القنبلة النووية وازدواجية المعايير الغربية .. حلال على الصهاينة... حرام على ايران !    حرب قذرة وطويلة: الموساد يغتال علماء الذرّة    أنس جابر تغادر بطولة برلين في الزوجي والفردي    طقس الليلة    استخدام المروحة ''عكس المتوقع'': الطريقة الأذكى لتبريد المنزل في الصيف    كأس العالم للأندية 2025: برنامج مباريات السبت 21 جوان    بطولة افريقيا للرقبي السباعي بالموريس: المنتخب التونسي ينهي الدور الاول في المركز الثالث    حملة رقابية مشتركة بشاطئ غار الملح: رفع 37 مخالفة اقتصادية وصحية    بارومتر 2025: 13٪ من التونسيين ملتزمون بالإستهلاك المسؤول    الميناء التجاري بجرجيس مكسب مازال في حاجة للتطوير تجاريا و سياحيا    عاجل: قائمة المتفوقين في بكالوريا 2025... أرقام قياسية وأسماء لامعة!    نسبة النجاح في الدورة الرئيسية لبكالوريا 2025 تبلغ 37,08 بالمائة    نتائج بكالوريا 2025: نظرة على الدورة الرئيسية ونسبة المؤجلين    صفاقس: 100% نسبة نجاح التلاميذ المكفوفين في باكالوريا 2025    بن عروس : "كبارنا في اعيننا ..وبر الوالدين في قلوبنا" عنوان تظاهرة متعددة الفقرات لفائدة المسنين    Titre    "نيويورك تايمز": المرشد الإيراني يتحسّب من اغتياله ويسمّي خلفاءه    المهدية : تنفيذ عمليات رقابية بالمؤسسات السياحية للنهوض بجودة خدماتها وتأطير مسؤوليها    عاجل: وزارة الفلاحة تحذّر التونسيين من سمك ''ميّت''    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    عاجل: بداية الإعلان عن نتائج الباكالوريا عبر الإرساليات القصيرة    الدورة 56 لمهرجان الساف بالهوارية ستكون دورة اطلاق مشروع ادراج فن البيزرة بالهوارية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو (مدير المهرجان)    المنستير: انطلاق المسابقة الدولية في التصوير الفوتوغرافي والفيديو تحت الماء بعد تأجيلها بيوم بسبب الأحوال الجوية    النجم التونسي محمد مراد يُتوّج في الدار البيضاء عن دوره المؤثّر في فيلم "جاد"    كأس العالم للأندية 2025: ريال مدريد يواجه باتشوكا المكسيكي والهلال يلتقي سالزبورغ النمساوي    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    باجة : إجراء 14 عملية جراحية مجانية على العين لفائدة ضعاف الدخل [صور + فيديو ]    محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    "هآرتس": تحرك قاذفات أمريكية قادرة على تدمير "فوردو" الإيرانية    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    كرة اليد: منتخب الاصاغر ينسحب من ربع نهائي المونديال    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    قبلي: حادث مرور يودي بحياة جزائري وإصابة مرافقه    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    فيديو من ميناء صيادة: نفوق كميات هامة من الأسماك بسبب التلوث    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    توقيع اتفاقية قرض بقيمة 6,5 مليون أورو لإطلاق مشروع "تونس المهنية"    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    إغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري الإيراني    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بايرن ميونخ يفوز على بوكا جونيور و يتأهّل إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية (فيديو)    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    أسرة عبد الحليم حافظ تُقاضي مهرجان "موازين" الدولي بالمغرب    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاومة الشعبية شعار الإجماع الوطني:سامي الأخرس
