بعد عقد على إغلاقها.. تونس تعيد افتتاح قنصليتها في بنغازي    تعرض لأزمة صحية شديدة.. نقل الفنّان المصري محمد منير الى المستشفى    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..    عاجل: العثور على جثة شاب تحمل اثار عنف في مكان مهجور بهذه المنطقة..#خبر_عاجل    عاجل/ وزارة الداخلية تعلن ملاحقة هؤلاء..    فاز أمس على الولايات المتحدة الامريكية: منتخب الأصاغر لكرة اليد يواجه تشيكيا من أجل الدور الثاني    سياحة: تونس تسجل أرقاما قياسية في عدد الوافدين والإيرادات خلال النصف الأول من عام 2025    اجتماع وزاري لوضع خطة لتطوير السياحة العلاجية وتصدير الخدمات الصحية    مستقبل القصرين: انهاء مهام المدرب ماهر القيزاني    الكريديف يعلن عن المتوجات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية بعنوان 2024 ويحتفي بثلاثينية الجائزة    المهرجان الصيفي «مرايا الفنون» بالقلعة الكبرى .. عبد الرحمان العيادي في الإفتتاح وسنيا بن عبد الله في الإختتام    تاريخ الخيانات السياسية (38): قتل باغر التركي    20 ألف هكتار مهددة: سليانة تتحرك لمواجهة آفة 'الهندي'    إيقاعات إفريقية في قلب العاصمة: ديان آدامز يحيي سهرة استثنائية بساحة النصر    ماكرون يأمر بتعليق إعفاء التأشيرة للجوازات الجزائرية الرسمية    مدير جديد لوكالة التحكم في الطاقة    604 تبليغ بشأن امدادات مياه الشرب    مبادرة لتنظيم "الفرنشيز"    الدكتور خالد محمد علي إبراهيم الوزير المفوض بسفارة جمهورية السودان بتونس ل«الشروق»: حرب إقليمية كبرى... إذا    بنزرت الجنوبية: وفاة مسترابة لإمرأة مسنة    مكانة الوطن في الإسلام    بوتين يجتمع إلى مبعوث ترامب في الكرملين على مدى 3 ساعات    بطولة الرابطة المحترفة الاولى: الاولمبي الباجي يعلن عن تسوية كل النزاعات والمشاركة في البطولة    قفصة : برمجة 18 مهرجانا صيفيّا خلال هذه الصائفة    مصر تشن حملة واسعة ضد محتوى ''تيك توك''    عاجل/ مقتل وزيرين في تحطم مروحية بهذه الدولة..    السالمي: إلغاء جلسات التفاوض حاجة خطيرة وبرشة حاجات صارت اليوم تفوق الخطورة    عاجل: لقاء الترجي مهدّد بالتأجيل... وهذا هو السبب !    فتح باب الترشح للطلبة التونسيين للتمتّع بمنح دراسية بمؤسّسات جامعية بالمغرب وبالجزائر    توننداكس يسجل تطورا ايجابيا قارب 31ر16 بالمائة خلال النصف الأول من سنة 2025    بعد 14 عاما من الغياب : أصالة نصري في زيارة مرتقبة لسوريا    اعتقال شقيق الممثلة أسماء بن عثمان في أمريكا : زوجته تكشف هذه المعطيات    نابل: محضنة المشاريع الناشئة "حمامات فالي هاب" تنظم لقاء التواصل بين رواد الاعمال المقيمين في تونس وفي الخارج    نجم المتلوي يعزز صفوفه بالمهاجم مهدي القشوري    ماتش الإفريقي والمرسى: هذا هو عدد الجمهور الي باش يحضر !    ما هي التطورات المتوقعة في قطاع الاستهلاك الصيني؟    عاجل: ماهي حقيقة تنحي الطبوبي؟ تصريحات رسمية تكشف كل شيء!    50 درجة حرارة؟ البلاد هاذي سكّرت كل شي نهار كامل!    عاجل: دولة عربيّة تعلن الحرب عالكاش وتدخل بقوّة في الدفع الإلكتروني!    عاجل : الحرس الوطني يكشف معطيات حول فاجعة اشتعال النّار في يخت سياحي بسوسة    عاجل- سوسة : غرفة القواعد البحرية للتنشيط السياحي تنفي و توضح رواية السائحة البريطانية    عاجل/ رئيس قسم طب الأعصاب بمستشفى الرازي يحذر من ضربة الشمس ويكشف..    