صفاقس: فتح محاضر عدلية ضدّ أشخاص شاركوا في أحداث عنف بمنطقتي العامرة وجبنيانة (مصدر قضائي)    اختتام أشغال الدورة 25 للجنة العسكرية المشتركة لتونس وإيطاليا    هيئة الانتخابات:" التحديد الرسمي لموعد الانتخابات الرئاسية يكون بصدور امر لدعوة الناخبين"    جلسة عمل وزارية حول عودة التونسيين بالخارج    وزيرة الاقتصاد: الحكومة على اتم الاستعداد لمساندة ودعم قطاع صناعة مكونات الطائرات في تونس    الإقامات السياحية البديلة تمثل 9 بالمائة من معدل إختراق السوق وفق دراسة حديثة    مصر.. موقف صادم في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    البطولة الافريقية للاندية البطلة للكرة الطائرة - مولدية بوسالم تنهزم امام الاهلي المصري 0-3 في الدور النهائي    رابطة الأبطال الافريقية - الترجي الرياضي يتحول الى بريتوريا للقاء صان داونز    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    فيلم "إلى ابني" لظافر العابدين يتوج بجائزتين في مهرجان "هوليوود للفيلم العربي"    الاتحاد الجزائري يصدر بيانا رسميا بشأن مباراة نهضة بركان    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    الألعاب الأولمبية في باريس: برنامج ترويجي للسياحة بمناسبة المشاركة التونسية    فازا ب «الدربي وال«سكوديتو» انتر بطل مبكّرا وإنزاغي يتخطى مورينيو    المهدية .. للمُطالبة بتفعيل أمر إحداث محكمة استئناف ..المُحامون يُضربون عن العمل ويُقرّرون يوم غضب    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    بنزرت .. شملت مندوبية السياحة والبلديات ..استعدادات كبيرة للموسم السياحي الصيفي    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    رمادة: حجز كميات من السجائر المهربة إثر كمين    نابل: السيطرة على حريق بشاحنة محملة بأطنان من مواد التنظيف    توزر.. يوم مفتوح احتفاء باليوم العالمي للكتاب    الليلة: أمطار متفرقة والحرارة تتراجع إلى 8 درجات    حنان قداس.. قرار منع التداول الإعلامي في قضية التآمر مازال ساريا    التضامن.. الإحتفاظ بشخص من أجل " خيانة مؤتمن "    النادي الصفاقسي : تربّص تحضيري بالحمامات استعدادا للقاء الترجّي الرياضي    أي تداعيات لاستقالة المبعوث الأممي على المشهد الليبي ؟    إكتشاف مُرعب.. بكتيريا جديدة قادرة على محو البشرية جمعاء!    ليبيا: ضبط 4 أشخاص حاولوا التسلل إلى تونس    عاجل/ إنتشال 7 جثث من شواطئ مختلفة في قابس    عاجل/ تلميذ يعتدي على زميلته بآلة حادة داخل القسم    يراكم السموم ويؤثر على القلب: تحذيرات من الباراسيتامول    طبرقة: فلاحو المنطقة السقوية طبرقة يوجهون نداء استغاثة    عاجل : الإفراج عن لاعب الاتحاد الرياضي المنستيري لكرة القدم عامر بلغيث    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 8 أشخاص في حادثي مرور    إنطلاق فعاليات الاجتماع ال4 لوزراء الشباب والرياضة لتجمع دول الساحل والصحراء    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    عاجل : مبروك كرشيد يخرج بهذا التصريح بعد مغادرته تونس    الجامعة تنجح في تأهيل لاعبة مزدوجة الجنسية لتقمص زي المنتخب الوطني لكرة اليد    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    وزير الدفاع الايطالي في تونس    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    جرايات في حدود 950 مليون دينار تُصرف شهريا.. مدير الضمان الإجتماعي يوضح    تونس : 94 سائحًا أمريكيًّا وبريطانيًّا يصلون الى ميناء سوسة اليوم    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    بعد الاعتزال : لطفي العبدلي يعلن عودته لمهرجان قرطاج    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    بسبب فضيحة جنسية: استقالة هذا الاعلامي المشهور..!!    فظيع/ جريمة قتل تلميذ على يد زميله: تفاصيل ومعطيات صادمة..    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور الصادق شورو : أكثر من 17 سنة وهو في السجن ...ألا يكفي؟
