عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    معرض تونس الدولي للكتاب : أمسية لتكريم ارواح شهداء غزة من الصحفيين    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    عمار يطّلع على أنشطة شركتين تونسيتين في الكاميرون    توزر.. مطالبة بحماية المدينة العتيقة وتنقيح مجلة حماية التراث    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الفيفا يهنئ الترجي ع بمناسبة تاهله لمونديال الاندية 2025    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوات لانتخاب الأقدرعلى القيام بالواجب بعيداً عن جنسيته
نشر في الفجر نيوز يوم 03 - 03 - 2010

مفكرون قطريون: تدوير منصب أمين عام الجامعة العربية خارطة للعمل المشترك
الدوحة - سحر ناصر
سُئل أمين عام جامعة الدول العربية السيد عمرو موسى على هامش افتتاح اجتماع نادي موناكو الثاني في الدوحة الأسبوع الماضي، عن دعوة بعض الدول العربية ل «تدوير» منصب الأمين العام للجامعة العربية، فعلق قائلاً: «هذا الموضوع يناقش داخل الجامعة العربية، وليس في وسائل الإعلام»؛ فعذراً لأمين عام جامعة الدول العربية إذا ما فتحت «العرب» باب هذا النقاش، إيماناً منها كصحيفة قطرية بأن الديمقراطية تقتضي مشاركة الرأي العام العربي في اختيار هوية المُمسك بزمام مؤسستهم الإقليمية؛ وأن الديمقراطية هي من العوامل الأساسية لاستنهاض العمل العربي المشترك، وهي الدواء الشافي لإعادة بناء النظام الإقليمي العربي على أسس المشاركة والتعددية داخل وحداته الأساسية، وفي إطار مؤسساته الإقليمية، وعلى رأسها جامعة الدول العربية، وأن الديمقراطية تستوجب تفعيل منظومة العمل العربي وآلياته المتعددة من خلال تدوير منصب أمين عام جامعة الدول العربية؛ علّ الديمقراطية تكسر الجمود الذي يعاني منه النظام الإقليمي العربي حالياً، في مرحلة تشهد فيها العلاقات الدولية بروزاً لطروحات الإقليمية الجديدة، وهيمنة للدبلوماسية المتعددة الأطراف، وتطوراً لتجارب تكاملية عديدة على غرار الاتحاد الأوروبي.
ففي حين نجح الاتحاد في صياغة دستور أوروبي موحّد ل500 مليون و300 ألف مواطن، لا يزال النظام الإقليمي العربي المتجسد بجامعة الدول العربية والمقبل على انعقاد الدورة ال (22) يرزح تحت وطأة "الخلافات العربية البينية"، و "الأجواء السياسية السيئة"، و"الظروف الدقيقة والحساسة".. وغيرها من المصطلحات التي أصبحت معتمدة في قاموس أمين عام غالباً ما جاء من رحم جمهورية مصر العربية ليرأس بالعُرف على مدى نحو 65 عاماً مؤسسة إقليمية عربية ينضوي تحت لوائها 22 عضواً، مع خرق تونسي استثنائي سُجل لمدة 11 عاماً خلال فترة تولي الشاذلي القليبي رئاسة الجامعة عام 1979، وكان ذلك الاستثناء الوحيد الذي حدث لدى انتقال مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس، بعد مؤتمر بغداد عام 1978 إثر توقيع مصر منفردة "كامب ديفيد" اتفاقية الصلح مع إسرائيل.