علامات في رجلك رد بالك تلّفهم ...مؤشر لمشاكل صحية خطيرة    كيلي ماك.. نجمة The Walking Dead تخسر معركتها مع المرض    الحمامات: وفاة شاب حرقًا في ظروف غامضة والتحقيقات جارية    لبنان يغيّر اسم شارع حافظ الأسد إلى زياد الرحباني    ماء الليمون مش ديما صحي! شكون يلزم يبعد عليه؟    كتب ولدك للسنة الثامنة أساسي (2025-2026): شوف القائمة الرسمية    إحداث قنصلية عامة للجمهورية التونسية بمدينة بنغازي شرق ليبيا    الرابطة المحترفة الاولى : شبيبة العمران تعلن عن تعاقدها مع 12 لاعبا    جريمة مروعة تهز هذه الولاية..والسبب صادم..#خبر_عاجل    أوساكا تتأهل إلى قبل نهائي بطولة كندا المفتوحة للتنس وشيلتون يُسقط دي مينو    فرنسا: حريق ضخم يلتهم آلاف الهكتارات بجنوب البلاد    مهرجان قرطاج الدولي 2025: الفنان "سانت ليفانت" يعتلي ركح قرطاج أمام شبابيك مغلقة    تاريخ الخيانات السياسية (37) تمرّد زعيم الطالبيين أبو الحسين    دبور يرشد العلماء ل"سرّ" إبطاء الشيخوخة..ما القصة..؟!    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاومة الشعبية شعار الإجماع الوطني:سامي الأخرس
نشر في الفجر نيوز يوم 15 - 04 - 2010

img width="107" height="157" align="left" src="http://www.alfajrnews.net/images/iupload/sami_alachras_1.jpg" style="" alt="من المتعارف عليه في العرف الثوري والكفاحي والنضالي لدى الشعوب المُحتلة أو المظلومة البحث عن السبل الأنجع والخيارات الفضل لتحقيق أهدافها في التحرير مما يقع عليها من ظلم واحتلال، وعدوان، وهو أحد الحقوق التي كفلتها التشريعات الدولية، وكذلك الأديان السماوية، حيث أن الإنسان خُلق حرًا، وبإرادة حرة. ولذلك فإن الثورات العالمية لم تتبنى نظرية كفاحية أو تحررية واحدة، في معركتها التحررية، بل نسجت نظريتها الكفاحية والنضالية وفقًا للعديد من الاعتبارات المتعلقة بطبيعة العدو، وقدراته، وإمكانياته، وكذلك القدرات والإمكانيات الذاتية والموضوعية للقوة المناضلة، أو الشعب المحتل، وهذا لا يعتبر بدعة بل هو حقيقة ممارسة في التاريخ الثوري والنضالي. والثورة الفلسطينية من الثورات الفريدة في التاريخ الثوري التي استطاعت أن تنسج أساليب ثورية ونضالية تتلاءم تكتيكيًا مع المراحل النضالية والسياسية، حيث طرحت الثورة الفلسطينية العديد من الشعارات ومارستها على أرض المعركة؟، فمنها ما اثبت نجاعته وحقق أهدافه، ومنها ما تم انتقاده والتعديل من تكتيكاته، وهذا ليس إخفاقًا بل هو إعادة تصويب للمسار النضالي – الكفاحي، وهو بحد ذاته يعتبر انجازًا وتعبيرًا قويًا على قدرات التصويب للعملية الكفاحية، مما يعني أن الثورة ذات عقيدة قابلة للتطوير والتصويب والتغيير، وهو شيء ذو دلالات إيجابية على التخطيط الجيد والسليم المتوافق مع الحالة النضالية. ففي احد المراحل طرحت ثورتنا الفلسطينية شعار" ملاحقة العدو في كل مكان" وقد حقق هذا الشعار نجاحًا كبيرًا في فرض القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية، والعبور بها من بؤرة الدعاية الصهيونية كقضية إنسانية لآلاف اللاجئين إلى قضية وطنية لشعب اقتلع