديه ويقول: "صحيح قبضوا على عمر المختار ؟ ويرد على نفسه لا، لا اعتقد." ولم يسترح باله فقرر إلغاء أجازته واستقل طائرة خاصة وهبط ببنغازي في نفس اليوم وطلب إحضار عمر المختار إلي مكتبه لكي يراه بأم عينيه.
وصل غرسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر , وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة" يوم 15 سبتمبر 1931م, وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غرسياني في الحديث مع عمر المختار, يذكر غرسياني في كتابه (برقة المهدأة):
"وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل, رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة, وكان وجهه مضغوطا لأنه كان مغطيا رأسه (بالجرد) ويجر نفسه بصعوبة نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر, وبالإجمال يخيل إليّ أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر, ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح."
غراتسياني: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة لفاشستية ؟
أجاب الشيخ: من أجل ديني ووطني.
غراتسياني:ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه ؟
فأجاب الشيخ: لا شئ إلا طردكم … لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله.
غراتسياني: لما لك من نفوذ وجاه، في كم يوم يمكنك إن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا أسلحتهم ؟.
فأجاب الشيخ: لا يمكنني أن أعمل أي شيء … وبدون جدوى نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الأخر، ولا نسلم أو نلقي السلاح…
ويستطرد غرسياني حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للانصراف كان جبينه وضاء كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية ولقبت بأسد الصحراء. ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد, فأنهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء, وعند وقوفه حاول أن يمد يده لمصافحتي ولكنه لم يتمكن لأن يديه كانت مكبلة بالحديد."
- مهزلة المحاكمة :
عقدت للشيخ الشهيد محكمة هزلية صورية في مركز إدارة الحزب الفاشستي ببنغازي مساء يوم الثلاثاء عند الساعة الخامسة والربع في 15 سبتمبر 1931م،
وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت،
وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ "إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف... إنا لله وإنا أليه لراجعون".
- وهنا نقلا حرفيا لمحضر المحاكمة كما ورد في الوثائق الإيطالية :
إنه في سنة ألف وتسعمائة وواحدة وثلاثين ؛ السنة التاسعة، وفي اليوم الخامس عشر من شهر سبتمبر، ببنغازي، وفي تمام الساعة 17 بقصر "الليتوريو" بعد إعداده كقاعة لجلسات المحكمة الخاصة بالدفاع عن أمن الدولة، والمؤلفة من السادة :
- المقدم الكواليير اوبيرتو فانتيري مارينوني، رئيسا بالوكالة، نيابة عن الرئيس الأصيل الغائب لعذر مشروع.
- المحامي د. فرانشيسكو رومانو (قاضي مقرر).
- الرائد الكاواليير قوناريو ديليتلو (مستشار، أصيل ).
- رائد "الميليشيا التطوعية للأمن الوطني (الكواليير جوفاني منزوني، مستشار أصيل).
- رائد "الميليشيا التطوعية للأمن الوطني (الكواليير ميكيلي مندوليا، مستشار أصيل)، والرئيس بالنيابة عن الرئيس الأصيل، الغائب بعذر مشروع.
- بمساعدة الملازم بسلاح المشاة، ايدواردو ديه كريستوفانو (كاتب الجلسة العسكري بالنيابة).
للنظر في القضية المرفوعة ضد : عمر المختار، بن عائشة بنت محارب، البالغ من العمر 73 سنة، والمولود بدفنة، قبيلة منفة، عائلة بريدان، بيت فرحات ؛ حالته الاجتماعية : متزوج وله أولاد، يعرف القراءة والكتابة، وليست له سوابق جنائية، في حالة اعتقال منذ 12 سبتمبر 1931.
المتهم بالجرائم المنصوص عليها وعلى عقوباتها في المواد 284-285-286-575-576 (3)، والمادة 26، البنود : 2 - 4 - 6 - 10، وذلك أنه قام، منذ عام 1911م وحتى القبض عليه في جنوب سلنطة في 11سبتمبر 1931، بإثارة العصيان وقيادته ضد سلطات الدولة الإيطالية، داخل أراضي المستعمرة، وباشتراكه في نصب الكمائن للوحدات المعزولة من قواتنا المسلحة وفي معارك عديدة وأعمال الإغارة للسلب والنهب واللصوصية مع ارتكاب جرائم قتل بدافع نزعته إلى القسوة والتوحش، وأعمال البطش والتنكيل، بقصد إحداث الدمار وسفك الدماء لفصل المستعمرة عن الوطن الأم.