نشر في الفجر نيوز يوم 15 - 04 - 2010

img width="107" height="157" align="left" src="http://www.alfajrnews.net/images/iupload/sami_alachras_1.jpg" style="" alt="من المتعارف عليه في العرف الثوري والكفاحي والنضالي لدى الشعوب المُحتلة أو المظلومة البحث عن السبل الأنجع والخيارات الفضل لتحقيق أهدافها في التحرير مما يقع عليها من ظلم واحتلال، وعدوان، وهو أحد الحقوق التي كفلتها التشريعات الدولية، وكذلك الأديان السماوية، حيث أن الإنسان خُلق حرًا، وبإرادة حرة. ولذلك فإن الثورات العالمية لم تتبنى نظرية كفاحية أو تحررية واحدة، في معركتها التحررية، بل نسجت نظريتها الكفاحية والنضالية وفقًا للعديد من الاعتبارات المتعلقة بطبيعة العدو، وقدراته، وإمكانياته، وكذلك القدرات والإمكانيات الذاتية والموضوعية للقوة المناضلة، أو الشعب المحتل، وهذا لا يعتبر بدعة بل هو حقيقة ممارسة في التاريخ الثوري والنضالي. والثورة الفلسطينية من الثورات الفريدة في التاريخ الثوري التي استطاعت أن تنسج أساليب ثورية ونضالية تتلاءم تكتيكيًا مع المراحل النضالية والسياسية، حيث طرحت الثورة الفلسطينية العديد من الشعارات ومارستها على أرض المعركة؟، فمنها ما اثبت نجاعته وحقق أهدافه، ومنها ما تم انتقاده والتعديل من تكتيكاته، وهذا ليس إخفاقًا بل هو إعادة تصويب للمسار النضالي – الكفاحي، وهو بحد ذاته يعتبر انجازًا وتعبيرًا قويًا على قدرات التصويب للعملية الكفاحية، مما يعني أن الثورة ذات عقيدة قابلة للتطوير والتصويب والتغيير، وهو شيء ذو دلالات إيجابية على التخطيط الجيد والسليم المتوافق مع الحالة النضالية. ففي احد المراحل طرحت ثورتنا الفلسطينية شعار" ملاحقة العدو في كل مكان" وقد حقق هذا الشعار نجاحًا كبيرًا في فرض القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية، والعبور بها من بؤرة الدعاية الصهيونية كقضية إنسانية لآلاف اللاجئين إلى قضية وطنية لشعب اقتلع من أرضه، وسلبت دياره، وتم بعد ذلك تجاوز هذا الشعار بعدما حقق أهدافه، لتطرح الثورة الفلسطينية العديد من الأساليب المتنوعة في مسيرتها النضالية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر تصفية الرموز المتواطئة مع الاحتلال عربيًا ومحليًا، وضرب المصالح الإسرائيلية الحيوية .... إلخ. ورغم ذلك كانت كل هذه الأساليب ليست بديلًا لشعار الكفاح المسلح، ومهاجمة العدو في فلسطين المحتلة، وخوض جولات قاسية معه سواء على الساحة الفلسطينية الداخلية، أو في ساحات المواجهة الخارجية كلبنان، والأردن. إلى أن استخدمت الثورة الفلسطينية السلاح الشعبي الذي احدث صدى عالمي بعدالة القضية الفلسطينية كما حدث في انتفاضة 1987م والتي استطاعت أن تصعد بالقضية الفلسطينية إلى مصاف التعاطف الشعبي