تونس/صفاقس:تفتقر صفاقس إلى الكثير من المرافق والتجهيزات والبنى التحتية حيث أن ما هو موجود ليس في حجم المدينة الثانية في الجمهورية بعد العاصمة والحال أنّ هذه المدينة تساهم بقسط كبير وبنسب مرتفعة في إنعاش الاقتصاد الوطني، أليست الولاية أهمّ منتج لزيت الزيتون واللوز ومنتجات البحر والعديد من الصناعات الكيميائية وغيرها...؟في هذه المدينة مسرح صيفي لم يكتمل منذ سنوات ومدينة رياضية تنتظر الإنجاز ومستشفى جامعي جديد لم ينجز كذلك ليفي بالحاجة للولاية وولايات الجنوب التونسي، ومشروع تبرورة مشروع القرن الذي ينتظر الجميع إكماله لكن... ومحوّل تمّ الشروع في تشييده منذ سنوات لكن ّبناءه لم يستكمل بعد هو محوّل بوعصيدة، هو محوّل واحد وليس محوّلات... بالرغم من أنّ هذه المشاريع قد تمّ الإعلان عنها منذ سنوات عديدة والمدينة في حاجة أيضا إلى تجديد الطرقات داخلها وتوسيع الأنهج والشوارع الذي ازدحمت بروادها... هذه الطرقات أصبحت في حالة رثّة، فهي تشكو من المطبات والحفر هنا وهناك داخل المدينة العصرية وهذا يدل ّعلى تسيّب كبير وإهمال واضح ونقص لا مبرّر له في العناية بها وذلك بتعهّدها بالصيانة والترميم من حين إلى لآخر، فما لحقها من أضرار خلّف معاناة كبرى لأصحاب وسائل النقل بمختلف أصنافها وما يتسبّب فيه ذلك من نزيف للعملة الصعبة لجلب قطع الغيار من خارج أرض الوطن، وهذه مسألة أخرى من الضروري النظر فيها بعمق دون تأخير لتدارك كلّ النقائص في هذا المستوى. تحوّل مفاجئ كلّ الذين كانوا يترددون على المدينة يلاحظون بسرعة هذا التحول المفاجئ منذ سنوات في المشهد العام، يلاحظون كيف كانت المدينة نظيفة وذلك في مختلف الأنهج والشوارع والأحياء الشعبية والراقية، أمّا اليوم فتكاد تصبح وسخة في كل مواقعها، فالمشهد أضحى مقرفا بفعل تراكم القاذورات والمزابل في كل مكان، حتّى على بعد بضع أمتار من قصور البلديات وهذا أمر مخجل حقّا، و»العيان لا يحتاج إلى بيان» كما يقال،، المسؤولية مسؤولية الجميع، فالمجتمع المدني يتحمّل قسطا هاما منها وكل ّ مسؤول في إطار اختصاصه عليه أن يقوم بواجبه على أحسن وجه حتّى لا ندخل في دوّامة من التسيّب والإهمال يعسر الخروج منها فيما بعد. قطاع مهمّش في هذه المدينة يوجد أكثر من 2000 سيارة أجرة «تاكسي»، هذا العدد يشغّل زهاء 5000 شخص ونعني بهم أصحاب السيارات وعددا مماثلا من السواق وعددا أخر من السواق الذين يعملون في قطاعات أخرى ولكنّهم يتّخذون من قيادة سيارات الأجرة عملا إضافيا في نهاية الأسبوع وهذا من شأنه أن يحدث حركية داخل المدينة.