لا شكّ أن ّ الدين يعتبر عنصرا مهمّا إن لم يكن العنصر الأهمّ في العلاقات بين الأمم والشعوب، وبين الثقافات والحضارات، وقد ضلّ ذلك متحققا في كلّ مراحل التطوّر الإنساني، بما في ذلك العهود التي تظهر فيها موجات عداء للدين أو زهد فيه كما هو حال المجتمع الغربي الراهن. وقد شهد التاريخ أنّ حضارات وأمما مختلفة تقاربت وربّما توحّدت بفعل التقارب بين ما تعتنقه من دين أو التوحّد فيه وهو ما يتجلّى على سبيل المثال في توحّد شعوب كثيرة مختلفة الأعراق والثقافات لما اعتنقت الإسلام دينا، وأنّ أمما وحضارات أخرى تباعدت وتحاربت بفعل ما تحمله الأديان التي تعتنقها من تناقض، وذلك بالرغم مما يجمعها من قرابة عرقية، وهو ما يتجلّى على سبيل المثال أيضا في تلك الحروب الدينية التي عصفت بشعوب أوروبا زمنا طويلا. وقد لا تكون الأديان أحيانا من حيث هي معتقدات داعية إلى الصدام بين المجتمعات والحضارات، وإنما يكون مؤدّيا إلى ذلك الخطابُ الذي يحمله المتديّنون بتلك الأديان، وذلك حينما يصبح ذلك الخطاب ناطقا بما لا تتضمّنه المعتقات الدينية،كأن يكون خطابا متعصّبا، تحريضيا، مدعيا احتكار الحقيقة المطلقة دون غيره، منكرا للآخرين في وجودهم الديني، محقّرا لأديانهم مشوّها لها. فمثل هذا الخطاب الذي كثيرا ما يكون غير معبّر عن حقيقة الأديان التي يمثّلها من شأنه أن يؤدّي إلى الصدام بين الحضارات التي تكون في الغالب مؤسّسة على أساس ديني، إذ حينما تتصادم الأسس يتصادم ما بُني عليها من حضارة. ويقع اليوم في العلاقة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية ما يشبه أن يكون صراعا بينهما، أو ما يُراد أن يكون صراعا بين الطرفين، ويتأتّى ذلك في شطر منه من تلقاء الخطاب الديني الذي يتبنّاه بعض من أتباع الدينين الكبيرين الإسلام والمسيحية ممن ركبوا مركب الغلو والتطرّف، إذ يحمل هذا الخطاب من الطرفين ما يدعو إلى الفرقة بين الحضارتين سواء كان ذلك بصفة مقصودة من قِبل البعض أو غير مقصودة من قِبل آخرين، ففي كلتا الحالتين يحمل هذا الخطاب من دواعي الفرقة والصدام ما من شأنه أن يُفضي إليهما، وذلك ما تنشأ عنه مشاكل كثيرة يعاني منها المجتمع الدولي اليوم، مثل الاستعلاء والاستكبار، والعنف الأعمى، وانتهاك حقوق الإنسان، وهو ما يُرتكب كثير منه تحت عناوين دينية، مفصح عنها على وجه الصراحة أحيانا، وغير مفصح عنها أحيانا أخرى. وبالنظر إلى ما تتضمّنه المعتقدات التي يتأسّس عليها كلّ من الدينين فإنّ هذه الدواعي المفضية إلى الصدام ليس لها وجود فيها، ولا غرو فإنّهما يغترفان من مورد واحد هو مورد الوحي الإلهي مهما يكن من تغيير طال المسيحية كما يعتقده المسلمون؛ ولذلك فإنّ المعتقدات في الدينين لا تدعو في أصلها إلى الصدام، وإنما تدعو على العكس من ذلك إلى الوئام والتعاون والسلام بين الأمم والشعوب والحضارات، وتبادل الإنجازات والكسوب الحضارية بينها. ولكنّ الخطاب الذي يحمله ذلك الشقّ من الأتباع هو الذي يؤدّي إلى التصادم، وبالتالي فإنّ تحويل الوجهة من التصادم إلى التعاون ثم إلى التحالف في بعض الأحوال يستلزم أوّل ما يستلزم مراجعة الخطاب الديني في كلّ من الطرفين ليفضي إلى ذلك المصير الذي تتطلّع إليه الشعوب الإسلامية والمسيحية على حدّ سواء. ونحسب أنّ هذا الدور في ترشيد الخطاب الديني لا يمكن أن يقوم به إلا تلك المؤسسات المشهود لها بالعراقة التاريخية، وبالسمت العلمي الرصين، وبالوسطية في الرؤيا الدينية التي تنأى عن التطرفات في اتجاه التعصب أو في اتجاه لتفريط والتحلل، وليست هذه الأوصاف بمنطبقة على مؤسسة علمية انطباقها