نشر في الفجر نيوز يوم 12 - 03 - 2008

منذ أكثر من سبعة عشر سنة يقبع الدكتور الصادق شورو في السجن وهي أطول مدة يقضيها سجين سياسي في تونس لم يرتكب جرما في حق تونس ولا شعبها... لم يحمل السلاح ولم يعتدي على احد... كل مافي الأمر أن الرجل كان رئيسا لحركة سياسية ضلت تطرق أبواب التقنين منذ عشرية كاملة...ضلت تطالب بحقها في الوجود وحق التونسيين في المواطنة...التزم بالنضال من اجل الحرية واعتبرها المعركة الأساسية والأولوية المطلقة متسلحا بالوسائل السلمية...فكانت الضريبة في مستوى لايمكن لعاقل أن يتصوره...17 عشر سنة من العذاب والقتل البطيء...يحتار العاقل حينما يعرف شخصية هذا الرجل الهادئ ... الذي لايملك طموحا ولامجرد رغبة شخصية في أن يكون يوما ما في السلطة ... وإنما رغبته الأساسية هي سيادة قيم الحرية والكرامة في وطنه...وفقا للقيم الإسلامية التى امن بها والتزم بها في سلوكه وعلاقته بالآخرين... انها ولاشك اكبر ضريبة من اجل الحرية في هذا العهد يدفعها مناضل سياسي في تونس.
1- ضريبة الحرية في تونس
معركة الحرية في تونس معركة طويلة بدأت مع الاستعمار الفرنسي حيث قاوم الشعب بمختلف فئاته الوجود الاستعماري و بأساليب مختلفة أملا في أن تشرق شمس الحرية يوما ما ويصبح فيه سيد نفسه دون وصاية أو إقصاء ولكن دولة الاستقلال التي ضحى من اجلها آلاف التونسيين مافتئت أن تحولت إلى حكم فرد أصبح فيه الشعب مجرد رعايا لا مواطنين ,... فكان من واجب الطلائع والنخب الوطنية آن تنهض وتقاوم هذا الانحراف.., فكان اليوسفيين ثم الزيتونيين فالقوميين فاليساريين فالنقابيين فالا إسلاميين فالوطنيين بكل أصنافهم...
عرف كلهم السجون والمعتقلات والمنافي... اعدم الكثير...مات الكثير تحت التعذيب...
بقيت السلطة طيلة الحكم البورقيبي سلطة الحزب ورئيس الحزب الذي كان له فضل التحرير وكانت السلط الامنية هي الذراع الذي يستعمله الزعيم لتأديب الخارجين من بيت الطاعة
ولكن الذي حصل بعد 7 نوفمبر أن بنية السلطة تحولت من سلطة مدنية إلى سلطة أمنية بالدرجة الأولى فقد أصبح البوليس هو المتحكم الأساسي والحقيقي في أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية...وأصبحت وزارة الداخلية من خلال القصر هي التي تسوس البلاد وضعف دور المؤسسات المدنية لتصبح في خدمتها
فلا يمكن لأي ملاحظ موضوعي للأوضاع في تونس سوى أن يشهد بسلطان القبضة الأمنية التي تتحكم في البلاد في كل المجالات فالرعب الذي تعيشه كل القوي الحية منذ 18 سنة تقريبا أصبح ظاهرة تميزت بها البلاد عن بقية الدول العربية المجاورة.
فلم يحدث في تاريخ تونس الحديث أن حدث انفصام بين الحاكم والمحكوم وتحول تونس إلى ضيعة على ملك العائلة الحاكمة... اخذ فيها النهب مأخذه... كما حدث في هذا العهد.
ولم تعرف البلاد في تاريخها تجريم فئة في المجتمع كما عرفته البلاد منذ بداية التسعينات في القرن الماضي... لقد أصبح الإسلاميون في تلك المرحلة العدو الرئيسي في البلاد فسخرت كل إمكانيات البلاد لاجتثاثهم فاستبيحت أعراضهم ودماؤهم وأموالهم ... وسلط على كل من له علاقة بعيدة أو قريبة بهم صنوفا من المحاصرة والتعذيب...
