القضاء يشرع في كشف الحقيقة.. إيداع سعدية مصباح ورئيس جَمعية شؤون اللاجئين السّجن    البنك المركزي: ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 8% موفى شهر أفريل 2024    ابطال اوروبا.. دورتموند يطيح بسان جرمان ويمر الى النهائي    الإحتفاظ بشخص متورّط في استقطاب وإيواء المهاجرين من جنسيات إفريقيا جنوب الصحراء بمقابل مادي..    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    Titre    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية بهذه المناطق    اتحاد الفلاحة بمدنين : الأضاحي تفي بحاجيات الجهة    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    لأول مرة في تونس.. البنك الفلاحي يفتح خط تمويل لمربي الماشية    الاحتفاظ بمسؤولة بجمعية تعنى بشؤون اللاجئين و'مكافحة العنصرية'    وزيرة الأسرة تعلن عن احداث مركز جديد للاصطياف وترفيه الأطفال بطبرقة    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بأحواز برقو    تالة: ايقاف شخص يُساعد ''المهاجرين الافارقة'' على دخول تونس بمقابل مادّي    هام/ الليلة: انقطاع المياه بهذه المناطق في بنزرت    هذه الآليات الجديدة التي يتضمنها مشروع مجلة أملاك الدولة    دوري أبطال أوروبا : ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب الدور نصف النهائي    عاجل : صحيفة مصرية تكشف عن الحكم الذي سيدير مباراة الاهلي و الترجي    وزير السياحة : قطاع الصناعات التقليدية مكن من خلق 1378 موطن شغل سنة 2023    ليبيا تتجاوز تونس في تدفقات الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا في 2023    حماس: اجتياح الكيان الصهيونى لرفح يهدف لتعطيل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار    سليانة: تخصيص عقار بالحي الإداري بسليانة الجنوبيّة لإحداث مسرح للهواء الطلق    أبطال إفريقيا: الكاف يكشف عن طاقم تحكيم مواجهة الإياب بين الترجي الرياضي والأهلي المصري    انقلاب "تاكسي" جماعي في المروج..وهذه حصيلة الجرحى..    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس تسيطر على التداين.. احتياطي النقد يغطي سداد القروض بأكثر من ثلاثة اضعاف    مخاوف من اختراق صيني لبيانات وزارة الدفاع البريطانية    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    وزارة التربية تنظم حركة استثنائية لتسديد شغورات بإدارة المدارس الابتدائية    لاعبة التنس الأمريكية جيسيكا بيغولا تكشف عن امكانية غيابها عن بطولة رولان غاروس    باكالوريا: كل التفاصيل حول دورة المراقبة    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    فتوى تهم التونسيين بمناسبة عيد الاضحى ...ماهي ؟    الكشف عن وفاق إجرامي قصد اجتياز الحدود البحرية خلسة    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    الحماية المدنية: 13 حالة وفاة خلال ال24 ساعة الماضية    الرابطة الأولى: النجم الساحلي يفقد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الترجي الرياضي    في قضية رفعها ضده نقابي أمني..تأخير محاكمة الغنوشي    «فكر أرحب من السماء» شي والثقافة الفرنسية    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    البطولة الانقليزية : كريستال بالاس يكتسح مانشستر يونايتد برباعية نظيفة    إشارة جديدة من راصد الزلازل الهولندي.. التفاصيل    عاجل/ هجوم على مستشفى في الصين يخلف قتلى وجرحى..    عاجل- قضية الافارقة غير النظاميين : سعيد يكشف عن مركز تحصل على أكثر من 20 مليار    سيدي حسين: مداهمة "كشك" ليلا والسطو عليه.. الجاني في قبضة الأمن    أولا وأخيرا .. دود الأرض    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من وحي " الحملة الإنتخابية" وقفة مع مسرحية الماريشال
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 10 - 2009


بسم الله الرحمان الرحيم
لم يستقر عمل مسرحي تونسي في الذاكرة الجماعية لشعبنا كما إستقرت مسرحية الماريشال عمار في أواسط سبعينات القرن الماضي يومها كنا مازلنا صغارا و مازالت فينا بقايا طفولة بريئة تأبى الرحيل فكنا نحفظ مقاطع بأكملها و نردد بحماس و براءة الطفل فينا " واو ياي الهيهة واو ياي الهيهة فنضحك و يضحك الجميع من حولنا .
و كبرنا و كبرت معنا الذكريات و الأحلام و الآمال و الآلام و لم يفقد عم حمدة بن التيجاني " الماريشال " قدرته على إضحاكنا و إسعادنا كلما شاهدنا هذا العمل حتى كدنا ننسى زمن الرداءة و الأحزان و التراجيديا النوفمبرية التى نعيش .
