ألقى فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم") محاضرةً بعنوان " القرضاوي الفقيه الداعية" سرد فيها عددًا من ذكرياته الجميلة مع الشيخ في الحضر والسفر والمشاركة في المؤتمرات، وذلك خلال ملتقى (تلاميذ وأصحاب القرضاوي) بقطر. وأبرز الشيخ العودة، خلال المحاضرة التي حضرها لفيفٌ من طلاب الشيخ القرضاوي, برنامجَ "الشريعة والحياة " للقرضاوي والذي يُعدّ أطول برنامج حواري شرعي (13 سنة). وأشار إلى صفة "الموسوعية" لدى القرضاوي؛ بإحاطته في الفقه وأصوله والتفسير والحديث والتاريخ واللغة، وأنه يتجدد معرفيًا, وأشاد بكتاب "فقه الزكاة" وكتاب "فقه الجهاد". وأعقب الدكتور العودة حديثه بما اتصف به القرضاوي من "الحرقة والحماس" على الرغم من بلوغه الرابعة والثمانين, وكأنه شاب في الثلاثين "فهو يتحمّس حتى في إلقاء السلام، أو المشاركة في تلاوة أنشودة مع الطلاب! فضلاً عن القضايا الكبرى والمصيرية للأمة، ونتج عن هذا الحماس الجاذبية والتأثير والإبهار الذي يحدثه الشيخ لدى مستمعيه. كما أكد على الإلهام الذي يوفّق الله فيه الشيخ القرضاوي إلى اختيار أحسن الكلام وأنسبه للمقام، والانسيابية في الفكر والتسلسل اللطيف, لافتًا إلى التنوع في خطابه بين آية وحديث وشعر وحكمة وتجربة وفائدة. وأشار الشيخ سلمان كذلك إلى "الدأب" وفسّره بالزمن، {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم:33]، ولم يقل النجوم؛ لأن النجوم تحترق وتنطفئ. وقال: إن الكثير ينطفئون ويبقى في الميدان من كتب الله لهم الأعمار الطويلة مع حسن استثمار الوقت، ومع الصبر والمصابرة وتحمُّل العقبات والتحديات والمحن والعداءات والمضي قدمًا بلا تردد؛ كما قال بعض السلف: "نمضي إلى الله عرجًا ومكاسير". وأوضح أنه لابدّ من العمل في الظروف المختلفة، مع الناس ، ومن دونهم، وفي الشدة والرخاء، والأزمة، وكل الأحوال، ومع مضي الزمن يقلّ المنافس، وتكثر حاجة الناس للفقيه، وتتعاظم الحكمة ويستقر التوازن لديه، وتعمق تجربته، ويتكيف الناس مع المستجدات والأقوال التي كانوا ينفرون منها. وذكّر الدكتور العودة باتصاف الشيخ بسلامة النفس سيكولوجيًا وبُعْده عن العقد والعوارض النفسية مما أهله لقطع هذا الطريق الطويل بصبر وحماس، والتعامل مع ضغط الناس وكثرتهم، إضافة إلى سلامة صدره من الأحقاد والعداوات حتى مع مخالفيه، مؤكدًا أن القرضاوي قد يضطر لخوض معركة عابرة لكنه لا يتوقف عندها طويلاً ريثما يمضي في طريق البناء والتأسيس والعمل الإيجابي المثمر، مع كرم أخلاقه وسمو نفسه وقدرته على استيعاب من حوله. وختم العودة الحديث عن سلامة الشيخ من التعصب واستثماره لكل جديد، كما هو واضح في انتفاعه الشديد بتراث الإمام ابن تيمية وابن القيم وكثرة استشهاده بكلامهم ونقله عنهم ومحبته لهم. وقد تضمنت المحاضرة مقارنة بأكابر العلماء من أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ علي الطنطاوي وغيرهم، وأعقبها إجابات مفصلة ونافعة حول عشرات الأسئلة من الطلاب. يُذكر أن الشيخ سلمان العودة سافر إلى العاصمة القطرية الدوحة الأربعاء الماضي للمشاركة في عدة فعاليات ومناشط، كان في مقدمتها حضور ورشة عمل تناقش إنتاج فيلم سينمائي عالمي عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعدد من اللغات العالمية، كما شارك فضيلته في ملتقى أصحاب وتلاميذ الشيخ القرضاوي بجانب عدد من العلماء والمفكرين في العالم الإسلامي، كما ألقى خطبة الجمعة في جامع الشيخة موزة بنت فهد آل ثاني بمنطقة الدفنة، وقام بعدد من الزيارات والمناشط الدعوية في أنحاء قطر. الإسلام اليوم/ الدوحة الخميس 27 صفر 1431 الموافق 11 فبراير 2010