على جامعة الأزهر الشريف، الضاربة في التاريخ، والمنتشرة في الواقع العلمي الديني الراهن، والمنفتحة على الآخرين من أهل الأديان وعلى الأخص منهم أتباع الديانة المسيحية انفتاحا علميا وواقعيا، فهي بهذه الصفات قادرة على القيام بدور ترشيدي للخطاب الديني في اتجاه التعاون بين أهل الأديان لما فيه خير الإنسان. ومن أهمّ ما يمكن أن تتناوله تلك المراجعة في سبيل تحقيق هدفها الوعيُ أولا بما في الخطاب الراهن من خلل ينبغي مراجعته، ثم إجراء المراجعة على مظاهر ذلك الخلل، سواء كان متعلّقا بتوصيف الديانة المخالفة، أو بالأحكام المعيارية عليها، أو بتحديد الموقف النفسي والثقافي والإجرائي العملي منها ومن أتباعها، فبقدر ما يكون ذلك الخطاب أقرب إلى الموضوعية وإلى الاعتراف المتبادل بحقّ الوجود وإلى الاحترام للمعتقدات والمقدّسات والمشاعر يكون ذلك مسهما في التقارب الحضاري، ومقدّما خطوة هامّة نحو التعاون بين أهل الأديان. أين الخلل؟ إنّ الناظر في واقع الخطاب الراهن الذي يمارسه المتطرفون من أصحاب كلّ من الدينين من جهة ما يتعلّق بالطرف المقابل لا يجده الخطاب المأمول المستجيب للتعاون الذي يقتضيه التحدّي المتعلّق بالتعاون بين أهل الأديان، والمسؤولية الجسيمة التي يتحمّلونها في مواجهة ذلك التحدّي، فهذا الخطاب المتبادل يشوبه كثير من الخلل في وجوهه المختلفة، إن على مستويات رسمية في المؤسّسات العلمية والدينية، وإن على مستويات فردية وفئوية وشعبية، وذلك ما يشكّل بحقّ أحد العوائق التي تعوق التعاون المشترك أن يتمّ على الوجه الذي يتناسب مع حجم التحدّيات التي تواجه الإنسان في عالم اليوم. وقد آن الأوان لأن يقوم المتدينون عموما وبالأخص منهم المسلمون والمسيحيون بمراجعة الخطاب الذي يتّجه به كلّ منهما نحو الآخر مراجعة لا يقتضيها فقط ما يواجه الطرفين بل الإنسانية جميعا من التحدّيات الجسيمة، بل تقتضيها أيضا الأصول الدينية لكلّ من الدينين، إذ هذا الخطاب فيما آل إليه من خلل يقع فيه بعض الأتباع بمخالفات لما تأصّل عليه الدينان من أصول في هذا الخصوص فمراجعة هذا الخطاب في سبيل تقويمه هي إذن لئن كانت مراجعة من أجل خير الإنسانية في غايتها، فهي مراجعة دينية في أساسها ومنطلقها، وهو ما رأيناه مبرّرا لأن نطلق عليها في هذه الورقة مصطلح مراجعة الخطاب الديني، وهي مراجعة تهدف إلى ترشيد هذا الخطاب بتنقيته مما يشوبه من الأخطاء، وتوجيهه في اتّجاه أن يكون عنصرا مسهما في التعاون الحضاري بين الإسلام والغرب. ولا يسمح هذا المقام بشرح أوجه الخلل الذي يقع فيها الخطاب الديني الراهن عند بعض من أتباع الديانتين بالتفصيل لتتمّ بناء على ذلك مقترحات بالعلاج على أساس من المراجعة لهذا الخطاب بما يتلافى تلك الأوجه من الخلل، ولكنّنا نذكر أنّ هذا الخلل في الخطاب يتمثّل أبين ما يتمثّل في سوء فهم من كلّ طرف من الأطراف المغالية لمعتقدات الطرف الآخر، ناتج عن تقصير في الدرس العلمي الجادّ، ومفض إلى تقرير تلك المعتقدات على غير حقيقتها، تحميلا في كثير من الأحيان أخطاءَ المتديّنين للدين نفسه الذي يتدينون به. كما يتمثّل أيضا في ضرب من التعصّب الديني يفضي أحيانا إلى إنكار كلّ طرف حقّ الآخر في الوجود أو التضييق عليه في التعبير عن نفسه، وهو ما يفضي إلى التحريض المتبادل الذي قد ينتهي إلى عداء يعبّر عن نفسه أحيانا في مظاهر من العنف المتبادل. إنّ هذا الخلل ليس ظاهرة شاملة لكلّ أهل الدينين، بل أكثر هؤلاء برءاء منه، ولكنّها ظاهرة لها وجود عند شقّ من الأتباع، ومهما يكن من أنّ حجمها ليس حجما كبيرا إلاّ أنّ صوتها أعلى من