الجزائريون والمغاربة والأتراك يتصدرون قرارات الترحيل من الاتحاد الأوروبي    أخبار النادي الافريقي ...اليوم «سوبر» كرة السلة ضد المنستير والبدوي يريد مستحقاته    لاعبو المنتخب يصلون إلى الرباط ويرفعون التحدّي .. كأس العَرب للنسيان والتعويض في «الكَان»    الجولة التاسعة عشرة لبطولة النخبة لكرة اليد .. صِراع بين الساقية والنجم والإفريقي في تنقّل صعب    القيروان ... اكتشاف منشآت مائية تعتبر الأولى من نوعها خلال ترميم فسقيات الاغالبة    الإعلان عن جوائز منصة قرطاج للمحترفين بورشتيها .. تونس الأولى في «تكميل»، وفيلم مصري يحصد معظم جوائز «شبكة»    في تظاهرة «24 ساعة شعر» بسوسة .. .شعراء أطرد الشعر عنهم النوم    الكاف: تحقيق نسبة إنبات جيّدة ومتجانسة في مجال الزراعات الكبرى    تنفيذ الاستثمارات السياحية    دعوات لمستعملي الطريق    صفاقس: حجز قطع نقدية أثرية نادرة    أيام قرطاج السينمائية 2025: تتويج الفيلم التونسي "وين ياخذنا الريح" بجائزة نقابة الصحفيين والفيلم العراقي "الأسود على نهر دجلة" بجائزة لينا بن مهني    الرصد الجوي: تسجيل عجز مطري وطني بنسبة 20 بالمائة خلال شهر نوفمبر الماضي    البطلة ألما زعرة ترفع علم تونس عالياً بذهبية الملاكمة في لواندا    الليلة: تواصل نزول الغيث النافع على أغلب الجهات    وزير الخارجية يتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفير استونيا الجديد    "غزة محرقة العصر وصمت الضجيج..." إصدار جديد للصحفية آسيا العتروس يوثق جرائم الاحتلال الصهيوني في غزة    توزر: بصمات فوتوغرافية في دورتها السادسة من تنظيم دار الثقافة مصطفى خريف بنفطة بين ورشات التكوين والمسابقات في انتاج المحتوى    هذه مدة ارتداء ''تقويم الأسنان'' اللي يلزمك تعرفها    "العلوم المبسطة" سلسلة من الكتب لتنمية معارف التلاميذ في مجالات العلوم    دراسة صينية تُحذّر من مخلّفات التدخين التي تلتصق بالجدران والأثاث والستائر    عاجل: هذه الدول العربية معنية بتقلبات جوية قوية في الثلث الاخير من الشهر    عاجل: تحذير من سيلان الأودية في الذهيبة    السيجومي: أمنيّ يُعاين حاث مرور فتصدمه سيارة وترديه قتيلا    ترامب: لا أستبعد خوض حرب أمام فنزويلا    الغاء المباراة الودية بين النجم الساحلي و الملعب التونسي    يهمّ التوانسة: شروط الاستفادة من الامتيازات الجبائية    عاجل: ألمانيا تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة    جامعة التعليم الثانوي ترفض دعوة الوزارة الأساتذة لإنجاز حصص تدارك خلال عطلة الشتاء    عاجل/ حكم قضائي جديد بالسجن في حق هذا النائب السابق..    موظّفو اللوفر يلغون الإضراب.. وقرار بإعادة فتح المتحف    دراسة: الأمّ التونسية ما تحكيش برشا مع أولادها في موضوع التربية الجنسيّة    القيروان: إستبشار الفلاحين بالغيث النافع    عاجل: الترجي الرياضي يستعيد مهاجمه هذا    القنصلية التونسية بدبي:'' خليكم في الدار واتبعوا تعليمات السلامة''    فرنسا : تفتيش منزل ومكتب وزيرة الثقافة في إطار تحقيق فساد    احباط محاولة سرقة غريبة من متجر معروف..ما القصة..؟!    سيدي بوزيد: افتتاح دار خدمات رقمية ببلدية أولاد حفوز    تونس تحقق 57.9 مليار دينار في الصادرات وفرص واعدة في الأسواق العالمية!    عاجل: الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف بالأرقام عن تمويلات الفيفا منذ جانفي 2025    عاجل: وزارة النقل تعلن عن إجراءات استثنائية لتأمين تنقل المواطنين خلال عطلة الشتاء    الملعب التونسي : فسخ عقد التشادي محمد تيام وثلاث وديات في تربص سوسة    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    عاجل: هل الأمطار ستكون متواصلة خلال الأيام القادمة؟عامر بحبة يوّضح    تنسيقية مسدي الخدمات الصحية تحذّر من انهيار المنظومة وتدعو إلى تدخل عاجل لإنقاذها    صدمة للملايين.. ترامب يوقف قرعة الهجرة    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    وخالق الناس بخلق حسن    عاجل/ نشرة متابعة جديدة للرصد الجوي: أمطار رعدية الليلة..    عاجل/ بمناسبة عطلة الشتاء: وزارة النقل تتخذ جملة هذه الإجراءات..    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    نائب بالبرلمان: تسعير زيت الزيتون عند 15 دينارا للتر لن يضرّ بالمستهلك..!    دراسة تحذر.. "أطعمة نباتية" تهدد صحة قلبك..تعرف عليها..    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصير النظام ومصير الوطن : فهمي هويدي
نشر في الفجر نيوز يوم 09 - 11 - 2009

لم تعلن القاهرة موقفا واضحا من الدعوة لانفصال جنوب السودان، التي أعلنها السيد سلفاكير ميارديت رئيس حكومة إقليم الجنوب الذي يتمتع بالحكم الذاتي، وجاء كلامه في ذلك تحريضيا ومفاجئا، لأنه قال للجنوبيين في كلمة ألقاها في ختام قداس بكاتدرائية القديسة تريزا في جوبا: إن تصويتهم للوحدة سيجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، ومن ثم فخيارهم لكي يصبحوا أحرارا أن يصوّتوا للانفصال في الاستفتاء الذي سيجري خلال العام المقبل. ووجه المفاجأة في هذا الكلام أنه صدر عن رجل يشغل في الوقت الحالي منصب نائب رئيس جمهورية السودان، وكان قبل أسبوعين من هذا الكلام يتحدّث عن الوحدة في جولة قام بها إلى منطقة كردفان والنيل الأزرق، فضلا عن أن موقفه يعد تراجعا عن اتفاق «السلام والعهد والميثاق» الذي عقده مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وتعهد فيه بالحفاظ على وحدة السودان.