ولم يحدث أيضا في تاريخ المحاكمات السياسية التي حدثت في العهد البورقيبي أن حدثت محاكمات بمثل هذه الضراوة ... والقسوة... فأقصى ماكان يقضيه المحاكمون في قضايا سياسية لايتجاوز الخمس سنوات ويغادر الجميع السجون ... ولكن الذي حدث في المحاكمات الأخيرة أن السلطة لم تبدأ في إطلاق سراح المساجين إلا بعد انقضاء قرابة 10 سنوات...
والآن بعد سبعة عشر سنة تقريبا مازال هناك من يدفع ضريبة الحرية رغم انه منذ 1999 " برزت شبه رغبة لدي السلطات بإغلاق ملف السجناء النهضويين لكن بالتقسيط أو بالقطارة حتى أن احد المعلقين اعتبر أن " تونس تبدو البلد ألمغاربي الوحيد الذي لا يستعجل التخلص من سجنائه السياسيين، على رغم أن الصراع في هذا البلد الصغير لم ينزلق دوما إلى مسالك الصدام العنيف مثلما حدث في الجزائر مثلا "
الدكتور الصادق شورو السجين المأساة
قليلة هي الكتابات التي تعرف بمحنة الدكتور الصادق شورو ومن خلاله بهذا الرجل الذي لم يكن الراى العام يعرف عنه شيئا قبل المحاكمات التي عرفتها البلاد في بداية التسعينات... رغم انه كان رئيسا لأكبر تيار سياسي معارض في البلاد... فاغلب المراقبين لا يعرفون سوى الشيخ راشد الغنوشي كرئيسا للحركة ويفاجئون حينما يعلمون أن رئاسة الحركة مابين مارس 1988 و فيفري 1991 كانت بيد هذا الرجل...فهو الشخص الوحيد الذي وقع اختياره في مؤتمر للحركة من طرف المؤتمرين بعد الشيخ راشد الغنوشي .. أما بقية الذين تحملوا هذه المسؤولية في فترات استثنائية ولفترات متفاوتة فقد كان اختيارهم سواء من طرف المؤسسة الشورية أو التنفيذية وفق التراتيب التى حددها القانون الأساسي للحركة...
لا نكاد نسمع بمحنته إلا بمناسبة إضرابات الجوع التي يخوضها وآخرها الإضراب المفتوح الذي خاضه بداية من 12 نوفمبر 2007 للمطالبة برفع المضايقات التي يتعرض لها في سجن العزلة وتمكين زوجته و أبنائه من جوازات السفر واحتجاجا على حرمان شقيقه الدكتور عباس شورو من التدريس بالجامعة رغم الحكم الصادر لفائدته من طرف المحكمة الإدارية...
ورغم الإفراج عن اغلب قيادات الصف الأول في الحركة ... ومنهم من يملك حضورا بارزا في الساحة السياسية قبل المحنة فان الدكتور الصادق مازال يخضع لسياسة التشفي والقتل البطئ التي سلطت عليه منذ إيقافه... وقد يتساءل المرء عن منطق السلطة من وراء ذالك...
قد يكون من المفيد التعريف بهذا الرجل والعودة إلى فترة إيقافه والتهم التي سلطت عليه في محاولة للفهم...
من هو الدكتور الصادق شورو
الصادق بن حمزة بن حمودة شورو من مواليد 10 فيفري 1947 بجربة حاصل على دكتوراء في الكيمياء من كلية العلوم بتونس، ومدرس بكلية الطب في مادة الكيمياء إلى حدود اعتقاله سنة 1991 وعضو بلجنة البحث العلمي في تخصصه بالمركز الجامعي للبحث العلمي بمنطقة برج السدرية في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس، وعضو بنقابة التعليم للاتحاد العام التونسي للشغل.(1)
وقد عرف الدكتور شورو بتأييده للنضال الطلابي. وحضر المؤتمر التأسيسي للاتحاد العم التونسي للطلبة.