من أرضه، وسلبت دياره، وتم بعد ذلك تجاوز هذا الشعار بعدما حقق أهدافه، لتطرح الثورة الفلسطينية العديد من الأساليب المتنوعة في مسيرتها النضالية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر تصفية الرموز المتواطئة مع الاحتلال عربيًا ومحليًا، وضرب المصالح الإسرائيلية الحيوية .... إلخ. ورغم ذلك كانت كل هذه الأساليب ليست بديلًا لشعار الكفاح المسلح، ومهاجمة العدو في فلسطين المحتلة، وخوض جولات قاسية معه سواء على الساحة الفلسطينية الداخلية، أو في ساحات المواجهة الخارجية كلبنان، والأردن. إلى أن استخدمت الثورة الفلسطينية السلاح الشعبي الذي احدث صدى عالمي بعدالة القضية الفلسطينية كما حدث في انتفاضة 1987م والتي استطاعت أن تصعد بالقضية الفلسطينية إلى مصاف التعاطف الشعبي العالمي الذي كان ينحاز للدعاية الصهيونية، والإعلام الصهيوني، وكذلك لجوء الثورة الفلسطينية في مرحلة سابقة لأسلوب العمل الاستشهادي في قلب الكيان الإسرائيلي، والذي أحدث جدلًا واسعًا على الساحة الفلسطينية والعالمية، وطرح العديد من التساؤلات عن جدوى وأهمية هذا الأسلوب وضروراته الوطنية، خاصة في ظل الترويج الدعائي الإسرائيلي باستهداف المدنيين، بالرغم من أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عسكري التكوين والعقيدة، ورغم ذلك فإنه اعتبر أحد الأساليب الكفاحية لمواجهة العدو، وأحد أدوات العمل العسكري التي لجأ إليها الشعب الفلسطيني في مقاومته للمحتل الإسرائيلي. وبغض النظر عن هذا الجدل السابق فإن أي ثورة في العالم تغير من تكتيكها العسكري والمسلح حسب المرحلة والزمان والميدان، وهو كما أسلفنا قوة وليس ضعفًا بالنسبة لي شعب مقاوم. الإسهاب في الموضوع وتناول أبعاد القضية الأساسية لموضوع مقالنا ضرورة ملحة لفهم الواقعية الثورية والسياسية التي تنطوي على أي تكتيك قتالي تتبناه أي ثورة كانت، سواء ثورتنا الفلسطينية أو غيرها، وهو ليس بالشيء المستنسخ أو المبتكر، بل أحد بديهيات العمل الثوري الناجح. أما فيما يتعلق بشعار المقاومة الشعبية الذي طرحته حركة فتح أخيرًا والذي تزامن مع إعلان حركة حماس لضرورة وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، وسماح إسرائيل بإدخال بعض السلع كالملابس والأحذية والأخشاب والألمونيوم، باعتقادي ليس مصادفة تزامنت بآن واحد، بل هو نتاج تحركات سياسية ما لم تتضح بعد، ولم تحدد معالمها، سوى ببعض التسريبات هنا وهناك بأن وفدًا من الحكومة المقالة في غزة التقى مسئولين إسرائيليين، وإن حدث فهو ليس مستغربًا في ظل حالة الحراك السياسي البطء منذ عام ونيف، هذا الحراك الذي حددت خطواته من تصريحات البيت الأبيض الداعية للمفاوضات، مع الإعلان بين الفينة والأخرى عن عمليات تجميد الاستيطان، وتدخل قطر في عملية المصالحة الفلسطينية، وكذلك إعلان حماس عن ضرورة وقف إطلاق الصواريخ لأنها تضر بالمصلحة الوطنية. كل هذه التحولات والمناوشات – إن جازت التسمية- تأتي ضمن الشعار العريض الذي طرحته حركة فتح في هذا الوقت بالذات، ومشاركتها فيه من خلال اعتقال عباس زكي في مقاومة شعبية أو سلمية كما يحلو للبعض تسميتها، وهو شعار كما وسبق طرحت ليس بالمبتكر أو المبتدع وإنما هو فعلًا ممارس على الأرض منذ زمن بمسيرات " بلعين" ضد الجدار