ذلك الحجم، وأثرها بالغ السوء في العلاقة بين أهل الدينين في مناطق متعدّدة من العالم. ويجدر في هذا الصدد ملاحظة أنّ هذا الخلل لئن كان ظاهرة تشمل كلاّ من أهل الديانتين في نسبة قليلة منهما، إلاّ أنّ ذلك يتمّ على تفاوت بينهما في هذا العنصر أو ذاك بحسب ما يكون الخلل فيه أبين، فربّ خلل يكون عند هذا الشقّ أظهر وأقوى، بينما يكون خلل آخر أبين وأقوى عند الشقّ المقابل. ومهما يكن من أمر فإنّ مراجعة هذا الخطاب الديني لتلافي ما فيه من مظاهر الخلل هو أمر وارد على الطرفين على نسبة وقوعه عند كلّ منهما، وذلك من أجل الإسهام في تيسير المناخ الملائم للتحالف الحضاري. غير أنه من الجدير بالبيان في هذا الصدد أنّ العبء الأكبر في خصوص هذه الأخطاء في الخطاب الديني يقع على كاهل أتباع الديانة المسيحية؛ ذلك لأن هؤلاء يعتبرون الدين الإسلامي من أساسه دينا باطلا، فيندفع إذن البعض منهم في خطابهم على أساس هذا الاعتقاد. وينشأ من ذلك التهجّم على هذا الدين وعلى مقدساته ورموزه، وهو الأمر الذي تفشّت منه ظواهر كثيرة عبر التاريخ، ويحدث منه اليوم شيء كثير، متمثل على سبيل المثال في إذاعات ومحطات تلفزية قائمة في أساسها على القدح في الإسلام متمحضة له، بل إنّ خطاب رأس الكنيسة متمثلا في بابا الفاتيكان انخرط في هذه الحملة الخطابية المشوهة كما ظهر ذلك في محاضرته الذائعة الصيت التي تهجم فيها على لإسلام ونبيه. وليس هذا الأمر بمتحقق في الخطاب الإسلامي على نفس الصورة ،إذ الإسلام يعترف بالدين المسيحي دينا حقا في أصله، ويجعل من الإيمان بنبيه واحترامه جزءا من الإيمان به، وهو ما يمنع من الخطاب المعادي لهذه الديانة من حيث الأصل، مهما وقع فيه البعض من خطاب يعادي الأتباع لسبب أو لآخر من الأسباب، والفرق شاسع بين الأمرين. حلم الاعتراف المتبادل يقوم الخطاب الديني عند بعض من المسلمين والمسيحيين على التناكر المتبادل بين الطرفين، وذلك على معنى أنّ كلّ طرف ينكر الطرف الآخر، وإن يكن مع اختلاف في النوع والدرجة. فالخطاب المسيحي لا يرى أنّ الإسلام دين حقّ من عند الله تعالى، وإنّما يعتبره في انتسابه إلى الوحي الإلهي مكذوبا أو موهوما، وذلك مهما يكن عليه في اعتبار البعض من اشتماله على بعض الحقّ من حيث ذاته. والمسلمون وإن كانوا يعتبرون المسيحية التي جاء بها عيسى عليه السلام هي دين من عند الله حقّا، وأنّ عيسى نبيّ الله حقّا، وهو ما يرتقي إلى أن يكون أحد أصول الاعتقاد عندهم إلاّ أنّهم يعتبرون المسيحية التي يدين بها المسيحيون اليوم داخلها التحريف، فهي في مجملها داخلها الباطل من حيث انتسابها إلى الوحي، وإن كانت ما زالت تحمل بعض بقايا من الحقّ. ويتطوّر هذا الأسلوب التناكري في الخطاب عند كثيرين من الطرفين إلى أطوار من التجريح في المعتقدات والمقدّسات، وإلى انتهاكها والاستهانة بها، بل إلى أطوار من المنازع العدائيّة، قد تبلغ أحيانا مبلغ الرفض لحقّ الوجود أصلا. وإذا كانت هذه الأطوار لا يصل إليها الخطاب العامّ على وجه التصريح، إلاّ أنّ أصواتا هنا وهناك ترتفع معبّرة عنها بين الحين والآخر، وخاصّة عند وقوع بعض الأحداث بسبب احتكاكات بين المسلمين والمسيحيين، ووراء تلك الأصوات المعلنة أصوات أكثر منها من ذات جنسها ولكنّها في حال إضمار بسبب أو بآخر من الأسباب. إنّ هذا التناكر المتبادل وإن يكن هو عند المسلمين أخفّ منه عند المسيحيين على ما نحسب باعتبار أنّ الدين المسيحيّ هو في أصله عندهم حقّ خلافا للإسلام بالنسبة للمسيحيين، إذ يعتبرونه باطلا من أصله كما أشرنا إليه لا شكّ أنّه يمثّل أحد أهمّ الأسباب المعيقة