العالمي الذي كان ينحاز للدعاية الصهيونية، والإعلام الصهيوني، وكذلك لجوء الثورة الفلسطينية في مرحلة سابقة لأسلوب العمل الاستشهادي في قلب الكيان الإسرائيلي، والذي أحدث جدلًا واسعًا على الساحة الفلسطينية والعالمية، وطرح العديد من التساؤلات عن جدوى وأهمية هذا الأسلوب وضروراته الوطنية، خاصة في ظل الترويج الدعائي الإسرائيلي باستهداف المدنيين، بالرغم من أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عسكري التكوين والعقيدة، ورغم ذلك فإنه اعتبر أحد الأساليب الكفاحية لمواجهة العدو، وأحد أدوات العمل العسكري التي لجأ إليها الشعب الفلسطيني في مقاومته للمحتل الإسرائيلي. وبغض النظر عن هذا الجدل السابق فإن أي ثورة في العالم تغير من تكتيكها العسكري والمسلح حسب المرحلة والزمان والميدان، وهو كما أسلفنا قوة وليس ضعفًا بالنسبة لي شعب مقاوم. الإسهاب في الموضوع وتناول أبعاد القضية الأساسية لموضوع مقالنا ضرورة ملحة لفهم الواقعية الثورية والسياسية التي تنطوي على أي تكتيك قتالي تتبناه أي ثورة كانت، سواء ثورتنا الفلسطينية أو غيرها، وهو ليس بالشيء المستنسخ أو المبتكر، بل أحد بديهيات العمل الثوري الناجح. أما فيما يتعلق بشعار المقاومة الشعبية الذي طرحته حركة فتح أخيرًا والذي تزامن مع إعلان حركة حماس لضرورة وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، وسماح إسرائيل بإدخال بعض السلع كالملابس والأحذية والأخشاب والألمونيوم، باعتقادي ليس مصادفة تزامنت بآن واحد، بل هو نتاج تحركات سياسية ما لم تتضح بعد، ولم تحدد معالمها، سوى ببعض التسريبات هنا وهناك بأن وفدًا من الحكومة المقالة في غزة التقى مسئولين إسرائيليين، وإن حدث فهو ليس مستغربًا في ظل حالة الحراك السياسي البطء منذ عام ونيف، هذا الحراك الذي حددت خطواته من تصريحات البيت الأبيض الداعية للمفاوضات، مع الإعلان بين الفينة والأخرى عن عمليات تجميد الاستيطان، وتدخل قطر في عملية المصالحة الفلسطينية، وكذلك إعلان حماس عن ضرورة وقف إطلاق الصواريخ لأنها تضر بالمصلحة الوطنية. كل هذه التحولات والمناوشات – إن جازت التسمية- تأتي ضمن الشعار العريض الذي طرحته حركة فتح في هذا الوقت بالذات، ومشاركتها فيه من خلال اعتقال عباس زكي في مقاومة شعبية أو سلمية كما يحلو للبعض تسميتها، وهو شعار كما وسبق طرحت ليس بالمبتكر أو المبتدع وإنما هو فعلًا ممارس على الأرض منذ زمن بمسيرات " بلعين" ضد الجدار العنصري، ومورس في العديد من المناسبات الوطنية – ولا يزال- ولكنه طرح في هذه الآونة حسب اعتقادي كحل وسطي بين الفرقاء في حكومة رام الله والرئاسة الفلسطينية، وحكومة غزة وحركة حماس، وجاء بصورة مبهمة متدرجة لامتصاص ردات الفعل للعناصر الأكثر تمسكًا بالبندقية والعمل الفدائي وخاصة في الأجنحة العسكرية في قطاع غزة، التي لا زالت تقبض على بنادقها في حدود المسموح لها من هامش للحركة داخل مدن قطاع غزة كالعملية البطولية التي نفذتها سرايا القدس" استدراج الأغبياء". إذن فكل المؤشرات السياسية على الأرض تؤكد أن شعار " المقاومة الشعبية" المطروح هو شعار قائم بذاته، ومنطقي بطرحه في ظل التوازنات الموجودة على الأرض، وليس إبداعًا من طارحيه، ولكنه