بعد ذلك سمح للجمهور بدخول قاعة الجلسات، بينما جلس المتهم في المكان المخصص للمتهمين، تحت حراسة عسكرية، وهو طليق اليدين وغير مكبل بأغلال من أي نوع.
كما حضر وكيل النيابة العامة السينور "كواليير" أوفيتشالي جوسيبي بيديندو، كمدعي عسكري، والمكلف بالدفاع عن المتهم، المحامي، النقيب في سلاح المدفعية، روبيرتو لونتانو.
يعلن الرئيس افتتاح الجلسة. فيحضر أيضا المترجم السيد نصري هرمس الذي يطلب إليه الرئيس الإدلاء ببيانات هويته فيجيب :
- نصري هرمس، ابن المتوفى ميشيل، وعمري 53 سنة، ولدت في ديار بكر ببلاد ما بين النهرين (العراق) رئيس مكتب الترجمة لدى حكومة برقة.
يكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة، بعد تحذيره حسبما هو مقرر، فيؤديها بصوت عال وبالصيغة التالية : (( أقسم بأنني سأنقل الأسئلة إلى الشخص المقرر استجوابه بواسطتي بأمانة وصدق، وبأن أنقل الردود بأمانة )).
فيوجه الرئيس، عن طريق الترجمان، أسئلة للمتهم حول هويته، فيدلي بها بما يتفق مع ما تقدم، ومن ثم ينبه عليه بالإنصات إلى ما سيسمع. وعند هذه النقطة، يثبت في المحضر طلب وكيل النيابة بإعفاء المترجم نصري من المهمة بسبب وعكة ألمت به والاستعاضة عنه بالكواليير لومبروزو ابن آرونه وماريا قاندوس، المولود بتونس في 27 - 2 - 1891م، ومهنته صناعي.
فيكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة، بعد تحذيره نظاميا ؛ يتلو كاتب الجلسة صحيفة الاتهام، فيتولى الترجمان ترجمتها للمتهم، ويسرد بعدها قائمة المستندات والوثائق المتصلة بالدعوى، وبعد سردها يكلف الرئيس الترجمان بترجمتها، حيث إن المتهم غير ملم باللغة الإيطالية، ومن ثم يبدأ استجوابه حول الأفعال المنسوبة إليه ؛ فيرد عليها، ويتولى الترجمان ترجمة ردود المتهم عليها.
ويثبت بالمحضر أن المتهم يرد بانتظام عن كل اتهام حسب ما جاء في محضر استجوابه المكتوب، معترفا بأنه زعيم المقاومة في برقة وبهذه الصفة فهو الفاعل والمحرض لجميع الجرائم التي اقترفت في أراضي المستعمرة خلال العقد الأخير من الزمن، أي الفترة التي ظل خلالها الرئيس الفعلي للمقاومة.
وردا عن سؤال، يجيب :
منذ عشر سنوات، تقريبا، وأنا رئيس المحافظية. ويثبت هنا أن المتهم ظل يرد عن كل سؤال محدد حول تهمة بعينها، بقوله : (( لا فائدة من سؤالي عن وقائع منفردة، وما أرتكب ضد إيطاليا والإيطاليين، منذ عشر سنوات وحتى الآن، كان بإرادتي وإذني، عندما لم أشترك أنا نفسي في تلك الأفعال ذاتها )).
وردا عن سؤال، يجيب : (( كانت الغارات تنفذ أيضا بأمري وبعضها قمت بها أنا نفسي )).
يعطي الرئيس الكلمة لوكيل النيابة : بعد أن تناول الكلمة، أوجز مطلبه في أن تتكرم المحكمة، بعد تأكيد إدانة المتهم بالجرائم المنسوبة إليه، بإصدار حكم الإعدام عليه وما يترتب عليه من عواقب.
وينهي الدفاع، بدوره مرافعته بطلب الرأفة بالمتهم. وبعدما أعطى المتهم الكلمة كآخر المتحدثين، يعلن الرئيس قفل باب المناقشة، وتنسحب هيئة المحكمة إلى حجرة المداولة لتحديد الحكم.
عادت المحكمة بعد قليل إلى قاعة الجلسات ؛ لينطق الرئيس بصوت عال بالحكم بالإدانة، بحضور جميع الأطراف المعنية. فيقوم الترجمان بترجمة منطوق الحكم.
أثبت تحريريا كل ما تقدم بهذا المحضر الذي وقع عليه : كاتب المحكمة العسكري.
الإمضاء : ادواردو ديه كريستوفانو، الرئيس (المقدم الكاواليير أوميركو مانزولي).
كاتب المحكمة العسكرية، الإمضاء : ادواردوديه كريستوفاني (Edoardo De Cristofano).