للتعاون، إذ التعاون يتوقّف على التعارف فهو أصل له؛ ولذلك فإنّه ينبغي تجديد هذا الخطاب بخطاب تعارفي يكون عنوانه الأكبر الاعتراف لا الإنكار، والتعارف لا التناكر كيما ينشأ مناخ يؤسّس للتعاون بما تمتدّ به من حبال نفسية وثقافية واجتماعية تثمر التقارب وتلغي التنافر أو تحدّ منه إلى درجات كبيرة. وليس المقصود بالاعتراف المتبادل أن يعترف كلّ طرف بأنّ ما عليه الطرف الآخر من دين هو دين حقّ، فذلك أمر غير ممكن، بل هو غير مطلوب ، وإنّما المقصود به الاعتراف المتبادل بحقّ الوجود الفعلي للديانتين مهما يكن عليه كلّ منهما من بطلان ذاتي في عين الآخر، بحيث ينشأ خطاب أعترف فيه أنا بحقّ الدين المخالف لديني في الوجود بنفس الدرجة التي أؤمن فيها بحقّي في وجود الدين الذي أختاره وفي التديّن به. ومن مستلزمات هذا الاعتراف المتبادل بحقّ الوجود الديني أن ينشأ خطاب يحترم الدين الآخر والمتديّنين به، ويتحاشى التحقير لمعتقداته ومقدّساته، والاستهزاء منه والتحريض عليه. وإذا كان مقبولا الحجاج العلمي في انتصار كلّ لدينه وإبراز وجوه الحقّ فيه، وفي نقد الدين المخالف وإظهار وجوه الضعف فيه، فإنّ ذلك ينبغي أن يتمّ بموازين عقلية منطقية في الحجّة، وبميزان موضوعي أخلاقي في العرض والنقد. ومع ذلك فليس من الحقّ ولا من الصالح أن يقع خلال هذا التدافع النبش في شواذّ الآراء وغرائبها، أو التأويل المتعسّف للمقولات، أو المماحكات في عرض ما يُرى خطأ، أو التهكّم والتحقير والتجريح في حقّ المقدّسات الدينية، إذ ذلك كلّه يبوء بما يناقض الهدف المنشود، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى: "تَعَالَوا ندعُ أبناءَنا وأبناءَكُم ونساءَنا ونساءَكُم وأنفُسَنا وأنفُسَكم ثمّ نبتهِلْ فنجعَل لعنةَ اللهِ على الكاذبين" (آل عمران/ 61)، وهو أسلوب في إنهاء الحجاج بما يتحاشى الوقوع في التلاسن الجارح، والتقاذف في المقدّسات، ويحافظ على أقدار من الودّ بين الطرفين. وفي تعاليم الإسلام وفي ثقافة المسلمين وفي تاريخهم ما يدعو إلى هذا الضرب من الخطاب، وما يساعد عليه، إذ في القرآن الكريم قوله تعالى: :" لكُم دينكُم ولي دين" (الكافرون/ 6)، وهو تأصيل بيّن للاعتراف بحقّ الآخر الديني في الوجود، وفيه أيضا قوله تعالى: " ولتجِدَنّ أقرَبهم مودّةً للذين آمنُوا الذين قالُوا إنّا نصارى " ( المائدة/82)، وهو تقرير لما ينبغي أن يكون بين المسلمين وبين النصارى من الاحترام الذي يبلغ مبلغ المودّة، وذلك ما كان له مصداق بيّن في تاريخ المسلمين في تعاملهم مع المسيحية وأهلها في مختلف أدواره. ويضاف إلى ذلك ما تحمله تعاليم المسيحية في أصولها من التسامح، كما يضاف إليه أيضا ما انبنت عليه الثقافة الفلسفية للغرب الذي هو غرب مسيحي من مبدإ الحرية ما يسع الاعتراف بحقّ الوجود للمذاهب والأديان المخالفة. ومن هذا وذاك يمكن أن تتكوّن الأرضية الصالحة لأن تنتشر وتتمكّن ثقافة الاعتراف بالوجود بين أهل الديانتين، والاحترام المتبادل بينهم تجاوزا للتناكر في أصل الأحقّية وما ينجرّ عنه من آثار سلبية، وهو ما ينبغي أن ينبني عليه الخطاب الجديد. التجاوزضرورة مستقبلية كان في تاريخ العلاقة بين المسيحية والإسلام محطّات للصراع غير قليلة، فقد وقع صدام بين أهل الديانتين عند امتداد الإسلام في الأرض التي كانت مسيحية على مدى قرون طويلة، ووقع صدام في الهجوم المسيحي على البلاد التي أصبحت إسلامية، ووقع صدام فيما يسمى بحروب الاسترداد بالأندلس، ثمّ في الحملة الاستعمارية على البلاد الإسلامية. وقد كان ذلك الصراع دمويا عنيفا في كلّ تلك المحطّات. وما من محطّة