في العهدة الثالثة و نهاية الجمهورية الجزائرية.. ( عاش الملك) علجية عيش الفجرنيوز خاص www.alfajrnews.net يبدو أن عمر الجمهورية الجزائرية كان محدودا انتهي باعتلاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم في السنة تسع و تسعون تسعمائة و ألف و ها هي الجزائر تقدم النموذج الأول للنظام الملكي و إعلان الخروج من النظام الجمهوري المرادف للدولة.." على خطى المغرب و الأردن و دول عربية أخرى تسير الجزائر نحو النظام "الملكي" بدعوتها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للترشح إلى عهدة ثالثة وقد تكون رابعة و بالتالي إبقائه في سدة الحكم مدى الحياة، حينها يصبح مفهوم الجمهورية عديم المعنى ، و ما يؤكد ذلك هو إلحاح القوى السياسية في خطاباتها على ترشح الرئيس "الملك" حتى و لو كان هذا المطلب لا يمكن تحديده إذا ما كان مشروعا ، خاصة و الجزائر تعيش التعددية الحزبية و الشعب ما زال لم يُسْتَفت في ذلك بعد.. حتى الجمعيات و التنظيمات لم يعد حديثها هذه الأيام سوى التعديل الدستوري و الرئاسيات المسبقة و قد بدأت طبول و مزامير هذه التنظيمات و الجمعيات تعلن عن حملاتها المناسباتية، في الوقت الذي ما يزال فيه الشعب يبحث عن وسيلة يحل بها مشاكله الاجتماعية و المطالبة بالزيادة في الأجور و تحسين مستوى معيشته وقدرته الشرائية خاصة و الجزائر تعيش في بحبوحة مالية كما يقال.. فهو غير مبال بالانتخابات و لا بالشخص المرشح.. منذ أن حلت المأساة في الجزائر أخذ مطلب الشعب يبحث عن رجل "الإنقاذ" و إخراج البلاد من وحل الأزمة التي غرقت فيه وخلف هذا المطلب كانت ترتفع الحجج العاقلة عن ضرورة طي صفحة الماضي و فتح صفحة جديدة في إطار ما سمي بالوئام المدني ثم المصالحة الوطنية التي جاء بها هذا الرجل، و راح الكل يضرب على وتر عاطفة التسامح بالتشديد على التسامح الجماعي، و كان استفتاء الشعب الجزائري لمشروع المصالحة الوطني بمثابة الجدار المتين الذي اتكأ عليه بوتفليقة ، بعدما تيقن أن الاحتكام إلى إرادة الشعبية أعطت ثمارها و سمحت له باجتياز الامتحان الصعب بدرجة "جيِّد جدًا" ، مكنته من البقاء في سدة الحكم لعهدة ثانية، و عد فيها الشعب بمرحلة حكم جديدة تتميز بالشفافية و تحديث الدولة و عصرنة مؤسساتها و إصلاح القوانين.. الملاحظ أن هذه الوعود ربما كانت تمهيدا لعهدة رئاسية ثالثة أو رابعة أو عهدة أبدية أي على مدى الحياة ، و هذا حتى يسد المجال أمام البعض لاسيما المعارضين.. و الطامحين في الكرسي.. الصراع الرئاسي بدا واضحا منذ البداية، لا لأن الدعوة سابقة لأوانها فحسب ، من خلال ترديد البعض بقوله: " أين نحن و أفريل 2009؟" ..، بل إعلان بعض الوجوه للترشح لهذه الاستحقاقات ووصولها إلى كرسي المرادية و على رأسهم الرجل الثاني في الفيس علي بن حاج و تواتي.. الرجل و إن نجح في تحقيق السياسة الخارجية للبلاد و هو ما يردده بعض المعارضين فإنه فشل في إنجاحها في الداخل ، و التفسير الوحيد لذلك هو عودة الإرهاب و العمليات الانتحارية التي مست العديد من الأبرياء والتي نشهدها بين الحين و الآخر في الساحة الوطنية.. الشيء الذي يثير الحيرة و التساؤل هو صمت الرئيس المرغوب فيه من قبل الأحزاب و التنظيمات..، لم يُبْدِ هذا الرجل موقفه من الترشح.. و لا حتى ضبط رزنامة زمنية محددة لتعديل الدستور ، و كأنه يريد أن يجس نبض الشعب من هذه العملية.. إن رئاسيات 2009 تختلف كثيرا عن سابقتها التي جرت في 2004، كانت هذه الأخيرة فرصة للإنعتاق من أزمة تجاوزت العشرية السوداء سمحت فيها بحل اكبر المعضلات و لو بشكل جزئي و الدخول في محطة أساسية للقفز بالبلاد إلى مرحلة جديدة.. هذا ما خُطط له و تلك هي الخريطة التي رُسِمَتْ، بحيث لن يكون حديث الانتخابات المقبلة عن مرشح السلطة، لأن الرجل "المُخْتار" معروف و سوف يُقَدِّمُ للشعب نموذج التجربة الأولى للنظام الملكي و خروج الجزائر من النموذج الجمهوري الديمقراطي الذي أظهر فشله، و هذا يعني تخلي الشعب عن جزء من سيادته و تحويل نفوذه وقوته إلى شخص واحدٍ اسمه "المَلِكُ " ..، و لكون هذا الأخير لا يخضع لأية رقابة ..، و يمارس وحده كل السلطة فإن تعين الملك سيكون بالوراثة مثلما هو جار في المغرب و الأردن و السعودية و مملكات أخرى ، لكن قبل أن تتحول الجزائر إلى النظام الملكي ثمة أسئلة لابد من طرحها و الإجابة عليها: أولا: كيف تُبقِي الجزائر على طابعها الجمهوري و هي على مشارف الدخول في النظام الملكي لاسيما و المادة 178 من الدستور الجزائري تنص على انه لا يمكن أي تعديل دستوري أن يمس الطابع الجمهوري للدولة و النظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية؟ ثانيا: هل سيقبل الشعب الجزائري هذا النظام الجديد وهو النظام المعروف عليه بالتسلط و الاستبداد؟ ثالثا: هل سيزول مفهوم الحكومة المرتبطة بفكرة الجمهورية، وكيف و إلى من سينقل العرش ؟ وهو الأمر الذي من الصعب التسليم به و إيجاد له صيغة مناسبة؟ الشيء الذي لا يمكن التصديق به هو أن النظام الملكي الذي ستعرفه الجزائر مع بداية 2009 سيغير لا محالة الكثير من المصطلحات و المفاهيم ويزول من القاموس مفهوم والي الولاية و وزير الدولة و رئيس الحزب و رئيس الحكومة و حتى مفهوم الشعب الذي سيكون على استعداد للانحناء للملك و تقبيل يده و هو يردد "عاش الملك".."عاش الملك".."عاش الملك"..