العنصري، ومورس في العديد من المناسبات الوطنية – ولا يزال- ولكنه طرح في هذه الآونة حسب اعتقادي كحل وسطي بين الفرقاء في حكومة رام الله والرئاسة الفلسطينية، وحكومة غزة وحركة حماس، وجاء بصورة مبهمة متدرجة لامتصاص ردات الفعل للعناصر الأكثر تمسكًا بالبندقية والعمل الفدائي وخاصة في الأجنحة العسكرية في قطاع غزة، التي لا زالت تقبض على بنادقها في حدود المسموح لها من هامش للحركة داخل مدن قطاع غزة كالعملية البطولية التي نفذتها سرايا القدس" استدراج الأغبياء". إذن فكل المؤشرات السياسية على الأرض تؤكد أن شعار " المقاومة الشعبية" المطروح هو شعار قائم بذاته، ومنطقي بطرحه في ظل التوازنات الموجودة على الأرض، وليس إبداعًا من طارحيه، ولكنه إعادة صياغة لخلق حالة من التوافق، ألقة بكرته في مرمى حركة فتح بما إنها صاحبة المشروع السلمي، والأكثر دفاعًا وجرأة عنه، وبذلك لا يمثل حرجًا للحركة أمام الرأي العام الفلسطيني بشكل عام، وبين عناصرها بشكل خاص، بما أن الجميع يدرك أن فتح طرحت مشروعها السلمي منذ عام 1973م، ولا حرج من تبنيها لشعار" المقاومة الشعبية" التي تنضوي تحت رايته جميع الفصائل الفلسطينية دون الإعلان عن ذلك جهرًا، وهو ما يُجسد فعليًا بموافقة الفصائل الفلسطينية على وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، واقتصار المقاومة المسلحة على داخل الأراضي الفلسطينية أي بحالة الدفاع فقط، وليس الهجوم، والهدف منها امتصاص ردات الفعل الداخلية من خلال طرح شعار المصالح الوطنية، ومبدأ الربح والخسارة الذي طرح سابقًا في عهد الراحل ياسر عرفات، وبعض الشعارات المقاومة التي تتقنها جيدًا فصائلنا الفلسطينية في المهرجانات الجماهيرية، والإعلام المرئي والمسموع، وحرب البيانات. كل ذلك يأتي مع توافق إسرائيلي كامل من خلال التسهيلات المفاجئة التي بدأت تنتهجا إسرائيل مع قطاع غزة في التخفيف من حدة حصارها القاتل، وكذلك يتوقع أيضًا أن هناك مباركة مصرية وسورية على هذه الخطوات. الحتمية الواقعية التي أخلص إليها أن شعار" المقاومة الشعبية" أحد الشعارات التي فرضتها الحالة السياسية الراهنة، وأكاد أجزم إنها حالة توافقية أجمعت عليها أطياف العمل الفصائلي الفلسطيني تحت لواء تبني حركة فتح لذلك الشعار مع ممارسة لكافة القوى الوطنية بما فيها القوى الإسلامية التي تسعي لتهيئة المناخ المناسب لتمرير ذلك، والتمكن من لجم أي محاولات للإحراج أمام الجماهير الفلسطينية وعناصرها. سامي الأخرس 15 إبريل(نيسان)2010م" /من المتعارف عليه في العرف الثوري والكفاحي والنضالي لدى الشعوب المُحتلة أو المظلومة البحث عن السبل الأنجع والخيارات الفضل لتحقيق أهدافها في التحرير مما يقع عليها من ظلم واحتلال، وعدوان، وهو أحد الحقوق التي كفلتها التشريعات الدولية، وكذلك الأديان السماوية، حيث أن الإنسان خُلق حرًا، وبإرادة حرة.
ولذلك فإن الثورات العالمية لم تتبنى نظرية كفاحية أو تحررية واحدة، في معركتها التحررية، بل نسجت نظريتها الكفاحية والنضالية وفقًا للعديد من الاعتبارات المتعلقة بطبيعة العدو، وقدراته، وإمكانياته، وكذلك القدرات والإمكانيات الذاتية والموضوعية للقوة المناضلة، أو الشعب المحتل، وهذا لا يعتبر بدعة بل هو حقيقة ممارسة في التاريخ الثوري والنضالي.
