لندن: في تقرير عن دبي ومشاكلها المالية ومعجزتها التي حاول حاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تحقيقها، قالت صحيفة امريكية ان دافع الشيخ 'مو' كما يطلق عليه الاجانب، كان ينبع من رؤيته التي حدد بعضها في مذكراته 'رؤيتي' وهي تحقيق ما لا يمكن تحقيقه، وكسر القوالب العامة في العقلية التي تعتمد على النفط، والتخلص من اعتماد امارته على امارة ابوظبي. فقد كان يقول لزواره ان 'ما حققته في دبي هو عشرة بالمئة مما احلم به'. لكن الحلم تلقى ضربة الاسبوع الماضي حول ازمة الديون التي اثرت على السوق المالي المحلي والعربي والعالمي وادت الى اعادة نظر بمعجزة الصحراء. وتقول 'نيويورك تايمز' ان العديد من المحللين الان يتساءلون في ضوء ازمة تأخير ديون ' دبي العالمية' حول انقاذ دبي من 'طموحاته التي لا حدود لها'. وقالت انه مع اندلاع الازمة كان الامير يطوف القسم الاسلامي بالمتحف البريطاني والذي كتب معلقا على مقتنياته الملهمة، مما دعا الكثيرين للتساؤل حول مقدار ما كان يعرف عن الازمة التي ربما كانت تتخمر لمدة. ونقلت الصحيفة عن مستشارين سابقين وحاليين للامير قولهم ان مساعديه تركوه في الظلام، لاسابيع وربما لاشهر حول المصاعب المالية التي كانت تتصاعد، ففي الوقت الذي تم فيه تجميد مئات المشاريع العقارية بدأ الممولون الاجانب بترك الامارة بأعداد كبيرة وهم الذين كانوا يتدفقون عليها في السابق. وترى الصحيفة ان الوضع في معظمه يعتمد على الطريقة التي سيعالج فيها الشيخ الازمة من ناحية كون دبي نموذجا عن التطور الاقتصادي العربي وكونها جزءا من اتحاد الامارات، مشيرة الى ان قنبلة الديون الاسبوع الماضي تحمل في ثناياها توترات بين الامارة الشقيقة: ابوظبي والغنية بالنفط والتي يتوقع الكثيرون منها دورا بمساعدة دبي واخراجها من ورطتها. وكان الشيخ قد نفى هذه التكهنات وطلب من الصحافيين الشهر الماضي 'السكوت' وان حديثهم ما هو الا تعبير عن حسد. وتشير الصحيفة الى تاريخ عائلة المكتوم التي تحكم منذ عام 1833 والى حلم والد الشيخ الحالي الشيخ راشد بن سعيد المكتوم الذي حلم اول مرة بان يضع دبي على خارطة التجارة بتحويلها الى ميناء عالمي ونقطة عبور للسفن الدولية. ومع ان تفكيره في حينه اعتبر جنونا الا انه اثبت للمتشككين صحة تفكيره. وتشير الى ان حلم الشيخ محمد يبعد عن كونه محاولة لجعل دبي عاصمة للمال والاقتصاد بل قيادة نهضة عربية وتنوير، ومن هنا فنموذجه ليس لاس فيغاس ولكن عاصمة الاندلس بالقرن العاشر، قرطبة. وتشير الى ان الشيخ قام باختراق المحرم في مجتمعه عندما انتقد العرب الذين يجلسون ويتحدثون عن الماضي المجيد ويلومون الاخرين على فشلهم ويحملونهم مشاكلهم. ومع ان الصحيفة تشير الى نجاحات من ناحية تعزيز روح العمل التجاري والانضباط، فهو على حد خبير: ثلث ممول وثلث اخر بانٍ والثلث الاخير مهندس اجتماعي على طريقة اتاتورك. لكن مشكلة الشيخ انه اراد العمل الكثير في وقت قصير وسريع. ولا تستبعد ان عدم صبر الشيخ ربما يكون متعلقا باعتماد الامارة على ابوظبي التي ظلت تقدم للامارة مخصصات سنوية بقيمة ملياري دولار. ومن هنا دفع باتجاه المشاريع التي حاول من خلالها توليد عوائد مالية غير عوائد النفط. ويبدو ان الفرسان الاربعة وهم المستشارون الاربعة الذين اعطى كل واحد منهم شركة للتنافس في البناء والمشاريع هم اصل المشكلة، ففي الوقت الذي كان يدعو فيه الشيخ للشفافية فما كان يجري في الشركات من ناحية المحسوبية والحذر هون امر اخر. وحسب مستشارين نقلت عنهم فان الموقف داخل دوائر الحكومة والشركات هو تجنب نقل الاخبار السيئة للشيخ. فيما تعاون الاعلام على رسم صورة وردية عن دبي، مما دعا للشيخ القول في الربيع الماضي ان دبي مرت بسلام من الازمة المالية العالمية واحتوتها. ولكن في الاسابيع القليلة الماضية اتسمت لهجة الشيخ بالتحفظ واكدت على اهمية العلاقة مع امارات الدولة، وقام قبل اعلان دبي العالمية بأيام بعزل ثلاثة من مستشاريه من مجلس دبي للاستثمارات ليصبح كامل اعضائه من العائلة الحاكمة. القدس العربي