منها إلاّ ويعتبر كلّ طرف فيها أنّه على الحقّ والطرف الآخر على الباطل، وهو ما من شأنه أن يترك في النفس الجماعية لكلّ من الطرفين إزاء الآخر شعورا بالمرارة، قد يتحوّل في بعض النفوس إلى شعور بالضغينة والحقد، وفي الخطاب السائد عند بعض من المسلمين والمسيحيين آثار غير خفيّة لهذه المشاعر تبرز كلّما نبشتها الأحداث، وهو ما من شأنه أن يقف عائقا نفسيا دون التعاون المثمر بين الديانتين. وإذا كان من الصعب على النفس الجماعية أن تلغي من ذاكرتها وقائع التاريخ، وما تصنعه تلك الوقائع من النوازع والمواقف، إلاّ أنّه يمكن ترشيد الآثار التي تفضي إليها تلك الوقائع. وفي قضية الحال يمكن أن تنشر ثقافة بين المسلمين والمسيحيين تقوم على اعتبار تلك المحطّات الماضية من الصراع بينهما محطّات أصبحت من التاريخ العامّ بين بني الإنسان. ذلك التاريخ الذي حفل بالصراع بين أهل المذاهب والأديان كما حفل بالوئام، وأنّه ينبغي أن تُقتنص من ذلك كلّه العبرة العامّة من العلاقة بين بني الإنسان في إثمارها للخير أو حيلولتها دون ذلك، فهذا التعويم للصراع بين المسلمين والمسيحيين في خضمّ التاريخ الإنساني العامّ من شأنه أن يخفّف من آثاره السلبية في النفوس، وأن يرشّد تبعا لذلك النوازع والمواقف تمهيدا للتعاون في مواجهة التحديات التي تواجه الجميع. ولعلّ ممّا يساعد على ذلك العمل على إبراز المحطّات الإيجابية في العلاقة التاريخية بين الطرفين، والفوائد الكثيرة التي انجرّت منها لهما، وهي تلك المحطّات التي لا تذكر كثيرا في السرد التاريخي للعلاقة بين الطرفين، وكأنّ غبار الصراع قد غطّى عليها، والحال أنّها كانت ذات أثر بالغ في صناعة التاريخ في وجهه الإيجابي من شأنه أن يُصغِّر حينما تستوعبه النفوس من الآثار السلبية التي تحدثه فيها ذكريات الصراع المرير الذي حدث في ثنايا التاريخ. ويمكن أن يذكر في ذلك ما قدّم الإسلام للمسيحيين بأوروبا من علوم وفنون وعمران كانت من أهمّ أسباب الحضارة الحديثة، وكذلك ما قدّمت أوروبا المسيحية للعالم الإسلامي في العصر الحديث من المكتسبات الحضارية المتمثّلة بالأخصّ في العلوم والصناعة والإدارة. فإبراز هذه الوجوه الإيجابية من التلاقي بين الطرفين، وجعلها مادّة للخطاب بين الطرفين من شأنه لا محالة أن يمهّد كثيرا للتفاعل الإيجابي بين المسيحية والإسلام في العلاقة المستقبلية بينهما. وممّا يدعّم التجاوز لسلبيات العلاقة التاريخية الماضية، ويبرز الوجوه الوضيئة في تلك العلاقة أن يتّجه الخطاب الديني عند المسلمين والمسيحيين اتّجاها مستقبليّا، وذلك بأن يدفع إلى تأسيس الوعي المشترك بالتحدّيات الكبرى التي تواجه كلاّ من الإسلام والمسيحية بل تواجه البشرية جميعها، وذلك من مثل السطوة المادّية الغالبة على النفوس، والانهيار الأسري، والتلوّث البيئي، والحروب المدمّرة، وغير ذلك ممّا يناقض القيم الدينية المشتركة، ويهدّد الوجود الديني نفسه بالانهيار، كما يدفع أيضا إلى استشعار عظمة المسؤولية الملقاة على عاتق أهل الديانتين في مواجهة هذه التحدّيات الكبرى إنقاذا للبشرية من مصير مظلم، والتحريض على تحمّل تلك المسؤولية باعتبار ذلك من صميم المقتضيات الدينية في كلّ من الدينين. فإذا ما أصبح هذا الخطاب المستشرف للمستقبل شائعا فإنّه من شأنه أن يجعل أهل الإسلام والمسيحية يلتقون على صعيد تعاوني يتجاوزون فيه الماضي، ويعملون فيه من أجل المستقبل. الترشيد الإسلام دين دعوة، يطلب من معتنقيه أن يبلّغوه للناس، ويجعل ذلك واجبا دينيا، وذلك وفق ضوابط تقوم في مجملها على التبليغ بالحسنى وعدم الإكراه في الدين، وقد