إعادة صياغة لخلق حالة من التوافق، ألقة بكرته في مرمى حركة فتح بما إنها صاحبة المشروع السلمي، والأكثر دفاعًا وجرأة عنه، وبذلك لا يمثل حرجًا للحركة أمام الرأي العام الفلسطيني بشكل عام، وبين عناصرها بشكل خاص، بما أن الجميع يدرك أن فتح طرحت مشروعها السلمي منذ عام 1973م، ولا حرج من تبنيها لشعار" المقاومة الشعبية" التي تنضوي تحت رايته جميع الفصائل الفلسطينية دون الإعلان عن ذلك جهرًا، وهو ما يُجسد فعليًا بموافقة الفصائل الفلسطينية على وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، واقتصار المقاومة المسلحة على داخل الأراضي الفلسطينية أي بحالة الدفاع فقط، وليس الهجوم، والهدف منها امتصاص ردات الفعل الداخلية من خلال طرح شعار المصالح الوطنية، ومبدأ الربح والخسارة الذي طرح سابقًا في عهد الراحل ياسر عرفات، وبعض الشعارات المقاومة التي تتقنها جيدًا فصائلنا الفلسطينية في المهرجانات الجماهيرية، والإعلام المرئي والمسموع، وحرب البيانات. كل ذلك يأتي مع توافق إسرائيلي كامل من خلال التسهيلات المفاجئة التي بدأت تنتهجا إسرائيل مع قطاع غزة في التخفيف من حدة حصارها القاتل، وكذلك يتوقع أيضًا أن هناك مباركة مصرية وسورية على هذه الخطوات. الحتمية الواقعية التي أخلص إليها أن شعار" المقاومة الشعبية" أحد الشعارات التي فرضتها الحالة السياسية الراهنة، وأكاد أجزم إنها حالة توافقية أجمعت عليها أطياف العمل الفصائلي الفلسطيني تحت لواء تبني حركة فتح لذلك الشعار مع ممارسة لكافة القوى الوطنية بما فيها القوى الإسلامية التي تسعي لتهيئة المناخ المناسب لتمرير ذلك، والتمكن من لجم أي محاولات للإحراج أمام الجماهير الفلسطينية وعناصرها. سامي الأخرس 15 إبريل(نيسان)2010م" /من المتعارف عليه في العرف الثوري والكفاحي والنضالي لدى الشعوب المُحتلة أو المظلومة البحث عن السبل الأنجع والخيارات الفضل لتحقيق أهدافها في التحرير مما يقع عليها من ظلم واحتلال، وعدوان، وهو أحد الحقوق التي كفلتها التشريعات الدولية، وكذلك الأديان السماوية، حيث أن الإنسان خُلق حرًا، وبإرادة حرة.
ولذلك فإن الثورات العالمية لم تتبنى نظرية كفاحية أو تحررية واحدة، في معركتها التحررية، بل نسجت نظريتها الكفاحية والنضالية وفقًا للعديد من الاعتبارات المتعلقة بطبيعة العدو، وقدراته، وإمكانياته، وكذلك القدرات والإمكانيات الذاتية والموضوعية للقوة المناضلة، أو الشعب المحتل، وهذا لا يعتبر بدعة بل هو حقيقة ممارسة في التاريخ الثوري والنضالي.
والثورة الفلسطينية من الثورات الفريدة في التاريخ الثوري التي استطاعت أن تنسج أساليب ثورية ونضالية تتلاءم تكتيكيًا مع المراحل النضالية والسياسية، حيث طرحت الثورة الفلسطينية العديد من الشعارات ومارستها على أرض المعركة؟، فمنها ما اثبت نجاعته وحقق أهدافه، ومنها ما تم انتقاده والتعديل من تكتيكاته، وهذا ليس إخفاقًا بل هو إعادة تصويب للمسار النضالي – الكفاحي، وهو بحد ذاته يعتبر انجازًا وتعبيرًا قويًا على قدرات التصويب للعملية الكفاحية، مما يعني أن الثورة ذات عقيدة قابلة للتطوير والتصويب والتغيير، وهو شيء ذو دلالات إيجابية على التخطيط الجيد والسليم المتوافق مع الحالة النضالية.