والثورة الفلسطينية من الثورات الفريدة في التاريخ الثوري التي استطاعت أن تنسج أساليب ثورية ونضالية تتلاءم تكتيكيًا مع المراحل النضالية والسياسية، حيث طرحت الثورة الفلسطينية العديد من الشعارات ومارستها على أرض المعركة؟، فمنها ما اثبت نجاعته وحقق أهدافه، ومنها ما تم انتقاده والتعديل من تكتيكاته، وهذا ليس إخفاقًا بل هو إعادة تصويب للمسار النضالي – الكفاحي، وهو بحد ذاته يعتبر انجازًا وتعبيرًا قويًا على قدرات التصويب للعملية الكفاحية، مما يعني أن الثورة ذات عقيدة قابلة للتطوير والتصويب والتغيير، وهو شيء ذو دلالات إيجابية على التخطيط الجيد والسليم المتوافق مع الحالة النضالية.
ففي احد المراحل طرحت ثورتنا الفلسطينية شعار" ملاحقة العدو في كل مكان" وقد حقق هذا الشعار نجاحًا كبيرًا في فرض القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية، والعبور بها من بؤرة الدعاية الصهيونية كقضية إنسانية لآلاف اللاجئين إلى قضية وطنية لشعب اقتلع من أرضه، وسلبت دياره، وتم بعد ذلك تجاوز هذا الشعار بعدما حقق أهدافه، لتطرح الثورة الفلسطينية العديد من الأساليب المتنوعة في مسيرتها النضالية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر تصفية الرموز المتواطئة مع الاحتلال عربيًا ومحليًا، وضرب المصالح الإسرائيلية الحيوية .... إلخ.
ورغم ذلك كانت كل هذه الأساليب ليست بديلًا لشعار الكفاح المسلح، ومهاجمة العدو في فلسطين المحتلة، وخوض جولات قاسية معه سواء على الساحة الفلسطينية الداخلية، أو في ساحات المواجهة الخارجية كلبنان، والأردن. إلى أن استخدمت الثورة الفلسطينية السلاح الشعبي الذي احدث صدى عالمي بعدالة القضية الفلسطينية كما حدث في انتفاضة 1987م والتي استطاعت أن تصعد بالقضية الفلسطينية إلى مصاف التعاطف الشعبي العالمي الذي كان ينحاز للدعاية الصهيونية، والإعلام الصهيوني، وكذلك لجوء الثورة الفلسطينية في مرحلة سابقة لأسلوب العمل الاستشهادي في قلب الكيان الإسرائيلي، والذي أحدث جدلًا واسعًا على الساحة الفلسطينية والعالمية، وطرح العديد من التساؤلات عن جدوى وأهمية هذا الأسلوب وضروراته الوطنية، خاصة في ظل الترويج الدعائي الإسرائيلي باستهداف المدنيين، بالرغم من أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عسكري التكوين والعقيدة، ورغم ذلك فإنه اعتبر أحد الأساليب الكفاحية لمواجهة العدو، وأحد أدوات العمل العسكري التي لجأ إليها الشعب الفلسطيني في مقاومته للمحتل الإسرائيلي.
وبغض النظر عن هذا الجدل السابق فإن أي ثورة في العالم تغير من تكتيكها العسكري والمسلح حسب المرحلة والزمان والميدان، وهو كما أسلفنا قوة وليس ضعفًا بالنسبة لي شعب مقاوم.
الإسهاب في الموضوع وتناول أبعاد القضية الأساسية لموضوع مقالنا ضرورة ملحة لفهم الواقعية الثورية والسياسية التي تنطوي على أي تكتيك قتالي تتبناه أي ثورة كانت، سواء ثورتنا الفلسطينية أو غيرها، وهو ليس بالشيء المستنسخ أو المبتكر، بل أحد بديهيات العمل الثوري الناجح.
أما فيما يتعلق بشعار المقاومة الشعبية الذي طرحته حركة فتح أخيرًا والذي تزامن مع إعلان حركة حماس لضرورة وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، وسماح إسرائيل بإدخال بعض السلع كالملابس والأحذية والأخشاب والألمونيوم، باعتقادي ليس مصادفة تزامنت بآن واحد، بل هو نتاج تحركات سياسية ما لم تتضح بعد، ولم تحدد معالمها، سوى ببعض التسريبات هنا وهناك بأن وفدًا من الحكومة المقالة في غزة التقى مسئولين إسرائيليين، وإن حدث فهو ليس مستغربًا في ظل حالة الحراك السياسي البطء منذ عام ونيف، هذا الحراك الذي حددت خطواته من تصريحات البيت الأبيض الداعية للمفاوضات، مع الإعلان بين الفينة والأخرى عن عمليات تجميد الاستيطان، وتدخل قطر في عملية المصالحة الفلسطينية، وكذلك إعلان حماس عن ضرورة وقف إطلاق الصواريخ لأنها تضر بالمصلحة الوطنية.