ساد العُرف منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945 بأن يتولى أمين عام الجامعة شخصية مصرية، إلا أن ظهور دعوات تطالب بتدوير منصب الأمين العام، يشكك في دواعي الالتزام بهذا العرف، لا سيّما أن هذا الأخير يستمد قوته من رضى الدول به، ومن بين هذه الدعوات المطالبة بتدوير منصب "موسى"، ما أعلنه وزير الدولة الجزائري عبدالعزيز بلخادم الممثل الشخصي للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة منذ فترة وجيزة، من "أن تدوير منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية بات أمرا منطقيا لا يخضع للعرف"، موضحاً أن "مسألة تدوير المنصب على جميع الدول العربية يتماشى مع طبيعة المنظمات الإقليمية والدولية عندما تضم أطرافا متعددة، حيث يكون هناك تداول عن طريق الديمقراطية بالاقتراع أو عن طريق التوافق أو عن طريق التزكية في مناصب المسؤولية، وأن هذا يحدث في الاتحاد الإفريقي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وفي منظمة الأمم المتحدة، وفي الاتحاد الأوروبي، وفي منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، هذا يحدث في كل التجمعات، فلماذا لا يحدث في الجامعة العربية". وعما إذا كانت الجزائر ستطالب بذلك في القمة العربية بليبيا قال بلخادم "لا أقول أطالب، لكن الأمر يفرضه المنطق، فإذا حصل توافق حول أن يبقى الأمين العام للجامعة من جنسية مصرية بتوافق فليكن ذلك، وإذا كانت الرغبة في أن يكون الأمر بالتداول بين كل الدول فليكن ذلك، لكن لا ينبغي أن نغلب العرف على المنطق والقانون". وانطلاقاً من القانون المتمثل هنا بما جاء في ميثاق جامعة الدول العربية وتحديداً المادة 12 منه، لا بدّ من موافقة أكثرية ثلثي دول الجامعة لتعيين الأمين العام، حيث تنص المادة على أن: "يكون للجامعة أمانة عامة دائمة تتألف من أمين عام، وأمناء مساعدين، وعدد كاف من الموظفين، ويعين مجلس الجامعة بأكثرية ثلثي دول الجامعة الأمين العام، ويعيّن الأمين العام بموافقة المجلس الأمناء المساعدين والموظفين الرئيسيين في الجامعة". فهل سيتم مناقشة قضية
"التدوير" أو "التداول" من داخل أو خارج جدول أعمال القمة؟ وهل يؤيد بعض المفكرين القطريين قضية التداول وعدم إبقاء هذا المنصب حكراً على دولة بعينها؛ وما رأي المفكرين القطريين في أن تفعيل العمل العربي المشترك يستوجب التطوير وإعادة النظر بهيكلية جامعة الدول العربية الحالية؟ وما برأيهم أهم المعوقات التي تقف في طريق الجامعة العربية كمنظمة إقليمية والسبل المقترحة لتخطيها؟.. "العرب" استقصت آراء بعض المفكرين والكتاب القطريين الذين أبدوا وجهة نظرهم الأكاديمية بهذه المسائل، في حين فضّل آخرون عدم الكشف عن أسمائهم والاعتذار عن الخوض في الأمور الإقليمية العربية لأسباب تنوعت بين متسائل عن جدوى جامعة الدول العربية، وبين مشكك بجدوى القمم العربية، وطامحٍ بحدوث التغيير على مستوى منصب أمين عام الجامعة، داعياً إلى "ضخّ دم جديد" في الجامعة.
* نواف بن مبارك: الطريق الأمثل هو انتخاب الأقدر على القيام بالواجب
لم يتردد الكاتب ورجل القانون القطري الشيخ نواف بن مبارك آل ثاني من الإدلاء برأيه قائلاً: «من المؤكد أننا عندما نتحدث عن منظمة إقليمية مثل جامعة الدول العربية، يجب أن نضع في عين الاعتبار أن الدول الأعضاء يتساوون في الحقوق والواجبات من حيث المبدأ، ولا يمكن في ظل ذلك أن يبقى منصب الأمين العام حكراً على دولة بعينها، ولكنني لست من مؤيدي تدوير المنصب أيضاً، حيث إن تدوير المنصب بين الدول الأعضاء سينتج عنه أمناء، إما غير أكفاء أو غير مكتسبين للتعاون المطلوب من الدول الأعضاء، ولكنني أرى أن الطريق الأمثل هو انتخاب من هو الأقدر على القيام بالواجب بغض النظر عن جنسيته». وعن تفعيل العمل العربي المشترك، أوضح الشيخ نواف بن مبارك أن: «جامعة الدول العربية هي من أقدم المنظمات السياسية في العالم، ومن المؤكد أن الأنظمة العربية القديمة الأعضاء في الجامعة لها بصمات في تاريخ الجامعة، ولكن يجب عليها الاستفادة من الأنظمة الشابة والمتجددة في الوطن العربي لرسم خارطة جديدة للعمل العربي المشترك بعقلية القرن الحالي لا الماضي».
