تولي مواطن قيادة حافلة: شركة النقل بين المدن توضّح.    عاجل/ ايقاف الدروس بكل المؤسسات التربوية بهذه الولاية مساء اليوم..    قبلي: انطلاق دورات تكوينية في الابتكار في النسيج والصباغة الطبيعية لفائدة حرفيات الشركة الاهلية "رائدات"    جندوبة: المطالبة بصيانة شبكة مياه الري لتامين حاجيات القطيع والاعداد للموسم الجديد    "DONGFENG" تمر للسرعة القصوى في تونس…! "DONGFENG" تُقدّم مجموعتها الجديدة من السيارات التي تشتغل بالطاقة المتجددة    بالفيديو.. ماكرون "علق" بشوارع نيويورك فاتصل بترامب.. لماذا؟    الترجي الرياضي: اصابة عضلية لنجم الفريق    أوت 2025: شهر قريب من المعدلات العادية على مستوى درجات الحرارة    عاجل - يهم التونسيين : شوف اخر مستجدات الطقس ...برشا مطر    عاجل/ "كوكا، زطلة وأقراص مخدرة": أرقام مفزعة عن حجم المخدرات المحجوزة في تونس..    عاجل: ظهور سريع للسحب الرعدية يفرض الحذر في كل مكان!    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    مواطن يقوم بقيادة حافلة..وشركة النقل بين المدن توضّح وتكشف.. #خبر_عاجل    النفطي بمناسبة ذكرى مؤتمر بيجين حول المرأة : تونس تولي اهتماما خاصّا بريادة الأعمال النّسائية    بطولة العالم للكرة الطائرة : المنتخب الوطني ينهزم امام نظيره التشيكي    إنتقالات: مراد الهذلي يعود من جديد إلى نادي أهلي طرابلس الليبي    الكرة الذهبية : لاعب باريس سان جيرمان عثمان ديمبلي يتوج بجائزة افضل لاعب في العالم    البطولة الفرنسية : فوز مرسيليا على باريس سان جيرمان بهدف دون رد    تحب قرض شخصي من ال CNSS؟ هاو الشروط والمبلغ الأقصى!    إصدار طابع بريدي إحياء للذكرى 80 لتأسيس منظمة الأمم المتّحدة    الحماية المدنية :594 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    الأطلسي والهادي يحترقان: أعاصير قوية في كل مكان...شنيا الحكاية؟!    كان عندك برنامج آخر الويكاند... شوف الطقس كيفاش؟    جريمة مروعة: يقتل ابنتيه طعنا بالسكين ثم ينتحر..!!    عاجل/ لأوّل مرّة: مسؤول أميركي يعترف ب"هجوم إسرائيلي على تونس"..    الشيبس كل يوم.. تعرف شنوّة اللي يصير لبدنك    السيول تداهم الأودية.. وخبير طقس يحذّر من مخاطر الطرقات    عاجل/ انفجار قرب سفينة قبالة اليمن..    وزير الاقتصاد يتباحث مع المدير الإقليمي للمنطقة المغاربية بمؤسسة التمويل الدولية، سبل تعزيز التعاون.    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    عاجل/ يهم المخدرات والاحتكار: رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات لوزير الداخلية وكاتب الدولة للأمن وآمر الحرس..    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    عاجل: هذا هو المدرب الجديد لاتحاد بن قردان!    عاجل/ النّائب محمد علي يكشف آخر مستجدات "أسطول الصمود"..    رئيس الجمهورية يدعو إلى تأمين محيط المعاهد ومقاومة تجّار المخدرات    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أهم كميات الأمطار ال 24 ساعة الفارطة    قيس سعيد: كلّ المؤسّسات المُنتخبة منبعها الشّعب التونسي صاحب السيادة    رئاسة مؤتمر حل الدولتين: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى    مسيّرات مجهولة تغلق مطارين في الدانمارك والنرويج    نجاة من كارثة محققة في مطار نيس: طائرتان تفلتان من اصطدام مروع    حجز حوالي 4523 كغ من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك    زاده الشيب جمالاً... تيم حسن يلفت الأنظار بوسامته    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    زياد غرسة يضيء سهرة افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة    إنتبه لها.. 10 علامات مُبكّرة للزهايمر    مشاركة تونسية مكثفة في مهرجان بوسان الدولي للفن البيئي    دور الثقافة والفضاءات الثقافية تفتح أبوابها لاستقبال الراغبين في المشاركة في مختلف أنشطتها    حفل كبير اليوم في باريس... شوفو شكون من العرب في القائمة    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    تونس على موعد مع حدث فلكي غريب بدخول الخريف... الشمس تعانق خط الاستواء..شنيا الحكاية؟!    تحذير طبي جديد يخص حبوب شائعة الاستعمال بين النساء...شنيا؟    علامات خفية لأمراض الكلى...رد بالك منها و ثبت فيها ؟    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



“أفاتار” سينما الموقف
نشر في الفجر نيوز يوم 10 - 03 - 2010

صحيح أنه فيلم بهر العالم بتقنياته، واعتبر بداية جديدة لفن السينما ونقطة فاصلة في تاريخها، إلا أنه فيلم سياسي وإنساني بكل معنى الكلمة أيضاً.
