تونس من رشيد خشانة:أفاد ديبلوماسي حضر الإجتماع الذي ضم وفود البلدان الثلاثة والأربعين الأعضاء في "الإتحاد من أجل المتوسط" في بروكسيل أول من أمس أن تحفظ بعض البلدان العربية على إسناد منصب أمين عام مساعد الى اسرائيل أعاق الوصول إلى وفاق في شأن تشكيل الأمانة التنفيذية للإتحاد.واتفقت الوفود على تسمية السفير الأردني لدى الإتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي أحمد خلف مساعدة أمينا عاما للإتحاد، تنفيذا لوفاق كان توصل له وزراء خارجية كل من مصر وفرنسا (اللتين تتوليان رئاسة الإتحاد) واسبانيا والأردن وتونس في اجتماع خاص عقدوه أخيرا في القاهرة. وأضاف المصدر في اتصال هاتفي مع أن مساعدة سيباشر مهامه في أواخر آذار (مارس) المقبل بعد استكمال تصديق البلدان الأعضاء على لوائح الإتحاد الذي أنشئ في باريس في تموز (يوليو) 2008، علما أن مقر الأمانة العامة يوجد في مدينة برشلونة الإسبانية. وسيجتمع سفراء الدول المعنية في بروكسيل في التاسع من الشهر المقبل للتصديق على اللوائح، علما أن الجزائر وليبيا تقاطعان الإتحاد لأسباب مختلفة. وأوضح المصدر الديبلوماسي أن تجاذبات في شأن توزيع مناصب مساعدي الأمين العام الستة طغت على اجتماع بروكسيل وحال الخلاف على الحقيبة التي ستُسند لمرشح الدولة العبرية (لم يُعين بعدُ) من دون حسم الجدل المستمر منذ آخر اجتماع عقده وزراء خارجية الإتحاد المتوسطي في مرسيليا في خريف العام 2008 في شأن تشكيلة الأمانة التنفيذية. وأفاد أن إيطاليا طلبت منحها حقيبة التنمية الإقتصادية التي تشمل الإهتمام بدعم المؤسسات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة، ورغبت مالطا بالحصول على حقيبة الشؤون الإجتماعية والحماية المدنية، فيما اتجه الإجتماع إلى إسناد حقيبة مكافحة التلوث وحماية البيئة، وتنازع الأتراك واليونانيون على حقيبة النقل. أما اسرائيل فسعت الدول الأوروبية إلى تكليفها حقيبة التعليم العالي والبحث العلمي غير أن هذه الرغبة لاقت اعتراضا من اللبنانيين والسوريين في ما يبدو. وتم اختيار الحقائب الست في ضوء مجالات التعاون المُدرجة في إطار مشاريع الإتحاد من أجل المتوسط لتعزيز العلاقات بين بلدان الضفتين والتي تخص التعليم والمياه والنقل والبيئة. نضوب ينابيع التمويل وتُضاف إلى هذه المصاعب المتعلقة بتوزيع الحقائب عقبة أخرى صعبة التجاوز تتمثل في معضلة التمويل، فالمشاريع الأربعة والأربعين التي تخص تنظيف البيئة في المتوسط جاهزة على الورق لكنها تنتظر من يقبل تمويلها، علما أن هذه المشاريع تحتاج 2.1 بليوني يورو حسب تقديرات الخبراء. وهي تتراوح بين إقامة مصنع لمعالجة النفايات في الإسكندرية إلى بناء مُجمعات للمياه المستعملة في بيروت وغيرها من المشاريع التي عُرضت على البنك الأوروبي للإستثمار (وهو ممول مشاريع الشراكة الأورومتوسطية). غير أن البلدان السبعة والعشرين الأعضاء في الإتحاد الأوروبي التزمت عدم المساس بالأموال المرصودة ل"سياسة الجوار المتوسطية" والتي تُقدر ب3 بلايين يورو، وهي مخصصة لتمويل مشاريع ثنائية مع الإتحاد في عشرة بلدان من الضفة الجنوبية للمتوسط. وهذا ما حمل الإتحاد الأوروبي على التفكير في البحث عن تمويلات لدى القطاع الخاص، فيما اتجهت فرنسا للصناديق السيادية الخليجية قبل الأزمة الأخيرة لإقناعها بتمويل تلك المشاريع. غير أن الخبير الإقتصادي السوري سمير عيطة قال في تصريحات ل إنه لا يتوقّع أن التوجّه نحو التعاون الاقتصادي بدل السياسي هو الذي سيحلّ المشكلة. فمن ناحية، يتوجّه المناخ العام في البلاد العربيّة نحو المطالبة بمقاطعة أوسع لإسرائيل، للضغط عليها لوقف الاستيطان وهو الحد الأدنى. بل يطالب أوروبا بالضغط اقتصادياً على الدولة العبرية لدفعها نحو الالتزام بتعهّداتها وبالمواثيق الدولية. وتساءل عيطة وهو رئيس تحرير النشرة العربية لمجلة "لوموند ديبلوماتيك": "ما معنى إقامة تعاون اقتصادي في هذا المناخ؟ فدول المغرب العربي تجري أصلاً مجمل مبادلاتها مع أوروبا ولم يأتها الاتحاد المتوسطي بأي جديد". وأضاف أن اللافت شيئان: "الأول هو غياب البعد الاجتماعي عن الإتحاد (الهجرة، المساعدة للارتقاء بأنظمة التشغيل والحقوق الاجتماعية ...)؛ والثاني هو غياب شخصيات ولاعبين تحترمهم كلّ الأطراف عن المشروع، واهتمام المؤسسات ومراكز البحوث التي تعمل عليه فقط بالحصول على تمويلات أوروبية أو فرنسية لذر الرماد في العيون من دون قيمة مضافة حقيقيّة". القدس