لقد نجح فقيد المسرح التونسي المخرج علي بن عياد إلى جانب المبدع عم حمدة بن التيجاني الذى قام بدور الماريشال و بقية الممثلين في تونسة النص حتى يخال من يشاهد العمل بأنه نتاج لنص تونسي ولبيئة تونسية و الحال أن المسرحية مقتبسة من المسرح العالمي وهذا ربما هو العامل الذى جعل الجمهور التونسي لا يجدغربة بينه وبين مفردات السيناريو.
إشتغلت ذاكرتي هذه الأيام كأثر ما يكون فتحركت و راجعت أرشيفها و مخزونها و هي تتابع وقائع ما يسمي بالحملة الإنتخابية التى تقوم بها دولة البوليس في تونس و خاصة ما تجود به علينا قناة سبعة من نشرات إخبارية و تغطية يومية لتحركات و إجتماعات أحد المترشحين الفائزين ألاوهو الجنرال بن علي فلم تجد المسكينة" ذاكرتي " إلا مسرحية الماريشال عمار" لتستعين بها في تحليل ما يجري من كوميديا سياسية على ركح مسرح مملكة قرطاج .
إنه و إن كانت إبداعات الممثل عم حمدة بن التيجاني عليه رحمة الله قد جلبت له محبة الجمهور و إحترام النقاد من مختلف المدارس المسرحية لحسن تقمصه لشخصية الماريشال من حيث الأداء الركحي و خاصة من حيث براعته في إتقان اللهجة الريفية على الرغم من إنتمائه إلى الوسط " البلدي " فإن مسرحية الماريشال في نسختها النوفمبرية وإن حافظت على طابعها الكوميدي إلاأن بطلها اليوم الجنرال بن علي قد أساء لشعبه و لبلده و لنفسه حيث أضحك عليه النقاد و المراقبين للشأن السياسي التونسي بفعل ما يأتيه من حركات و سلوكيات و خطابات على ركح مسرح مملكة قرطاج و خارجه و لسان حاله يردد مع الماريشال عمار" هكة إدنوا البلدية و رؤساء الدول و إلا لا " بما يوحي للمتابع للحملة الإنتخابية بأننا أمام صناعة سياسية بدائية تقوم على الكوميديا السوداء و على إنتاج خطاب الرداءة و رداءة الخطاب ولا تستثني أى و سيلة في تأكيد و تثبيت الحظور في المشهد السمعي و البصري حتى وإن كان ذلك بإستعمال التهريج و الصخب ومختلف آلآت النفخ و هذا ما ظهر جليا في إجتماعات المجالس الجهوية الأخيرة التي أشرف عليها بنفسه داخل مسرح المملكة الذي إحتوى بالمناسبة على كل عناصر العمل الفرجوي من إضاءة و ديكور و جمهور على قلته و خاصة على سيناريو مكتوب بعناية كبيرة أصر فيه الماريشال الجديد على الإلتصاق بمفرداته حيث بشر فيه الناخبين بتعشيب الملاعب في قرية جبل " بولحناش " و بعث أكاديميات لفنون الحلاقة و التجميل في سبالة أولاد عمار قصد تشغيل حاملى الشهادات الذين طالت بطالتهم إلى جانب بناء مسبح في قرية العطش على أمل إدخال الماء الصالح للشراب لكل بيت في القرية بمناسبة الإنتخابات القادمة و بعث ملاعب للغولف داخل الأحياء الفقيرة للترفيه عن الشباب و ثنيه عن الحرقان للطليان أو الإهتمام بالشأن العام و إرتياد المساجد عندها وقف و تحرك الجمهور في حالة هيجان تذكرك بجمهور ملعب المنزه أيام زمان مرددا بصوت خشبي واحد " الله أحد الله أحد الماريشال ما كيفوا حد " و لم يرفع رأسه عن الورقة إلا ليرد عليهم التحية قائلا بصوت عسكري غليظ " أيا أقعدوا ... أقعدوا ...بارك الله فيكم ...هاه ... هاه .... . .
هكذا إذا يعيد التاريخ نفسه و لكن في شكل مهزلة و مأساة تعكس ضحالة الثقافة السياسية لسكان مملكة قرطاج و تروي قصة مترشح فائز بأربعة تسعات رغم أنف شعبه و نخبه ورغم أنف الحداثة وثقافة العصر.
رحم الله زمانا كان فيه عم حمدة بن التيجاني الماريشال عمار " يضحكنا على خشبة المسرح البلدي أما ماريشال العهد الجديد فإنه وإن كان ما زال يضحكنا إلا أنه بالتزامن مع ذلك مازال يضحك على ذكاء شعبنا و وهو ما لا نسمح به لأنه ضحك كالبكاء .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.