القاهرة :خلص تقرير حقوقي إلى أن وضع حقوق الإنسان في العالم العربي شهد تراجعاً خلال العام المنصرم. وعبّر التقرير الذي أطلقه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أمس، عن قلقه البالغ من تفاقم ظواهر «الإفلات من المحاسبة والعقاب» في العالم العربي.وأوضح التقرير الذي تلقته «الحياة» أنه يستهدف رصد وتحليل أبرز التطورات التي شهدتها المنطقة العربية خلال الفترة ما بين أيلول (سبتمبر) العام الماضي إلى تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بهدف الوقوف على مظاهر التقدم والتراجع في احترام حقوق الإنسان بصفة عامة، مع إعطاء الأولوية للمؤشرات البالغة الدلالة والكاشفة عن مدى استعداد البلدان العربية المستهدفة لتحفيز مناخ التطور الديموقراطي. وأشار رئيس المركز بهي الدين حسن ل «الحياة» إلى أنه سيعرض التقرير على لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، كذلك على لجان متخصصة في المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان، وأوضح أن التقرير ثمرة عمل لنحو خمسة أشهر، تعاون فيها المركز مع مجموعة من المنظمات الحقوقية العربية والباحثين في المجال الحقوقي. وأصدر مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان تقريره تحت عنوان «واحة الإفلات من المحاسبة والعقاب» لعام 2009، وهو تقريره السنوي الثاني حول حقوق الإنسان في العالم العربي. وعبّر عن أسفه أن يعلن للرأي العام أن حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية «تتجه إلى المزيد من التدهور»، حتى بالمقارنة مع الوضع المتدهور لعام 2008. ويستعرض التقرير أبرز التطورات ذات الصلة في 12 بلداً عربياً، كما يفرد فصولاً خاصة تتناول بالتحليل أداء الحكومات العربية داخل هيئات الأممالمتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية. ويعالج التقرير في فصل مستقل موقف الحكومات العربية من قضايا حقوق المرأة، وحدود التقدم المحرز فيها، ومدى استخدامها كورقة ل «تجميل الصورة» أمام المجتمع الدولي، والتملص من استحقاقات الديموقراطية وحقوق الإنسان للرجال والنساء على حد سواء. ورصد التقرير الانتهاكات الإسرائيلية الهائلة والمتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، وأشار إلى التدهور الذي وصفه ب «الهائل» في اليمن منبّهاً إلى أنه «ينذر بتقويض ما تبقى من كيان الدولة المركزية»، واعتبر أن النظام السوداني يعد «أكثر النماذج فجاجة في الاستخفاف باستحقاقات العدالة وتكريس الإفلات من العقاب عن جرائم الحرب في دارفور». وقال التقرير إنه على رغم تباعد شبح الحرب الأهلية في لبنان، والتي كانت وشيكة في العام الماضي، إلا أن هذا البلد ظل يعاني حالة «ازدواج السلطة» في ظل القدرات العسكرية التي يتمتع بها تحالف المعارضة بقيادة «حزب الله»، وهو ما أفضى إلى حال من الشلل للمؤسسات الدستورية استمرت لأشهر طويلة عجزت خلالها الغالبية الفائزة في الانتخابات النيابية عن تشكيل الحكومة. وعن الحال الحقوقية في مصر، فيقول التقرير إن عمليات القتل خارج نطاق القانون للعشرات من المهاجرين غير الشرعيين، أو عبر استخدام القوة المفرطة في ملاحقة بعض المشتبه بهم، وكذلك ممارسات التعذيب الروتينية، مثّلت «وجهاً بارزاً للحصانة» التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية، في ظل حال الطوارئ السارية قرابة ثلاثة عقود. بيد أن ملامح أخرى للتدهور برزت خلال عام 2009، تتبدى على وجه الخصوص في استخدام قانون الطوارئ على نطاق واسع في قمع حرية التعبير، وعلى الأخص في اعتقال واختطاف المدوّنين. كما أن «اكتساء الدولة البوليسية بشكل متزايد بسمات دينية» فاقم من الضغوط على الحريات الدينية، وأدى إلى استشراء العنف الطائفي، كماً ونوعاً، بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث. الحياة