لكنّها حركية فيها الكثير من الفوضى، هذه السيارات تتوقّف في محطّات غير قانونية داخل المدينة، في مواقع حسّاسة مما يدخل الكثير من الارتباك على حركة المرور فيحصل الاختناق لاسيما ب»صفاقس2000»، ليس هذا فقط، فتنقل هذه السيارات داخل المدينة يثير الكثير من الجدل بما يأتيه سواقها من تصرّفات غير مقبولة كالاجتياز على اليمين وافتكاك الأولوية والسير ببطء عندما تكون السيارة فارغة «لاقتناص حريف» والسير بسرعة عندما تكون السيارة غير شاغرة، والشجار فيما بين السواق من أجل الفوز بحريف، والوقوف وسط الطريق أوفي وضع مواز لسيارة أخرى أحيانا في مستوى ثالث، إلى جانب ما يتفوّه به البعض من كلمات سوقية وعبارات بذيئة، وما يرتديه من ملابس غير لائقة: سائق سيارة الأجرة من المفروض أن يقدّم صورة جميلة عن المدينة، ويكون بمثابة المرآة العاكسة لها لا العكس، هذا القطاع يحتاج إلى الكثير من التنظيم والمراجعة على جميع المستويات، في انتظار تحقيق ذلك يتعين فرض ارتداء أزياء موحّدة على سواق سيارات الاجرة تجلب لهم شيئا من الاحترام، فهذا القطاع بقي مهمّشا دون تنظيم. مدينة تختنق حركة المرور معقّدة إلى أبعد الحدود سواء كان ذلك في أوقات الذروة أو خارجها وذلك يعود إلى أسباب إستراتيجية وأخرى تنظيمية، مما يجعل شوارعها وأنهجها تعيش اختناقا كبيرا يتسبّب في إهدار كبير للطاقة وضياع أكبر للوقت، وما أثمنه في هذا الوقت بالذات... لذلك حان الوقت لإعادة النظر في تنظيم مختلف الفضاءات من أنهج وشوارع وساحات وتحديد الاتجاهات بها بشكل مدروس يضمن مصالح الجميع ومصالح المجموعة الوطنية... الوقت يمرّ بسرعة والمشاكل تتضاعف باستمرار، فإلى متى سيستمرّ الوضع على ما هو عليه...؟ «فوضى عمرانية» في المدينة أنماط عمرانية مختلفة ومتناقضة، أحدثت فوضى في أذهان روادالمدينة وطرحت لديهم أكثر من سؤال، بقيت دون جواب، هذه الفوضى أثّرت على الذوق العام وتسببت في غياب التناغم والانسجام، فكثيرا ما توجد في حيّ من الأحياء أو في منطقة ما من المدينة عمارة من نمط عمراني معيّن إلى جانب عمارة أخرى من نمط آخر وهذا هو النشاز بعينه، ممّا يؤكّد على أنّ الحركة العمرانية تمّت بشكل فوضوي وهو أمر يؤسف له في مدينة مضى على تأسيسها أكثر من ألف سنة، وهذا يجرّنا إلى الحديث عن أنهجها الضيّقة التي تمّ إنشاؤها بغير رويّة ودون استشراف للمستقبل. ظاهرة أخرى انتشرت في المدينة وهي بروز العمارات البلورية فهذا النوع من العمارات مخالف تماما للترشيد في استهلاك الطاقة، أليس في ذلك تناقض لما نقوله وما نمارسه؟ فكان من المفيد إنفاق هذه المبالغ المالية في أوجه أخرى تعود بالفائدة. خلال فصل الصيف تغطّ المصالح المتخصّصة في نوم عميق ولا تلتفت إلى مسائل على غاية من الأهمّية، في هذا الفصل من المفروض التفكير في المجاري وتعهدها بالإصلاح وتنظيفها ممّا علق بها من أوساخ وما تراكم داخلها من أتربة تجمّعت بفعل الرياح وغيرها من العوامل الطبيعية والبشرية، فلا ينبغي الانتظار حتى تنزل الأمطار بغزارة وتغرق المدينة في برك من المياه حتّى تتدخّل الجهات المتخصّصة لإنقاذ الموقف، وقتها تكون الخسارة مضعّفة. الصباح