تونس – محمد الحمروني :كشفت صحيفة "الموقف" التونسية المعارضة عن بلوغ التطبيع الجاري منذ مدة مع الكيان الصهيوني درجات متقدمة جدا. وأكدت الصحيفة في عددها الأخير الصادر نهاية هذا الأسبوع أن مدينة قابسالتونسية (450 كلم جنوب العاصمة تونس) باتت الهدف الجديد والمفضل للسياح الإسرائيليين الذين يقبلون على المدينة فيما يشبه الحج السنوي "للغريبة" الكنيس اليهودي بجزيرة جربة. وشهدت مدينة قابس يوم الأحد 13 ديسمبر الجاري عسكرة مطلقة خاصة في الأجزاء العتيقة منها وفي محيط ما يقال إنه "كنيس يهودي" بقلب المدينة، وتم تعزيز الرقابة الأمنية بفرق مختصّة مدعّمة بالكلاب المدّربة. وقطعت هذه الفرق الطرق المحيطة بالمكان ومنعت المواطنين من التنقل من وإلى منازلهم أو محالهم التجارية، وهو ما منعهم من قضاء حوائجهم. ووصفت بعض المصادر الإعلامية حالة الاستنفار الأمني التي شهدتها المدينة بمناسبة هذه الزيارة بالاستثنائية، وقيل إن فرقا أمنية تابعة لأجهزة أمن الدولة تحولت خصيصا إلى المنطقة لحماية الزوار الإسرائيليين، وهي أخبار لم تتأكد إلى حد الآن من مصادر مستقلة. وتضم هذه الوفود "عددا من السيّاح القادمين من الكيان الصهيوني في رحلات مباشرة، غالبا ما تتم عبر الأقطار الأوروبية القريبة من تونس وهو ما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية في مناسبات عديدة لتجهض تكتّم الجهات الرسمية التونسية عليه "كما جاء في تعليق لإحدى الصحف التونسية". وتنفي الحكومة التونسية وجود علاقات بينها وبين الكيان الغاصب، وهي تؤكد أن مكتب الممثلية التجارية لإسرائيل الذي كان موجودا بقلب العاصمة التونسية، ولا يبعد إلا بعض الأمتار عن مقر الإذاعة والتلفزة، أغلق نهائيا، تنفيذاً لقرارات القمة العربية في القاهرة لسنة 2000. إلا أن عددا من المراقبين يؤكدون أن غلق مكتب الممثلية الإسرائيلية في تونس لا يعني انقطاع العلاقات بين البلدين، بل إن العكس هو الحاصل كما يرى هؤلاء، وهم يستشهدون بارتفاع عدد الحجيج الإسرائيليين إلى كنيس "الغريبة" سنويا، وتوفير تسهيلات كبيرة جدا لهؤلاء الحجيج، وفتح خط جوي بين تونس وتل أبيب لنقلهم، ورفع الطائرات الإسرائيلية القادمة من الكيان الصهيوني للعلم الإسرائيلي جنبا إلى جنب مع العلم التونسي. وكانت تونس وجهت دعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون لحضور الدورة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي انعقدت بتونس في نوفمبر سنة 2005. وأعلنت مصادر الحكومة الإسرائيلية حينها أن شارون قبل تلبية الدعوة التي تم التشاور بشأنها هاتفيا، بين وزيري الخارجية التونسي عبدالباقي الهرماسي والإسرائيلي سيلفان شالوم وفق ما أوردت بعض الصحف الإسرائيلية. ورغم أن تونس أكدت أن الدعوة مرتبطة بالقمة العالمية لمجتمع المعلومات "فإن مصادر غربية في تونس اعتبرت أن الزيارة تندرج في إطار تنشيط العلاقات الثنائية، وإحياء الاتفاق الموقع سنة 1995 والمتعلق بإقامة علاقات دبلوماسية بين تونس والدولة العبرية". وأثارت دعوة شارون، الذي ارتبط اسمه لدى التونسيين وكل العرب والمسلمين بمذابح صبرا وشاتيلا، ردود فعل غاضبة ومستنكرة، وعمت الاحتجاجات على الدعوة الموجهة إليه، مختلف المؤسسات التربوية بالبلاد، فيما قمعت الحكومة بشكل قاس جدا المظاهرات التي نظمتها قوى المعارضة التونسية تنديدا بالزيارة. وتحت الضغط الشعبي ألغى شارون زيارته لتونس وعوّضه سيلفان شالوم وزير الخارجية حينها الذي حظي بترحاب رسمي كبير، وسخرت الحكومة التونسية إمكانات هائلة من أموال الدولة لضمان زيارته لعدد من أماكن العابدة اليهودية وإلى منزل عائلته في مدينة قابس. يذكر أن تقارير إعلامية تحدثت مؤخرا عن إقبال عدد من أبناء الجالية اليهودية في أوروبا وأميركا على اقتناء المنازل والعقارات الواقعة بالمدينة العتيقة لمدينة قابس بأسعار خيالية، ومنها بعض ما قيل إنها دور عبادة أو أضرحة لحاخامات أو منازل هجرها اليهود في منتصف القرن الماضي. العرب