تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي يطالب بالتحقيق في سحب تقرير «غولدستون»ودعا لمحاكمة علنية للذين منعوه ..
نشر في الفجر نيوز يوم 10 - 10 - 2009

حمل العلامة د. يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية بشدة على قرار السلطة الفلسطينية بسحب تقرير «غولدستون» من مناقشات مجلس حقوق الإنسان في جنيف الخاص بالحرب الإسرائيلية على غزة التي وقعت نهاية العام الماضي
ووصف الاعتذار عن سحب التقرير بأنه «عذر أقبح من ذنب «، ودعا في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع عمر بن الخطاب بمدينة خليفة الجنوبية إلى تحقيق فوري تقوم به لجنة محايدة تضم أطرافا فلسطينية وعربية وإسلامية «تتقصى الحقائق وتعرضها على الأمة العربية والإسلامية؛ لمحاكمة الذين سحبوا التقرير محاكمة علنية»
وأكد أن التقرير يتعلق بكرامة الأمة وعرضها لا بالفلسطينيين وحدهم، وهاجم الذين وافقوا على سحب التقرير وطالب بمعاقبتهم عما فعلوا، ووصفهم بأنهم «لا يستحقون أن يكونوا أمناء على الأمة» مضيفا بأنه «لا يصح أن يكون الخائن مؤتمنا».
ووجه نقداً قاسيا للذين أمروا بسحب التقرير قائلا: «خيبة الله ولعنته عليكم، اخرجوا من البلاد التي خنتموها».
وجدد الشيخ القرضاوي التأكيد على أن المسجد الأقصى ملك للمسلمين جميعا وليس ملكا للفلسطينيين وحدهم، ولو أن الفلسطينيين تقاعسوا وتخلوا عن قضيتهم فوجب على باقي المسلمين أن يدافعوا عنها.
وذكر أن الدفاع عن أي أرض إسلامية محتلة واجب على المسلمين جميعا «كل بحسب موقعه» ولا يجوز للأمة أن تفرط في شبر من أرضها لكافر.
وذكر أنه لا يجوز لشعب مسلم أن يفرط في أي شبر من أرضه يحتله كافر، ولابد أن يقاومه وأن يطرده وأن يعيده مدحوراً، فإن لم يستطع أصحاب الأرض الدفاع عنها وتحريرها، فعلى جيرانهم ثم جيرانهم، وعلى الأمة مجتمعة أن تساندهم بالرجال والمال والسلاح، حتى تتحرر هذه الأرض.
وطالب الأمة المسلمة أن تجبر قادتها على التجمع وعلى نصرة المقدسات المحتلة وإنقاذها. مؤكدا أنه «لا يجوز أن نفرط في حرماتنا ومقدساتنا، وندعها للعصابات اليهودية الإجرامية لتعبث بها وتفتك بها ونحن لا نفعل شيئاً»
وأكد الشيخ القرضاوي على ضرورة أن يحمل كل منا همَّ القدس باعتبارها تاج القضية الفلسطينية.
وحذر الشيخ القرضاوي من عواقب الفتن التي يتعرض لها المسلمون من الداخل والخارج، مشيراً إلى أن المؤمنين الصالحين كانوا يستعيذون من شرور الفتن باستمرار في مختلف العصور قائلين: «اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن».
وذكر أن الفتن حينما تصيب الأمة تمزقها كل ممزق وتغير هويتها وتحرف مسيرتها.
وأوضح أن الفتن نوعان: فتنة من خارج المسلمين تأتيهم من الكفار وأعداء الإسلام الذين يحاولون أن يفتنوا المسلمين عن دينهم بالتعذيب والقتال والاضطهاد،
وفتنة من الداخل بين المسلمين بعضهم وبعض تلبس عليهم الأمور ويوضع الحق في موقع الباطل، والباطل في موضع الحق. ويختلط فيها الحابل بالنابل.