وحول أهم المعوقات التي تقف في طريق الجامعة العربية كمنظمة إقليمية والسبل المقترحة لتخطيها، رأى الشيخ نواف بن مبارك آل ثاني أنه: «ربما تكون أهم معوقات الجامعة العربية هي نفس المعوقات التي نجدها في كثير من المنظمات الدولية وهي البيروقراطية أو بالأحرى تعدد البيروقراطيات، وهنا يجب تدعيم الجامعة من قبل الدول الأعضاء بتفعيل اللجان التابعة للجامعة العربية لتخطي هذه العقبة الأساسية، والانتقال من الدور الاستشاري إلى التنفيذي في كثير من الأحيان».
أما فيما يتعلّق بالقمة القادمة المقرر عقدها في ليبيا والقضايا الأساسية التي يتوجب طرحها على جدول أعمالها والتوقعات المرتجاة منها، يقول الشيخ نواف: «تتسم القمة القادمة بوجود أجندة سميكة من القضايا القديمة والحديثة، ولكن يجب إعطاء المجال لمناقشة مشوار المصالحة في السودان تحت الرعاية القطرية والمستجدات في اليمن، والأمن الإقليمي في ضوء الشبح النووي الإيراني في المنطقة. وأما عن التوقعات فقد تحولت إلى أدعية وصلوات للخروج بأي شيء يدعم ثقة المواطن العربي في هذه المنظمة العريقة».
* مهام الأمين العام
حدد النظام الأساسي لجامعة الدول العربية مدّة تولي الأمين العام لمهامه لمدة سنتين، ولم يتم تعديل هذه الفقرة التي جاءت في ملحق خاص للميثاق منذ وضعه عام 1945. هذا وحددت مهام الأمين العام على النحو التالي:
-المهام الإدارية والفنية: وتشمل متابعة تنفيذ قرارات مجلس الجامعة ولجانها، وتحديد تاريخ دورات انعقاد مجلس الجامعة، وتوجيه الدعوة لعقد اجتماعات مجلس الجامعة واللجان الدائمة، وتنظيم أعمال السكرتارية ذات الصلة، وإعداد ميزانية الجامعة.
-المهام السياسية: وتتضمن حق حضور اجتماعات مجلس الجامعة والمشاركة في مناقشة الموضوعات المعروضة عليه، وحق تقديم تقارير أو بيانات شفوية ومكتوبة عن أية مسألة يبحثها المجلس، وحق توجيه نظر المجلس أو الدول الأعضاء في الجامعة إلى مسألة يقدر الأمين العام أهميتها، وحق تمثيل الجامعة لدى المنظمات الدولية، وحق التحدث باسم الجامعة والتوجه للرأي العام بالبيانات اللازمة.