كان تاريخ انتشاره في العالم بسبب من هذا الواجب الذي قام به المسلمون. والمسيحية وإن كانت في أصلها ليست ديانة دعوة وتبليغ إلاّ أنّها أصبحت في الواقع كذلك منذ زمن، وهي اليوم تقوم بجهود جبّارة في هذا الشأن في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك البلاد الإسلامية، كما هو ظاهر في الإرساليات التبشيرية المنتشرة فيها. وهذا البعد الدعوي في الدينين ينعكس في الخطاب السائد اليوم إن بصفة صريحة ظاهرة أو بصفة ضمنية خفية، وهو ما يسبّب لا محالة احتكاكا بين الطرفين، إذ يعتقد كلّ طرف أنّ الطرف الثاني يسعى بخطابه الدعوي إلى الامتداد على حسابه. وربّما وقر في نفوس المسيحيين أنّ الإسلام لو امتدّ امتدادا ظاهرا فإنّه سيكون سببا في تهديم البناء الثقافي والحضاري الذي بناه الغرب، باعتبار أنّه دين يتدخّل بالتوجيه في شؤون الحياة كلّها، ولا يقتصر على الحياة الروحية شأن المسيحية، وباعتبار أنّه في زعمهم ليس بكفء لإدارة تلك الشؤون. كما أنّه ربّما وقر في نفوس المسلمين أنّ التبشير المسيحي يستقوي بالنفوذ السياسي والمالي وربّما العسكري أيضا ليمتدّ إلى البلاد الإسلامية بقصد تحقيق أغراض مختلفة المناحي تلتقي كلّها عند إرادة الاستحواذ، ويسوقون شاهدا على ذلك ما وقع في الحركة الاستعمارية من إسناد تبشيري لها. وذلك كلّه يقوم عائقا دون التعاون بين الديانتين فيما فيه تحقيق الخير المشترك. وإذا كان لا يمكن إثناء أتباع الدينين عن القيام بالنشاط الدعوي كلّ لدينه باعتبار أنّ ذلك من مقتضيات الدين نفسه أصالة بالنسبة للإسلام، وطروء بالنسبة للمسيحية، إضافة إلى ما ترسّخ في الثقافة العالمية من مبدإ حرّية الرأي والتعبير عنه والدعوة إليه، فإنّ الأمر ينبغي أن يعالج بترشيد الخطاب الديني في هذا الشأن، وذلك في سبيل إزالة الاحتكاك بين الطرفين، وما يترتّب عنه من آثار سلبية معالجة تبقي على هذا البعد الدعوي، ولكنّها تنظّمه بما يتفادى تلك الآثار السلبية. وربّما يحصل ذلك بأن يُبنى الخطاب في هذا الشأن على الاعتراف المتبادل بحقّ تبليغ كلّ أهل دين لدينهم، امتدادا في المناطق البشرية للدين الآخر، ولكن بشروط منضبطة لعلّ من أهمّها: التزام الحقيقة في عرض كلّ دين كما هو عليه في مصادره، وعدم التغرير بالأكاذيب وأنواع التشنيع، وتجنّب أيّ ضرب من ضروب الإكراه والابتزاز، ما كان منها مادّيا وما كان معنويا، والتكافؤ في فرص التبليغ بحيث لا يستقوي طرف على آخر بسلطان سياسي أو مالي أو بقوّة مادّية. وحينما تسود هذه الثقافة عند أتباع الدينين، وتصبح هي الخطاب السائد فإنّ أمر التبليغ الدعوي قد يصبح مقبولا من قِبل الطرفين دون أن يوقع الحسيكة في النفوس، إذ يشعر كلّ بأنّ له ذات الحقوق والفرص التي للآخر، ولا يبقى إذن إلاّ التنافس في ساحة التدافع المذهبي القائم على التكافؤ، وهو ما تقبله النفوس بالرضى ، فينتزع إذن بهذا الترشيد في الخطاب الديني أحد العوائق التي تعوق التعاون بين الديانتين. ويمكن أن نسجّل في هذا الصدد أنّ المسيحيين اليوم يتوفّرون على إمكانيات مادية وبشرية هائلة يسخّرونها في سبيل التبشير بدينهم في البلاد الإسلامية عن طريق الإرساليات المبثوثة في هذه البلاد تحت مسميات مختلفة، وتلك الإمكانيات لا يتوفّر على مثلها المسلمون في مساعيهم الدعوية. وكثيرا ما يقال إنه إذا كان للمسلمين الحق في أن يعرفوا بدينهم في البلاد الأوروبية على سبيل المثال وهي بلاد مسيحية، فإن للمسيحيين الحق أيضا بأن يعرفوا بدينهم في البلاد الإسلامية، ولكن هذا القول ينطوي على قدر كبير من الإجحاف بالرغم مما يبدو عليه من