انضمّ الدكتور شورو لعضوية مجلس الشورى المركزي للحركة الإسلامية منذ بداية الثمانينات، وانتخب في مؤتمر 1988 رئيسا للحركة وواصل القيام على مهامه حتى 23 فيفري 1991 تاريخ اعتقاله
رحلة الدكتور الصادق شورو مع التعذيب
اعتقل في 23 فيفري 1991، وقد سلط عليه تعذيب شديد في وزارة الداخلية ثم في ضيعة في نعسان لحمله على الاعتراف بالسيناريوهات الأمنية التي وضعتها هذه الوزارة لتوريط الحركة وتشويه سمعتها فصبر صبرا جميلا حتى نقل للمستشفى في حالة خطيرة أكثر من مرة.
لقد تفتق العقل الامنى الذي حاول تجميع أحداث متفرقة في شكل خطة منظمة تتكون من خمس مراحل
- مرحلة الإعلام الشعبي
مرحلة التحرك الميداني
مرحلة تجرئة اتباع الحركة على المقرات الأمنية
مرحلة الثورة والعصيان المسلحين
تحريك الجناح العسكري للحركة
فتوزيع المناشير من طرف أنصار الحركة بعد حملة الإيقافات التي شملت أنحاء البلاد للتعريف بهذه المظلمة وخاصة أن الحركة لاتملك وسيلة إعلامية واغلب وسائل الإعلام غير الرسمية متواطئة... يعتبر جريمة... وبعض المسيرات الاحتجاجية ضد التعتيم والمداهمات الوحشية التي عرفتها مختلف الأحياء هو عمل مدبر اما المرحلة الثالثة التي تتحدث عن مهاجمة المقرات الأمنية فيكفي أن يحتج مجموعة من الطلبة على مركز للبوليس يقع أحداثه أمام المركب الجامعي ليكون ذالك مؤشرا على تخطيط مدبر... أما المرحلتين الربعة والخامسة فيكفي أن نقرا تصريح بن علي لصحيفة
"لوموند" الفرنسية في 11 جويلية 1991 عندما سئل(2)
لقد تم اكتشاف مؤامرة دبرها إسلاميون في تونس في ماي الماضي ما هو بالتحديد
مدى اندساس أفرادها في الجيش والحرس الوطني والشرطة ؟
فيجيب:
- إن ما يسمى "بالنهضة" ليس بالحركة الديمقراطية. وهي تسعى للاستيلاء على السلطة
بكل الوسائل مما جعلها تتخذ من محاولات الاندساس في مؤسسات الدولة منهجا. فجيشنا
سليم وهو متشبع بمبادئ النظام الجمهوري. وانحصرت محاولات الاندساس في صفوفه في
عناصر متعصبة من بين دفعتين من الضباط. كان أحد أساتذتهم قياديا إسلاميا وهو "
الأمير" الصادق شورو الذي خلف "الأمير" راشد الغنوشي في ربيع 1989 عندما اختار هذا
الأخير تلقائيا المنفى....
وكان هذا "الأمير" يدرس بعض الوقت بالأكاديمية العسكرية في فندق الجديد. وقد تم
شحن أدمغة هؤلاء الضباط الشبان قبل دخولهم الأكاديمية ولم يبق من بين قرابة المائة
عسكري الذين تم استنطاقهم على إثر اكتشاف هذه المؤامرة سوى 34 مورطا.
* وعندما يسال : لقد رأى البعض في هذه المؤامرة قضية مصطنعة لتدبير القمع ضد الإسلاميين
؟ فيجيب:
المؤامرة ثابتة ولا جدال في ذلك وليس هناك تركيب ولا خلط. وقد أحيلت القضية
على العدالة التي ستقول فيها كلمتها بكل رصانة واستقلالية. وكل يوم تتوفر أدلة
جديدة حول هذه المؤامرة. ولقد اكتشفنا خلال الأسابيع الماضية مخازن جديدة لقنابل
المولوتوف وقوارير ماء الفرق...