* خالد الجابر: جامعة الدول العربية عبء على العرب وتعرقل مسيرتهم الجماعية
بدوره علّق الكاتب القطري خالد الجابر على المحاور التي طرحتها «العرب» قائلاً: «كلما مرت عليّ سيرة جامعة الدول العربية والتي مرت ستة عقود على إنشائها، أتذكر قول الزعيم الفلسطيني الراحل أحمد الشقيري الذي قال إنها (جامعة بلا شخصية وميثاق من غير أخلاق). ترى ماذا بقي من الجامعة العربية»، مضيفاً: «إن مسيرة الجامعة العربية كان مساراً متأرجحاً عبر التاريخ العربي المؤلم منذ انطلاقته، حيث يرغب الأقوياء الطامعون في تمشيته حسب هواهم ومصالحهم الخاصة». ورأى الجابر أن: «الجامعة العربية أصبحت جثة هامدة لا تستطيع الحراك حتى في أبسط واجباتها، والتي منها تحديد اجتماعات الدول العربية في قمتهم الاعتيادية أو الاستثنائية. وأن كل الدول ساهمت في وفاة هذه المؤسسة، فمنهم من امتنع عن تسديد حصته المالية (إذ تبلغ الموازنة السنوية للجامعة 35 مليون دولار يخصص منها 25 مليون دولار لمرتبات موظفيها البالغ عددهم 500 موظف. وآخر يحاول أن يبرز من خلال عرض مواقف وبطولات عنترية تدغدغ عواطف الشارع العربي، وما زالت الأفكار والأطروحات والوجوه نفسها لم تتغير منذ عقود من الزمن»! وختم الجابر: «الظاهر أن الوقت لم يحن بعد في التفكير في تطوير جامعة الدول العربية، وخصوصا معالجة الخلل الهيكلي في بنائها السياسي الذي يتطلب التفكير الجاد في تغيير ميثاقها، وتبديل نظام التصويت فيها من الإجماع إلى الأغلبية التي تضفي الإلزام على قرارات جامعة الدول العربية حتى بالنسبة للدول التي صوتت ضد القرار، بالإضافة إلى تدوير منصب الأمين العام الذي أصبح حصريا ومتوارثا في بلد عربي واحد! والنتيجة أن جامعة الدول العربية غدت في عالم اليوم تعد عبئاً على العرب، وتعرقل مسيرتهم الجماعية نحو الأهداف العربية العليا، التي يتطلع إليها المواطن العربي الذي يعيش في محيط مجتمع دولي تحكمه المصالح، ويفوز فيها بحقوقه من يستطيع الإبحار في أمواجه المتلاطمة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية».
* د. علي الهيل: منصب الأمين العام إفراز «جيوطبيعي» لواقع المناصب السياسية العربية
من جهته أيدّ الدكتور علي عبدالله محمود الهيل المحمود الخبير الإعلامي والأستاذ الجامعي دعوات تدوير منصب أمين عام جامعة الدول العربية، لدى سؤاله عن مدى تأييده لهذه الدعوات قائلاً: «أؤيد بالقطع الشديد. ولكن لا بد من التذكير بأن منصب الأمين العام لما يمكن أن يوصف بجامعة الدول العربية هو إفراز جيوطبيعي لواقع المناصب السياسية في العالم العربي. فمتى تم تدوير هذه المناصب حتى يتم تدوير منصب الأمين العام. أليس الجزء يتبع الكل»؟.