أرض الإسراء والمعراج
وعلق القرضاوي على ما يحدث للمسجد الأقصى قائلا: إننا في هذه الأيام نعيش في قضية المسجد الأقصى، هذا المسجد الذي بارك الله حوله والذي ربطه القرآن الكريم بالمسجد الحرام الذي هو مبتدى الإسراء، والمسجد الأقصى الذي هو منتهى الإسراء ومبتدى المعراج، من المسجد الأقصى عرج بمُحمد إلى السموات العلا إلى سدرة المنتهى وفي المسجد الأقصى أم مُحمد صلى الله عليه وسلم الرسل والنبيين وصلى بهم إمامهم إشعارا بأن القيادة انتقلت إلى أمة جديدة من أمة بني إسرائيل إلى أمة الإسلام الجديدة، الأمة العالمية التي لا تنتمي إلى إسرائيل أو إسماعيل، إنما تنتمي إلى هذا الدين العظيم، ((كنتم خير أمة أخرجت للناس)) لم تخرج وحدها أخرجها الله للناس لقيادة الناس وهدايتهم وإسعادهم ونفع الناس ((وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس)) في المسجد العظيم الأقصى أم مُحمد الأنبياء إيذانا بهذه الرسالة الجديدة والأمة الجديدة، هذا المسجد الآن وقبل الآن يتعرض لخطر شديد، خصوصاً بعد الاحتلال الصهيوني للقدس والضفة الغربية 1967.
وذكر أنه في اليوم الثامن من يونيو كان الإسرائيليون قد أحكموا قبضتهم على المسجد الأقصى، ومن يومها يفعلون ما يشاءون بهذا المسجد الأقصى حفريات من تحت وانتهاكات من فوق وفي كل يوم جديد والأمة لا تصنع شيئاًَ .
واقعة حرق الأقصى
وروى الشيخ القرضاوي ما حدث منذ أربعين عاماً في أغسطس 1969 حينما قام هذا الأسترالي بمحاولة لإحراق المسجد الأقصى، وأحرق جزءا من منبر صلاح الدين، وحينها ثارت الأمة الإسلامية في مشرق الأرض ومغربها، في شمالها وجنوبها، في كل مكان ثارت هذه الأمة، وأجبرت قادتهم ملوكها وأمراءها ورؤساءها، أجبرتهم على أن يجتمعوا لأول مرة في قمة إسلامية وكان باعث ذلك وهدفه إنقاذ المسجد الأقصى.
وأضاف بأنه بعد أربعين سنة يتعرض المسجد الأقصى كل يوم لأخطار خطر بعد خطر والأمة لا تصنع شيئاً، فلا تحتج احتجاج القوي الصارخ الذي يدوي، هناك احتجاجات على استحياء خافتة من هذا وذاك.
وأبدى دهشته متسائلا: متى تتحرك الأمة؟ متى يتحرك رؤساء الأمة وقادتها؟ متى يتحرك هؤلاء الذين ولتهم الأمة أمورها؟ هل ولتهم الأمة أمورها كي يتمتعوا بالأموال والسيادة والملكية والإمارة ثم لا يصنعوا شيئاً لهذه الأمة إذا انتهكت حرماتها؟
وأكد أن هؤلاء القادة وشعوبهم عليهم أن يقوموا بواجبهم للدفاع عن هذه الأمة، إنهم قادرون على صنع الكثير لو صدقت إرادتهم واجتمعت كلمتهم وصمموا أن يفعلوا شيئاً، لكنهم لا يريدون حتى أن يجتمعوا، في أيام حرب غزة، ذهب وفد من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وقابل عددا من هؤلاء القادة والزعماء؛ للتحرك والاجتماع من أجل غزة، ولكن حتى مجرد الاجتماع ليتدارسوا الأمور وينظروا ماذا يجب عليهم نحو دينهم وأمتهم ومقدساتهم، هل المسجد الأقصى ملك الفلسطينيين وحدهم أم هو ملك العرب والمسلمين جميعاً؟!