وياتي قرار ختم البحث لدى المحكمة العسكرية في سنة 1992 ليؤكد ماسبق حيث ورد مايلي (3)
أجاب المتهم الصادق بن حمدة شورو لدي الباحث المنتدب مقرا بنشاطه على رأس الحركة بصفته أميرا لها وقد شكل مع غيره من العناصر القيادية مجلس الشورى والمكتب التنفيذي ومثيلهما جهويا كما رتب البيت الحركي بمساعدة معاونيه من القياديين ببعث أجهزة خاصة استعلامية تنظيمية كما قرر وهو على رأس المكتب التنفيذي التخطيط للتصعيد الشامل مع السلطة عن طريق مراحل خمسة تنتهي بالعصيان المدني وتمرد الجناح العسكري قصد الإطاحة بالنظام بالعمل المسلح ولم تم الكشف عن ذالك المخطط استبدل بآخر سمي بالخطة الاستثنائية الرامية إلى إحداث الفراغ الدستوري باغتيال السيد الرئيس الدولة وبعض وزراء السيادة بصفة توازية للقيام باعتداءات على مراكز السيادة من امن وتشكيل حكومة انتقالية مطعمة من الشخصيات السياسية أمثال محمد مزالى واحمد بن صالح مبينا انه شكل الأجهزة الخاصة واسند لمعاونيه مهمة الإشراف عليها وتوفير جميع الوسائل لها للوصول بها الى تحقيق الغاية المرجوة وهي الإطاحة بالنظام باستعمال السلاح ودعا البعض منهم ممن كانوا من العسكريين الى إعادة تشكيل الجناح العسكري لدعم بقية الأجهزة الخاصة وإعلان التمرد عند إعلان حالة العصيان كالاستغاثة في ذالك المضمار ببعض الضباط السامين المتقاعدين في تحقيق تلك الغاية "
ذالك ماتم انتزاعه تحت التعذيب في محلات وزارة الداخلية ومحلات التعذيب الخاصة في نعسان وسكرة حينما سلم الصادق شورو وبعض العناصر إلى الجلادين الذين اخذوا التفويض الكامل ...
أما إمام حاكم التحقيق
فقد ورد في قرار ختم البحث مايلي:
ولدي قلم التحقيق أمام المحكمة العسكرية ... امتنع عن الجواب بتعلة أن محاميه لم يطلع على كامل أوراق القضية وهو ذات الأمر الذي تمسك به محاميه وانسحب...
فهكذا يكفي أن يدرس الصادق شورو بعض الوقت في الأكاديمية العسكرية ليكون متهما بإعداد مجموعة من الانقلابيين ... ويكفي أن تلتقط قوات البوليس بعض العصي ووسائل دفاعية بدائية يستعملها المتظاهرون لتكون أداة لقلب نظام الحكم
ويكفي أن يقع إيقاف عسكريين متدينين بعد انقلاب 7 نوفمبر فيما عرف بقضية المجموعة الأمنية ليكون ذالك مؤشرا أن حركة النهضة اخترقت من جديد المؤسسات الأمنية وتهيئ لتنظيم انقلاب... ولا يخفي عن أي مراقب موضوعي أن الجيش الوطني قد وقع إفراغه من الكفاءات الوطنية بداية من سنة 1981 ... فقد وقع آنذاك تسريح كل من يشك في تدينه ووصل هذا الأمر إلى منتهاه بعد 1987 حيث أحيل العديد من الضباط على التقاعد... ووضع الكثير من ضباط الصف في مهام ثانوية... فكيف يعقل أن يقوم ضباط على انقلاب وهم مقطوعين عن القطاع...منذ سنوات... خاصة وقد عملت السلطة على خلط الأوراق بنقل متعددة في صفوف الضباط وضباط الصف ...ووضع العناصر التي يشك في ولاءها في الثلاجة...
ولكن منطق المؤامرة لايقف عند حده...
2- القضية التي لم يعرف لها تاريخ القضاء التونسي مثيل
حوكم الدكتور الصادق شورو أمام المحكمة العسكرية سنة 1992 على رأس 265 من الإطارات القيادية للنهضة. وقد طلب الادعاء العام إعدامه، ولكن تحت ضغوط المنظمات الحقوقية والإنسانية اكتفى النظام بإصدار حكم في حقه بالسجن مدى الحياة. ونقل بعد ذلك لأكثر من سجن، وتعرّض لضغوط شديدة لحمله على إدانة الحركة وطلب العفو من رئيس الدولة فأبى إلا الصمود والاعتزاز بانتمائه ونضالاته ونضالات إخوانه. ومما أثر عنه أمام المحكمة العسكرية قوله:
« "يا سيادة القاضي إذا كنتم بعملكم هذا تريدون اجتثاث حركة النهضة من مجتمعها ومن التربة التي أنبتتها، فهي شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء...
