رابطة الأبطال الافريقية: الترجي يجدد فوزه على راحيمو البوركيني بثلاثية نظيفة ويتأهل لدور المجموعات    الجزائر.. إنهاء مهام الرئيس المدير العام لسوناطراك وتعيين نور الدين داودي خلفا له    عائلته أكدت تقديم دواء خاطئ له.. وفاة الطفل زيد العياري    أم الزين بن شيخة: المسرح فعل وجودي لتحرير اللغة والإنسان    عاجل: اتحاد الناشرين يعلق مشاركتو في المعرض الوطني للكتاب    الرابطة الثانية: نتائج مباريات المجموعة الثانية    المهدية: اندلاع حرائق بمنطقة "جبل دار واجة" والحماية المدنية تتدخل    مونديال كرة اليد تحت 17 سنة: تونس تنعش امالها في التاهل الى نصف النهائي    شنيا ''حجر الرجم'' الي يتعاركوا عليه نور الدين لسمر وماريو وعبد الله الجليدي في مسلسل عاشق السّراب؟    نتنياهو: نحن من سيحدد أي قوات دولية ستدخل غزة    تحذير: اكتشاف مادة خطيرة في مكونات Bubble Tea    حجز اكثر من 7.6 طن من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك    السودان.. قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على مدينة الفاشر    بسبب نظافة المنزل.. امرأة تعتدي على زوجها بسكين..شنيا الحكاية؟    الحوادث قلّت... أما عدد الموتى زاد! شنوّة صاير في طرقات تونس؟    عاجل/ نتنياهو يكشف: نتنياهو: إسرائيل حددت "القوات الدولية التي لا تقبلها" في غزة..    صمت أكثر من 36 ساعة؟ شوف شنيا يصير لبدنك    أحزاب وجمعيّات تندّد بقرار تجميد نشاط الجمعية التونسية للنساء الدّيمقراطيات لمدّة شهر    مركب الطفولة حي التضامن ينظم تظاهرة تنشيطيىة للاطفال من 27 اكتوبر الى 2 نوفمبر المقبل    قابس : دعوة لتغيير المنوال التنموي القائم على الصناعات الكيميائية بمنوال جديد يضمن استدامة التنمية    عاجل: البوليس يطيح برجلين في قضية سرقة مجوهرات من متحف اللوفر    علاش أوقفت الصيدليات الخاصة العمل بصيغة الطرف الدافع للأمراض العادية؟    شنوّة الBomb Cyclone؟ منخفض ينفجر في نهار واحد    جامعة العمال التونسيين بالخارج تنظم يوم 24 جانفي 2026 الملتقى الجمعياتي الفرنسي تحت شعار 'العمل الجمعياتي جسر التضامن والتعايش الانساني "    دعم صغار الفلاحين وتعزيز صادرات الزيت المعلب: الحكومة تتحرك    لأوّل مرة: نادين نجيم وظافر العابدين في تعاون درامي رمضاني!    توزر: تأسيس نادي محاورات لتقديم تجارب إبداعية وحياتية    عاجل: ديوان الخدمات الجامعية يفتح باب منحة التربص للطلبة...الرابط والآجال    تحب تحمي قلبك؟ تجنّب الأطعمة هذه قبل الصباح    الإنجاب بعد 35 سنة: شنو لازم تعمل باش تحمي صحتك وصحة الجنين    بطولة فرنسا: ثنائية لحكيمي تعيد باريس سان جيرمان إلى الصدارة    شوف شكون ضد شكون ووين: الدفعة الثانية من الجولة 11    البطولة الالمانية: بايرن ميونيخ يعزز صدارته بفوزه على بوروسيا مونشنغلادباخ    عاجل: غيابات في الترجي قبل مواجهة رحيمو    وزير الشؤون الدّينية يشارك في الملتقى الدولي للمذهب المالكي بالجزائر    محمد رمضان يكشف عن تعاون فني غير مسبوق مع لارا ترامب ويعلن مشاركة حفيدة الرئيس الأمريكي في الكليب الجديد    عاجل: مطار خليج سرت يفتح بعد 12 عام    تايلاند وكمبوديا توقعان إعلانا لتسوية النزاع بحضور ترامب    نهار الأحد: سخانة خفيفة والنهار يتقلّب آخر العشية    رئيس الدولة يستقبل التوأم الفائزتين في تحدي القراءة العربي بيسان وبيلسان..    قبل الكلاسيكو.. مبابي يتوج بجائزة لاعب الشهر في الدوري الإسباني للمرة الثانية تواليا    مجلس وزاري مضيّق لمتابعة خطة إنجاح موسم زيت الزيتون 2025-2026    مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر .. أكثر من 20 مسرحية ...وندوة فكرية حول هوية المسرح التونسي    طقس الليلة    طلب فاق المعدلات العادية على أدوية الغدة الدرقية    تفكيك وفاق إجرامي مختص في ترويج المخدرات وحجز حوالي 350 غرام من الكوكايين    الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    مدنين: افتتاح فعاليات ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجزيرة جربة بلوحة استعراضية زينت سماء الجزيرة    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    تفاصيل تقشعر لها الأبدان عن جزائرية ارتكبت واحدة من أبشع جرائم فرنسا    وزارة الصحة: تقنية جديدة لتسريع تشخيص الأمراض الجرثوميّة    الفحص الدوري للسيارة: كيفاش تحمي روحك وكرهبتك قبل ما تصير مصيبة!    سليانة: افتتاح موسم جني الزيتون    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حمّام السمرة" في غزة قطعة أثرية وعلاجات كلاسيكية
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 10 - 2009