وعرض الشيخ القرضاوي للأحكام الشرعية الواجبة على المسلمين تجاه الأقصى قائلا: لاشك أن الأحكام الشرعية التي يعرفها كل مسلم مثقفاً أو حتى الأمي يعرف أن الدفاع عن أرض الإسلام واجب على الأمة الإسلامية، ولا يجوز للأمة أن تفرط في أي شبر في أرضها يحتله كافر، لا بد أن تقاومه وأن تطرده وأن تعيده مدحوراً، فإن لم تستطع هذه الفئة أو أصحاب هذه الأرض، فعلى جيرانهم ثم جيرانهم، وعلى الأمة مجتمعة أن تساندهم بالرجال والمال والسلاح، حتى تتحرر هذه الأرض، فما بالكم إذا كان هذه الجزء المحتل من أرض المقدسات من أرض الإسراء والمعراج، إذا كان هذا الجزء من المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، انظروا إلى هذا التعبير القرآني ((المسجد الأقصى الذي باركنا حوله))، المسجد ليس وحده مبارك بل الأرض حوله مباركة، وهذا يوجب على الأمة أن تعمل ما تستطيع لإنقاذ هذا المسجد الأقصى.
ربع العالم مسلمين
وأشار إلى ما نشرته الصحف من إحصائيات عن المسلمين تذكر أنهم ربع سكان العالم، وقال إن هناك حربا في الإحصائيات الخاصة بالمسلمين في محاولات دائمة للتقليل من أعدادهم في العالم، ولكن هذه الإحصائية بالأرقام تقول: إن المسلمين حوالي 23% من سكان العالم أي ربع سكان العالم، هذه الأعداد الهائلة كثرة كغثاء السيل أهم ممن يقال: (تجمعهم زمارة وتفرقهم عصا؟).
وأعرب الشيخ القرضاوي عن الثقة في جماهير الأمة الإسلامية وشعوبها، إذا فقدنا الثقة في معظم القادة السياسيين الذين خضعوا لاعتبارات معينة إقليمية ومحلية وخضعوا لوسوسات شيطانية بعضها من أنفسهم وبعضها من شياطين الإنس والجن، بعضها ممن يوسوس لهم من القوى الاستعمارية الصهوينية والمتربصة بهم.
وقال الشخ: إن الأمة الإسلامية لم ولن تموت أبدا، ستظل حامية لحرماتهم هذه الأمة هي خاتمة الأمم، هي أمة الخلود، هل هناك كتاب بعد القرآن؟ هل هناك نبي بعد مُحمد عليه الصلاة والسلام، هذه الأمة وارثة النبوات والشرائع، ولذلك حفظها الله تعالى من أن تزول أو تفنى، لا يمكن أن يسلط عليها عدو فيستبيح بيضتها ويفينها عن آخرها، ولا يمكن أن يهلكها بالغرق أو المجاعة أو الكوارث الطبيعية، ضمن الله لرسوله أن تبقى هذه الأمة.
الطائفة المنصورة
وأشار إلى أن من مظاهر بقاء الأمة أن تظل بها طائفة يسميها العلماء الطائفة المنصورة، هذه الطائفة تقوم على الحق لا يضرُّها من خالفها؛ حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، علينا أن نؤيد هذه الطائفة، وهي موجودة في قطر وفي الخليج وفي مصر وفي المشرق وفي المغرب وفي كل أنحاء العالم، موجودة تحمل الراية وتنادي الأمة، ولا يمكن أن تجتمع هذه الأمة على ضلالة (فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين) (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) علينا أن نقوي عضد هذه الأمة، ونسند ظهرها، ونقف بجوارها، هذه الأمة الهادية بالحق، والداعية إلى الحق، والمنصور بالحق، لابد أن نقف معها، وهي موجودة في كل مكان، على هذه الطائفة المنصورة أن تتساند وتتعاضد، ويتصل بعضها ببعض في عصرنا عصر ثورة الاتصالات ففيه لم يعد أحد يستطيع أن يعيش منعزلا عن الآخر، لا يمكن أن تنهزم هذه الأمة أمام العصابات الصهيونية الذين هم فئة قليلة وموصوفة بما ذكره الله تعالى في كتابه ((تحسبهم جميعا وقلوبهم شتا)، (يقاتلونكم من وراء جدر)).
واجب القادة
وذكر الشيخ القرضاوي أنه على الأمة المسلمة أن تجبر قادتها على التجمع، وعلى نصرة هذه المقدسات وإنقاذها، لا يجور أن نفرط في حرماتنا ومقدساتنا وندعها ليهود لهذه العصابات الإجرامية تعبث بها، وتفتك بها ونحن لا نفعل شيئاًَ.