وعمّا إذا كان تفعيل العمل العربي المشترك يستوجب التطوير وإعادة النظر بهيكلية جامعة الدول العربية الحالية، قال الدكتور المحمود: «عندما نتحدث عن (تفعيل)، فنحن إذن نفترض أن ثمة أمراً فاعلاً أو في حالة كُمون فعلي. ليس ثمة عمل عربي مشترك بالمعنى الجمعي، وبالمفهوم الجيو سياسي أصلاً فكيف يمكن تفعيله؛ وحول أهم المعوقات التي تقف في طريق عمل الجامعة العربية كمنظمة إقليمية والسبل المقترحة لتجاوزها، أوجز د. المحمود هذه المعوقات ب «الاختلافات الأيديولوجية بين الدول العربية, يترتب عليها ما يترتب على تباين المصالح الاقتصادية والبوصلة السياسية. إضافة إلى سيطرة القطب العربي الواحد والمتمثل في دولة المقر على طرائق عمل الجامعة. مما لا شك فيه أن التعامل السلبي المصري تجاه الكوارث الفلسطينية منعكس بجلاء على المواقف السلبية إزاء الفلسطينيين, وهذا مجرد مثال. فضلاً عن درجة اقتراب أو ابتعاد كل دولة عضو في الجامعة متوقفة على مدى ارتباط هذه الدولة العربية أو تلك بالأجنبي. ولعل أفضل مثال يمكن أن يضرب في هذا الصدد هو المواقف المتباينة للدول الأعضاء من الموقف إزاء مواجهة العدو الصهيوني، وإزاء حركات المقاومة الحية ضد العدو الصهيوني مثل حزب الله، وحماس، والجهاد، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتائب الأقصى التابعة لفتح, وغيرها من حركات المقاومة»، لافتاً إلى: «أن ثمة أزمة ثقة بين الدول الأعضاء على مستوى السياسيين، خاصة بعد غزو دولة الكويت من قبل العراق, وإحدى نتائج هذه الأزمة الحساسية السياسية بين الدول الأعضاء نتيجة للتفاوت الاقتصادي في الدرجة الأولى».
أما القضايا الأساسية التي يتوجب طرحها على جدول أعمال القمة العربية المقبلة، فاعتبر د. المحمود أنها تتلخص ب «موقف جمعي عربي من القدس والأقصى مع كل ما يتضمن ذلك من تهجير لأهل القدس والحفريات تحت الأقصى؛ والتأكيد على تبني رأي أوباما القائل بالوقف الكلي لبناء المستوطنات تمهيدا لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والصهاينة. والتأكيد على أن الصهاينة لم يردوا بعد على المبادرة العربية المعلنة في قمة بيروت العام 2003 رغم الاستجداء العربي المخجل، وعليه لا بد من موقف عربي موحد يؤكد على البديل وهو دعم حركات المقاومة في العالم العربي وفي داخل فلسطين وخاصة في داخل الخط الأخضر بكافة السبل الممكنة»، خاتماً بضرورة: «بدء الخطوات الأولى لوحدة اقتصادية عربية وزيادة نسبة التجارة البينية العربية العربية والمتعثرة الخطى حالياً، واستفادة الدول العربية الغنية بالخبرات العربية، وامتصاص الدول العربية الغنية قليلة السكان للبطالة في نظيراتها كثيرة السكان كأحد الحلول الناجعة للحيلولة دون إغراق الدول العربية الغنية بالطوفان البشري الأجنبي، خشية أن توجد لدينا في العالم العربي أكثر من نموذج وسيناريو سنغافوري».
* الأمناء العامون
عبدالرحمن عزام (1945-1952)
- ولد بمحافظة الجيزة عام 1893.
- درس الطب في مصر؛ قاتل مع العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، ثم سافر إلى ليبيا ليشارك في القتال ضد الإيطاليين، حيث أصبح مستشار الجمهورية الطرابلسية. أسس القوات المرابطة وقادها إلى أن أصبح وزيرا للخارجية المصرية.
- انتخب عضواً في أول مجلس نيابي مصري عام 1924.
- (1936-1939): مثّل مصر وزيراً مفوضاً في العراق وإيران وأفغانستان وتركيا.
- اختير كأول أمين عام لجامعة الدول العربية يوم صدور الميثاق في قمة إنشاص (22/3/1945م) حتى استقال عام 1952. توفي إلى رحمة الله في (2/6/1976).
- وصفت مرحلة ولاية عبدالرحمن عزام بأنها «مرحلة المواجهة»، حيث وقعت كثير من الأقطار العربية قيد الانتداب.
محمد عبدالخالق حسونة (1952-1972)
-ولد في القاهرة عام 1898، نال الماجستير في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة كمبردج بإنجلترا عام 1925م.
