بنزرت: تحديد تاريخ 28 أكتوبر الجاري لانطلاق موسم جني الزيتون وإقرار إجراءات جهوية ومحلية مشتركة لانجاحه    السطو على اللوفر.. المحققون الفرنسيون يعثرون على خوذة دراجة نارية وقفاز    عاجل/ اعصار يضرب هذه المنطقة في فرنسا..وهذه حصيلة الضحايا..    بالفيديو: النائب بلال المشري: صلوحية وحدات المجمع الكيميائي بقابس انتهت مثل الحكومة تماما    مع الشروق :خطة ترامب ... سلام حقيقي أم تسوية مؤقتة؟    الأسير الفلسطيني المحرر علاء دنديس في حوار خاص ل«الشروق» .. عشنا الأهوال... في سجون الاحتلال    الصندوق العالمي للطبيعة: الطاقة المتجددة أصبحت المصدر الرئيسي للكهرباء على مستوى العالم    عاجل/ إيران تعلن إلغاء إتفاق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المعاصر توضح السعر المرجعي لرحي زيت الزيتون    إضراب جهوي للمحامين بقابس غدًا احتجاجًا على التلوث الصناعي    مستخدمي المترو 3 و5...تنجموا ترجعوا تستعملوا الخطوط بصفة طبيعية    عاجل : كتلة الخط الوطني السيادي تنسحب من جلسة مناقشة الوضع في قابس    شركة نقل تونس: اصابة عون التأمين وحالات هلع في اصطدام بين عربتي مترو... ولجنة للتحقيق في الحادث    وكالة النهوض بالصّناعة والتجديد تفتح مناظرة خارجية بالاختبارات لانتداب 14 إطار    ايمان الشريف تقدم جديدها الفني    مواطنة من أمريكا تعلن إسلامها اليوم بمكتب مفتي الجمهورية!    بعد الأربعين: 4 فحوصات دمّ هامة تنقذ حياتك    الرابطة الثانية: جمعية مقرين تستقر على بديل خالد المليتي    بطولة بريست للتنس: التونسي معز الشرقي يستهل مشواره غدا بملاقاة الفرنسي بوكيي ارتور    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات الجولة العاشرة ذهابا    عاجل/ العاصمة: انقطاع المياه بهذه المناطق نتيجة عطب فجئي    وزير التجهيز يعلن عن الانطلاق الفوري في استكمال مشاريع بيئية كبرى بقابس بقيمة تتجاوز 200 مليون دينار    بعد أكثر من شهرين: ما الجديد في قضية اختفاء طفلة ال15 سنة أسماء الفايدي..؟    شبهة تدليس عقد عمل بمندوبية التربية بالكاف    الدورة الرابعة لملتقى محجوب العياري للكتاب والآداب تحتفي بالكاتبة حياة الرايس من 24 إلى 26 أكتوبر 2025    وزير الصحة: خطة حكومية على المدى القريب والمتوسط لتأهيل المجمع الكيميائي والحد من الانبعاثات الغازية في قابس    لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب تشرع بداية من الغد الثلاثاء في النظر في مشروعي قانون المالية والميزان الاقتصادي 2026    تغيير في القناة الناقلة: الكأس 1 تبث مباراة الإفريقي والمنستير بدلاً من الكأس 2!    عاجل: في تونس...تلميذ على 3 يعانون من قصر النظر    هل تساعد هذه الأقراص على النوم فعلًا؟ دراسة تكشف الحقيقية    ينشطون في شبكة لقرصنة البطاقات البنكية: القضاء يصدر أحكامه ضد هؤلاء..#خبر_عاجل    محرز الغنوشي: ''اواخر اكتوبر فيها بشائر ومؤشرات إيجابية ''    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة السادسة    سوسة: مقتل "تيكتوكر" معروف بطعنات سكين !    في حركة إنسانية نبيلة: تمكين طفلين قاصرين من لقاء والديهما بعد سنوات من الانقطاع عن رؤيتهما    الكندي ألياسيم يتوج بلقب بطولة بروكسل للتنس    الصناعات الكهربائية والميكانيكية في تونس تتحسن استثمارا وتصديرا    عاجل/ أحداث قابس: هذه آخر المستجدات بخصوص الموقوفين..    مسرح أوبرا تونس يكرّم الفنانة سُلاف في عرض "عين المحبة"    عاجل/ قتلى في حادث اصطدام طائرة بسيارة في هذا المطار..    أجواء ربيعية خلال ''الويكاند''    عاجل: النشاط الزلزالي يضرب تونس والجزائر.. شوف التفاصيل!    عاجل: تذاكر ماتش تونس والبرازيل تتباع على هذا الموقع    خطير/ دراسة تكشف: تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة..!    