منطقية في الظاهر؛ ذلك لأن هذه المقارنة يختلّ فيها التكافؤ في فرص التعريف بكل من الدينين من قِبل أهله في المناطق التي ينتشر فيها الدين الآخر. وذلك لصالح أتباع المسيحية لما تتوفر لهم من إمكانيات ضخمة مالية وبشرية ولوجستية، وذلك لأسباب قد يعود بعضها على الأقلّ إلى نتائج الاستعمار الذي سُلّط على المسلمين من قِبل المسيحيين زمنا طويلا، وهو ما يقتضي أن يُعدّل الوضع في اتجاه الاتفاق على طريقة في التبشير المتبادل تتكافأ فيها الفرص بين الطرفين في تعريف كلّ بدينه لدى الآخر، وهو سبب كبير من الأسباب التي تسدّ بها أبواب الفرقة والمشاحنة وتنفتح بها أبواب التعاون. الحوار إذا كانت فكرة الحوار بين المسلمين والمسيحيين قد انطلقت بجدّ منذ بعض العقود من الزمن، فإنّ الحوار بينهما لم يصبح بعد ثقافة سائدة يلهج بها الخطاب المتبادل على المستوى العامّ، وإنّما بقي الحوار القائم يكتسي صبغة نخبوية غير ذات أثر بيّن في الخطاب العامّ، وظلّ هذا الخطاب يصطبغ في عمومه بصبغة التباعد إن لم تكن صبغة الترافض، وهو ما يشكّل إحدى العقبات في طريق الالتقاء للتعاون المشترك، وهو في ذات الوقت ما يدعو إلى تجديد هذا الخطاب في اتّجاه أن يكون خطابا حواريا. وهذا الخطاب الحواري من شأنه أن يكون خطابا يهدف إلى مدّ جسور الثقة بين المسلمين والمسيحيين، تجاوزا لذكريات التاريخ أن تكون فاعلة في النفوس بالحقد والضغينة، ولاختلاف المعتقدات أن تفسد العلاقة الإنسانية العامّة، وبحثا عمّا هو مشترك بين الطرفين من عناصر الإيمان ليقع إحياؤها وإبرازها واتّخاذها منطلقا جماعيا للتعاون، وارتباطا بالهموم التي يجتمع عليها الطرفان، والتحدّيات التي تواجههما معا لتكون إطارا جامعا يتمّ فيه التعاون من أجل المواجهة، التماسا في كلّ ذلك من قِبل كلّ طرف لما في الطرف الآخر من وجوه الخير النظري والعملي ليستثمره في التقارب ويمتّن به حبال الثقة، وهي وجوه كثيرة لو وقع الاهتمام بها ووُجّه النظر إليها، فإنّها بذلك تظهر وتحيا، وبتجاهلها والتغافل عنها تختفي وتموت، والحوار أحد أهمّ سبل إظهارها وإحيائها. وهذا المسلك الحواري هو الأصل في الدين الإسلامي، ونحسب أنّه كذلك في الدين المسيحي مع ما انبنت عليه ثقافة الغرب المسيحي من الانفتاح عن الآخر بحكم الحرّية، فينبغي إذن الرجوع إلى هذه الأصول، والاهتداء بها، والتجديد على أساسها كلّما وقع الانحراف عنها. فقد شرّع الدين الإسلامي لبسط الحوار مع المخالفين في الرأي والمخالفين في المذاهب الاعتقادية وخاصّة منهم أهل الكتاب وعلى رأسهم المسيحيون، وجعل من ذلك سنّة ثابتة في التعامل معهم، وهو مقتضى قوله تعالى: " قل يا أهلَ الكتابِ تعالَوا إلى كلِمةٍ سَوَاءٍ بيننا وبينكُم" ( آل عمران/64)، وقوله تعالى: " وجادلهم بالتي هي أحسنُ " ( النحل/125)، وهذا الخطاب وإن كان خطابا للنبيّ لمحاورة المسيحيين على عهده إلاّ أنّه يُعتبر أيضا خطابا للمسلمين في كلّ زمان ومكان. ومن القواعد التي رسمها القرآن الكريم لهذا الحوار أن يقوم على أساس من الاحترام والموضوعية، وينأى عن الاستعلاء والتكبّر، وذلك ما ضبطه قوله تعالى: "وإنّا أو إيّاكُم لعلى هُدى أو في ضلال مبين قُل لا تُسألُون عمّا أجرمنا ولا نُسأَلُ عمّا تعملون " ( سبأ / 24 25) فقد سوّى المسلمون في هذا الحوار بين أنفسهم وبين مخالفيهم في العقيدة في احتمال أن يكون أحد الفريقين على الحقّ والآخر على الضلال مع اعتقادهم الجازم بأنّ الحقّ في جانبهم، التزاما منهم في هذا الحوار بالموضوعية، بل إنّهم تجاوزوا ذلك إلى التنازل لهؤلاء المخالفين بأن أسندوا إلى أنفسهم