أثار الانتباه أن السيد سيلفاكير أطلق دعوته بعد أسبوع من زيارته للقاهرة، التي التقى فيها الرئيس حسني مبارك. وليس معروفا ما إذا كان اللقاء قد تطرّق إلى مستقبل الجنوب بعد الاستفتاء أم لا، لكن القدر الذي أُعلن أن قرارا صدر بإنشاء فرع لجامعة الإسكندرية في جوبا عاصمة الجنوب، أسوة بفرع جامعة القاهرة في الخرطوم.
أثار الانتباه أيضا أن إعلان سيلفاكير تزامن مع بعض الخطوات التصعيدية التي استخدمتها الحركة الشعبية لتحرير السودان، وتمثلت في مقاطعة الوزراء الجنوبيين لاجتماعات مجلس الوزراء، ومقاطعة نوابهم لجلسات البرلمان، والتهديد بسحب الضباط الجنوبيين من جهاز الأمن، وذلك بهدف ممارسة أكبر قدر من الضغوط على الحزب الحاكم لتقديم تنازلات في شأن قانوني الاستفتاء على مصير الجنوب والأمن الوطني. المتابعون للشأن السوداني لاحظوا أن القاهرة استقبلت بعد زيارة سيلفاكير السيد مصطفى عثمان مستشار الرئيس عمر البشير، الذي التقى بدوره الرئيس حسني مبارك، وأعلن أن الرئيس البشير سيزور مصر هذا الأسبوع بدعوة من الرئيس مبارك، حيث يشارك في المنتدى الصيني الإفريقي الذي سيعقد في مدينة شرم الشيخ. ونشرت الصحف المصرية على لسانه تصريحات ذكر فيها أنه سيفتتح في نهاية هذا العام طريق بورسودان الإسكندرية، الذي سيصل إلى جنوب إفريقيا. كما أن الرئيس السوداني سيفتتح طريق شرق النيل الذي يصل الخرطوم بمدينة حلفا، بحيث تتبقى منه مسافة 26 كيلومترا فقط لكي يصل إلى أسوان. وتحدّث عن تنشيط العلاقات وحركة التبادل التجاري بين القاهرة والخرطوم، وزيادة رحلات شركة مصر للطيران التي كانت تقوم بثلاث رحلات أسبوعيا، بحيث تصبح ثلاث رحلات يوميا.
من المبكر الكلام عن مدى نجاح الدعوة إلى انفصال الجنوب، التي يتبناها تيار قوي داخل الحركة الشعبية، علما بأن أوضاع الجنوب ذاته لا تطمئن إلى احتمالات نجاح تلك الدعوة، من ناحية بسبب الصراعات الداخلية والتاريخية بين قبائل الجنوب، خصوصا أن قبيلة الشيلك الكبيرة ترفض سيطرة قبائل الدينكا المهيمنة في الوقت الراهن، وبين القبيلتين غارات مستمرة وثأرات عميقة أغرقت الجنوب في بحر من الدماء، ومن ناحية ثانية فإن اعتماد إقليم الجنوب على نفط منطقة «ابييه» أصبح محل شك، بسبب ثبوت حقوق الشماليين فيه.
الملاحظة الأهم أن شيئا لم يتحرك في مصر لا سياسيا ولا إعلاميا حين أعلنت الدعوة إلى الانفصال، إذ أهملتها وسائل الإعلام ونشرت بعض الصحف الخبر على صفحاتها الداخلية، رغم أن موضوع الانفصال كان ينبغي أن يحدث رنينا في مصر، لا يقل عنه في الخرطوم، وعند بعض السوادنيين فهو مشكلة مصرية أكثر منها سودانية، إذ أنه لا يفتح الباب لتمزيق السودان فحسب، لكنه أيضا يشكل تهديدا مباشرا لأمن مصر القومي، ذلك أن قيام كيان جديد يشرف على مياه النيل له ارتباطاته الإسرائيلية الوثيقة يمثل خطرا، ينبغي عدم الاستهانة به، ومن ثم كان ينبغي أن يستنفر الدولة المصرية، لكي تستخدم كل ما تملك من نفوذ للحيلولة دون حدوثه. هل يسوغ لنا ذلك أن نقول إن الأمن الداخلي أصبح أكثر أهمية من الأمن القومي، وإن مصير النظام صار مقدما على مصير الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.