عاجل/ حجز أكثر من 29 طنا من المواد الفاسدة.. هيئة السلامة الصحية تكشف التفاصيل..    في بلاغ رسمي: الداخلية تعلن ايقاف هؤلاء..#خبر_عاجل    الملك محمد السادس يهنئ منتخب المغرب الفائز بمونديال الشباب    ترامب يقرر فرض رسوم جمركية إضافية على كولومبيا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    المهرجان الجهوي للمسرح بتطاوين.. دار الثقافة بذهيبة تتويجات بالجملة    في افتتاح «أكتوبر الموسيقي» بحمام سوسة: توزيع أركسترالي جيّد لأغاني عبد الحليم    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    يوم مفتوح للتقصّي المُبكّر لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري بمعهد الأعصاب..    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطلاق العاطفي: مخاطر ومحاذير : نورية لحلو الودغيري
نشر في الفجر نيوز يوم 05 - 11 - 2009


بقلم: نورية لحلو الودغيري الفجرنيوز
إذا كانت ظاهرة الطلاق النهائي بين الأزواج قد احتلت حيزا كبيرا في اهتمامات القدامى والمعاصرين، وطغت على كثير من كتاباتهم نزعة المبالغة في مناهضتها وبغضها لغرض ضبط العلاقات الزوجية والحيلولة دون تفككها، فإن ظاهرة الطلاق العاطفي لم تلق الاهتمام المطلوب رغم شيوعها في الحياة الأسرية المعاصرة.
ونظرا للمخاطر المتزايدة لهذه الظاهرة، فلم أجد بُدّا من وقوفي عندها بالتحليل والنقد، مُتلمّسا المخرج المناسب الذي يعيد التوازن للأفراد الذين يكتوون بنار الاختلافات العائلية، ويتلظّون بتدنّي الحياة العاطفية الأسرية.
ويمكنني أن أعرّف الطلاق العاطفي، بأنّه حالة الانفصال الوجداني الناشئة بين الزوجين والقطيعة النفسية الواقعة بينهما، وما ينشأ عن ذلك من بُعد كُلّ منهما عن الآخر في أغلب أمور الحياة اليومية، وغياب روح التوافق على قواسم مشتركة بينهما في المسائل المصيرية المتعلقة بالتصرف والبرمجة والتربية وبناء العلاقات، بسبب ما يشقهما من تنافضات صارخة في السن أو في الذوق أو في الميول أو في الطباع أو في المستوى الثقافي والاجتماعي، تناقضاتٌ تؤدّي بهما إلى حالة من التنافر الدائم والتشنج المُتجدّد، وتُعرّضهما لدوّامة من العنف النفسي واللفظي وأحيانا الجسدي، ويطغى على حياتهما التدمير المتبادل للروح المعنوية والقيمة الرمزية لكليهما، دون أن يصلا إلى الطلاق المباشر لاعتبارات عديدة، لعلّ منها الخوف من تردّي وضع الأبناء والإحساس بالإحراج أمام المجتمع وعدم الاستعداد لمواجهة إجراءات الطلاق وتحمل تبعاته المختلفة، لذلك تستمرّ علاقة الزوجين فقط من الناحية الشكلية وهي محكومة بقاعدة القطيعة العاطفية والتأزيم المتبادل.
والطلاق النفسي نوعان، الأول يكون فيه الزوجان واعييْن بما هما عليه من طلاق نفسي، وبما يعيشانه من تدهور في بيئتهما العاطفية على النحو الذي فصّلته.
أما الثاني فيكون فيه طرف واحد - وغالبا ما تكون المرأة - غير راض على وضعه العاطفي لاصطدامه بتناقضات شتّى مع شريكه ولشعوره باهتزاز انسجامه معه وفقدانه لثقته، غير أنه يظل متكتّما على ما يعيشُه من مشاعر مُخفيا ضيقه بطبيعة علاقته غير المتوازنة اجتنابا للوقوع في الطلاق المباشر.
ونظرا للعوامل الثقافية والاجتماعية الكثيرة التي تحُول دون القطيعة النهائية بين الزوجين، فقد شهدتْ ظاهرة الطلاق العاطفي بنوعيها المذكورين انتشارا خطيرا، إذ أصبحتْ تشقّ أغلب الأسر وتلقي بغيومها على جميع أفرادها بما، يُخيّم عليها من جفاء وصمت وقساوة وخشونة وتخلّ عن المعاشرة وتشنّج وجدال وعناد وخصام لأتفه الأسباب وخيانة وإدمان على المشروبات الكحوليّة وهروب من المنزل وعنف مختلف الأشكال وميل إلى التواكل والإهمال وعدم تحمل المسؤولية والجنوح الدائم إلى الإهانة المتبادلة وتدمير الطاقة المعنوية وتحطيم جوانب القوة في الشخصية بما يؤجج مشاعر الكراهية، وبما يزرع في بعض الأحيان الرغبة في الانتقام.