-عمل في وزارة الخارجية والسفارات المصرية في: برلين، براغ، بروكسيل، روما.
-عين محافظاً للإسكندرية (1942-1948م)، ووكيلاً لوزارة الخارجية (1948-1949م).
-اختير وزيراً للشؤون الاجتماعية (1949-1950م) ثم وزيراً للمعارف.
-عام 1952م سمي وزيراً للخارجية قبل أن ينتخب أميناً عاماً للجامعة، وقد استمر في منصبه هذا 20 عاماً.
توفي إلى رحمة الله في 20/1/1992م.
-اتصفت مرحلة ولايته بأنها «مرحلة البناء التنظيمي والإداري للجامعة ومنظماتها المتخصصة المختلفة»، حيث شيد لها مقراً بالقاهرة خاصاً بها.
محمود رياض (1972-1979)
-ولد عام 1917، وتخرج ضابطاً من الكلية الحربية عام 1936.
-رأس الوفد المصري في لجنة الهدنة المصرية - الإسرائيلية (1949-1952).
-عمل سفيراً لمصر في دمشق (1955-1958)، ومستشاراً للرئيس الراحل جمال عبدالناصر (1958-1962).
-عمل مندوباً دائماً لمصر لدى الأمم المتحدة بنيويورك (1962-1964)، ثم وزيراً للخارجية (1964-1972)، فمستشاراً للرئيس الراحل محمد أنور السادات (1972). توفي إلى رحمة الله في 24/1/1992.
-اتصفت ولايته بأنها «مرحلة العمل القومي العربي»، حيث حفلت هذه المدة بأحداث عسكرية وسياسية واقتصادية هامة نحو بلورة العمل العربي المشترك.
الشاذلي القليبي (1979- 1990)
- ولد بمدينة تونس (1925)، حاصل على الإجازة في اللغة العربية والآداب العربية من جامعة السوربون الفرنسية عام 1947.
- (1957): تفرغ للتدريس في الجامعة التونسية، وعمل مديراً للإذاعة والتلفزيون الوطني عام 1958.
- (1961 -1979): أسس وزارة الثقافة وتولى شؤونها وشؤون وزارة الإعلام في فترات مختلفة ومتعددة.
- (1979): اختير أميناً عاماً للجامعة واستقال في أغسطس 1990.
- ركز القليبي أثناء ولايته على أربعة مجالات رئيسية من أنشطة الجامعة هي: المجال الإعلامي، التسوية السلمية للصراع العربي-الإسرائيلي، تطوير العمل الاقتصادي العربي، وأخيراً تطوير بنية الجامعة العربية.
أحمد عصمت عبدالمجيد (1991-2001)
-ولد بمدينة الإسكندرية في 1923، وتخرج من كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية عام 1944.
-حاز على دبلومات الدراسات العليا من جامعة باريس في القانون، والاقتصاد، والقانون المقارن، والعلوم السياسية (1949).
نال شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة باريس عام 1951.
تولى منصب رئيس الهيئة العامة للاستعلامات والمتحدث الرسمي للحكومة المصرية (1969)، وفي عام 1970م عين سفيراً في فرنسا.
- اختير وزيراً للدولة لشؤون مجلس الوزراء (1970-1972م)، ثم سفيراً ومندوباً دائماً لدى الأمم المتحدة (1972-1973م).
- اتسمت ولايته بتطوير منظومة العمل وتحديثها وتعزيز الجامعة الكفاءات الشابة وذوي الاختصاص. واقتراح مبادرة المصالحة القومية العربية في مارس 1993م.
عمرو موسى (2001- لغاية تاريخه)
- ولد في مدينة القاهرة (أكتوبر 1936). حاصل على الإجازة في الحقوق من جامعة القاهرة 1957.
- شغل منصب وزير الخارجية المصرية (1991-2001).
- 1958: عمل بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية.
- عيّن أميناً عاماً لجامعة الدول العربية عام (2001).