سيذكر التاريخ شهر جويلية 1992 ... تاريخ المحاكمة الاستثنائية التى عقدتها السلطة لتصفية الوجود السياسي لحركة النهضة... سيذكر التاريخ ذالك المناخ الذي صنعته السلطة لتمرير تلك المظلمة الكبرى ... كتبت المنظمات الحرة عن الخروقات الخطيرة التى عرفتها هذه المحاكمة ... ووضحت البعض من خلفياتها ولكن ستبقي الوثيقة التي أنجزها المحامون النائبين في هذه القضية من أدق الوثائق التي وقفت عند خفايا هذه القضية...(4)
كان أهم مابينته تلك الوثيقة افتعال وقائع لتبرير الاتهام ومن أهم هذه الوقائع اجتماع براكة الساحل وقصة صاروخ الستينجر
ورد في الوثيقة مايلي:
إجتماع براكة الساحل
يعلم الجميع أنّ الإتهام الموجه ضدّ المظنون فيهم من قيادات و عناصر حركة النهضة المحالين أمام القضاء العسكري صائفة 1992 سواء بمناسبة القضيّة ع76110دد أو ع76111دد قد تأسّس على حادثتين هامتين أوّلهما "إجتماع براكة الساحل" و ثانيهما "صاروخ ستينجر" لقد تمّ التركيز على الواقعتين المذكورتين إعلاميا في محاولة لإقناع الجميع داخليّا و خارجيّا بخطورة ما خططت له حركة النهضة و ما عزمت على تنفيذه بمشاركة عناصر من الجيش الوطني من مختلف الرتب و المواقع و الثكنات برّا و بحرا و جوّا. و قد كان الإعلان عن اكتشاف الإجتماع المذكور بمناسبة الندوة الصحفيّة التي عقدها وزير الداخليّة يوم 22/05/1991 منطلقا لحملة إعلاميّة و سياسيّة و أمنيّة إنجرّ عنها الزجّ بأكثر من ثلاثين ألف تونسي و تونسيّة في السجون و عزل المئات من الضبّاط و ضبّاط الصف بعضهم تمّت إحالته على التقاعد المبكّر دون أن يتعرّض لأيّة مساءلة أو مؤاخذة(111) يذكر الملاحظون أنّ حملة الإيقافات شملت أكثر من ستمائة عسكريّ من رتب و قطاعات و جهات مختلفة و أمام شكّ إدارة الأمن العسكري في جديّة الأبحاث المجراة من طرف إدارة أمن الدولة و نظرا لأنّ الإيقافات طالت عددا كبيرا من كبار الضباط و خيرة إطارات الجيش و قياداته بما أضحى يهدّد بإفراغ المؤسّسة العسكريّة من أكفأ كوادرها تولت لجنة خاصّة من قيادة الجيش الحضور بمقرّات وزارة الداخليّة و استنطاق بعض كبار الضباط الموقوفين فعاينوا تعرّضهم للتعذيب و قد تمّ إثر حضور اللجنة المذكورة الإفراج عن عدد كبير من العسكريّين دون تتبّع مع حرمانهم من مباشرة وظائفهم . و قد جاء الحكم ليتمخض الجبل فلا يلد حتى فأرا إذ ثبت بالدليل الساطع أنّ الإجتماع المذكور كان مجرّد دعاية لتبرير الحملة المتعدّدة الجوانب على حركة النهضة من جهة و على بعض المشكوك في ولائهم في المؤسسّات العسكريّة من جهة أخرى لضرب عصفورين بحجر واحد و لقد أكد الحكم الصادر في القضيّة ع76110دد أنّ أغلب من اتهموا بالمشاركة في الإجتماع المذكور لم يحضروا يوم 6/1/1991 أيّ إجتماع بل كانوا يمارسون يومها حياتهم بصفة عاديّة بعضهم في مكان العمل و بعضهم بين عائلاتهم و ذويهم من ذلك أنّ الحكم أثبت أنّ النقيب الهادي العرفاوي المتهم بالمشاركة في الإجتماع كان يوم 6/1/1991 التاريخ المزعوم لعقد اللقاء رفقة زوجته التي كانت بصدد الولادة بأحد المستشفيات كما