على الأمة أن تفعل كل ما تستطيع، ومن هنا نادينا الأمة في كل مكان من جاكرتا إلى الرباط إلى نواكشوط في آسيا وإفريقيا، وحيث توجد الأقليات المسلمة في كل مكان، أن يتنادى بعضها مع بعض؛ لنصرة هذه القضية العادلة، أن لا توجد قضية في عالم اليوم أعدل منها ولا أقدس منها، يتنادى الجميع لنصرة الحق، والحق لابد أن يعلو، ولابد أن يرتفع لواءه.
وذكر أن جولة الباطل ساعة، وجولة الحق إلى قيام الساعة (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) أيها الصهاينة إن لكم يوما قريبا، وإن الظلم لا يدوم، وقد ظلمتهم وطغيتم وأفسدتم في الأرض كل فساد، والله عز وجل يملي ولا يغفل، يمهل ولا يهمل ((سنستدرجهم من حيث لا يعلمون).
كيد الله أقوى من كيدهم، ومكر الله أكبر من مكرهم، إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا، نحن أمة العرب والإسلام قادرون على أن نفعل الكثير، ونؤيد إخواننا بأنفسنا وإن استطعنا فبأموالنا؛ فالجهاد بالنفس كالجهاد بالمال، كلاهما مشروع، إخواننا في أرض فلسطين بذلوا الأرواح في حرب غزة وقبل حرب غزة، علينا أن نساندهم بتبني المشاريع التي تثبت أهل القدس، هناك مؤسسة القدس الدولية التي شرفني الإخوة بترأسها، من مهمتها دعم الوجود الفلسطيني في القدس، من المسلمين والمسحيين معاً؛ لأن إسرائيل تعمل على تهجير الفلسطينيين من هناك وتفريغ البلدة من سكانها ليخلوا لهم الجو، ونحن نقف ضد هذه السياسة الإجرامية بسياسة أخرى عربية إسلامية تتبنى مشاريع صحية وتعليمة واجتماعية وبيئية وسكانية، فعلينا أن نتبنى هذه الأشياء، وعلينا أن نقاطع البضائع الأميركية والصهيونية، ينبغي أن نشعل الجذوة باستمرار، الناس ينسون، وهم في حاجة إلى تذكير، وعلينا أن ندعو الله لإخواننا، وأن نكون معهم بقلوبنا وألسنتنا، في سجودنا وخلوتنا، وفي الصلوات، علينا أن ندعو الله عز وجل أن ينصرهم على أعدائهم، وأن يرد كيد أعدائهم في نحورهم، وأن يفتح الله لإخواننا فتحاً مبيناً، وأن يهديهم صراطا مستقيما وينصرهم نصراً عزيزاً.
القدس مسؤولية الجميع
وقال الشيخ القرضاوي: لا بد أن يحمل كل منا همَّ القدس وقضية فلسطين، مشيراً إلى أن القدس هي تاج فلسطين، ومن عجب أن الذين عقدوا اتفاقية ما سموها أوسلو جعلوا القدس في الأشياء النهائية المعلقة، القدس معلقة، وقضية اللاجئين معلقة والحدود معلقة والمياه معلقة، ما الذي حل؟! فهذه القضية هي قضية القضايا، لابد أن يتبناها كل منا، هذه ليست قضية العلماء وحدهم، وليست قضية الحكام وحدهم، بل هي قضية الأمة، قضية كل واحد، يجب أن لا نتكل على غيرنا، ماذا فعلنا من أجل فلسطين.
وأشار القرضاوي إلى أن المشكلة في أن بعض الناس يظنون أن إسرائيل خطر على فلسطين فقط، لا، إسرائيل خطر على الأمة كلها، خطر على العرب، وخطر على المسلمين، بل هي خطر على العالم، خطر سياسي وخطر اقتصادي وخطر عسكري وخطر ثقافي وخطر ديني، خطر من كل ناحية، فلابد أن نهيئ الأمة فكرياً وثقافياً، وأن نوعيَّ الأمة بهذه القضية؛ فهي ليست خاصة بالفلسطينيين، ولو أن الفلسطينيين تقاعسوا وتخلوا عن قضيتهم لوجب أن ندافع نحن عنها، ولكن الفلسطينيين لم يفعلوا، بل منذ ما يقرب من قرن من الزمان وهم يدافعون ويقاتلون عن أرضهم، منذ أن احتل الإنجليز القدس سنة 1917 وقال القائد الإنجليزي: (اليوم انتهت الحروب الصليبية الحروب التي قامت من أجل أن تستولي على القدس، وفشلت الآن أعدناها) ، هكذا قال القائد الإنجليزي الذي دخل القدس، أما القائد الفرنسي الذي دخل دمشق ووقف عند قبر صلاح الدين وقال بشماتة: (ها قد عدنا يا صلاح الدين، انظروا كيف تواردت الخواطر ...((أتواصوا به بل هم قوم طاغون))..((تشابهت قلوبهم)) فتشابهت مواقفهم.
