وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ترفض الترخيص للعلامة المفكر هشام جعيّط بزيارة قسم التاريخ بكليّة الآداب والعلوم الانسانية بسوسة مراد رقية لقد تناولت في أكثر من مناسبة سابقة المستوى النادر الوجود من الأداء الذي تتميز به سلطة الاشراف الجامعي التونسي في سنة الخمسينية،وحتى قبلها مما انعكس على السلك الجامعي تجريدا من الحقوق المادية والمعنوية،وتأطيرا لصيقا وحميمياله اهانة واذلالا وتضييقا مما حوّل مؤسسات الجامعة الى محتشدات يتميز نزلائها بمستوى علمي رفيع،وبسراح شرطي يتيح لهم الدخول والخروج بعد الصاق شارات خاصة على نوافذ سياراتهم لمجرد أداء مهامهم ابراء لذمتهم انتظارا لحلول استحقاق التقاعد المعجّل للملتزمين والنقابيين،والمؤجل للمرضي عنهم من المنتسبين الى شعب التعليم العالي ومختلف الأسلاك الادارية والاستشارية الفعلية والافتراضية؟؟؟ وبرغم أن عمداء الكلّيات هم أعوان منتخبون من قبل زملاؤهم يتقاضون منحا من سلطةالاشراف لقاء قيامهم بمهامهم الادارية والرقابية مما يجعلهم في منزلة بين المنزلتين،الا أنه جرت العادة بأنهم يتخلّون عن تمثيل زملاؤهم بمجرد استلام خططهم فينحازون الى سلطة الاشراف خوفا على مستقبلهم الاداري لا العلمي.وبرغم حصول عديد العمداء في الفترة الأخيرة على توابيخ أو انذارات بسبب مقاطعتهم أو تخلفهم عن لقاء سلطة الاشراف الاداري مما نتج عنه صدور ردود أفعال عنيفة تضامن معها عموم منتسبي الجامعة التونسية،ولوّح بعض عمداء كليات الطب وبينهم وزير سابق للصحة بالاضراب الا أن سلطة الاشراف سحبت توابيخها(عن عمداء الطب وحسب؟؟؟)،ولم تسحبها عن سائر العمداء الآخرين.وبرغم هذا الموقف المشرّف للمدرسين الجامعيين المؤيد لحق العمداء في الدفاع عن كرامتهم على اعتبار وجوب تمثيلهم للزملاء قبل سلطة الاشراف،ففيما عدا عميد كلية العلوم الانسانية والاجتماعية 9 أفريل1938 الذي تميز بموقف صامد غير مستسلم لعدم خشيته على مستقبله الاداري،فان عديد الزملاء العمداء اعتبروا هذه التوابيخ تهديدا لمصيرهم الاداري وليس العلمي(برغم حلول آجال تجديد المجالس العلمية ومجالس الأقسام وانتخاب العمداء)مما جعلهم ينحازون الى سلطة الاشراف الاداري ويرفضون اتخاذ أي اجراء أو خطوة تحمّلهم المسؤولية مثل استضافة الزائرين مثل استضافة الأستاذ والعلامة هشام جعيّط المعروف لدى الجميع بكتاباته المرجعية وبمواقفه السياسية التي هي مواقف رجل فكر من الطراز الرفيع الذي لا يخشى في الحق لومة لائم،هذا المبدع المتفرّد عطاء ونزاهة وتربية للأجيال الذي لم تؤجل له سلطة الاشراف استحقاق التقاعد،ولم تمنحه درجة أستاذ متميز التي يشترط في الحاصلين عليها الانتساب الى التجمع الدستوري أو على الأقل الحياد الايجابي دعما للهياكل القائمة وليس الجدارة العلمية التي تأتي في درجة ثانية أو حتى ثالثة؟؟؟ وبرغم استضافة المبدع والجامعي الفذ الأستاذ هشام جعيّط من عديد الأطراف ضمن دائرة تونس العاصمة التي لعله لا يجب عليه تجاوزها مثل جمعية الصحفيين ومركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية(الذي يرجع بالنظر لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي)،فان سلطة الاشراف تعتبر زيارنه لكلّية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة،وتحديدا قسم التاريخ بهال"زيارة غير مرغوب فيها"لذلك لم توافق على الطلب الموجه اليها منذ 15 فيفري2008 فلو أن الزائر كان أحد ضيوف شعبة التعليم العالي بالكلّية،أو أحد المسؤولين أو الأساتذة المرضي عنهم المنصهرين في الهياكل،فهل كانت تعترض على الزيارة وترفض الترخيص؟؟؟وليست هذه أول مرّة تتدخل فيها سلطة الاشراف في تدقيق هوية الزائرين للكلية على اعتبار أن ضيوف الندوات وآخرها ندوة قسم التاريخ بكلية آداب سوسة التي انعقدت في نوفمبر2007 خضعت هي بدورها الى تقديم قائمة بأسماء ومؤسسات ضيوف الندوة حتى يتم التحقق منها فيرخص لمن يستحق،ويرفض من لا يرخص له تأكيدا على أن الكلّيات أصبحت مؤسسات ادارية فاقدة لأي صفة علمية؟؟؟ ان الخطاب الرسمي المعلن ليلا تهارا يرفع عديد الشعارات المنادية بوجوب تفتح الجامعة على المحيط وصولا الى تحقيق الاشعاع والتكامل مع البيئة المحتضنة لها،الا أن رفض الترخيص لعلّامتنا هشام جعيّط،علّامة القرن الواحد والعشرين في تونس بدون منازع جعلنا نعتبر بأن سلطة الاشراف تعرقل هذا التفتح ولاتتيحه الا للمرضي عنهم والمنحازين للرأي الواحد الأحد،فأين يذهب أنصار الرأي الآخر الذين لا يقلّون وطنية أو نكران ذات عن "مثقفي السلطة"المرخص لهم تدريسا ومحاضرة واستشارة وتجوالا عبر طرقات البلاد السيّارة والعادية مما حوّلهم الى موسوعات صالحة لكل زمان ومكان ترسيخا لمجتمع المعرفة والمعلومات،مجتمع الوسطية المعتمد لبيداغوجية التسامح وصولا الى ترسيخ ثقافة حقوق الانسان نحقيقا لجمهورية الغد التي ننتظرها بفارغ الصبر؟؟؟ فمتى يقع اطلاق سراح المؤسسات الجامعية من الرقابة الادارية والأمنية واطلاق عقال الكفاءات التونسية المتهافت عليها خارجيا، المهمشة داخليا،وتمكين هذه المؤسسات المحتفلة بالخمسينية من شخصيتها السيادية المسلوبة؟؟؟؟