الجزائر - رفضت طائفة البروتستانت في الجزائر قرار الحكومة بإغلاق كنيستين بروتستانتيتين في مدينة "تيزي أوزو" شرقي العاصمة "لممارستهما أنشطة تنصيرية خارجة عن القانون". وجاء قرار الحكومة "تطبيقًا لقانون تنظيم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين" ، بحسب وسائل الإعلام الرسمية. وفي رفض واضح لقرار الإغلاق، قال "مصطفى كريم" رئيس الكنائس البروتستانتية بالجزائر في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية: "لم يتوقف النشاط في أي من الكنائس ال32 الموجودة على التراب الجزائري وليس في نيتنا وقف النشاط (الديني) طالما لدينا الاعتماد". وأوضح كريم أنه "قام بمراسلة السلطات ليؤكد لها التزام البروتستانت بالقانون الجديد وهو ينتظر الرد"، لكنه أكد مجددًا أن "ذلك لن يمنعهم من مواصلة نشاطهم". ومنعت السلطات الأمنية 8 رجال دين أجانب من حضور ملتقى كان من المقرر أن تنظمه إحدى الكنيستين البروتستانتيتين اللتين شملها قرار الإغلاق، في إحدى بلديات تيزي أوزو يوم الإثنين الماضي، وأجبرتهم على العودة إلى العاصمة. وذكر موقع "كل شيء عن الجزائر" الإخباري أنه من المحتمل أن يعقد هذا الملتقى الذي يتمحور حول دراسة آخر التطورات على خلفية القرار الأخير اليوم الأربعاء في تيزي أوزو كما كان مقررًا في السابق. وأقدمت السلطات الجزائرية بداية الأسبوع الجاري على غلق الكنيستين في تيزي أوزو الواقعة على بعد حوالي 100 كم شرقي العاصمة ل"ممارستهما أنشطة تنصيرية خارجة عن القانون" بحد قولها. وجاء القرار في سياق التطبيق الميداني لقانون تنظيم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، بحسب الصحف الجزائرية. احترام القانون وفي أول رد فعل رسمي له حول الجدل الذي أثاره قرار غلق الكنيستين، شدد وزير الشئون الدينية والأوقاف الدكتور بو عبد الله غلام الله لصحيفة "الخبر" اليوم الأربعاء على ضرورة تطبيق واحترام القانون الصادر عام 2006 والذي ينظم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين. وتساءل غلام الله في التصريحات ذاتها: "لماذا يطلب منا احترام القانون في أوروبا؟ وعندما نطالب نحن باحترام القانون نصبح متهمين بالتضييق على ممارسة الديانات". وقال: "ما دام لا يمكن فتح مسجد في أوروبا مثلا بدون ترخيص، فكيف يطالبوننا بأن نسمح بفتح كنائس بدون ترخيص". منعطف حاسم وبعيدًا عن رد الفعل الرسمي، قال أحد أساتذة الشريعة وإمام مسجد بالعاصمة الجزائرية طلب عدم ذكر اسمه: "ما بادرت به السلطات مؤخرًا بغلق كنيستين تابعة للبروتستانت وإن جاء متأخرًا نوعًا إلا أنه يشكل منعطفًا حاسمًا في مكافحة التنصير في بلادنا". وأضاف في تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" أدلى بها على هامش ملتقى الفكر الإسلامي الذي نظمته جمعية الإرشاد والإصلاح الخيرية: "خطورة الأمر وخاصة بمنطقة القبائل التي أصبح التنصير بها يمارس علنًا هو ما استدعى مثل هذا التحرك من قبل السلطات". وحول اعتبار القرار "اضطهاد للمسيحيين" قال المصدر ذاته: "لا يمكن لأي أحد أن يتحدث عن اضطهاد الطائفة المسيحية في الجزائر ما دام أن السلطات لم تغلق باقي الكنائس، بل اتخذت هذا القرار في حق كنيستين فقط ثبت لديها بالدليل القاطع تورطها في أنشطة تنصيرية يعاقب عليها القانون". وتساءل "لماذا لم تقدم السلطات على غلق أي كنسية تابعة للكاثوليك ما دام أن هؤلاء يحترمون قوانين الدولة الجزائرية". وسنّت الحكومة الجزائرية في فبراير 2006 قانونًا ينظم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين وهو الأول من نوعه في العالم العربي والإسلامي. وطالبت السلطات الكنائس الموجودة على التراب الجزائري بضرورة التكيف مع القانون الجديد، حتى تتمكن من الاستمرار في نشاطاتها وإلا فإنها معرضة للغلق. ودعت جمعية العلماء المسلمين برئاسة الشيخ عبد الرحمن شيبان في وقت سابق الحكومة إلى ضرورة تطبيق صارم للقانون على خلفية تزايد نشاط الحركات التنصيرية في منطقة القبائل وفي غيرها من ولايات القطر الجزائري. القانون الجديد وينص القانون على "تخصيص البنايات لممارسة الشعائر الدينية فقط" وهو ما استندت إليه السلطات بدعوى أن الكنيستين اللتين أغلقتهما خرجتا عن هذا الإطار (ممارسة الشعائر الدينية) إلى إطار التنصير.
ودخل القانون حيز التنفيذ في مايو الماضي من خلال إصدار الحكومة الجزائرية مرسومًا يحدد بدقة شروط وكيفية سير التظاهرات الدينية لغير المسلمين. وأوكلت الحكومة الجزائرية حسب ما ورد في العدد الأخير من الجريدة الرسمية للدولة مهمة ضمان ورقابة حرية ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين للسلطات الأمنية. وتشكلت لهذا الغرض لجنة وطنية للشعائر الدينية لغير المسلمين تحت رئاسة وزير الشئون الدينية والأوقاف، ويتكون بقية أعضائها من ممثلين عن وزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية، ووزارة الشئون الخارجية واللجنة الوطنية الاستشارية لحماية حقوق الإنسان التابعة للرئاسة الجزائرية. ويحق للجنة المذكورة حسب الصلاحيات المخوّلة لها من الحكومة إبداء رأيها مسبقًا في اعتماد الجمعيات ذات الطابع الديني لغير المسلمين وتخصيص البنايات لممارسة الشعائر الدينية، كما يبقى من حقها استدعاء ممثل أي ديانة في الجزائر لتقديم استفسارات للسلطات حول النشاطات الدينية التي يقوم بها. وكل من يثبت تورطه في أنشطة تنصيرية يواجه عقوبة بالسجن تتراوح ما بين سنة و10 سنوات، مع منح القضاء الحق في طرد المدانين من التراب الجزائري لمدة لا تقل عن 10 سنوات. وتفيد إحصائيات وزارة الشئون الدينية والأوقاف الجزائرية بوجود حوالي 11 ألف مسيحي بالجزائر. وتقول الوزارة: "إن العديد من المناطق الجزائرية تشهد عمليات تنصير منظمة تقف وراءها الكنيسة البروتستانتية التي تقدم إغراءات مالية للشباب الجزائري الذي يعاني من البطالة ومختلف المشاكل الاجتماعية". وكان مشاركون في ندوة عقدتها حركة الإصلاح الوطني ذات التوجهات الإسلامية قد دعوا أواخر فبراير الماضي إلى إقامة "هيئة وطنية تعنى بمحاربة التنصير في الجزائر".