كل هذه التحولات والمناوشات – إن جازت التسمية- تأتي ضمن الشعار العريض الذي طرحته حركة فتح في هذا الوقت بالذات، ومشاركتها فيه من خلال اعتقال عباس زكي في مقاومة شعبية أو سلمية كما يحلو للبعض تسميتها، وهو شعار كما وسبق طرحت ليس بالمبتكر أو المبتدع وإنما هو فعلًا ممارس على الأرض منذ زمن بمسيرات " بلعين" ضد الجدار العنصري، ومورس في العديد من المناسبات الوطنية – ولا يزال- ولكنه طرح في هذه الآونة حسب اعتقادي كحل وسطي بين الفرقاء في حكومة رام الله والرئاسة الفلسطينية، وحكومة غزة وحركة حماس، وجاء بصورة مبهمة متدرجة لامتصاص ردات الفعل للعناصر الأكثر تمسكًا بالبندقية والعمل الفدائي وخاصة في الأجنحة العسكرية في قطاع غزة، التي لا زالت تقبض على بنادقها في حدود المسموح لها من هامش للحركة داخل مدن قطاع غزة كالعملية البطولية التي نفذتها سرايا القدس" استدراج الأغبياء".
إذن فكل المؤشرات السياسية على الأرض تؤكد أن شعار " المقاومة الشعبية" المطروح هو شعار قائم بذاته، ومنطقي بطرحه في ظل التوازنات الموجودة على الأرض، وليس إبداعًا من طارحيه، ولكنه إعادة صياغة لخلق حالة من التوافق، ألقة بكرته في مرمى حركة فتح بما إنها صاحبة المشروع السلمي، والأكثر دفاعًا وجرأة عنه، وبذلك لا يمثل حرجًا للحركة أمام الرأي العام الفلسطيني بشكل عام، وبين عناصرها بشكل خاص، بما أن الجميع يدرك أن فتح طرحت مشروعها السلمي منذ عام 1973م، ولا حرج من تبنيها لشعار" المقاومة الشعبية" التي تنضوي تحت رايته جميع الفصائل الفلسطينية دون الإعلان عن ذلك جهرًا، وهو ما يُجسد فعليًا بموافقة الفصائل الفلسطينية على وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، واقتصار المقاومة المسلحة على داخل الأراضي الفلسطينية أي بحالة الدفاع فقط، وليس الهجوم، والهدف منها امتصاص ردات الفعل الداخلية من خلال طرح شعار المصالح الوطنية، ومبدأ الربح والخسارة الذي طرح سابقًا في عهد الراحل ياسر عرفات، وبعض الشعارات المقاومة التي تتقنها جيدًا فصائلنا الفلسطينية في المهرجانات الجماهيرية، والإعلام المرئي والمسموع، وحرب البيانات. كل ذلك يأتي مع توافق إسرائيلي كامل من خلال التسهيلات المفاجئة التي بدأت تنتهجا إسرائيل مع قطاع غزة في التخفيف من حدة حصارها القاتل، وكذلك يتوقع أيضًا أن هناك مباركة مصرية وسورية على هذه الخطوات.
الحتمية الواقعية التي أخلص إليها أن شعار" المقاومة الشعبية" أحد الشعارات التي فرضتها الحالة السياسية الراهنة، وأكاد أجزم إنها حالة توافقية أجمعت عليها أطياف العمل الفصائلي الفلسطيني تحت لواء تبني حركة فتح لذلك الشعار مع ممارسة لكافة القوى الوطنية بما فيها القوى الإسلامية التي تسعي لتهيئة المناخ المناسب لتمرير ذلك، والتمكن من لجم أي محاولات للإحراج أمام الجماهير الفلسطينية وعناصرها.
سامي الأخرس
15 إبريل(نيسان)2010م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.