غزة: بين الأزقة العتيقة لحي الزيتون في قلب مدينة غزة يرقد "حمّام السمرة" التاريخي بين مبانٍ وبيوتٍ نبتت بين أشقة جدرانها النباتات المتطفلة، عبر سلم حديدي في سرداب ضيق يهبط الزائر ليجد نفسه تحت الأرض في الحمّام الذي تحول إلى ما أشبه بملجأ بفعل التغيرات المعمارية والطبيعية التي طرأت على غزة على مر العصور.
فور دخول الحمّام تجد نفسك أسفل قبة متكئة على أوتار أقواس أربعة، يتخللها ثقوب مغطاة بالزجاج الملون، أسفل القبة حوض سداسي الأضلاع تناثرت حوله أواني فخارية وقطع حجرية قديمة، وفي الجهة الجنوبية منها قبة أخرى أسفلها مصطبة على شكل حرف (U) مغطاة بسجادة يدوية الحياكة.

تحت أضلاع الأقواس ترقد بعض مصابيح يتسلل ضوءها الأصفر من قناديل فخارية قاتمة اللون، لتلقي بنفسها على جدران تنبعث منها رائحة التاريخ تناثرت حولها كراس خشبية قديمة، وعدد من القباقيب الخشبية. وأعلى الباب الداخلي ثُبتت قطعة من الحجر الأبيض نُحت عليها بخط الثُُلُث "جُدد بناؤه وإنشائه في عهد العبد الفقير إلى الله سنجر بن عبد الله المملوكي الأيوبي عام 658 هجري ..."

ويُعتبر حمّام السمرة أحد أبرز المواقع التاريخية والأثرية التي تتميز بها المدينة، يرتاده مختلف الشرائح رجالاً ونساء، في ثلاث فترات عمل منفصلة خلال الثماني عشرة ساعة التي يعملها يومياً. ويعمل هذا الحمّام الأثري بالطريقة التقليدية البحتة، فيخلو من أي أجهزة كهربائية سوى الشبكة الخارجية الخاصة بالإنارة.

في أحد الأزقة خلف الحمّام كومة كبيرة من الحطب، ينهمك الحطّاب في تغذية التنور بجذور الشجر المقطعة لتسخين الماء والساحة الرخامية التي يستلقي عليها الزائرون بهدف العلاج أو "الترفيه".

المهندس عماد الوزير، أحد أصحاب الحمّام يقول إنه لا يملك وثائق دامغة تُثبت تاريخ إنشاء الحمّام، فيما يؤكد رُمم في عهد المماليك، أما بخصوص تأسيسه فيُقال (والحديث للوزير) إنه أنشئ للملكة هيلانة في القرن الرابع الميلادي لكن لا دليل على هذه المعلومات، مشيراً إلى أنه وأقاربه يملكون الحمّام بالوراثة عن أجداد أجدادهم منذ مئات السنين.

ويقول الوزير إن مختلف "الطبقات" يزورون الحمّام، فمنهم رجال أعمال أو عمال أو موظفين، يجدوا ضالتهم هنا "بالأجواء والطقوس الخاصة"، لافتاً إلى أن الأطفال ومرضى الأزمة الصدرية والقلب لا يُسمح لهم بالدخول بسبب كثافة بخار الماء في حجرات الغطس والاغتسال.

وأشار إلى أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة (عملية الرصاص المصبوب) ألقت بظلالها على الحمّام، فمن ناحية، انتاب الحمّام تشققات في بعض جدرانه، ومن ناحية أخرى تضاعف أسعار الخشب والأشجار المقطعة بسبب تدمير القوات الإسرائيلية لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي تُعتبر مصدر التزود بالحطب، "كنا نشتري طن الحطب بحوالي 150 شيكل (حوالي 30 يورو) أما اليوم فالسعر تضاعف 10 مرات ونشتري طن الحطب ب 1500 شيكل".

ولفت الوزير إلى ما اسماه ب "إهمال المؤسسة الرسمية" في رعاية هذا المكان الأثري، "صحيح أنه ملك خاص، لكن كان حري على وزارة السياحة والآثار الالتفات لنا وترميمه".