أثبت الحكم أنّ النقيب محجوب بريك الذي أرغمه باحث البداية على الإعتراف بحضور الإجتماع كان قائما يومها بواجب الأسبوع بالفوج 33 للمدرّعات حسبما تضمنته المكاتبة الواردة على المحكمة من رئاسة أركان جيش البرّ كما أثبتت الأحداث أنّ الرائد سامي كوردة كان يوم 6/1/1991 بين أهله و عشيرته في تونس العاصمة التي لم يغادرها طوال ذلك اليوم في حين أنّ النقيب الهادي الأجنف الذي أجبر تحت التعذيب على الإعتراف بالإنتماء لحركة النهضة و حضور اجتماع براكة الساحل كان حسبما ثبت من مكاتبة قيادة جيش البرّ يوم 6/1/1991 في مهمّة في المناطق الساحليّة و قد نوّهت الشهادة بنشاطه و قيامه بالمهمّة على أحسن وجه و لقد انتهت المحكمة إلى القضاء في حقّ المذكورين آنفا بعدم سماع الدعوة لثبوت عدم حضورهم أيّ إجتماع(112) رغم ما سجله عليهم باحث البداية من إعترافات انتزعت تحت الإكراه و التعذيب كما اعتبرت المحكمة أنّ بقيّة العسكريّين المتهمين بحضور الإجتماع المزعوم لم يثبت في حقهم القيام بأي عمل إيجابي من شأنه أن يوفّر ضدّهم أركان جريمة الإحالة علما أنّه و بمراجعة الحكم المذكور لا نجد أثرا في تعليله للإجتماع المذكور كدليل إدانة ضدّ العسكرييّن أو المدنيين.
صاروخ الستينجر
تحدّثت وسائل الإعلام كثيرا عن صاروخ ستينجر كان الهادي الغالي و من معه عازمون على جلبه للإعتداء على حياة رئيس الدولة و لكن بالرجوع إلى الحكم الصادر في القضيّة ع76110دد و كذا الصادر في القضيّة ع76111دد لا نجد أيّ أثر مادّي للمشروع الإجرامي المذكور إذ يتضح أنّ المسألة (هذا و لو افترضنا جدلا صحّة ما نسب لبعض المتهمين من تصريحات) لا تعدو أن تكون فكرة خطرت على بال فرد بعد إيقاف أغلب المتهمين دون أن يسعى إلى تحويلها إلى واقع و دون أن يكون قادرا على تحقيقها حتى لو رغب في ذلك لأنّه لا يتوفّر حسب الأبحاث على أيّة إمكانيّات للوصول إلى تنفيذ ما فكّر فيه إن ثبت أنّه فكّر فيه حقّا(113).
كما أثبتت الأبحاث أنّه لم يكن بيد أحد في الداخل و لا في الخارج لا صاروخ و لا حتى مسمار من بقايا صاروخ مهما كان نوعه كما لم يكن بيد أحد في الداخل و لا في الخارج ما يكفي لشرائه و لا كان أحد يعرف طريق الوصول لشرائه و لا كيف و أين يباع أصلا هذا علاوة على خلوّ محاضر أغلبيّة الموقوفين من الموضوع علاوة على أنّ من الموقوفين من تمّ إيقافه منذ نوفمبر 1990 و هو تاريخ سابق بسنتين لتاريخ ما نسب لأحدهم من تفكير في الاعتداء على حياة رئيس الدولة بواسطة هذا الصاروخ المزعوم.
3- مصانع الموت في تونس في عهد السابع من نوفمبر
لم تعرف السجون التونسية ضراوة في المعاملة واستمرار لتعذيب المعارضين السياسيين كما عرفته في المرحلة الأخيرة... لقد تحولت السجون إلى مصانع للموت والحراس إلى جلادين ... مما انجر عنه موت العديد ... إصابة العديد بعاهات وأمراض مزمنة ويكفي أن ننضر في التقرير الصحي الذي قدمته منظمة حرية وإنصاف لنفهم حجم الكارثة (5)
أصاب الدكتور الصادق شورو الكثير مما أصاب إخوانه
تنقل بين العديد من السجون وعاش في سجن العزلة أكثر من 14 سنة.