ثمة في مكان ما من عالمنا مستعمرة تقنية أمريكية تضم عسكريين وعلماء ورجل أعمال، مكلفة بالسيطرة على مورد طبيعي شديد الندرة، يتوفر بكثرة في مستعمرة مجاورة يعيش فيها بشر غريبو الأشكال، يعيشون حياة الفطرة والطبيعة بأكثر معانيها نقاء وبساطة، على النقيض من عالم المستعمرة الأولى، التقني إلى أبعد حد والشديد التعقيد والتراتب والتسليح.
يأتي إلى المستعمرة التقنية شاب كان شقيقه يعمل فيها، ثم مات خلال حادث، فيطلب إليه مشرف المستعمرة العسكري، بعد فترة من الرفض، أن ينتقل إلى المستعمرة الأخرى ليتجسس على القوم ويتعلم لغتهم وتقاليدهم وعاداتهم، ويحاول إقناعهم بمغادرتها، وإلا هاجمهم عالم التقنية وطردهم منها بالقوة، ليحصل على المادة الثمينة والنادرة، الموجودة في أرضهم، والتي لا يعرفون قيمتها ولا يستغلونها.
يوضع الفتى في صندوق ينقله عبر الأثير إلى المستعمرة الأخرى، حيث يتخذ شكل وهيئة سكانها، ويبدأ، بعد أن أبعدت واحدة من فتياتهم ذات ليلة وحوش الغابة المفترسة عنه، بالدخول إلى عالمهم، وتنفيذ مهمته، التي يعود بعد كل مرحلة من مراحلها إلى حالته العادية في المستعمرة التقنية، ليقدم تقريراً مفصلاً عن الجانب الآخر.
بعد مرور أشهر ثلاثة هي المدة التي أعطيت للشاب كي يكشف أسرار حياة ومعتقدات المستعمرة الطبيعية، القائمة على معتقد إحيائي يقول بنوع بسيط من وحدة الموجودات، يرى أن جميع الكائنات الحية من بشر وحيوان ونبات تتصل عبر جذور مشتركة بالحياة، وتنتمي إلى دورة وجود واحدة متبادلة التأثير والتعين، فلا يجوز للكائن البشري إلحاق الضرر بشركائه غير البشريين، وعليه الحفاظ عليهم للحفاظ على ذاته قبل كل شيء. بعد فترة، تظهر للفتاة علامات تدل على أن صديقها البشري ينتمي إلى عالم عشيرتها الروحي/ الرمزي، منها أن أزهار روح الحياة تجمعت ذات مرة حوله. عندئذ، تقنع الفتاة والدها، شيخ عشيرته، بضمه إليها وتحويله إلى واحد من أبنائها، وتعليمه لغتها وطقوسها الدينية البسيطة، المتركزة حول كائن أعلى هو الأنثى “أيوا”، مرجع كل وجود وموجود، التي يمكن الاتصال معها في أي وقت عبر شجرة الحياة، خاصة إن كان المتصل ممن ظهرت عليه علامات إيمانية مميزة.
