"قمم الشعوب وقيعان الأنظمة" تحت هذا العنوان كتبت في 16\1\2009 م وهو اليوم قبل الأخير للحرب الصهيونية الآثمة على غزة البطلة ، حين ظهرت الدعوات لعقد مجموعة من القمم العربية مختلفة التوجه والمقصد والمرجعية ، وفي نفس المناسبة "القمة العربية في ليبيا" أحاول الكتابة فأجد الموقف محلك سر ، نفس المناخ ، الانتكاسات والإخفاقات من طرف و الطموحات والآمال من طرف آخر، أنظمة رسمية مستبدة وفاسدة وشعوب عربية طال عليها أمد الاستبداد والفساد فألفتهما ، لكن مازال هناك بقية من تيارات حية طموحة تسعى للإصلاح ، فبين اجتماع وزراء الداخلية العرب "أنجح اجتماع عربي لنظم الاستبداد والفساد" حيث المزيد من التضييق والقمع والانتهاك الحقوقي والقانوني وبين اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي انتهى بإقرار المفاوضات غير المباشرة مع الكيان الصهيوني كمكافأة له على الصفع اليومي لهذه الأنظمة التي جعلت السلام الخيار الوحيد لها ، يأتي اجتماع القمة العربية الذي يحمل في طياته عوامل الفشل حتى على مستوى الانعقاد لا القرارات المحققة لطموحات شعوب الأمة ، مجرد الانعقاد صار إنجازاً تاريخياً لهؤلاء الفشلة وحتى القرارات لن تكون إلا صورة باهتة وهزيلة لحقيقية الأنظمة غير الشرعية التي استولت على مقاليد الحكم بطرق غير ديمقراطية ، صارت هذه القمم الوهمية لا تساوى الكلفة المالية التي تتحملها الشعوب الفقيرة ، وصار الرهان على الأنظمة العربية وحكوماتها فاقدة المفعول والتأثير والقيمة، رهان خاطئ وفاشل ومضيعة للوقت والجهد والثروات، لقد صارت الكلمة – القمة - دلالة وإسقاط لحالة التراجع والإخفاق التي تعانيها الأنظمة بكافة قياداتها ورموزها في كل ميدان، العسكري والسياسي والاقتصادي والإعلامي حتى الرياضي، فأسوأ المباريات غالباً هي مباريات ولقاءات القمة، بل صارت هذه الاجتماعات والدعوات تُثير الشكوك والريبة في نفوس الشعوب بسبب سابقة الأعمال غير النظيفة كما صارت هذه القمم عنواناً للتسويف والمماطلة لتنفيذ مخطط ما ضد قضايانا المركزية، هذا الزعيم يوافق، وهذا يتحفظ وهذا يرفض وذاك لا يرى منها جدوى وآخرون سيخفضون التمثيل الدبلوماسي للمشاركة، وفي جميع الأحوال سيكون اجتماع القمة صورة صادقة للواقع الهش والمتردي لأنظمة غير شرعية ولا شعبية، بل يؤكد الواقع أن سيناريو المماطلة هو جزء من السيناريو العام ولكن المريح والمبشر أنه في كل مرة تخفق نبوءات الساسة والأنظمة وتصدق أمال وطموحات الشعوب، ماذا ننتظر من لقاءات القمة وهي في جميع الأحوال تمثل سلفًا مواقف الدول الأعضاء فما هو الجديد إذن؟ إلا مزيد من التسويف بل والترحيل ليكون مزيدًا من المماطلة، ما عدنا نثق ولا نأمل ولا نراهن على هؤلاء الزعماء على المستوى السياسي والقانوني سواء بسواء، وسنبقى دائمًا ندور في حلقةٍ مفرغةٍ حتى يتم التغيير الحقيقي، تغيير هذه الأنظمة بقيادات أكثر إرادةً ومسئولية، قيادات تؤمن بقضايا الأمة وتحترم إرادتها، دون أن تُختزل في شخوصٍ وأقزام أضاعوا مكانتها وأهدروا كرامتها، القمة الحقيقية هي ما تُمارسه المقاومة المسلحة ضد العدوان والاحتلال الصهيوني والأمريكي في فلسطين ولبنان وأفغانستان والعراق وكل البلدان المحتلة ، وفي الصمود الصلب لمليون ونصف المليون من شعب غزة العزة ضد جرم الحصار وتعطيل الإعمار وتجميد المصالحة ، وفي النضال الدستوري لتيارات الإصلاح الوطني ضد الاستبداد والفساد الذي صار سمتاً لأنظمة الحكم العربي والإسلامي القمة الحقيقية في تحمل تبعات التغيير من الحصار السياسي والإضرار الاقتصادي والتشويه الإعلامي والقمع الأمني والإصرار على المسير رغم كم الحواجز.
إشارة إلى روح البطل الشهيد أحمد ياسين في ذكرى استشهاده .. لقد أنبتت دماءك الزكية أجيالاً طالما سعيت لتربيتها .. هنيئاً لك ولكل الشهداء.