- (1977 -1981): مدير إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية.
- (1981 - 1983): مندوب مصر لدى الأمم المتحدة في نيويورك.
- (1983 - 1986): سفير جمهورية مصر العربية في الهند.
- (1986 - 1990): مدير إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية.
- شغل منصب مندوب دائم لمصر لدى الأمم المتحدة (1990-1991).
* د. علي الشاوي: تدوير منصب الأمين العام جزء من إصلاح الجامعة
من جهته، يرى الدكتور علي بن عبد الهادي الشاوي أستاذ علم الاجتماع السياسي (جامعة قطر)، في بداية حديثه أن «الحديث عن القمة العربية ذو شجون سياسية» من وجهة نظره، قائلاً:»كأنني أرى المشهد القادم بعيني، أولا سوف تكون قائمة الغياب للقادة العرب طويلة نتيجة الخلافات العربية ما بينها وما بين الدولة المضيفة، وخاصة أن هنالك دولا خلافتها مع طرابلس عميقة مثل لبنان الذي ما زال يطالب بمعرفة مصير الصدر، وأيضا كما هو في الاجتماعات العربية هنالك صراع حول من يسيطر على الأجندة السياسية. وبالتالي لن يكون هناك اتفاق، وحال الأمة العربية قاتم، كونها تعيش حالة من الفوضى اللاخلاقة». ويتابع د. الشاوي «منذ زمن والجسد العربي مريض ويمر بمرحلة من عدم التوازن وينتظر العلاج من معالج لا يريد لهذا الجسد أن يتعافى أبدا.. وحالة الأمة تكمن في الآتي: خلافات وتوترات في العلاقات العربية، فقدان الثقة بين الزعماء في هذه الدول من ناحية وما بين الشعوب من ناحية، كما أن الشعوب افتقدت أيضا رأس المال الاجتماعي، إضافة إلى غياب الديمقراطيات والمشاركة الشعبية، والتهميش لبعض فئات الشعب الواحد، وفقدان القيم والمعايير السياسية، إلى جانب غياب الإرادة السياسية سواء عند السلطة والشعب، وكل هذا يسمى بالاغتراب السياسي».
ويضيف الدكتور الشاوي أن «الأمة تواجه مخاطر أمنية محدقة، فالغرب يهدد ويسطر ويستعمر استعمارا إراديا اختياريا، حتى أصبحت الدول مجموعة من المحميات»، مشيراً إلى أنه لا يلوم «دولنا التي اختارت ذلك مضطرة لعدم الثقة في القريب والشقيق؛ وأيضا هنالك خطر أمني من المشرق أي من إيران الذي لن يهدأ للملالي حتى يحققوا الحلم بالسيطرة على الخليج العربي، ويوهمون الأمة بتحرير القدس، ولكنهم يرون البداية بالخليج العربي...أنا كمواطن ومفكر عربي خليجي لا أثق في الجار الإيراني أبداً. الأمة فقدت روح التعاون والتضامن لغياب الإرادة السياسية، وعدم الثقة منذ اجتياح لبنان في الثمانينات ومنذ غزو الكويت وصولاً إلى العراق وغزة».
وفيما يتعلّق بتدوير منصب أمين عام جامعة الدول العربية قال الشاوي:»نعم أؤيد تدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية كجزء من إصلاح الجامعة حتى يتسنى لكل الدول المشاركة بفاعلية عندها يكون هنالك شعور بالعضوية الكاملة والمسئولية المشتركة. لكن لا بد أن تكون العضوية على حسب الكفاءة المهنية ليس فقط إرضاء للدول»؛ لافتاً إلى أن «تفعيل العمل العربي هو جزء من عملية الإصلاح في الجامعة العربية، ولقد رفع شعار الإصلاح الأمين العام الحالي عندما استلم منصبه الحالي، ولكنه واجه الكثير من العقبات المتوقعة ولم تتم أي من الإصلاحات المنشودة التي يحلم بها المواطن العربي، لا بد من إعادة هيكلة الجامعة العربية، وتغيير نظام التصويت من خلال الاجتماعات التشاورية ثم إعادة التصويت، مما يتيح المرونة والتقارب بين الآراء بدلاً من تعميق الخلافات». متسائلاً عن الإصلاحات المأمولة من الجامعة قائلا: «كيف نتوقع الإصلاح ومعظم الدول العربية لا يوجد بها إصلاح حقيقي، الجميع يحلم ويؤمن علناً ببعض مبادئ الإصلاح، ولكن السلوك السياسي عكس ذلك لأن الإصلاح تعتبره بعض النخب يتعارض مع مصالحها».