حرم من أبسط حقوق السجين كحق التداوي وقراءة الصحف والكتب والكتابة.
سلط عليه التعذيب البدني والنفسي بهدف تدميره
أمام هذه الممارسات التعسفية المستمرة، شن الدكتور صادق شورو العديد من الإضرابات عن الطعام خلال سنوات سجنه ولم تستجب السلطة لمطالبه ممعنة في سياسة التشفي التي اعتمدتها مع مساجين الحركة والتي ذهب ضحيتها عدد من المساجين غير آبهة بنداءات المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية الداعية إلى إطلاق سراح المساجين السياسيين.
لقد لخص الأخ رضا السعيدي الذي افرج عنه بمناسبه 25 جويلية 2007 السياسات المتبعة في مصانع الموت في التاءات السبع: تعذيب - تنكيل – تغريب- تمييز- تجهيل- تعتيم- تجويع
يقول (6)
ولو أردنا تلخيص السياسة التى حكمت تعامل ادارات السجون مع مساجين النهضة لوجدناها تتلخص فى العناصر السبع التالية
1- التعذيب النفسي والجسدي الارهاب اليومي، التفتيش المتواصل، العقوبة بالحبس الانفرادي لأتفه الأسباب وفى ظروف سيئة ومهينة مع الضرب(الفلقة) والربط بالأغلال، العقوبة بالاقامة فى غرفة الشاذين جنسيّا.
2- التنكيل الفصل بين يوم القفة ويوم الزيارة، المراقبة اللصيقة أثناء زيارة العائلة، منع النّساء والبنات من ارتداء الحجاب أثناء الزيارة، منع استعمال أواني الفخار والزجاج ..واجبارنا على استعمال الأواني البلاستيكية المضرة بالصحة، الحرمان من زيارة الطبيب إلاّ فى الحالات القصوى، التفتيش المهين لكامل الجسد قبلالزيارة و التحديد في سقف الشراءات من مغازة التزود بالسجن، الفسحة القصيرة،....
3- التغريب والابعاد الاقامة فى سجون بعيدة عن مكان سكنى العائلة والحرمان من الجمع بين يوم الزيارة ويوم تسليم القفة.
4- التمييز فى المعاملة بين مساجين الحق العام وبين مساجين الصبغة الخاصة أو"الانتماء"(التسمية الادارية للمساجين السياسيين) سواء في الإقامة أو الفسحة أوفي الزيارة أوفي الشراءات من القنوة(مغازة السجن) أو في التمتع بالزيارات المباشرة(بدون حاجز) أوفي التمتع بحق التسجيل في المعاهد أوالجامعة.
5- التجهيل الحرمان من إدخال الكتب الخاصة ومن الدراسة(الحرمان من التسجيل), وفي فترات طويلة وقع حرماننا من القلم والكراس, بل حتى من مصحف القرأن.
6- التعتيم الإعلامي الحرمان من الاطلاع على الصحف(ما عدا الصحف الرسميّة أو التابعة للحزب الحاكم), الحرمان من التلفزة طيلة 10سنوات..وعند التمتع بالتلفزة وقع تثبيتها على القناة الرسميّة فقط...
7- التجويع الأكلة الرّديئة، الفصل بين يوم الزيارة ويوم القفة ، تحديد سقف المشتريات الشهرية بمغازة السجن بما لا يحقق الكفاية,خاصة في ظروف تباعد الزيارات.
4- سلاح المقهورين في تونس
لم يبق من سلاح للمقهورين في مصانع الموت سوى أجسادهم... فإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام...
إن إضراب الجوع يكاد يكون الوسيلة الوحيدة التي يلجأ إليها المقهورين في سجون تونس... ولكن أنى لأصواتهم أن تسمع... لأنهم لابواكي لهم...
تعددت صرخات الدكتور الصادق شورو ... صرخات احتجاج من خلال إضرابات الجوع ...
والادهي ان إضراباته كان اغلبها احتجاجا على الضريبة التي يدفعها أقربائه وعائلته ... من اجل
زوجته وابناؤه وبناته المتابعون من طرف البوليس باستمرار... احتجاجا على
الاستيلاء على أملاكه ... font size="4"
المصدر بيرد الفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.