ففي احد المراحل طرحت ثورتنا الفلسطينية شعار" ملاحقة العدو في كل مكان" وقد حقق هذا الشعار نجاحًا كبيرًا في فرض القضية الفلسطينية على الأجندة الدولية، والعبور بها من بؤرة الدعاية الصهيونية كقضية إنسانية لآلاف اللاجئين إلى قضية وطنية لشعب اقتلع من أرضه، وسلبت دياره، وتم بعد ذلك تجاوز هذا الشعار بعدما حقق أهدافه، لتطرح الثورة الفلسطينية العديد من الأساليب المتنوعة في مسيرتها النضالية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر تصفية الرموز المتواطئة مع الاحتلال عربيًا ومحليًا، وضرب المصالح الإسرائيلية الحيوية .... إلخ.
ورغم ذلك كانت كل هذه الأساليب ليست بديلًا لشعار الكفاح المسلح، ومهاجمة العدو في فلسطين المحتلة، وخوض جولات قاسية معه سواء على الساحة الفلسطينية الداخلية، أو في ساحات المواجهة الخارجية كلبنان، والأردن. إلى أن استخدمت الثورة الفلسطينية السلاح الشعبي الذي احدث صدى عالمي بعدالة القضية الفلسطينية كما حدث في انتفاضة 1987م والتي استطاعت أن تصعد بالقضية الفلسطينية إلى مصاف التعاطف الشعبي العالمي الذي كان ينحاز للدعاية الصهيونية، والإعلام الصهيوني، وكذلك لجوء الثورة الفلسطينية في مرحلة سابقة لأسلوب العمل الاستشهادي في قلب الكيان الإسرائيلي، والذي أحدث جدلًا واسعًا على الساحة الفلسطينية والعالمية، وطرح العديد من التساؤلات عن جدوى وأهمية هذا الأسلوب وضروراته الوطنية، خاصة في ظل الترويج الدعائي الإسرائيلي باستهداف المدنيين، بالرغم من أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عسكري التكوين والعقيدة، ورغم ذلك فإنه اعتبر أحد الأساليب الكفاحية لمواجهة العدو، وأحد أدوات العمل العسكري التي لجأ إليها الشعب الفلسطيني في مقاومته للمحتل الإسرائيلي.
وبغض النظر عن هذا الجدل السابق فإن أي ثورة في العالم تغير من تكتيكها العسكري والمسلح حسب المرحلة والزمان والميدان، وهو كما أسلفنا قوة وليس ضعفًا بالنسبة لي شعب مقاوم.
الإسهاب في الموضوع وتناول أبعاد القضية الأساسية لموضوع مقالنا ضرورة ملحة لفهم الواقعية الثورية والسياسية التي تنطوي على أي تكتيك قتالي تتبناه أي ثورة كانت، سواء ثورتنا الفلسطينية أو غيرها، وهو ليس بالشيء المستنسخ أو المبتكر، بل أحد بديهيات العمل الثوري الناجح.
أما فيما يتعلق بشعار المقاومة الشعبية الذي طرحته حركة فتح أخيرًا والذي تزامن مع إعلان حركة حماس لضرورة وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، وسماح إسرائيل بإدخال بعض السلع كالملابس والأحذية والأخشاب والألمونيوم، باعتقادي ليس مصادفة تزامنت بآن واحد، بل هو نتاج تحركات سياسية ما لم تتضح بعد، ولم تحدد معالمها، سوى ببعض التسريبات هنا وهناك بأن وفدًا من الحكومة المقالة في غزة التقى مسئولين إسرائيليين، وإن حدث فهو ليس مستغربًا في ظل حالة الحراك السياسي البطء منذ عام ونيف، هذا الحراك الذي حددت خطواته من تصريحات البيت الأبيض الداعية للمفاوضات، مع الإعلان بين الفينة والأخرى عن عمليات تجميد الاستيطان، وتدخل قطر في عملية المصالحة الفلسطينية، وكذلك إعلان حماس عن ضرورة وقف إطلاق الصواريخ لأنها تضر بالمصلحة الوطنية.