وحول أهم المعوقات التي تقف في وجه تقدّم وتطوّر عمل الجامعة العربية رأى د. الشاوي أن «القمة أمامها العديد من التحديات والمعوقات أولها الخلافات الداخلية التي قد تهدأ أثناء اللقاءات الجانبية، ولكنها تبقى حية وحاضرة البروز في أية لحظة، وأيضا يعتبر عامل عدم الثقة بين هذه الدول من أبرز التحديات، وهنالك أيضا التحديات الدولية الكبيرة التي ليس من صالحها وحدة الأمة وتضامنها، لذلك تسعى إلى إشعال الفتنة لإضعاف الأمة ممثلة بهذه الجامعة»، مشيراً إلى أن المخرج الوحيد البعيد في الوقت الحاضر هو الإصلاح السياسي الذي يجعل العديد من النخب تصل عن طريق صناديق الاقتراع واكتساب المكانة السياسية وليس وراثتها، حتى تدرك هذه النخب قيمة الشعوب والأوطان. والإصلاح هذا سوف يؤدي إلى الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي لأن جميع أنظمة المجتمع مترابطة، ويعتمد بعضها على بعض، ولا يمكن أن نشخص أي من هذه الأنظمة بمعزل عن الأنظمة الأخرى. لذلك الأمة تواجه أزمة اقتصادية وليس ذلك ناجما عن شح في الموارد، ولكن من سوء التخطيط في بعض الدول وغياب السياسات والفساد».
ويردف د. الشاوي: «كبداية للإصلاح لا بد من نهوض مؤسسات المجتمع المدني إن وجدت في بعض الدول العربية بدورها، لأن الذي يزيد من الأزمة أنه لا توجد مؤسسات مجتمع مدني حقيقي، ولكن مؤسسات خيرية أصحابها يريدون الثواب من الله»، مضيفاً «نحن علينا أن لا نلوم الزعماء في الوطن العربي لأنهم لا يتحملون المسؤولية كاملة، فهم لم يأتوا من السماء وإنما من صلب هذه المجتمعات، لذلك فهذا نتاجنا في هذا العصر فكل عصر له نتاج، فإن كنا مجتمعا صالحا أخرجنا مثل أبو بكر وعمر وعلي، وإن كنا غير ذلك أخرجنا مثل مسيلمة»، خاتماً: «إذاً الجامعة العربية هي البيت العربي للأمة، ماذا نتوقع من بيت يعاني أبناؤه من تفكك وخلافات حادة.. نحن مقبلون على قمة عربية.. وأود الإشارة إلى أن النخب السياسية في العالم العربي على خشبة مسرح ما يعرف بالخشبة الأمامية Front Stage، الكل يحاول أن يتقن دوره ويمارس دورا سياسيا يرضي به الجماهير، وفي الخشبة الخلفية Back Stage كل من وراء الستار يرجع إلى الدور الحقيقي من وراء الكواليس وتطيح الأقنعة.. ورغم ذلك أقول كما قال مارتن لوثر «لدي حلم» I have Dream ، إنني أؤمن أن الأمة العربية الإسلامية العظيمة تمرض ولكنها لا تموت».
العرب القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.