أثار اعتراف رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بأن بريطانيا كانت ستدعم الحرب على العراق حتى لو علمت أنه لا يمتلك أسلحة دمار شامل موجة من الاستياء، أمس، وأدت إلى دعوات لمحاكمته بارتكاب جرائم حرب . وكان بلير، الذي دعم الغزو الأمريكي للعراق في عام ،2003 صرح لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن قرار الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين “كان صائباً” بسبب التهديدات التي كان يمثلها نظامه .وطالب المحامي السابق لصدام حسين بملاحقات قضائية بحق بلير بتهمة شن حرب “غير مشروعة” . ومن المقرر أن يدلي بلير بشهادته أمام لجنة التحقيق في مشاركة بريطانيا في الحرب على العراق والتي يرأسها جون شيلكوت مطلع العام المقبل، وقال أحد المعلقين في صحيفة “صنداي تلغراف” إن التحقيق يجب أن يغير القضايا التي يركز عليها . وأضاف “أن تصريحات بلير التي تغير قواعد اللعبة، تعطي اللجنة الحق بأن تكون أكثر صرامة وأكثر سعياً للمقاضاة” . ولقيت هذه الدعوة صدى لدى أنصار “تحالف أوقفوا الحرب” الذين دعوا لجنة التحقيق إلى التوصية بمقاضاة بلير . وقال البروفيسور فيليب ساندس، المحامي الدولي البارز، إنه يعتقد بأن تصريحات بلير تجعله عرضة لمقاضاة قانونية . وصرح ساندس لصحيفة “صنداي هيرالد” أن “حقيقة أن توني بلير حدد تلك السياسة بغض النظر عن الحقائق على الأرض، وبغض النظر عن قانونيتها، ستعرضه لمشاكل قانونية أكبر” . وقدم جوفاني دي ستيفانو المحامي الحالي لوزير الخارجية العراقي السابق طارق عزيز إلى المستشار القانوني الرئيسي في الحكومة البريطانية “طلبا للموافقة على ملاحقة” رئيس الوزراء البريطاني السابق . وقال القاضي دي ستيفانو المحامي الايطالي في مكتب “ستوديو ليغالي انترناتزيونالي” للمحاماة في روما في رسالة وجهها إلى لندن، اطلعت وكالة “فرانس برس” على نسخة عنها، ان بلير “انتهك معاهدة جنيف العائدة إلى 1957” من خلال زج بلاده في حرب “غير مبررة عسكرياً شنت بطريقة غير مشروعة ومن دون سبب وجيه” . وكان بلير برر الحرب على العراق، التي لم تحصل على موافقة علنية من الأممالمتحدة، بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل وصواريخ طويلة المدى وكذلك عدم التزام بغداد بعمليات التفتيش الدولية عن الأسلحة متحدية العديد من القرارات الدولية بهذا الشأن . ورداً على سؤال حول ما إذا كان سيزج بلاده في الحرب في مارس/ آذار 2003 حتى وان لم يكن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل، أجاب بلير “كنت سأستمر في التفكير في أن إطاحته أمر صائب . بالتأكيد، كان علينا في هذه الحالة أن نستخدم حججا مختلفة حيال طبيعة التهديد” . وأضاف “لقد كان أهم شيء في ذهني أنه (صدام) يمثل تهديدا للمنطقة، وبالتأكيد كان تطوير أسلحة دمار شامل جزءا من هذا التهديد، وكذلك كان في ذهني محاولات الأممالمتحدة التي استمرت 12 عاماً بشأن هذه القضية . وقد استخدم (صدام) أسلحة كيميائية ضد شعبه بالذات” . وقال ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين المعارض انه “متفاجئ تماماً” بتصريحات بلير . وأضاف انه رغم أن العراق كان ينتهك العديد من قرارات الأممالمتحدة وكان “مصدر إزعاج” للمنطقة، إلا أن بلير “ركز كثيراً على حجة امتلاك العراق أسلحة دمار شامل” في تبريره للحرب . ودعا كاميرون إلى أن يقدم بلير شهادته أمام لجنة التحقيق علنا، وسط تقارير بأن تلك الإفادة ستجري في جلسة مغلقة، إلا أن متحدثاً باسم لجنة التحقيق نفى ذلك، وقال ان بلير سيظهر في “جلسة علنية للغاية” . وأضاف نيك كليغ زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي المعارض أن “السخرية الغريبة التي اتسم بها توني بلير في قوله انه كان سيستخدم أي حجة لشن الحرب يوضح أهمية الاستماع إلى شهادته علنا” .(أ .ف .ب)