وإنّ ما يلقاه طرفا العلاقة الزوجية من متاعب نتيجة ما بينهما من حرب باردة وخصام مُتجدّد واستسلام لموجات التدمير العاطفي وتحطيم مقومات الذات وقتل طاقاتها المتجددة، لا يرقى إلى مستوى ما يلقاه الأبناء من معاناة في ظل هذا المناخ المتأزم ، فما يجدونه في وضع الطلاق العاطفي لأنكى وأشد مما قد يجدونه في حالة الطلاق النهائي بين الأبوين.
إنّ الأبناء - وعى الآباء بذلك أم لم يعُوا- وهم يقفُون يوميا على أرض من الألغام المتفجّرة ويحترقون بشظاياها، ليتشرّبون من المشاعر السيئة، وليتجرّعون مرارة الحياة باستمرار، مع أنّهم لا يتجرّؤون على الإفصاح عن ميولهم لخيار انفصال الأبوين عن بعضهما رغبة منهم في الخلاص من واقع طالما أربك شخصياتهم الرهيفة، وهزّ ثقاتهم بأنفسهم وبمحيطهم العائلي، وربّما أورثهم هُمْ أيضا عجزا عن اتخاذ القرارات الصائبة في حياتهم الخاصة.
إنّ الطلاق النفسي يمثّل فعلا أزمة حقيقية تعصف بكثير من العلاقات الزوجية، كما تُعرّض الأبناء لمخاطر تفوقُ تلك المخاطر المُفترضة التي قد تحصل جراء الطلاق النهائي، إذ في غياب البيت الطبيعي المُترع بالدف والحنان والحُبّ والسكينة والانسجام والتفاهم والنجاعة ينشأ الأطفال نشأة غير سليمة، ويُصابون بأمراض نفسية منها انفصام الشخصية وفقدان الثقة بالذات والعجز عن أخذ القرارات المناسبة .
من هنا يُمكنني أن أقول: إنّ تضخيم خطورة الطلاق المباشر والإنذار بنتائجه الكارثية مقابل السكوت عن مخاطر الطلاق النفسي والإفصاح عن تأثيراته المفجعة على جميع أفراد الأسرة الواحدة خصوصا الأبناء، يُعدّ تهرّبا من مواجهة مشكلات الأسرة العاطفية وعجزا عن تبيّن الحلول الملائمة لها.
وطالما استمرت ذهنية تأثيم الطلاق الشرعي والنظر إليه على أنّه خطوة عبثية أنانيّة، طالما ظلّت ظاهرة الطلاق العاطفي في تضخّمها، وطالما ازدادت تعقيداتها وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، بل لا أبالغ إذا قلت: إنّ كثيرا من الجرائم الأسرية منها القتلُ مردّهُ تعقيداتُ الطلاق العاطفي، وما كان لمثل هذه الجرائم أن تنشأ في نظري لو اهتدى كل طرف إلى المخرج السليم والشرعي في الإقبال بشجاعة على الطلاق المباشر الذي يحفظ كرامة الجميع، ويوفّر لهم أرضية جديدة لا تحكمها المشاحنات وروح الكراهية والانتقام.

إنّ ما يخلقه الطلاق العاطفي من مآس جمّة في الحياة الأسرية - وفي ظلّ عجز الأزواج عن صياغة رؤية واضحة في التوافق والتعايش والاحترام وفق روح الشريعة الإسلامية في الإمساك بمعروف أو التسريح بمعروف- يجعلني لا أتردّدُ في الدعوة إلى التحرّر منه باختيار ما ارتضاه الله عزّ وجل من طلاق نهائي على أرضية من التفاهم بين الزوجين على الاستمرار في تحمّل مسؤولية رعاية الأبناء وتربيتهم بعيدا عن التجاذب والصراع .
وإنّي إذ أجدُ إشكالية الطلاق العاطفي جديرة بالاهتمام والدراسة، فإني أدعو الكتاب والمختصين في علمي الاجتماع والنفس لإعطائها حقّها في التحليل والتوعية والتوجيه علّ ذلك يُساعد كثيرا من الأسر المعنية على تجاوز ما تتخبط فيه من أزمات لا تنتهي، وما تناولي لهذه القضية إلا من باب تحريك المياه الراكدة وإثارة جانب من المسكوت عنه في حياتنا المعاصرة ومساهمة متواضعة منّي في التحسيس والترشيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.