أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش الاعتقالات الأخيرة التي تمت في صفوف قيادات جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وفي مكالمة هاتفية مع إذاعة هولندا العالمية، قالت الباحثة في المنظمة هبة مرايف من القاهرة إن المنظمة "تعتبر الاعتقالات الأخيرة التي تمت هذا الأسبوع لقيادات الإخوان المسلمين، اعتقالات تعسفية، واعتقالات تنتهك التزامات مصر الدولية بخصوص قانون حقوق الإنسان". وتضيف مرايف قائلة "في بداية الأمر اعتدنا على اعتقال الإخوان المسلمين واتهامهم بأنهم مجموعة غير مرخصة، ويتم ذلك في معظم الأحيان قبل الانتخابات، سواء كانت انتخابات محلية، أو انتخابات مجلسي الشعب والشورى، فكان الجميع يتوقع وينتظر ذلك هذا العام، ولكن ليس على هذا المستوى، ليس اعتقال القيادات، كما تعتبر هذه التهم الجديدة، والدعوة إلى العنف ضد الحكومة، تصعيد من طرف السلطات، وليست من طبيعة التهم التي كانت توجه إليهم بطريقة منتظمة". وتقول مرايف "نحن كمنظمة لحقوق الإنسان موقفنا دائما أنه على الدولة أن تقدم الأدلة المقنعة، عندما تنسب إلى أي شخص تهما مثل هذه التهم، ولكن في حالة الإخوان المسلمين بصفة خاصة نرى أن هذه الاعتقالات جاءت في بداية عام الانتخابات، وهي انتخابات هامة جدا". هجمات إرهابية وفي أقوى تصعيد للسلطات المصرية ضد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وجهت يوم أمس الأربعاء نيابة أمن الدولة العليا تهمة التخطيط لشن هجمات إرهابية، ضد نائب المرشد العام للجماعة، الدكتور محمود عزت، واثنين من أعضاء مكتب الإرشاد، وهما الدكتور عصام العريان، وعبد الرحمن البر الذين اعتقلتهم السلطات يوم الاثنين الماضي، في آخر حملة مداهمات ضد أعضاء الجماعة، شملت مدينة القاهرة وست محافظات، كما اتهمتهم بالسعي لفتح معسكرات تدريب، والعمل على إقامة معسكرات سرية، وفتح الجسور مع تنظيمات الخارج، وتكفير المجتمع، ونشر أفكار جهادية. سيد قطب من جديد وتتهم السلطات المعتقلين بإعادة إحياء أفكار سيد قطب المتشددة، وتمكين التنظيم الخاص من السيطرة على الجماعة، ويبدو أن هذه الاتهامات مصدرها سيطرة الجناح المتشدد على الجماعة في الانتخابات الأخيرة للمرشد العام، ولمكتب الإرشاد، ولكن المراقبين لاحظوا أن التهمة حتى من هذه الزاوية لا تنطبق على عصام العريان المعروف بأنه من الجناح المعتدل. أما د.سعيد الكتاني، رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان في مجلس الشعب فاعتبر هذه الاتهامات مفبركة ولا أصل ولا دليل لها، وأنها محاولة لإرهاب الجماعة لمنعها من الحصول على أغلبية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وذلك بالزج بكوادرها العليا في السجون، وتسيطر الجماعة حاليا على عشرين بالمائة من مقاعد مجلس الشعب. محاكمة عسكرية وفي حديث لوكالة رويترز قال محامي الجماعة، عبد المنعم عبد المقصود " كل هذه التهم ليس لها أساس من الواقع ووجهت من قبل، والقضاء حكم ببراءة مئات الإخوان من مثل هذه الاتهامات". وحتى الآن أمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبس 16 من المعتقلين لمدة خمسة عشر يوما على ذمة التحقيق. ويخشى محامي المعتقلين من إحالتهم على محاكمة عسكرية، وهو ما يسمح به قانون الطوارئ الذي تعيش البلاد في ظله منذ وصول الرئيس مبارك إلى السلطة عام 1981، وخاصة أن عزت والعريان يرفضان الرد على الاتهامات خلال التحقيق. مساندة منظمات حقوقية وبالرغم من أن كتلة الإخوان داخل مجلس الشعب لن تطرح موضوع الاعتقالات والاتهامات على المجلس، ولن تقدم استجوابا لوزير الداخلية، لأن ذلك مضيعة للوقت حسب رأيهم، إلا أنهم يعولون على مساندة القوى السياسية في مصر، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، حيث دعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية للإفراج الفوري عن المعتقلين، وحثتها على ضرورة وقف حملتها على المعارضة السياسية السلمية، كما نددت اللجنة التحضيرية للحملة المصرية ضد التوريث بالاعتقالات، وأكدت أن هذه الاعتقالات تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، والحريات السياسية والمدنية، وأنها لا تستهدف جماعة بعينها بقدر ما تستهدف إجهاض حالة الحراك السياسي المتصاعدة. فساد واستبداد وفي حديث هاتفي مع إذاعة هولندا العالمية، قال الدكتور جمال نصار، المستشار الإعلامي للمرشد العام للإخوان المسلمين، ليس هناك أي مبرر لهذه الحملة التي قام بها "النظام المصري ضد جماعة الإخوان المسلمين". وأكد نصار أن الجماعة "جماعة سلمية، تنكر كل أعمال العنف سواء كان عنف أفراد أو عنف دولة". ويقول نصار عن المعتقلين "هؤلاء مشهود لهم جميعا وهم أساتذة جامعات وأطباء". أما لماذا اختارت السلطات هذا التوقيت للتصعيد ضد الجماعة فيقول نصار أنه يتوقع أن ذلك تم لأسباب عديدة منها "الزخم الإعلامي الذي تم أخيرا في الانتخابات الداخلية للجماعة، والنظام بطبيعة الحال لا يحب أن تكون هناك أية قوة معارضة، تتميز بالقوة والديمقراطية، ثانيا الاعتقالات مقدمة طبيعية لانتخابات مجلسي الشورى والشعب القادمة. يريدون أن يوجهوا إنذارا لكل قوى المعارضة بما فيها الإخوان المسلمون، حتى لا يتعدوا الخطوط الحمراء، وهناك نقطة أساسية ومهمة وهي أن النظام الحاكم فشل فشلا ذريعا في حل مشاكل الجماهير، وبطبيعة الحال يواجه كل من لديه قدرة على الاستيعاب الشعبي والانتشار بين الناس". كما يؤكد نصار أن توجيه الاتهام للدكتور عصام العريان الذي يوصف بالمعتدل، وأنه من الجناح الإصلاحي، دليل على تهافت الاتهام، مضيفا أن الاتهامات اتهامات "معلبة يوجهونها من حين إلى آخر، ووتيرة الاعتقالات تزداد حينا وتقل أحيانا أخرى، حسب طبيعة ورؤية النظام، وأنا أقول وأؤكد أن الفساد والاستبداد الذي وصل إليه النظام يجعله للأسف الشديد يكيل التهم الكثيرة والمتعددة، والتي ليس لها أصل أساسا لمثل هؤلاء الشرفاء والأنقياء". تقرير: عمر الكدي