الرئيس : (المقدم الكاواليير أوميركو مانزوني)
الإمضاء : أومبيرتو مانزوني (Umberto Marinoni).
في صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء، 16 سبتمبر 931م، اتخذت جميع التدابير اللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران،
وأحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم.
وأحضر الشيخ عمر المختار مكبل الأيدي، وعلى وجهه ابتسامة الرضا بالقضاء والقدر،
وبدأت الطائرات تحلق في الفضاء فوق المعتقلين بأزيز مجلجل حتى لا يتمكن عمر المختار من مخاطبتهم،
وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً سلم الشيخ إلي الجلاد، وكان وجهه يتهلل استبشاراً بالشهادة وكله ثبات وهدوء، فوضع حبل المشنقة في عنقه، وقيل عن بعض الناس الذين كانوا على مقربة منه إنه كان يؤذن في صوت خافت آذان الصلاة، والبعض قال إنه تمتم بالآية الكريمة "يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية" ليجعلها مسك ختام حياته البطولية. وبعد دقائق صعدت روحه الطاهرة النقية إلي ربها تشكو إليه عنت الظالمين وجور المستعمرين.
وسبق إعدام الشيخ أوامر شديدة بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أو يظهر البكاء عند إعدام عمر المختار، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضرباً مبرحاً بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار. ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العبارية وندبت فجيعة الوطن عندما علا الشيخ شامخاً مشنوقاً، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت".
_____________________
المصادر :
1- الموسوعة الحرة
2-بعض المواقع الالكترونية الأخرى

وتكريما وافتخارا بالشيخ عمر المختار رثاه بعض الشعراء بهذه الأبيات.
ونبد بالشاعر الكبير احمد شوقي:
ركزوا رفاتك في الرمال لواء
يستنهض الوادي صباح مساء
يا ويحهم نصبوا مناراً من دم
توحي إلى جيل الغد البغضاء
جرحٌ يصيح على المدى، وضحيةٌ
تتلمس الحرية الحمراء
يا أيها السيف المجرَّد بالفلا
يكسو السيوف على الزمان مضاء
تلك الصحارى غمد كل مهند
أبلى، فأحسن في العدو بلاء
خُيّرت، فاخترت المبيت على الطوى
لم تبن جاها.. أو تلم ثراء
إن البطولة أن تموت من الظما
ليس البطولة أن تعبّ الماء
(أفريقيا) مهد الأسود، ولحدها
ضجت عليك أراجلا ونساء
والمسلمون على اختلاف ديارهم
لا يملكون مع المصاب عزاء
والجاهلية من وراء قبورهم
يبكون زيد الخيل والفلحاء
في ذمة الله الكريم،وحفظه
جسدٌ ببرقة وسّد الصحراء
شاعر: القطرين خليل مطران:
أبيت، والسيف يعلو الرأس تسليما
وجدت بالروح جود الحرّ.. إن ضيما
لله يا (عمر المختار) حكمته
في أن تلاقي ما لاقيت مظلوما
إن يقتلوك، فما إن عجلوا أجلاً
قد كان مذ كنت.. مقدوراً ومحتوما
------------------------------------------------------------------------
شاعر النيل حافظ إبراهيم:
طمع القي على الغرب اللتاما
فاستفق يا شرق واحذر أن تناما

الشاعر: معروف الرصافي:
ألا انهض وشمر أيها الشرق للحرب
وقبل غرار السيف واسل هوى الكتب
ولا تغتر أن قيل عصر تمدن
فإن الذي قالوه من أكذب الكذب
ألست تراهم بين مصر وتونس
أباحو حمى الإسلام بقتل والنهب
وما يؤخذ الطليان بالذنب وحدهم ولكن
جميع الغرب يؤخد بالذنب

------------------------------------------------------------------------
شاعر الشباب: محمود بو رقيبة:
مضى عمر المختار لله رافلاً
بثوبٍ نقي حيك من خالص الطهر
مضى عمر المختار لله بعدما
قضى الواجب الأسمى بأعلى ذرى الفخر
مضى عمر المختار لله هانئاً
سعيداً شهيداً وانطوت صفحة العمر
مخلفةً للعالمين مآثراً
هي الغرر البيضاء في جبهة الدهر
ومن دمه المسفوك سطر آية
سيحفظها التاريخ بالحمد والشكر
نعم سيحفظها التاريخ بالحمد والشكر و رحمة الله على عمر المختار و على جميع المجاهدين الذين لهم الفضل في تحقيق الانتصارات في العديد من المعارك ضحوا بأنفسهم في سبيل حرية هذا الوطن الغالي.
إبراهيم محمد النعاجي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.