وأضاف أن الزوال المحتوم هو مصير الحمّام إذا لم يخضع للترميم بشكل محترف، وقال إن آخر ترميم "سطحي" له كان في عام 2005 على الحساب الخاص للعائلة ومساهمة جزئية من مؤسسة "الكويكرز". أما الترميم بجهد ذاتي فهذا أمر غاية في الصعوبة بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام اللازمة لترميم الأماكن الأثرية التي اختفت من الأسواق بسبب الحصار الإسرائيلي.

بعد أن هبط الظلام وصل رجل في الخمسينات من عمر، بدا وكأنه زبوناً مخضرماً لحمّام السمرة، عرف على نفسه ب (أبي أدهم) قال إنه من الزبائن الدائمين الذين بات الحمّام جزءاً من حياتهم.

"أتردد على الحمّام منذ 30 عاماً، اعشق هذا المكان، فآتي إلى هنا لأنني أحب التراث الشعبي ويُقال إن الحمّام منذ أيام الماليك، ولأنني أشاهد الأفراح والعرسان وزملائهم وزفة العريس التي تعيد ذكريات الأمجاد."

ويقول الزبون المخضرم إنه اعتاد أن يرى زبائن ذو طابع خاص مثل الرياضيين الذين يخوضون تدريبات صعبة وكذلك المعتقلين الذين يُفرج عنهم من السجون الإسرائيلية "للتخلص من الرطوبة التي اكتنزتها أجسامهم خلال اعتقالهم في الزنازين أو للتخلص من آلام التعذيب بسبب التعذيب."

ويمر الزائر للحمّام بعدة مراحل، أولها الاستلقاء على مساحة من الرخام الساخن الذي تلتهب ألسنة النار من تحته، ليضخ جسمه كميات كبيرة من العرق، ثم يخضع للاغتسال بماء ساخن بالطريقة التقليدية القديمة عبر نقل ورفع الماء بالأواني، وبعدها تأتي مرحلة "الخُلوة" ليختلي بنفسه في حمّام صغير منفصل في حوض منفرد لفترة من الوقت، يتبعها ما يُسمى ب"المغطس" وهي عبارة عن حوض به مياه ساخنة جداً في غرفة معبقة ببخار الماء، يجلس فيها الزائر تدريجياً بدأًً بأخمص القدم إلى أن يجلس القرفصاء، يخرج بعدها وقد احمر جسده وتسربل وجهه بالعرق.

أحمد المزيني (24 عاماً) كان قد انتهى لتوه من جلسة المساج، قال إنه يعمل عملاً شاقاً ويشعر بحاجة لزيارة حمّام السمرة كل شهر للتخلص من آلامه.

ويقول المزيني: "أعمل في مطعم لساعات طويلة، وأرتاد الحمّام شهرياً، بعد الاغتسال والمغطس والتدليك والمساج اشعر بتجديد في نشاطي الجسماني والمعنوي."

وأشار إلى أنه يفضل حمّام السمرة بسبب قِدَمه ونظافته ونظام التدليك والمساج للمفاصل واليدين ما يُشعره بالارتياح.

على ما أشبه بأريكة من الرخام يتمدد أحد الزائرين مسلماً نفسه "لأخصائي التدليك محمد أبو نجيلة (27 عاماً) الذي لا يستخدم سوى زيت الزيتون الطبيعي "لفائدته الكبيرة" خلال عملية المساج لمختلف أنحاء الجسم.

يقول أبو نجيلة إنه ليس كل من يرتاد الحمّام يخضع للمساج، فالأمر "حسب الطلب"، مضيفاً أنه في الآونة الأخيرة ظهر زبائن جدد للحمّام وهم عمال الأنفاق.

"يقضي عمال الأنفاق ساعات طويلة على شكل القرفصاء داخل النفق منحنيّي الظهر خلال نقلهم للبضائع، وهذا يسبب ألم في منطقة الحوض والساقين فيرتادون الحمّام ويخضعون للمساج والتدليك للتخفيف من آلامهم المتواصلة."

ويشير أبو نجيلة إن مواطنيناً يزورون حمّام السمرة للتخلص من آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. فبعض الزبائن يود التخلص من صدمات نفسية أو ما يُعرف باللكنة الشعبية الفلسطينية "الخُوفة"، التي يفسرها أبو نجيلة بأنها زيادة في إفرازات الجهاز اللمفاوي في الجسم نتيجة التعرض لموقف مفاجئ حيث تتكوم هذه الإفرازات في الأطراف ومنطقة المعدة، وتسبب آلام دائمة يتم التخلص منها عبر المساج.

ولفت أبو نجيلة إلى أن بعض الرجال الذين يتزوجون حديثاً يواجهون عقبة في التواصل الجنسي مع زوجاتهم لسبب عضوي أو نفسي وبعد زيارتهم للحمّام وخضوعهم للمساج تتحسن أمورهم، إلى جانب من يزورون الحمّام قبل ليلة الزفاف بيوم لاكتساب "حيوية ونشاط".
- سامي أبو سالم، إذاعة هولندا العالمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.