القاهرة:ليس غريباً أن يبقي النظام في مصر علي شخصية مثله وزيراً في كل الحكومات التي تشكلت خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة مادام الرجل قادراً علي استهداف المواطنين بمهارة فائقة في أي لحظة لتأمين عدم إحراج النظام وسد ثغرات موازناته وميزانياته ولو بمص دم الغالبية من هذا الشعب.. لقد استطاع يوسف بطرس غالي وزير المالية تحصيل 27.3 مليار جنيه في المرحلة الثانية من موسم تلقي الإقرارات الضريبية 2008/2009 بزيادة قدرها 152 مليون جنيه عن العام السابق عليه من جيوب العاملين في الهيئات والشركات العامة والخاصة، فيما يعتبره النظام غالباً ضربة معلم تزيد الثقة بالوزير وتخفض صبر المواطن المصري الذي تزيد معاناته يوماً بعد يوم بوجود هذا الرجل في السلطة. دائماً ما يتجاهل «غالي» الاستجابة لأي مطالب شعبية إلا بعد سلسلة اعتصامات واعتراضات، مما يجعله دائماً يظهر في صورة المهزوم، ويتضح ذلك في أزمة موظفي الضرائب العقارية الذين كانوا يناضلون من أجل الانضمام لوزارة المالية والمساواة في الحقوق مع زملائهم في الضرائب العامة، لكنهم اعتصموا أمام مجلس الوزراء 11 يوماً وأجبروه في النهاية علي الاستجابة لمطالبهم، والأمر نفسه حدث مع أصحاب المعاشات الذين حاول الوزير الاستيلاء علي أموالهم، لكنه في النهاية رضخ لصرف المعاش. يبدو أن يوسف بطرس غالي الذي تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1981 قبل أن يسافر إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية ليحصل منها علي درجتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد ليعمل كبيراً للخبراء بصندوق النقد الدولي وذلك قبل أن يعود للعمل في مصر كمستشار لرئيس الوزراء ثم كوزير للدولة منذ عام 1993 ثم وزيراً لعدد من الوزارات حتي انتهي به المقام وزيراً للمالية، بات واحداً من أهم المدافعين عن السياسات الرأسمالية التي تنتهجها حكومات الحزب الوطني الديمقراطي المتعاقبة منذ سنوات عديدة والتي أدت سياساتها الاقتصادية والمالية إلي زيادة الأغنياء غني وإفقار محدودي الدخل حتي بلغوا درجة الفقر المدقع في سنوات قليلة جداً. كرم أصلان جريدة الدستور الجمعة- العدد 825- الإصدار الثانى - 25 ذي القعدة 1430 - 13 نوفمبر 2009