باريس- "لقد نصبوا علي وباعوني وهما بدل حجة.. هؤلاء لا يمتون بصلة للإسلام ولا يراعون حرمة المقدسات.. لقد سرقوني ونصبوا علي بعد أن أوهموني بحجة إلى الأراضي المقدسة والنتيجة أني اليوم بلا أوراق هوية ولا نقودي". تحذير لحجاج فرنسا من عمليات النصب بهذه الكلمات عبرت السيدة الفرنسية منجية (67 عاما) عن مشكلة جمعتها ضمن 1500 شخص هم ضحايا عملية نصب قامت بها وكالة سفر سويسرية أطلقت على نفسها اسم "مناسك رحلات" هذا العام. طالع أيضا: * في أوكرانيا.. حلم الحج يتأخر سنوات * "منى" في ثوبها الجديد لاستقبال الحجيج * الحج في مالاوي..قطاع خاص! فباعت لهم الوكالة تأشيرات للحج عبر وكلاء محليين في شمال فرنسا، وقبل السفر للأراضي المقدسة اكتشفوا أن الوكالة اختفت وأن وكلاءها المحليين"تبخروا" في الهواء، وإضافة إلى ضياع ملايين اليورهات فقد فقدت كل جوازات السفر التي حملها الوكلاء معهم. وفي تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" أوضحت منجية أنها خسرت هي وزوجها "ما يقدر ب6 آلاف يورو": "نحن بصدد جمع الدلائل الكافية من أجل رفع دعوة قضائية ضد هؤلاء النصابين". "حج دون مشاكل" وفي غياب أي دور للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية حول ترتيبات الحج فقد اكتفى المجلس المحلي للديانة الإسلامية في منطقة الالزاس شمال فرنسا ببيان ينبه فيه إلى خطورة الواقعة ويدعو الحجيج إلى الحذر، كما أصدر المجلس ذاته كتيبًا بعنوان "حج دون مشاكل"، كدليل يجنب الحجيج حيل النصابين. وتساءل بيان المجلس المحلي عن أسباب لجوء بعض الفرنسيين للتسجيل في وكالات أسفار خارج فرنسا وخاصة مع عدم معرفتهم صدقها. لكن العديد من أصحاب وكالات الأسفار قالوا ل"إسلام أون لاين.نت": "إن الرغبة في الحج بالنسبة للعديد من الفرنسيين جعلتهم يلجئون لبلدان أخرى بأوربا لنيل تأشيرة دخول الأراضي المقدسة". وأشاروا إلى أن "عدد التأشيرات الممنوحة من قبل السفارة السعودية في باريس والبالغ 25 ألف تأشيرة لا تغطي عدد الأشخاص الراغبين في الحج، مما دفع حوالي ستة مائة حاج العام الماضي لشراء تأشيرات من ألمانيا اكتشفوا بعدها أنهم وقعوا ضحية تحايل لأن التأشيرات مغشوشة". من جانبه قال عبد القادر الترهوني صاحب وكالة سفر بباريس ل"إسلام أون لاين.نت": "الوكالات المعترف بها والتي تحمل رقمًا من قبل محافظات الشرطة الفرنسية هي فقط المرخص لها، وهي وحدها التي تعطيها السفارة السعودية عددًا محدودًا من التأشيرات". وأوضح أن: "هناك وكالات وإعلانات وهمية تظهر كالفقاقيع تبرز مع بداية موسم الحج والكثير من الشيوخ والعجائز والمشتاقين لزيارة الأراضي المقدسة للقيام برحلة العمر يقعون فريسة لعمليات التحايل التي تقوم بها بعض وكالات الأسفار دون دراية وعن حسن نية". وتبدأ عمليات النصب من شراء التذكرة؛ حيث تستغل بعض وكالات الأسفار شوق ورغبة الناس في الحج لترفع أسعار التذاكر، وتستمر عمليات النصب ببعض الوكالات الأخرى التي تطلب ثمن التأشيرة.. مع أن تأشيرة الحج تعطى مجانية للوكالات. كما يجد بعض الحجيج أنفسهم عند وصولهم إلى السعودية في أحيان كثيرة بلا نقل أو بدون سكن، مع أن المبلغ الذي يدفعونه مسبقا يغطي تكاليف السفر كاملة. قائمة بيضاء منظمة "إس إس حج" أطلقت من جهتها على موقعها على الإنترنت حملة من أجل تفادي وكالات الأسفار المشبوهة، حيث قامت بنشر" قائمة بيضاء" باسم وكالات الأسفار التي تمارس النصب والاحتيال على الحجيج. كما أصدرت المنظمة كتيبا تصاحب مع كتاب آخر أصدرته وزارة الخارجية الفرنسية ينبه إلى ضرورة اجتناب وكالات الأسفار المشبوهة، والتي تعد السبب الأساسي في عمليات النصب. وذكرت المنظمة أن السنة الماضية شهدت الاحتيال على 5 آلاف حاج ظلوا بلا مأوى في الأراضي المقدسة نتيجة تخلي الوكالات عن تعهداتها. وعن هذا يروي شفيق بولحية ل"إسلام أون لاين.نت" كيف بقي والده السنة الماضية أسبوعا كاملا إضافيا بالأراضي المقدسة بعد نهاية موسم الحج وذلك بسبب تذكرة العودة غير المسجلة مما اضطره إلى شراء تذكرة عودة جديدة مع "ترانسيت" في مدينة اسطنبول التركية لمدة عشر ساعات. وأشار إلى أن المشكلة بالنسبة للعديد من الذين يقعون ضحية النصب أنهم لا يقومون بالإجراءات القانونية اللازمة للشكوى القانونية مع أن القانون الفرنسي يعاقب المحتالين، وخاصة أصحاب الإعلانات الكاذبة بعقوبة سجن تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام وبغرامة مالية تصل إلى 37 آلاف يورو. ووصلت القضايا المتعلقة بالنصب والاحتيال على الحجيج الفرنسيين العام الماضي إلى حوالي 10 آلاف قضية من جملة حوالي 27 ألف شخص أدوا مناسك الحج في هذا العام. ويتوقع أن يصل عدد حجيج فرنسا هذا العام إلى ثلاثين ألف حاج. ويقدر عدد مسلمي فرنسا بأكثر من خمسة ملايين نسمة.