كل هذه التحولات والمناوشات – إن جازت التسمية- تأتي ضمن الشعار العريض الذي طرحته حركة فتح في هذا الوقت بالذات، ومشاركتها فيه من خلال اعتقال عباس زكي في مقاومة شعبية أو سلمية كما يحلو للبعض تسميتها، وهو شعار كما وسبق طرحت ليس بالمبتكر أو المبتدع وإنما هو فعلًا ممارس على الأرض منذ زمن بمسيرات " بلعين" ضد الجدار العنصري، ومورس في العديد من المناسبات الوطنية – ولا يزال- ولكنه طرح في هذه الآونة حسب اعتقادي كحل وسطي بين الفرقاء في حكومة رام الله والرئاسة الفلسطينية، وحكومة غزة وحركة حماس، وجاء بصورة مبهمة متدرجة لامتصاص ردات الفعل للعناصر الأكثر تمسكًا بالبندقية والعمل الفدائي وخاصة في الأجنحة العسكرية في قطاع غزة، التي لا زالت تقبض على بنادقها في حدود المسموح لها من هامش للحركة داخل مدن قطاع غزة كالعملية البطولية التي نفذتها سرايا القدس" استدراج الأغبياء".
إذن فكل المؤشرات السياسية على الأرض تؤكد أن شعار " المقاومة الشعبية" المطروح هو شعار قائم بذاته، ومنطقي بطرحه في ظل التوازنات الموجودة على الأرض، وليس إبداعًا من طارحيه، ولكنه إعادة صياغة لخلق حالة من التوافق، ألقة بكرته في مرمى حركة فتح بما إنها صاحبة المشروع السلمي، والأكثر دفاعًا وجرأة عنه، وبذلك لا يمثل حرجًا للحركة أمام الرأي العام الفلسطيني بشكل عام، وبين عناصرها بشكل خاص، بما أن الجميع يدرك أن فتح طرحت مشروعها السلمي منذ عام 1973م، ولا حرج من تبنيها لشعار" المقاومة الشعبية" التي تنضوي تحت رايته جميع الفصائل الفلسطينية دون الإعلان عن ذلك جهرًا، وهو ما يُجسد فعليًا بموافقة الفصائل الفلسطينية على وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، واقتصار المقاومة المسلحة على داخل الأراضي الفلسطينية أي بحالة الدفاع فقط، وليس الهجوم، والهدف منها امتصاص ردات الفعل الداخلية من خلال طرح شعار المصالح الوطنية، ومبدأ الربح والخسارة الذي طرح سابقًا في عهد الراحل ياسر عرفات، وبعض الشعارات المقاومة التي تتقنها جيدًا فصائلنا الفلسطينية في المهرجانات الجماهيرية، والإعلام المرئي والمسموع، وحرب البيانات. كل ذلك يأتي مع توافق إسرائيلي كامل من خلال التسهيلات المفاجئة التي بدأت تنتهجا إسرائيل مع قطاع غزة في التخفيف من حدة حصارها القاتل، وكذلك يتوقع أيضًا أن هناك مباركة مصرية وسورية على هذه الخطوات.
الحتمية الواقعية التي أخلص إليها أن شعار" المقاومة الشعبية" أحد الشعارات التي فرضتها الحالة السياسية الراهنة، وأكاد أجزم إنها حالة توافقية أجمعت عليها أطياف العمل الفصائلي الفلسطيني تحت لواء تبني حركة فتح لذلك الشعار مع ممارسة لكافة القوى الوطنية بما فيها القوى الإسلامية التي تسعي لتهيئة المناخ المناسب لتمرير ذلك، والتمكن من لجم أي محاولات للإحراج أمام الجماهير الفلسطينية وعناصرها.
سامي الأخرس
15 إبريل(نيسان)2010م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.