إنَّ هيمنةَ البيروقراطية على الحركة النّقابيّة في تونس و إصرارَها على لعب دورٍ نضالي وَرَقِيٍّ و تمسُّكَها بسياسة السّلم الاجتماعية و مواصلتَها شلَّ كلِّ حركةٍ نقابيّةٍ جادّةٍ و تورُّطَ ممثّلي الخطوط السّياسيّة في لعبة الانتهازية القذرة مظاهرُ تدلُّ على تهافتِ العمل النّقابيّ و تراجُعِ تشبُّثِ القواعد بجدواه و تؤكّدُ انحسارَ الأمل في اتّقاد شعلةِ معارضَةٍ نقابيّةٍ من داخل الاتحاد العام التونسي للشغل قادرةٍ أن تأخذ على عاتقها مهمّةَ تصحيحِ المسار وإعادة ِالدّور النّضالي الموكول بعهدة الناشط النّقابيّ . لكنّ ظهور بعض المؤشّرات في الواقع تُبيّنُ إمكانيةَ كسر هذا الفراغ فحالة التفقير التي بلغت حدّا لا يُطاقُ و الغلاء المتواصلُ للأسعار في مقابل تدنّي الأجورِ و تفشّي ظاهرة التسريح الجماعيّ للعمّالِ و تزايدُ حدّة البطالة و ضربُ الحقّ النقابيّ كلّها مؤشّراتُ تراكمٍ تزيد من تأزّمِ الأزمة الاجتماعيّة شيئا فشيئا و تُهيّئُ موضوعيّا لتطليق حالة الركود في الحقل النقابيِّ و لعلَّ ما يحدثُ في الحوض المنجميّ منذ بدايات 2008 من حراك ونضالات تدافع عن الوضع المعاشيّ للفقراء و الدّور البارز الّذي لعبه نقابيّون مناضلون مستقلّون في هذه الاضطرابات خيرُ دليلٍ على صدق المذهبِ. لقد كشفت "انتفاضةُ الفقراءِ" عن جُذوةِ الأملِ و فضَحَتْ عصابةَ البيروقراطيّة رغم سيادتها على التّشكيلاتِ النّقابيّةِ و جمّعتْ نوى التيّارات النقابيّة المناضلة في عمل تشارُكيّ خطّه النضالُ يسعى إلى فضح الانتهازية و يدافعُ عن استقلاليّته وديمقراطيّته و نضاله. إنّ حقائقَ الواقعِ تفرضُ على بقايا النّقابييّن المناضلين أن يلتفّوا في كلّ القطاعات و كلّ الجهاتِ لتشكيلِ هذه النّواة الصّامدة في وجه أعداء النّضال لإنقاذِ ما تبقّى من الأحرار حتّى لا تسحَقهُمْ آلةُ البيروقراطيّةِ اللّعينةِ و انتهازيّتها الساقطة بشرطِ المحافظة على مقوّمات حياتها : الحرّيّة و الاستقلاليّة و الديموقراطيّة و النّضال. ********************************************************* نقابي حر