إن على الأمة أن تتبنى هذه القضية، كل فرد منا عليه أن يتبنى هذه القضية ويدرسها، ويتحدث بها مع غيره؛ حتى تظل هذه القضية حية، ليست قضية الحكام أو العلماء أو الإعلاميين، بل هي قضية الأمة بكل أفرادها برجالها ونسائها.
فتنة الخارج
وقال إن الفتنة من الخارج تأتي من الكفار ومن أعداء الإسلام الذين يحاولون أن يفتنوا المسلمين عن دينهم بالتعذيب والاضطهاد والقتال، وكل الأسباب الممكنة لهم. وضرب مثلاً على ذلك بما حدث للمسلمين في أوائل الدعوة الإسلامية حينما آمنت قلة من الناس بالإسلام فتعرضوا للاضطهاد والأذى وصبت عليهم العذاب صبا من كل جانب وخصوصاً المستضعفين الذين ليست لهم قبيلة تحميهم أمثال عمار بن ياسر وأبيه وأمه وأمثال بلال الحبشي الذين لم يكونوا من قبيلة قريش ولا من غيرها من القبائل التي تستطيع أن تحمي من تحمي وتجير من تجير.
وأوضح أن مستضعفي المسلمين في صدر الإسلام كانوا في فتنة شديدة، ومن هنا نزل القرآن يواسيهم ويعزيهم ويثبت أفئدتهم في مواجهة هذه الشدائد والمصائب، يقول الله تبارك وتعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين).
وبين أنه كانت هناك فتن كبيرة وهائلة للناس في حياتهم وأبدانهم وأرزاقهم وأنفسهم وأولادهم ودمائهم، وقد كان آل ياسر: عمار بن ياسر وأبوه ياسر وأمه سمية جميعاً يوضعون تحت آلات التعذيب ويمر عليهم النبي عليه الصلاة والسلام وهم يعذبون فلا يملك إلا أن يقول لهم صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة، وماتت سمية أم ياسر كأول شهيد في الإسلام وأبوه ياسر مات تحت العذاب.
وأوضح الشيخ القرضاوي أن تلك الفتنة شرع الله القتال من أجلها؛ حتى لا يفتن أحد في دينه، ويرتد عن دينه أمام العذاب الذي قد ينفد صبر بعض الناس ولا يتحمله ، فقال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ،
وقال الشيخ القرضاوي: إن القرآن اعتبر أن الفتنة أشد من القتل، فهي من ناحية الكم أكبر ومن ناحية الكيف أشد؛ لأن القتل اعتداء على كيان الإنسان المادي، وعلى جسمه وأعضائه، أما الفتنة فهي اعتداء على كيان الإنسان الروحي، وعلى عقله وإرادته باختيار الإسلام، وهي قتل معنوي للإنسان.
فتنة الداخل
وذكر الشيخ القرضاوي أن فتنة الداخل هي التي تحدث بين المسلمين بعضهم البعض فتتلبس عليهم الأمور وتتغبش عليهم الحقائق، ويتآمر على الناس من لا يستحق إمرتهم، ويختلط الحابل بالنابل، هذه الفتن التي جاءت الأحاديث الكثيرة والمستفيضة تحذر منها، جاء الحديث أن النائم فيها خير من المستيقظ، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي، كلما كان جهد الإنسان فيها قليلا كان شره أقل، وقال صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض يسير من الدنيا).
العرب القطرية
الدوحة - محمد صبره
2009-10-10


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.