عمان:يجمع محللون وسياسيون في الأردن على أهمية الحديث الذي أدلى به الملك الأردني عبد الله الثاني للصحف اليومية الأردنية نهاية الأسبوع الماضي، الذي تحدث فيه عن رفض "الخيار الأردني" لحل القضية الفلسطينية بصورة بدت قاطعة.وبينما يتفق محللون على أن الأردن رفض بذلك "خيار الانتحار" للدولة، تحدث آخرون عن ضرورة وقف سياسات عدّوها خاطئة للحكومات الأردنية، وصياغة مشروع وطني يتصدى للخطر الإسرائيلي.
ووصف عبد الله الثاني الخيار الأردني بأنه "مجرد أوهام"، وقال "لا يوجد شيء اسمه الخيار الأردني، ولا يستطيع أحد أن يفرض مثل هذا الحل، ومن يتحدث بهذه الأوهام يتحدث عن شيء مستحيل حدوثه، الفلسطينيون يريدون دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، والأردنيون يقفون بكل قوتهم خلف هذا الحق الفلسطيني".
وأكد أن الأردن يرفض مطلقا أي دور في الضفة الغربية واستبدال الدبابات الأردنية من الدبابات الإسرائيلية فيها، و"لن نسمح لإسرائيل أن تحل مشكلة احتلالها للضفة الغربية والمعاناة والظلم الذي نتج عنه على حساب الأردن، وهذا أمر غير قابل حتى للنقاش".
وكان لافتا في حديث الملك الأردني أن بلاده لن ترضخ لضغوط اقتصادية لقبول حل القضية الفلسطينية على حسابها، وقال "نتيجة وقف المساعدات (الخارجية) سيكون هناك صعوبات اقتصادية، بينما القبول بموضوع الخيار الأردني، وأنا لا أسميه خيارا، لأنه ليس خيارا، سيعني الانتحار للبلد". الخطر يتصاعد ويرى المحلل السياسي جمال الطاهات، أحد أصحاب مبادرة "الملكية الدستورية" أن الخطر يتصاعد على الأردن، ويرى أن ذلك يترافق مع "غياب المشروع الأردني للتصدي للمخاطر".
وقال للجزيرة نت إن حديث الملك الأخير هو تواصل لحديث مستمر منذ عشر سنوات "ولم يبرز في الأردن حتى الآن برنامج سياسي أو اجتماعي للتصدي لمشروع حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن". ودعا لبلورة برنامج وطني للتصدي لطروحات المشروع الصهيوني التي لا زالت تؤمن بالخيار الأردني".
واتهم من سماهم "حراس اتفاقية وادي عربة في عمان والمستفيدين من الوضع الراهن بأنهم يعيقون ويتصدون لأي برنامج وطني شعبي يحصن الموقف الرسمي من الرضوخ للضغوط التي تهدد الأردن". وطالب بمزيد من الانفتاح الداخلي وتشكيل جبهة عريضة تلتقي على تحصين الوطن من الأخطار الماثلة.
وتقوم مبادرة الملكية الدستورية التي وقعت عليها شخصيات من اتجاهات فكرية مختلفة على معادلة جديدة للحكم في الأردن، وتكريس منظور جديد للعلاقة الأردنية الفلسطينية على قاعدة التصدي للخطر الإسرائيلي.
الوطن البديل ويتحدث رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد عن أن مشروع الوطن البديل "هو المشروع الذي تفكر فيه الولاياتالمتحدة الأميركية والسلطة الفلسطينية على حد سواء". وقال للجزيرة نت "هناك قناعة لدى الطرفين بأن الحكومات الإسرائيلية غير مستعدة لتقديم ما يحقق للفلسطينيين طموحهم بإقامة دولة مستقلة". ويرى الحمد أن الظروف في الأعوام القليلة المقبلة "غير مواتية لطرح الخيار الأردني على الطاولة". وأضاف "هناك ضغوط حقيقية على الأردن وهناك تلمس أردني بأن هناك تفكيرا إسرائيليا بحل قضية الضفة الغربية وتأجيل موضوع قطاع غزة".
ويطالب الأردن "بدعم المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة حماس بوصفها خط الدفاع الأول عن الأردن وعن الحق الفلسطيني ووقف التعامل مع الذين باعوا واشتروا في فلسطين وليس بعيدا أن يساوموا على الأردن في مفاوضاتهم السرية والعلنية".
ويتفق مع الحمد سياسيون أردنيون في ضرورة التحالف مع قوى المقاومة الفلسطينية على قاعدة أن "من يقاوم لا يبحث عن وطن بديل".