تونس إسماعيل دبارة:اختُتمت قبل أيام بتونس أشغال الندوة الدّولية حول "الشباب والمستقبل: تحديات الواقع"، بصدور وثيقة "إعلان تونس: من أجل مستقبل أفضل للشباب".ومثلت الندوة الدولية التي رعاها الرئيس زين العابدين بن علي أولى الندوات التي تأتي في سياق تفعيل مبادرة تقدمت بها تونس سنة 2008 خلال مؤتمر عقدته الايسسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم) حول قضايا الشباب في العالم الإسلامي، ودعت فيها إلى إعلان 2010 سنة دولية للشباب. مبادرة تونسية وتأييد دوليّ في الثامن عشر من ديسمبر 2009 صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، ضمن أعمال دورتها الرابعة والستين بنيويورك، بالإجماع على قرار يعتمد المبادرة التونسية الخاصة بإعلان سنة 2010 سنة دولية للشباب يتم خلالها عقد مؤتمر عالمي للشباب برعاية الأممالمتحدة. ودعا القرار الذي تقدمت به مجموعة ال 77 والصين ببادرة من تونس الدول الأعضاء والوكالات المتخصصة والصناديق والبرامج التابعة لمنظومة الأممالمتحدة إلى "أن تستفيد من هذه السنة الدولية لخلق التفاعل والتكامل بين الأنشطة الوطنية والإقليمية والدولية وتشجيع الإجراءات المتخذة على كافة المستويات والرامية إلى نشر المثل العليا للسلام والحرية والتضامن والتفاني في خدمة أهداف وغايات التقدم والتنمية فيما بين الشباب بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية". ومن المنتظر أن تتوج "السنة الدولية للشباب" بمؤتمر دولي حول قضايا الشباب في العالم. "إعلان تونس" دعا "إعلان تونس" الذي صدر في اختتام أشغال الندوة الدولية حول "الشباب والمستقبل: تحديات الواقع، تعزيز القدرات وآليات المشاركة" التي استمرت لثلاث أيام بالعاصمة تونس إلى "ضرورة تحفيز المشاركة الشبابية في العمل التطوعى التنموى والإنساني على الصعيدين الوطني والدولي واستثمار الطاقات الشبابية لتكثيف الجهود المبذولة في مقاومة الآفات الاجتماعية والصحية وفي التنمية". وحث "إعلان تونس" المنظمات والهيئات الشبابية بشكل خاص على المبادرة في نطاق فعاليات السنة الدولية للشباب باقتراح برامج عمل وأنشطة من شأنها أن تعزز دور الشباب في رسم السياسات وتنفيذ الخطط الوطنية وخدمة الصالح العام والمشاركة بفعالية في احتفال المجموعة الدولية بالسنة الدولية للشباب 2010. سنة الحوار مع الشباب لتونس تجربة في الحوار مع الشباب، فالرئيس بن علي أعلن سنة 2008 سنة للحوار مع هذه الفئة، فانتظمت تبعا لذلك عدّة ندوات وحوارات انبثق عنها بعد أشهر ما يسمّى "الميثاق الوطنيّ" وقّع عليه عدد من الشباب التونسيّ، لكن تلك الحوارات أثارت جدلا كبيرا ووصفت بكونها "حملة انتخابية سابقة لأوانها خاضها الحزب الحاكم لضمان أصوات الشباب في انتخابات 2009، مقابل إقصاء شباب وأحزاب المعارضة ". تصدير نموذج "فاشل" منذ أن أعلنت الأممالمتحدة الاستجابة لمبادرة الرئيس بن علي بإعلان 2010 سنة دولية للشباب، أطلق الإعلام الرسمي في تونس حملة "علاقات عامة" رصدت لها إمكانيات هائلة. ويقول الإعلام الرسميّ في تونس والمسؤولون الحكوميون أنّ "تبني مبادرة الرئيس التونسيّ بالإجماع هو اعتراف دوليّ بنجاح السياسية التونسية في التعاطي مع فئة الشباب". إلا أنّ أوساط المعارضة تبدي تحفظا تجاه الدعاية الرسمية خصوصا مع تفاقم مشاكل الشباب التونسي على غرار معضلة البطالة و الهجرة السرية وانتشار الأفكار المتطرفة والانحراف وغيرها. وتبلغ نسبة البطالة في تونس 14,02 بالمائة ، أي أكثر من نصف مليون عاطل عن العمل معظمهم من حاملي الشهادات الجامعية العليا، في حين يقبع الآلاف من الشباب السلفي في السجون بعد محاكمتهم بموجب قانوني مكافحة الإرهاب بحسب ما أخبرت منظمات حقوق الإنسان. يقول سفيان الشورابي أحد كوادر "حركة التجديد" المعارضة للقسم العربي بإذاعة هولندا العالمية: "أعتقد أن الندوة الدولية حول الشباب لا تخرج عن دائرات التظاهرات الرسمية التي يطغى عليها الجانب الاحتفالي ولا تتجاوز مساحة التمجيد لما هو قائم ومدح البرامج المسطرة من طرف الحكومة. فقد طغى على خطاب المحاضرين والمتدخلين ذات اللغة "المتكلسة" التي عهدناها دون محاولة الغوص النقدي في مختلف القضايا المطروحة." واستنادا إلى الشورابي فإنّ ما يفسر إقصاء منظمي الندوة لشباب المعارضة في حركة التجديد والحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من الحضور هو "محاولة درء ما قد يسمعونه من ملاحظات قد تسير على عكس ما تسعى الحكومة إلى ترويجه عبر تنظيم تلك الندوة بما أن الأمور على أحسن ما يرام". نريد شغلا ! باستثناء شباب حزب "التجمع الدستوري الديمقراطيّ" الحاكم، لم يبد معظم من تحدث معهم مراسل القسم العربي اهتماما بالأحداث الجارية في تونس والتي تهمّ فئة الشباب. سليمان الجرّاي طالب الانجليزية يتساءل: "هل ستتمكن الأممالمتحدة من توفير شغل لي السنة المقبلة عندما أتحصل على الأستاذية في اللغة الانجليزية؟". أما زميلته رانيا 24 سنة فإنها "تثمّن اهتمام العالم بالشباب، لكنّ النموذج التونسي لا يبدو صالحا للتعميم" على حدّ تعبيرها وتتابع:"مشاكل الشباب برأيي لا تتطلب مهرجانات خطابية، بقدر ما تحتاج إلى حلول عملية لمشاكل البطالة وعدم التكافؤ في الحصول على شغل يحفظ كرامة الشاب". ويرى سفيان الشورابيّ وهو صحفيّ بجريدة "الطريق الجديد" الأسبوعية وصاحب فكرة "المنتدى الحواريّ الشبابيّ" أنّه لاحظ مؤشرات على تزايد الاهتمام الدولي بقضايا الشباب الذي تحول إلى فريسة سهلة لدى القوى المتطرفة والأصولية، على حدّ تعبيره. ويضيف:"مشاكل الشباب تحتاج إلى إجابات تنتصر إلى العقل وتقطع الطريق أمام فرص الشحذ الإيديولوجي التي تلقى رواجا سريعا لدى الشباب". إذاعة هولندا العالمية/