تونس: 10.10.2009 محمد الحمروني :أعلنت 3 وجوه صحافية بارزة في تونس، في بيان حصلت «العرب» على نسخة منه، عن «فك الارتباط مع النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» التي اندمجوا فيها سنة 2008.وقال كل من لطفي الحجي ومحمود الذوادي ومحمد معالي، الأعضاء المؤسسون لنقابة الصحافيين التونسيين التي تشكلت سنة 2004: «بعد أن أعادت السلطة إحكام قبضتها على النقابة الوطنية للصحافيين، منهية بذلك كل الآمال التي راودت أبناء القطاع في بعث نقابة مستقلة تدافع عن مصالحهم، نسجل نحن مؤسسي نقابة الصحافيين التونسيين المستقلة، أن الأسباب التي كانت قد دعتنا إلى إعلان إلى توحيد النقابتين قد انتفت خاصة بعد مؤتمر 15 أغسطس الانقلابي». وأضاف البيان «ونحن إذ نحيِّي مواقف الزملاء الرافضين لكل أشكال الوصاية، فإننا انطلاقا من المبادئ التي قامت عليها نقابتنا، باعتبارها أول نقابة مستقلة للصحافيين رافضة لكل أشكال الوصاية والولاء لأي طرف سياسي، نعلن فك الارتباط الذي أعلناه سنة 2008 بمقتضى بيان التوحيد الصادر بإمضائنا ونعتبر أنفسنا في حل منه ومع ما يترتب عنه». ويعود تاريخ تأسيس نقابة الصحافيين التونسيين إلى سنة 2004 وهي أول نقابة مستقلة في تاريخ البلاد. ورفضت السلطة المسؤولة الاعتراف بها وحاصرت أنشطتها ومنعتها من عقد مؤتمرها، كما فرضت حصارا على أبرز الناشطين فيها. وفي سنة 2007، ولقطع الطريق على هذه النقابة التي كانت تتوجه حينها للانضمام إلى الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة العمالية الوحيدة بالبلاد، الأمر الذي كان سيعطي دفعة قوية لهذه النقابة ويضفي عليها الصبغة القانونية، أعلنت السلطة عزمها تأسيس نقابة للصحافيين، سمّتها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين. لكن مجريات الأمور خلال المؤتمر التأسيسي الذي عقدته هذه النقابة في يناير 2008 سارت عكس رغبة السلطة؛ إذ أفرز المؤتمر صعود مكتب تنفيذي «مهنيّ» يضم من بين أعضائه وجوها عُرفت باستقلاليتها عن الحكم. وإثر ذلك، شرعت السلطة في محاولة الاستيلاء على النقابة ووضع اليد عليها، فقامت في مرحلة أولى بفرض مكتب، سُمي بالمكتب التنفيذي الموسع، ومكنته من صلاحيات أوسع من صلاحيات المكتب التنفيذي المنتخب. وفي 15 أغسطس الماضي، أحكمت السلطة قبضتها على النقابة بإجراء مؤتمر وصف من قِبَل عدد من المتابعين ب «الانقلابي» أفرز مكتبا مواليا للسلطة، وترأسه الصحافي جمال الكرماوي وهو مستشار أمين عام حزب التّجمّع الدّستوري الدّيمقراطي الحاكم. وفي تصريحات خاصة ل «العرب» أكد محمود الذوّادي الكاتب العام لنقابة الصحافيين التونسيين، وأحد الموقعين الثلاثة على بيان الانسحاب من النقابة الوطنية، أن التطورات التي عرفتها هذه النقابة طيلة الأشهر الأخيرة تؤكد أولا: أن السلطة لا تسمح ولا تتحمل وجود هيكل مستقل يدافع عن مصالح الصحافيين المهنية والمادية. ثانيا: ما آلت إليه أوضاع هذه النقابة يفضح نوايا السلطة، ويؤكد المناورة التي قامت سنة 2007، والتي كانت تهدف بالأساس إلى قطع الطريق أمام النقابة المستقلة. وأضاف الذوّادي «الآن ونتيجة لهذه التطورات عادت وضعية الصحافيين، خاصة من الناحية التمثيلية، إلى نقطة الصفر، وأصبح القطاع في حاجة لهيكل مستقل للدفاع عن مصالحه، ويكشف الانتهاكات التي يتعرض لها العالمون فيه، خاصة الصحافيين في القطاع». فليس من المعقول، حسب الذوّادي، أن يظل الصحافيون بعد كل النضالات التي خاضوها يعولون على تقارير المنظمات الدولية لكشف الانتهاكات التي يتعرضون لها. وعن خطوة فك الارتباط، قال الذوّادي: «عندما اتخذنا قرار الاندماج كان هدفنا هو المساهمة في إيجاد هيكل موحد ومستقل يدافع عن كل الصحافيين.. واليوم وبعد وضع الحكم يده على النقابة أصبح من غير المناسب بقاؤنا داخلها». وتابع: «فانطلاقا من المبادئ التي قامت عليها نقابتنا المستقلة سنة 2004، وبدافع من المسؤولية اتخذنا قرار الانسحاب؛ لأننا نعتبر أن بقاءنا في نقابة يسيطر عليها الحكم لن يكون إلا مضيعة للوقت أو خضوعا لإملاءات السلطة وهو ما نرفضه». وتطرح هذه التطورات عدة أسئلة على الساحتين السياسية والإعلامية في تونس من بينها: هل يعني فك الارتباط مقدمة لإعادة نشاط نقابة الصحافيين التونسيين من جديد، أم أن القائمين على «فك الارتباط» سيدعون الصحافيين إلى تشكيل هيكل جديد؟