الإجرام كما ينسبونه إليهم متمثّلا في معتقدهم الإسلامي، بينما وصفوا معتقدات مخالفيهم بمجرّد أنّها أعمال، وذلك مع يقينهم بأنّ أعمالهم هي الحقّ وأعمال مخالفيهم هي الباطل، إمعانا في أن يكون الحوار مع المخالفين جاريا على بساط الاحترام والموضوعية. وإذا ما أخذ الحوار بين المسلمين والمسيحيين هذا المسلك فإنّه بالتراكم سيصبح ثقافة عامّة يصطبغ بها الخطاب في شأن العلاقة بين الطرفين، وهو ما من شأنه أن يدفع بالتسامح بينهما إلى الدرجة العليا من درجاته، إذ لمّا يصبح كلّ طرف مدعوّا بحكم الدين إلى أن يجادل مخالفه المذهبي ليبسط إليه حجج مذهبه ويستمع هو إلى حججه، فإنّ ذلك يرتقي بمقام هذا المخالف في النفس وفي العقل من مجرّد أن يكون مقبولا من حيث حقّه في الوجود، ومن حيث حقّه في النماء والبقاء، لينفسح له بالحوار معه قَبُول من حيث كونه طرفا مشاركا في البحث عن الحقيقة، فإمّا استفاد من مورد ذلك الحوار وإمّا أفاد، وفي كلا الحالين فإنّ سبل التعايش والوئام بين فرقاء الأفكار والمذاهب تتّسع وتقوى، وأسباب الخصام والصراع تضيق وتضعف، وهو منطلق حقيقي للتعاون في مواجهة التحدّيات المشتركة. لم نورد هذه القواعد الأربع لمراجعة الخطاب الديني عند كلّ من المسلمين والمسيحيين على وجه الحصر، وإنّما أوردناها على سبيل التمثيل، وهي وغيرها ممّا هو في حكمها تحتاج في سبيل أن تثمر ثمارها إلى جهود تربوية وعلمية على مستويات مختلفة من التربية والتعليم، ولا يمكن أن تحصل بمجرّد الإشارة والذكر، وإذا ما بُذلت هذه الجهود فإنّها بالتدريج ستثمر ثقافة يتجدّد بها الخطاب لدى عموم المسلمين والمسيحيين تأصيلا على ما في دينيهم من المبادئ، وتصحيحا لما أصاب هذا الخطاب عند بعض الأتباع من الطرفين من الانحراف، وذلك كلّه في سبيل التمهيد لقيام تعاون حضاري بين الأديان وخاصة بين هذين الدينين الكبيرين لمواجهة التحدّيات الكبرى التي تتجاوز في تهديدها أهل الأديان لتهدّد البشرية كلها في وجودها الأخلاقي القيمي بل في وجودها المادي أيضا. وإذ تحتاج مراجعة الخطاب الديني في هذا الاتجاه إلى جهود تربوية علمية فإن جامعة الأزهر هي المرشحة لأن تقوم بهذا الدور، وذلك بأن تهيّئ ضمن خططها التعليمية المعلقة بالأديان درسا عميقا موضوعيا لهذه الأديان في واقع معتقداتها وشرائعها وفي حقيقة تاريخها وأطوارها جريا في ذلك على السنّة القرآنية في عرض معتقدات الأديان، وعلى سنة علماء الأديان من المسلمين المشهود لهم بالموضوعية والدقة والتحري، وذلك دون إجحاف في حقها لا بالتشويه ولا بالتنويه شأن مدارس فكرية ودينية نراها ترتكب أخطاء شنيعة في هذا الشأن تشويها أو تنويها، كما تدرج ضمن هذه الخطط مادّة منهجية في الحوار الديني تهدف إلى إقدار خريجيها على التعامل مع أهل الأديان بالخطاب الرشيد والمجادلة بالتي هي أحسن وبمنهج قوله تعالى: " وإنّا أو إيّاكُم لعلى هُدى أو في ضلال مبين قُل لا تُسألُون عمّا أجرمنا ولا نُسأَلُ عمّا تعملون ". وبهذا الدور الذي تقوم به الجامعة الأزهرية في مراجعة الخطاب الديني وترشيده من أجل التعاون بين الأديان يُسحب البساط من تحت المغالين في هذا الشأن إفراطا في تشنيع يسدّ أبواب التعاون، أو تفريطا يقفز على حقيقة الاختلاف بين الأديان في عوده بها إلى وحدة موهومة لا يلبث أن يستبين وهمها فيتفجّر عداواتٍ تعصف بإمكان التعاون في زمن تواجه فيه الأديان عموما بل البشرية كلها تحديات كبرى تقتضي التعاون من أجل مواجهتها خلاصا من شرّ آثارها. *ورقة قدمت للملتقى الرابع لخريجي جامعة الأزهر والذي عقد مؤخرًا بالقاهرة مدارك/ 13-10-2009