يطلب القائد العسكري ورجل الأعمال ومدير المستعمرة التقنية من الشاب إكمال مهمته وإقناع الطبيعيين بمغادرة غابتهم، فيفشل ويعده قومه الجديد خائناً، وتطرده الفتاة التي كانت قد أخذت تبادله الحب. بعد فشل الشاب، تهاجم المستعمرة التقنية المستعمرة الطبيعية وتدمر شجرة هائلة تعيش العشيرة فيها، رغم معارضة قسم من العلماء والشاب وبعض العسكريين. ثم يلي الهجوم على الشجرة هجوم عام على العشيرة يستهدف اقتلاعها من موطنها وإلا فإبادتها. حدث هذا عقب نقاش شديد تخلله صراع مع فئة قليلة تعيش في المستعمرة التقنية رفضت فكرة الهجوم من أساسها. خلال هذه التطورات، يفاضل الشاب بين المستعمرتين ويقرر الانضمام إلى قومه الجدد، ويقود على عادة الأمريكيين حربهم ضد المهاجمين، بعد أن ينجح في جمع وتوحيد العشائر الطبيعية وكسب بعض زملائه من المستعمرة الأولى، قبل أن يطلب عون “أيوا”، ويشارك في صلاة ينخرط فيها القوم جميعهم، يظهر خلالها سحر الفطرة والبساطة بطريقة آسرة يصعب على من يشاهد الفيلم نسيانها.
خلال المعركة، تتقدم التقنية مكتسحة كل شيء، وتستخدم تفوقها لسحق البشر والشجر والحجر، حتى ليبدو وكأن الأمر حسم لصالحها. لكن “أيوا” تقرر الاستجابة لتوسلات قومها الشجعان، وتطلق قوى الطبيعة في وجه الغزاة، الذين يندحرون بعد معارك ضارية ويقتل قائدهم، الجنرال في الثياب المرقطة، بسهام أطلقتها عليه الفتاة، صديقة الشاب الذي كان قد استعاد مكانته لديها ولدى قومها، بعد أن قدم إلى المعركة ممتطياً طائر رخ أحمر اللون يعتبر القوم من يمتطيه مقدساً ومقتدراً.
بهزيمة التقنيين، اللصوص القادمين لنهب ثروة هي ملك الطبيعة، تتم تصفية مستعمرتهم، فتستعيد الغابة سكونها وينبعث فيها من جديد نظامها الطبيعي، ويعيش القوم، أو القليل الذي تبقى منهم، بوداعة وسعادة، في انسجام مطلق بعضهم مع بعض، ومع الطبيعة شجراً وحيوانات وحجراً.
وجد في الفكر الغربي، على امتداد التاريخ الحديث، صراع حده الأول الإنسان المتقدم والثاني ما سمي المتوحش الطيب. وقد انحاز هذا الفكر إلى مفهوم التقدم والمتقدم، الذي رأى فيه ناشر حضارة جديدة يجب أن تحل محل الحضارة الإحيائية، الطبيعية والبدائية، التي يسعد المتوحش الطيب بالعيش فيها، لكنها يجب أن تزول ولو بالقوة، لاعتبارات كثيرة منها أنها حقبة متوحشة من تطور الإنسان، يجب أن تترك مكانها للحضارة الغربية الحديثة. يتبنى فيلم “أفاتار” مقولة معاكسة لهذه المقولة، فالمتقدم هنا هو المتوحش، وهو ليس طيبا أو حامل حضارة، بل هو مدمر الطبيعة والحياة، فلا بد من صده وردعه، وإلا تحول الوجود إلى ساحة قتلة ومجرمين يتشدقون بالحضارة كي يقضوا على مقوماتها ومفرداتها، وخاصة حاملها: الإنسان. هذا الصراع يبدو واضحاً في حوارات من قالوا بضرورة القضاء على سكان المستعمرة الطبيعية بالعنف، ومن طالبوا بضرورة التفاهم معهم على ما في أرضهم من ثروة، ثم انحاز نفر منهم إليهم، حين تعرضوا للهجوم، وقاتلوا لإنقاذ حياة الفطرة والطبيعة.
بهذه المعاني، يشارك فيلم “أفاتار” في حوار كوني لطالما طرح مشاكل الإنسانية الناتجة عن التقدم والصناعة والتقنية، ويدين ما اقترفته البلدان الصناعية والتقنية من جرائم ضد الشعوب والحضارات، ويدعو إلى نوع من إنسانية إحيائية وطبيعية، تعتبر التخلي عن الإيمان بوحدة موجودات العالم وعن ترابطها عاملا يفضي إلى قتل ودمار البشر، ويخضعهم لاستبداد كوني يمارسه المتقدمون، يضع العالم كله في خدمة مصالح جزئية وخاصة، فلا يبقى معه من مجال لأية حرية أو إنسانية أو عدالة.
تسهم السينما في نقاشات العصر. وليس فيلم “أفاتار” غير واحد من أعظم إسهاماتها المتطورة في هذه النقاشات، ومن أكثرها ثراء وعمقاً.
الخليج:الأربعاء ,10/03/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.